ذنوب القلوب - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خروج النبي من المسجد مُسْرِعاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          شرح دعاء: اللهم اجعلني يوم القيامة فوق كثير من خلقك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          ثلاث حالات للناس عند الابتلاء؛ تحدث في آن واحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          كيف تؤثر الصلاة في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          طارق بن زياد.. والعبور إلى الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أنماط الشخصية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          التعريف بكتاب الإحكام لابن حزم رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          اليقين ضد الشك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 678 )           »          الدعاة وقواعد الحكم على المخالفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الصمد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 08-06-2024, 12:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,692
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ذنوب القلوب

ذنوب القلوب – حب المعصية

من الآيات التي تقلقني أحيانا، قوله -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (الحجرات:7). - ليتك أتبعتها بالآية بعدها: {فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (الحجرات:8)، أحسنت ولكن الجزء الذي أردت التركيز عليه هو قوله -تعالى-: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}، وذلك أن نفسي «تشتهي» أحياناً ارتكاب المعصية، حتى أكون صريحاً معك، من باب التجربة، وقد تكون من الكبائر أحيانا. - وهل تقدم على ارتكابها؟ - أحاول أحياناً، ولكن الله يعصمني، ولا أقع فيها، وأحياناً أؤنب نفسي، وأحتقرها إذا ارتكبتها، وأستغفر وأتوب، ولكن أشعر أن المؤمن لا ينبغي أن يفكر في ارتكاب المعصية. دعني أبين لك أولا، حديث النفس، لا شيء فيه، إن لم يترجم إلى عمل، والشيطان لا يدع أحداً إلا ويحاول أن يغويه، والله -عز وجل- يحفظ عباده المخلصين، فمن كان صادقاً مع الله، يأتيه حديث النفس ووسوسة الشيطان، ولكنه يذكر نفسه وينتهي، وفي ذلك آيات كثيرة، منها: قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (الأعراف:201). وقوله -سبحانه-: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (ص)، وكذلك: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيَّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} (الحجر). وفي الحديث: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه -عز وجل- قال: قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك: فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها، كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله له سيئة واحدة» متفق عليه. وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» تعليق شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره. وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن عبدا أصاب ذنبا، وربما قال أذنب ذنبا فقال: رب أذنبت وربما قال: أصبت فاغفر لي؛ فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا، أو أذنب ذنبا فقال: رب أذنبت، أو أصبت آخر فاغفره فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا وربما قال: أصاب ذنبا، قال: قال رب أصبت أو أذنبت آخر فاغفره لي؛ فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثا فليعمل ما شاء» أخرجه البخاري. كان صاحبي -كعادته - يحدثني بما يدور في خاطره ويفكر بصوت عال، ولا يفعل ذلك إلا معي - كما يقول. - فالعبد المؤمن وإن وقع فى (الفاحشة)، لا يجاهر بها، ولا يحبها، ولا يدعو إليها، والجميع يقع في الذنب، والصالحون يستغفرون ويتوبون، وغيرهم يتمادى في الغي، ويتفاخر به ويدعو إليه، ويحب أن يرى الجميع ما يقع فيه؛ ولذلك يقول -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19)، القلب المؤمن لا يحب الفاحشة، وإن وقع فيها، ولا يجب أن ينتشر، وإن ارتكبها، وذلك أن قلب المؤمن يبقى على الفطرة السليمة، كما أخبر الله -عز وجل-، يكره الكفر والفسوق العصيان، أما القلب الذي يحب هذه الأمور فقد زاغ عن درب الراشدين، وسلك طريق الخائبين. ودعنى أقرأ لك من تفسير ابن عاشور في هذه الآية - أعني آيه سورة النور: لما حذر الله المؤمنين من العود إلى مثل ما خاضوا به من الإفك على جميع أزمنة المستقبل، أعقب تحذيرهم بالوعيد على ما عسى أن يصدر منهم في المستقبل بالوعيد على محبة شيوع الفاحشة في المؤمنين، فيعم المؤمنين والمنافقين والمشركين، فهو تحذير للمؤمنين وإخبار عن المنافقين والمشركين. وجعل الوعيد على المحبة لشيوع الفاحشة في المؤمنين تنبيها على أن محبة ذلك تستحق العقوبة؛ لأن محبة ذلك دالة على خبث النية نحو المؤمنين، ومن شأن تلك الطوية ألا يلبث صاحبها إلا يسيراً حتى يصدر عنه ما هو محب له، أو يسر بصدور ذلك من غيره، وتلك المحبة شيء غير الهم بالسيئة وغير حديث النفس؛ لأنهما خاطران يمكن أن ينكف عنهما صاحبهما، وأما المحبة المستمرة فهي رغبة في حصول المحبوب، ومعنى أن تشيع الفاحشة أن يشيع خبرها؛ لأن الشيوع من صفات الأخبار والأحاديث كالفشو وهو: اشتهار التحدث بها، فتعين تقدير مضاف، أي أن يشيع خبرها؛ إذ الفاحشة هي الفعلة البالغة حدا عظيماً في الشناعة. وشاع إطلاق الفاحشة على الزنا ونحوه، وتقدم في قوله -تعالى-: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ}. في سورة النساء. وتقدم ذكر الفاحشة بمعنى الأمر المنكر في وتقدم الفحشاء قوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا}. في سورة الأعراف في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء}. في سورة البقرة ومن أدب هذه الآية أن شأن المؤمن ألا يحب لإخوانه المؤمنين إلا ما يحب لنفسه، وصلنا إلى محل الخياطة الذي أراده صاحبي، ليأخذ (الدشاديش) التي خاطها لموسم الشتاء. - العبد المؤمن إن حدثته نفسه بمعصية، تذكر عظمة الله وشدة عقابه، فإذا وقع بها، تاب إلى الله واستغفر، وأكثر من الاستغفار والحسنات، ولا يستمر فى المعاصي، ولا يتوقف عن التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله، ويبذل الأسباب بالابتعاد عن مواطن الفتن وأماكن الفاحشة وصحبة السوء، ويستعين بالله دائما صادقاً، وسوف يصل إلى بر الأمان بإذن الله -تعالى.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 06-07-2024, 07:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,692
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ذنوب القلوب

