عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 01-04-2024, 12:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,826
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ95 الى صــ96
(22)


إثبات الهلال
مسألة : قال : وإذا رأى هلال شهر رمضان وحده صام
المشهور في المذهب أنه متى رأى الهلال واحد لزمه الصيام عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت شهادته أو ردت وهذا قول مالك و الليث و الشافعي وأصحاب الرأي و ابن المنذر وقال عطاء و إسحاق لا يصوم وقد روى حنبل عن أحمد لا يصوم إلى في جماعة الناس وروي نحوه عن الحسن و ابن سيرين لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين
ولنا أنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم وكونه محكوما به من شعبان ظاهر في حق غيره وأما في الباطن فهو يعلم أنه من رمضان فلزمه صيامه كالعدل


فصل : فإن أفطر ذلك اليوم بجماع فعليه الكفارة وقال أبو حنيفة لا تجب لأنها عقوبة فلا تجب بفعل مختلف فيه كالحد
ولنا أنه أفطر يوما من رمضان بجماع فوجبت به عليه الكفارة كما لو قبلت شهادته ولا نسلم أن الكفارة عقوبة ثم قياسهم ينتقض بوجوب الكفارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه
مسألة : قال : وإن كان عدلا صام الناس بقوله
المشهور عن أحمد أنه يقبل في هلال رمضان قول واحد عدل ويلزم الناس الصيام بقوله وهو قول عمر وعلي وابن عمر و ابن مبارك و الشافعي في الصحيح عنه وروي عن أحمد أنه قال : اثنين اعجب إلي قال أبو بكر : إن رآه وحده ثم قدم المصر صام الناس بقوله على ما روى في الحديث وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين لأنهم يعاينون ما عاين وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يقبل إلا شهادة اثنين وهو قول مالك و الليث و الأوزاعي و إسحق لما
روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وسألتهم وانهم حدثوني [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين وإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا ] رواه النسائي ولأن هذه شهادة على رؤية الهلال فأشبهت الشهادة على هلال شوال وقال أبو حنيفة في الغيم كقولنا وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة لأنه لا يجوز أن تنظر الجماعة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة والموانع مرتفعة فيراه واحد دون الباقين ولنا ما روى ابن عباس قال [ جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ قال : نعم قال :


يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا ] رواه أبو داود و النسائي و الترمذي و [ روى ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ] رواه أبو داود ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية وخبرهم إنما يدل بمفهومه وخبرنا اشهر منه وهو بدل بمنطوقه فيجب تقديمه ويفارق الخبر عن هلال شوال فإنه خروج من العبادة وهذا دخول فيها وحديثهم في هلال شوال يخالف مسألتنا وما ذكره أبو بكر وأبو حنيفة لا يصح لأن يجوز انفراد الواحد به ما لطافة المرئي وبعده ويجوز أن تختلف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم وحدة نظرهم ولهذا لو حكم برؤيته حاكم بشهادة واحد جاز ولو شهد شاهدان وجب قبول شهادتهما ولو كان ممتنعا على ما قالوه لم يصح فيه حكم حاكم ولا يثبت بشهادة اثنين ومن منع ثبوته بشهادة اثنين رد عليه الخبر الأول وقياسه على سائر الحقوق وسائر الشهور ولو أن جماعة في محفل فشهد اثنان منهم على رجل منهم أنه طلق زوجته أو أعتق عبده قبلت شهادتهما دون من أنكر ولو أن اثنين من أهل الجمعة شهدا على الخطيب أه قال على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما لقبلت شهادتهما وكذلك لو شهدا عليه لفعل وإن كان غيرهما يشاركهما في سلامة السمع وصحة البصر كذا ههنا


