عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 23-04-2024, 12:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,276
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (11) تسـميتهــم بالوهابيــة



أطلقوا على دعوة الإمام اسم «الوهابية»، وأحاطوها بكل شر، وجعلوها علما على الجمود والهمجية، واخترعوا لها الأكاذيب وألصقوا بها التهم، فلو قالوا للناس: إن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب هي دعوة الإسلام الخالص، وإنه متبع للإمام أحمد بن حنبل في الفروع، ومتأس بالإمام ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، لما استغرب الناس الدعوة ونفروا منها، ولكنهم أطلقوا عليها اسم «الوهابية»، وصورها بأقبح صورة، حتى أصبح الكثير من المسلمين في البلاد الإسلامية ينفرون من كلمة «الوهابية» أو «المذهب الوهابي».
وبلغ حقدهم الدفين على هذه الدعوة المباركة حتى وصل الأمر إلى قتل المؤرخ المصري عبدالرحمن الجبرتي -وهو ممن كانوا يتحمسون لهذه الدعوة- بإيعاز من محمد علي -حاكم مصر- الذي حارب هو وأبناؤه الدعوة انتقاما من أبيه لتعاطفه مع هؤلاء(1).
وقد بلغ الأمر في بعض البلاد الإسلامية أن تصادر وتحرق الكتب التي للشيخ محمد بن عبدالوهاب وأنصاره، بل تطارد الأشخاص الذي يعدون «وهابيين»، ويسجنون، وتثور عليهم الجماهير، وقد يضربونهم، فأكثر الناس لا يعرفون من الوهابية إلا أنها مذهب آخر لا يقره الإسلام.
قال الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ- رحمه الله-: «إن لقب الوهابية لقب لم يختره أتباع الدعوة لأنفسهم، ولم يقبلوا إطلاقه عليهم، لكنه أطلق من قبل خصومهم تنفيرا للناس منهم، وإيهاما للسامع أنهم جاءوا بمذهب خاص يخالف المذاهب الإسلامية الأربعة الكبرى، واللقب الذي يرضونه ويتسمون به هو: (السلفيون)، ودعوتهم: الدعوة السلفية»(2).
وقال الأستاذ أحمد علي: «إن تلقيبهم بالوهابية جناية على الواقع والحقيقة لهذه الدعوة، فهي جناية على التاريخ نفسه فقد أوقع ذلك كثيرا من المؤرخين والمستشرقين في غلطة، وهي تسمية هذه الحركة الإصلاحية المباركة نسبة إلى والد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وجعلوه مؤسسا لهذه الدعوة والحركة الإصلاحية»(3).
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز: «نسبة للشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهي نسبة على القياس العربي، فلقد كان الصحيح أن يقال المحمدية، أي إن صاحب هذه الدعوة والقائم بها هو الشيخ محمد لا أبوه عبدالوهاب، ومن أعجب العجب أنك لا تجد لهذا اللقب أثرا بنجد، بل يستنكر النجديون هذا اللقب لمن يخاطبهم به أو ينسبهم إليه، وهذا يدلك على أن التسمية جاءت من الخارج من خصوم الدعوة، وأكبرهم إذا ذاك الأشراف والأتراك، وأكثر علمائهما»(4).
وهذا الملك عبدالعزيز يخطب بالحجيج سنة 1347هـ في اليوم الموافق 11/5/1929، قائلا: «يسموننا بالوهابيين، ويسمون مذهبنا الوهابي، باعتبار أنه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض. نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله [، وما كان عليه السلف الصالح.
نحن نحترم الأئمة الأربعة، ولا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، كلهم محترمون في نظرنا.
هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد ابن عبدالوهاب يدعو إليها، وهذه هي عقيدتنا، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله -عز وجل- خالصة من كل شائبة، منزهة من كل بدعة، فعقيدة التوحيد هذه هي التي ندعو إليها، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب.
أما (التجديد) الذي حاول البعض إغراء الناس به بدعوى أنه ينجينا من آلامنا فلا يوصل إلى غاية، ولا يدنينا من السعادة الأخروية، إن المسلمين في خير ما داموا على كتاب الله وسنة رسوله، وما هم ببالغين سعادة الدارين إلا بكلمة التوحيد الخالصة.
إننا لا نبغي (التجديد) الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا.. إننا نبغي مرضاة الله -عز وجل- ومن عمل ابتغاء مرضاة الله فهو حسبه، وهو ناصره، فالمسلمون لا يعوزهم التجديد، وإنما تعوزهم العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح، ولقد ابتعدوا عن العمل بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله [، فانغمسوا في حمأة الشرور والآثام فخذلهم الله -جل شأنه- ووصلوا إلى ما هم عليه من ذل وهوان، ولو كانوا متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله لما أصابهم ما أصابهم من محن وآثام، ولما أضاعوا عزهم وفخارهم.
لقد كنت لا شيء.. وأصبحت اليوم وقد استوليت على بلاد شاسعة يحدها شمالا العراق وبر الشام، وجنوبا اليمن، وغربا البحر الأحمر، وشرقا الخليج.. لقد فتحت هذه البلاد ولم يكن عندي من الأعتاد سوى قوة الإيمان وقوة التوحيد، ومن العدد غير التمسك بكتاب الله وسنة رسوله [، فنصرني الله نصرا عزيزا»(5).
