عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-04-2024, 12:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,204
الدولة : Egypt
افتراضي اضربوا لي معكم بسهم

اضربوا لي معكم بسهم


الدكتور عثمان قدري مكانسي


انطلق رهط من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سفرة سافروها ، فلما قاربت الشمس للمغيب أسرعوا الخطا ، فقد كان على مرمى نظرهم حيٌّ من أحياء العرب ، وخير لهم أن يقضوا ليلتهم في أرض مأهولة ، من أن يقضوها في مكان مقفر موحش ، لا يدرون في هذا الليل البهيم ما يجري حولهم ، كما أنّ بإمكانهم زيارة القوم ، يتعرّفون إليهم ويدعونهم إلى الإسلام ، فإنْ كتب الله الهداية لأحدهم أو لهم جميعاً كما حدث لقبيلة عبدالقيس غمرهم من الله الخير والفيض الرباني من الحسنات إلى يوم القيامة .
ووصل الرهط إلى مضارب القبيلة وسألوا أوّل واحد لقـُوه :
أين شيخكم ؟ فدلوهم عليه ، فلما وصلوا إليه وسلموا عليه لقيهم بوجه جاف ، ولم يسألهم النزول عليه !! أمْرُهُمْ عجيب . . إنهم جميعاً كانوا بخلاء أصحاب شحٍّ وعهدهم بالعرب أهل كرم وضيافة . . ألم يقل الشاعر في مدح قبيلته :
يُغشَوْن حتى ما تهرُّ كلابُهم لا يَسألون عن السواد المقبل
وهذا طرفة لا يسكن التلال مخافة الضيفان ، بل ينصب خيمته أسفل الطريق ، ليسهل قدوم المسافر إليه :
ولست بحلّال التلاع مخافة ولكنْ متى يسترفدِ القومُ أرفدِ
وآب الرهط راضين من الغنيمة بالإياب وضربوا خيامهم قريباً من هؤلاء .
ولُدغ سيّدُ الحي ، فسعى له الناس بكل حيلةٍ ، فلم تنفعه حيلة ، إن الحمّى تشتد ، الزّبَدُ يخرج من فمه ، فما هم فاعلون !؟
قال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الغرباء الذين قد نزلوا بكم ، لعله أن يكون عند بعضهم دواء أو ترياق فننقذ صاحبنا .
فأتوهم ، وقالوا : أيها الرهط إن سيدّنا لُدغ ، فسعينا له بكل شيء ينفعه ، فلم يُشفَ ، فهل عندكم ما تداوونه به ؟.
قال أحد الرهط : نعم والله ، إن عندنا ما ينفع .
نظر أحدهم إلى صاحبه . . إنّه يعلم أنْ ليس معهم شيء ، وما منهم طبيب . .
إلا أن القائل أردف : ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيّفونا ، وما أنا لكم راقياً حتى نأخذ أجرتنا ، فإن فعلتم رقيناه .
قالوا لكم ذلك .
قال الراقي : نذهب معكم على أن يكون لنا قطيع من الغنم ،
قال القوم : نعم ، فهلمّوا . .
فانطلق الجميع حتى وصلوا إلى سيّد القوم الذي جفاهم وطردهم فرأوه يتلوّى من الألم ، فقرأ عليه الفاتحة مرّات كثيرة ، وكان كلما قرأ مرة يتفل عليه وينفخ حتى أبرأه الله تعالى فكأنما نشط من عقال ، يمشي ليس يشعر بألم . فأوفوهم ما اتفقوا عليه .
قال بعضهم : اقسموا بيننا هذا الرزق ، فهو حلال .
قال الراقي : لا تفعلوا ذلك حتى نأتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنقصَّ عليه ما فعلنا . قالوا : نعم فلعلها رُقْيَةٌ لا تجوز لنا ، فلما قدموا عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبروه بما كان .
فقال : وما يدريك أنها رُقيةٌ ؟ أصبتُم ، اقسموا ، واضربوا لي معكم بسهم .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.09%)]