ذنوب القلوب – الحـزن


لم يأت الحزن في القرآن إلا منهيا عنه
- من مداخل الشيطان إلى قلب المؤمن، أن يوسوس له بالحزن، كما قال -تعالى عن النجوى-: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (المجادلة:10). وقطعا لهذا السبب نهى النبي -صلى الله عليه وسلم - أن يتناجى اثنان دون الثالث، وقال: «فإن ذلك يحزنه» مسلم. وهذا مجرد شعور مؤقت يدخل قلب المؤمن، فما بالك بذلك الحزن الذي يملأ قلب الإنسان فيجعله طريح الفراش عاجزا عن الحركة، تائه الذهن، مشوش التفكير، مسلوب الإرادة. - كثير من الناس يقع في هذه الحال؛ نتيجة عظم المصيبة والعجز عن التعامل معها، فيظنون أن ما يحصل لهم رغما عنهم، لا قدرة لهم على دفعه. - إنما ذلك من ضعف الإيمان وقلة العلم، وإلا فلا مصيبة أعظم من الموت، وبيّن لنا الله -تعالى- تفاصيل التعامل مع الحدث الجلل. كنت وصاحبي اللبناني، نتحاور، بانتظار وصول طلبنا من المأكولات اللبنانية، في مطعم صغير، وقد حرص صاحبه أن ينقل زبائنه إلى أجواء لبنان، بتفاصيل الديكورات، والخدمة، وقائمة الطعام! - ابتداء، ذكَّر الله -تعالى- عباده أن ما يصيبهم إنما هو بقدر الله -تعالى-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة:51)، تدبر هذه الآية، كله بأمر الله، وهو مولانا، بمعنى يتولى أمرنا، وهو اللطيف الخبير الرحيم العليم، وغير ذلك من صفات الكمال والرأفة والرحمة لله، فينبغي على العبد أن يذكر نفسه بذلك، ويسلم أمره لله، توكلا، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، فتطمئن النفس، أن ما أصابها لم يكن ليخطئها: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وزيادة في تثبيت النفس، حتى لا يكون العمل مجرد أفكار وعقائد، أرشدنا الله -تعالى- فقال: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة)؛ فالعبد ينطق بلسان هذه العبارة الربانية: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، ليثبت إيمانه حال المصيبة فلا يحزن الحزن المنهي عنه. استوقفني صاحبي: - وهل هناك حزن غير منهي عنه؟! - ورد في الحديث عندما توفي إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبكي وأنت رسول الله؟ فقال: «إنما أنا بشر، تدمع العين ويخشع القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، والله يا إبراهيم، إنا بك لمحزنون» صحيح ابن ماجه. فهذا الحزن، الذي لا يؤدي إلى قول أو فعل لا يرضاه الرب -عز وجل- الذي هو من الجبلة الإنسانية، لا بأس به، وهو لا يضعف الإنسان ولا يعجزه ولا يقعده عن عمل ما يجب عليه. أحضر النادل، المقبلات والمزات اللبنانية الباردة، وهي أشهى إلىَّ من الوجبة الرئيسية! - ذكرت في البداية أن الحزن لم يذكر في القرآن إلا منهيا عنه، هل تذكر لنا بعض هذه الآيات؟ رنّ هاتف صاحبي، استأذنني أن يرد؛ لأن المتصل (أبو عبدالله) شريكنا الثالث في هذه المأدبة، لم يستدل إلى مكان المطعم، ذهب صاحبي ليرشد (أبو عبدالله) إلى المكان، وكان قريبا جدا منه، بعد التحية، تابعنا حديثنا. - نعم، من الآيات التي ذكرها الله عن الحزن، قوله -تعالى-: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران:١٣٩)، وقوله -تعالى-: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر:88)، وقوله -عز وجل-: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} (النحل:127)، وكذلك قوله -تعالى-: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:40). قاطعني