حق اللجوء في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فضائل مكة المكرمة وواجب المسلمين نحوها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من فضائل الحج الدينية والدنيوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          العشر الأول من ذي الحجة – مدرسة جامعة للعبادات والقربات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حتى يكون حجُّنا وفق مرادِ الله تعالى – مقاصدُ الحجِّ العقديَّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          دليل الحاج لأداء المناسك – حـج 1445 هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4479 - عددالزوار : 990741 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4016 - عددالزوار : 509776 )           »          ماذا يأكل المسلمون حول العالم؟ استكشف سفرة عيد الأضحى من مصر إلى كينيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 171 )           »          طريقة عمل الفتة بخطوات سريعة.. الطبق الرسمى على سفرة عيد الأضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 133 )           »          مقاصد الحج (ليشهدوا منافع لهم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 143 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح
التسجيل التعليمـــات التقويم

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2024, 10:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,524
الدولة : Egypt
افتراضي حق اللجوء في الإسلام




حق اللجوء في الإسلام


عني الإسلام ليس فقط بالأمور الدينية، وإنما أيضا بالأمور الدنيوية التي تخص العلاقات بين الأفراد والجماعات والشعوب والدول، وذلك ليس بالأمر الغريب، ذلك أن الإسلام جاء تبيانا لكل شيء: ديني وتعاملي (دنيوي)، وهو ما أكده قوله تعالى: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (النحل:89)، وقوله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44)، وقوله تعالى:{ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة:3).
واللاجئ يعد من طوائف الأشخاص ذوي الوضع المهدد vulnerable persons، ومن المعلوم أن الفرد يكون لاجئا:
- إما على أساس فردي، وذلك بفراره وحيدا، أو مع أسرته من البلد الذي يتعرض فيه للاضطهاد إلى بلد الملجأ.
- وإما بوصفه جزءاً من نزوح جماعي نتيجة لأحوال سياسية أو دينية أو عسكرية أو غيرها يكون فيها عرضة لخطر الاضطهاد.
ويعد حق الملجأ أو الجوار من الشيم العربية الأصيلة التي لا يجوز الخروج عليها، فقد كانت إجارة الملهوف خلقا من أخلاق العرب والمسلمين.
وقد استخدم القرآن كلمة (استجارة)، (إجارة)، في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} (التوبة:6)، ولا شك أن كلمة استجارة أفضل من كلمة اللجوء asylum-asile المستخدمة في القانون الدولي المعاصر؛ ذلك أنها تنطوي على كل المعاني والعناصر الخاصة بهذه المسألة:
- فهي تعني وجود اضطهاد أو إضرار دفع إلى طلب الحماية، وإلا ما كان ليستجير.
- وهي تنطوي على رغبة في الاحتماء بشخص ما، أو سلطة ما، وإلا ما استجار به.
وقد اعتمد الإسلام نظام الاستجارة أو الإجارة أو طلب الجوار (وهو ليس إلا نوعا من اللجوء الإقليمي أيضا).
- وهي تظهر أن الشخص ذاته يطلب ذلك.
- وهي تعني أن من يطلب إليه الحماية عليه واجب منحها.
- وهي تدل على أن مانح الحماية لا يجوز له (رد) المستجير به أو تسليمه؛ لأن جوهر الاستجارة- وهذا واضح منها لفظا ومعنى-العيش في كنفه والاحتماء به.
ويمكن تعريف الملجأ أو الجوار في الإسلام بأنه: «إعطاء الأمن لملهوف فار إلى دار الإسلام من اضطهاد وظلم أو وضع سيئ يمكن أن يتعرض له».
ونحن نعتقد أن الآية (9) من سورة الحشر، وضعت قواعد أساسية بخصوص الحق في اللجوء وكيفية استقبال اللاجئين أو معاملتهم.
يقول تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9).
وتضع هذه الآية الكريمة قواعد خمسة، وهي:
- أولا: السرور لاستقبال اللاجئين (أو المهاجرين وهم من ينتقلون من إقليم إلى آخر) وحسن معاملتهم. يتضح ذلك من قوله تعالى: {يحبون من هاجر إليهم}، وبالتالي لا يجوز ردهم إلى الحدود أو رفض استقبالهم.
- ثانيا: الإحسان إليهم والإيثار نحوهم، ويتضح ذلك من قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم}، والإيثار هو: «تقديم الآخر على النفس في حظوظها الدنيوية رغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة النفس، ووكيد المحبة، والصبر على المشقة». كذلك فإن: «الإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال، وإن عاد إلى النفس».
- ثالثا: استقبال اللاجئين سواء كانوا أغنياء أم فقراء، يدل على ذلك قوله تعالى: {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا}، فغنى اللاجئ أو فقره ليس له أي أثر؛ لأن الأمر يتعلق فقط بحمايته ومنحه الأمن والأمان واستقراره في المكان الذي هاجر إليه.