فصل : وإن أخبره مخبز برؤية الهلال يثق بقوله لزمه الصوم وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم لأنه خبر بوقت العبادة يشترك فيه المخبر والمخبر أشبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم والخبر عن دخول وقت الصلاة ذكر ذلك ابن عقيل ومقتضى هذا أنه يلزمه قبول الخبر وإن رده الحاكم عدالة من يعلم غيره عدالته
فصل : فإن كان المخبر امرأة فقياس المذهب قبول قولها وهو قول أبي حنيفة واحد الوجهين ولأصحاب الشافعي لأنه خبر ديني فأشبه الرواية والخبر عن القبلة ودخول وقت الصلاة ويحتمل أن لا تقبل لأنه شهادة برؤية الهلال فلم يقبل فيه قول امرأة كهلال شوال
مسألة : قال : ولا يفطر إلا بشهادة اثنين
وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا بشهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم إلا أبا ثور فإنه قال يقبل قول واحد لأنه طرفي شهر رمضان أشبه الأول ولأنه خبر يستوي فيه المخبر والمخبر أشبه الرواية واخبار الديانات
ولنا خبر عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعن ابن عمر [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أجاز شهادة رجل واحد على رؤية الهلال وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين ] ولأنها شهادة على هلال لا يدخل بها في العبادة فلم تقبل فيه إلا شهادة اثنين كسائر الشهور وهذا يفارق الخبر لأن الخبر يقبل فيه قول المخبر مع وجود المخبر عنه وفلان عن فلان وهذا لا يقبل فيه ذلك فافترقا


فصل : ولا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن وكذلك سائر الشهور لأنه مما يطلع عليه الرجال وليس بمال ولا يقصد به المال فأشبه القصاص وكان القياس يقتضي مثل ذلك في رمضان ولكن تركناه احتياطا للعبادة
فصل : وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال أفطروا وجها واحدا وإن صاموا بشهادة واحد فلم يروا الهلال ففيه وجهان

أحدهما : لا يفطرون لقول عليه السلام : [ وإن شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] ولأنه فطر فلم يجز أن يستند إلى شهادة واحد كما لو شهد بهلال شوال
والثاني : يفطرون وهو منصوص الشافعي ويحكى عن أبي حنيفة لأن الصوم إذا وجب وجب الفطر لاستكمال العدة لا بالشهادة وقد يثبت تبعا ما لا يثبت أصلا بدليل أن النسب لا يثبت بشهادة النساء وتثبت بها الولادة فإذا ثبت الولادة ثبت النسب على وجه التبع للولادة كذا ههنا وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا وجها واحدا لان الصوم إنما كان على وجه الاحتياط فلا يجوز الخروج منه بمثل ذلك والله أعلم
مسألة : قال : ولا يفطر إذا رآه وحده
روي هذا عن مالك و الليث و الشافعي يحل له أن يأكل حيث لا يراه أحد لأنه يتيقنه من شوال فجاز له الأكل كما لو قامت به بينة


ولنا ما روى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صياما فأتيا عمر فذكرا ذلك له فقال لأحدهما أصائم أنت ؟ قال : بل مفطر قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال وقال للآخر قال أنا صائم قال ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأفطر والناس صيام فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس أن خرجوا أخرجه سعيد عن ابن عليه عن أيوب عن أبي رجاء وإنما أراد ضربه لإفطاره برؤيته ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا تواعده وقالت عائشة :

إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فكان إجماعا ولأنه يوم محكوم به من شوال بخلاف مسألتنا وقولهم إنه يتيقن أنه من شوال قلنا لا يثبت اليقين لأنه يحتمل أن يكون الرائي خيل إليه كما روي أن رجلا في زمن عمر قال : لقد رأيت الهلال فقال له امسح عينك فمسحها ثم قال له تراه ؟ قال : لا قال لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك فظننتها هلالا أو ما هذا معناه
فصل : فإن رآه اثنان ولم يشهد عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما ولكل واحد منهما الفطر بقولهما لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ وإذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا ] وإن شهدوا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر بقولهما لأن رد الحاكم ههنا ليس بحكم منه وإنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة ولهذا لو تثبت عدالتهما بعد ذلك حكم بها وإن لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه لم يجز له الفطر إلا أن يحكم بذلك الحاكم لئلا يفطر برؤيته وحده





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]