أبو عبدالله: - وماذا عن حزن يعقوب على يوسف -عليهما السلام- كما قال -تعالى-: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (يوسف:84). - كنت سأذكر شرح العلماء لموقف يعقوب في حزنه على يوسف -عليهما السلام- في تفسير (التحرير والتنوير) لابن عاشور، وأن إظهار الحزن كان مشروعا في الأمم السابقة، «وقد حكت التوراة بكاء بني إسرائيل على موسى أربعين يوما، وحكت تمزيق بعض الأنبياء ثيابهم من الجزع، وإنما التصبر على المصيبة كمال بلغت إليه الشريعة الإسلامية» انتهى. وفي موضع آخر قوله: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} يفيد قصر شكواه على التعلق باسم الله، فصارت الشكوى بهذا القصد ضراعة وهي عبادة؛ لأن الدعاء عبادة، وصار ابيضاض عينيه أثرا جسديا ناشئا عن عبادة مشروعة، مثل تفطر قدمي النبي - صلى الله عليه وسلم - من قيام الليل. - أحسنت. هكذا كانت ردة فعل أبي عبدالله. - وهنا نذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاستعاذة من الحزن. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال» (متفق عليه). - ودعني أقرأ لك بعض ما ورد في الموضوع ذاته. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الرؤيا ثلاث، منها: أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها: ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها: جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»، قال: قلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال نعم أنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم » (ابن ماجه). قال ابن القيم في (زاد المعاد): «وسن لأمته الحمد والاسترجاع، والرضا عن الله، ولم يكن ذلك منافيا لدمع العين، وحزن القلب؛ ولذلك كان أرضى الخلق في قضائه وأعظم له حمدا، وبكى مع ذلك يوم مات ابنه إبراهيم، رأفة منه ورحمة للولد، ورقة عليه، والقلب ممتلئ بالرضا عن الله -عز وجل- وشكره، واللسان مشتغل بذكره وحمده». المعتبر في تحريم الحزن إنما هو التسخط القلبي على أقدار الله -سبحانه-، سواء طالت مدته أم قصرت؛ فإن تجرد الحزن من التسخط، فلا يؤاخذ به صاحبه؛ إذ لا قدرة له على رفعه، ولا نعلم أصلا للتفرقة بين الحزن الطويل والقصير. فلا ريب في أن هناك فرقا بين الفائت من أمر الدنيا، والفائت من أمر الآخرة، فالحزن على الأول مضر مذموم غالبًا، وعلى الثاني نافع محمود مطلقًا، قال ابن الجوزي في كتابه (الطب الروحاني): العاقل لا يخلو من الحزن؛ لأنه يتفكر في سالف ذنوبه، فيحزن على تفريطه... فأما إذا كان الحزن لأجل الدنيا وما فات منها، فذلك الحزن... فليدفعه العاقل عن نفسه، وأقوى علاجه أن يعلم أنه لا يرد فائتًا، وإنما يضم إلى المصيبة مصيبة فتصير اثنتين، والمصيبة ينبغي أن تخفف عن القلب وتُدفَع ، فإذا استعمل الحزن والجزع، زادت ثقلا، قال -تعالى-: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}ٍ (الحديد (22-23). المراد الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر، والتسليم لأمر الله، ورجاء ثواب الصابرين، والفرح المطغي الملهي عن الشكر، فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه، مع الاستسلام، والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر: فلا بأس بهما.

اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.23 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (3.42%)]