إن تسميتهم بالوهابية مجرد ذكر التسمية لا حرج فيه، ولكن أن يجعلوها مذهبا خارجا عن الإسلام ويغذوها بالتضليل والكذب والافتراء فهذا شيء نحاربه أشد المحاربة.
يقول عبدالوهاب بن سليمان الرويشد: «لم يكن إطلاق كلمة (الوهابية) التي يراد بها التعريف بأصحاب الفكرة السلفية شائع الاستعمال في وسط السلفيين أنفسهم، بل كان أكثرهم يتهيب إطلاقه على الفكرة السلفية. وقد يتورع الكثيرون من نعت القائمين بها بذلك الوصف، باعتباره وصفا عدوانيا كان يقصد به بلبلة الأفكار والتشويه، وإطلاق المزيد من الضباب لعرقلة مسيرة الدعوة، وحجب الرؤية عن حقائق أهدافها، وبمرور الزمن وإصابة محاولات التضليل بالعجز عن أداء دورها الهدام، تحول هذا اللقب بصورة تدريجية إلى مجرد لقب لا يحمل أي طابع للإحساس باستقرار المشاعر، أو أي معنى من معاني الإساءة، وصار مجرد تعريف مميز لأصحاب الفكرة السلفية، ماهية الدعوة التي بشر بها الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب، وأصبح هذا اللقب شائعا ورائجا بين الكتاب والمؤرخين الشرقيين والغربيين على حد سواء.
وبالتالي فليس هناك ما يبرر هجر استعمال تلك الكلمة كتعريف شائع أو تعبير يستخدم في إطاره الصحيح للرمز إلى المضمون الفكري المقصود: وهو التمسك بالكتاب والسنة ومحاربة مظاهر الشرك والبدع، وما زج به في العقيدة السلفية وأدخل عليها من انحراف، مع ضرورة العيش في قيادة إسلامية عادلة تحكم الشريعة، وتلتزم تطبيق منهجه عملا، وتحمل الرعية على امتثال ذلك بأسلوبي الترغيب والترهيب، وإن أصروا على هذه التسمية نقول لهم قد أجاب العلامة الشيخ «ملا عمران بن رضوان» -رحمه الله- صاحب مدينة لنجة بهذه الأبيات وهي فخر وشرف ووسام يفتخر بها كل نجدي وغير نجدي من الموحدين، وهو يرد على الخصوم قائلا:
إن كان تابع أحمد متوهباً
فأنا المقر بأنني وهابي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي
رب سوى المتفرد الوهاب
لا رقية ترجي ولا وثن ولا
قبر له سبب من الأسباب
أيضاً ولست معلقاً لتميمة
أو حلقة أو دعة أو ناب
لرجاء نفع أو لدفع بلية
الله ينفعني وينفع ما بي(6)
ويقول الشيخ العلامة سليمان بن سحمان -رحمه الله- في الرد على بعض الخصوم الحاقدين على هذه الدعوة والذين لقبوها بهذا اللقب:
نعم نحن وهابية حنفية
حنيفية نسقي لمن غاظنا المرا
بمحكم آيات وسنة أحمد
نصول على الأعداء فنأطرهم أطرا
حنابلة كنا على نهج أحمد
إمام الهدى من كان من كفركم يبرا
على السنة الغراء قد كان قدوة
لنا في الهدى لم يعدُ ما قاله شبرا(7)
يقول أبو الهدى الصعيدي المصري -«رحمه الله»: «إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا، فنحن أيضا وهابيون»(8).
ويقول الشيخ أحمد بن حجر آل أبو طامي: «من معاملة الله لهم -أي خصوم الدعوة- بنقيض قصدهم، هو أنهم قصدوا بلقب الوهابية ذمهم، وأنهم مبتدعة، ولا يحبون الرسول كما زعموا، فصار الآن لقبا لكل من يدعو إلى الكتاب والسنة، وإلى الأخذ بالدليل، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاربة البدع والخرافات، والتمسك بمذهب السلف»(9).
ويقول مسعود النووي- رحمه الله: «وعلى كل حال، فنظرا إلى تلك المحاولات التي بذلت لإظهار الوهابية في صورة مذهب مستقل وطائفة ضالة، هذا الاسم منتقد أشد الانتقاد، ولكن بغض النظر عن هذه الأكذوبة والافتراء، فلا أرى حرجا في هذه التسمية».
الهوامش:
1- الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ج2، للدكتور عبدالرحمن عميرة- أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ص:6.
2- انظر الوهابية وزعيمها محمد بن عبدالوهاب: بقلم حسن بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله- مجلة العربي، العدد 147 فبراير 1971.
3- آل سعود ص212.
4- الشيخ محمد بن عبدالوهاب.. عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية أحمد بن حجر.
5- جريدة أم القرى- ذي الحجة 1347هـ - مايو 1929م.
6- الهدية السنية ص42.
7- ديوان ابن سمحان ص 51-98.
8- بين الديانات والحضارات- لطه ص 142.
9- محمد بن عبدالوهاب - ص: 51.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]