- رابعا: عدم رفض المهاجرين، ولو كان أصحاب الإقليم، الذي تتم الهجرة إليه، في فاقة وفقر وفي حاجة شديدة. يتضح ذلك من قوله تعالى: {ولو كان بهم خاصصة} أي فقر وحاجة وقلة موارد وندرة أموال.
- خامسا: أن الآية دليل على اللجوء الإقليمي، يتضح ذلك من قوله تعالى: {والذين تبوؤا الدار والإيمان}، أي: «تمكنوا فيهما وجعلوهما مستقرا لهم».
فهذا يدل على أن أصحاب الإقليم عليهم قبول مجيء من يأتي إليهم من المهاجرين.
المبادئ التي تحكم حق اللجوء في الإسلام
تتمثل أهم المبادئ التي تحكم حق اللجوء في المبادئ الأربعة الآتية:
أ- مبدأ عدم الرد أو عدم الإبعاد non refoulement، ويرفض الإسلام رفضا باتا إرجاع اللاجئ إلى مكان يخشى عليه فيه بخصوص حرياته وحقوقه الأساسية (كتعرضه للاضطهاد، أو التعذيب، أو المعاملة المهينة أو غيرها»، علة ذلك تكمن في الأسباب الآتية:
1- أن مبدأ عدم الرد يعد من المبادئ العرفية، والثابت في الإسلام أن: «المعروف عرفا كالمشروط شرطا»، وأن: «الثابت بالعرف كالثابت بالنص»، وأن: «العادة محكمة» أي يحتكم إليها ويرتكن عليها. ومن ذلك قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}(الأعراف: 199)، قال القرطبي: والعرف والمعروف والعارفة: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس.
2- أن هذا المبدأ طبق منذ بدايات الدولة الإسلامية على النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي أقره لذلك، وبالتالي فهو يسري أيضا على أي لاجئ.
من ذلك حينما طلبت قريش إلى أبي طالب (عم النبي صلى الله عليه وسلم ) تسليمه إليها، فرفضه وأنشد يقول: إنه لن يسلمه إليهم حتى يقتل دونه:
كذبتم وبيت الله نبذي محمدا
ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم بالحديد إليكم
نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
3- أن رد اللاجئ إلى مكان يخشى فيه عليه من الاضطهاد أو التعذيب يتعارض والمبدأ الإسلامي المعروف: «مبدأ عدم جواز خرم الأمان» أو مبدأ؛ «عدم جواز إخفار ذمة الآمن أو المستأمن».
يقول جعفر بن أبي طالب بعد رفضه النجاشي تسليم المهاجرين من المسلمين إلى مبعوثي قريش «عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد»: «فكنا في خير دار وأكرم جوار».
4- أن رد اللاجئ إلى دولة يخشى فيها على حياته أو انتهاك حقوقه الأساسية يعد غدرا، والغدر حرام في شريعة الإسلام، وينطبق ذلك سواء كان اللاجئ مسلما «أو أصبح مسلما»؛ لأنه في هذه الحالة يتمتع بكافة حقوق المسلم ومنها المحافظة على حياته وسلامته الجسدية، وسواء كان اللاجئ حربيا مستأمنا أم من أهل الذمة؛ لأنه بالأمان أو الذمة أصبح يتمتع بحرمة تساوي حرمة المسلم، بل ذهب الفقهاء إلى أن الدولة الإسلامية لا يجوز لها أن تسلم الرهن أو المستأمن بدون رضاه إلى دولته ولو على سبيل مفاداته برهن أو أسير مسلم، وحتى ولو هددته دولة المستأمن بالقتال إذا أبت تسليمه.
كذلك لا يجوز للدولة الإسلامية القيام بتسليم اللاجئ إلى دولته حتى ولو كان في ذلك مفاداة لأسرى المسلمين. يرجع ذلك إلى أن التحرز عن الغدر واجب في الإسلام، وفي تسليمه إليهم غدر.
بل ويذهب الإمام الشيباني إلى عدم جواز تسليم المستأمن فينا حتى ولو هددونا بالقتال وإعلان الحرب:
«وإن قال المشركون للمسلمين ادفعوه إلينا وإلا قاتلناكم، وليس بالمسلمين عليهم قوة، فليس ينبغي للمسلمين أن يفعلوا ذلك»؛ لأنه غدر منا بأمانه.
ب- مبدأ عدم جواز فرض عقوبات على اللاجئ الذي يدخل أو يتواجد بطريقة غير مشروعة في إقليم الدولة:
من الثابت أن الدولة استقرت حاليا على ضرورة حصول الأجانب على تأشيرات دخول أو إذن مسبق قبل القدوم إلى إقليمها، وقد أخذ بذلك أيضا فقهاء المسلمين، يكفي أن نذكر هنا ما قاله الإمام المقدسي:
«ولا يدخل أحد منهم إلينا بلا إذن ولو رسولا وتاجرا».
وقد استثنى فقهاء المسلمين من ضرورة الحصول على إذن أو تأشيرة دخول، طوائف من الأشخاص، منهم:
1- السفير أو الرسول أو التاجر الذي توجد معه إمارات تدل على ذلك: يقول ابن مفلح الحنبلي: «ويحرم دخول أحد منهم إلينا بلا إذن وعنه يجوز للرسول والتاجر خاصة».
ويقول الإمام البيضاوي: «والسفير والقاصد لسماع القرآن مأمون من الشرع بخلاف التاجر، فإنه لا يأمن حتى يؤمن».
2- أن تجري العادة على أن الشخص آمن: من أحسن الآراء -في هذه المقام- ذلك الذي ورد في حاشية ابن عابدين: «والحاصل أن من فارق المنعة عند الاستئمان فإنه يكون آمنا عادة، والعادة تُجعل حُكماً إذا لم يوجد التصريح بخلافه، ولو وجدنا حربيا في دارنا فقال: دخلت بأمان لم يصدق، وكذا لو قال: أنا رسول الملك إلى الخليفة إلا إذا أخرج كتابا يشبه أن يكون كتاب ملكهم وإن احْتَمِل أنه مفتعل؛ لأن الرسول آمن كما جرى به الرسوم جاهلية وإسلاما ولا يجد مسلميْن في دارهم ليشهدا له».
3- أن يدعي الشخص شيئا تؤيده شواهد الحال:
يقول الإمام الشافعي: «.... وإذا وجد الرجل من أهل الحرب على قارعة الطريق بغير سلاح وقال جئت رسولا مبلغا قبل منه ولم نعرض له، فإن ارتيب به أحلف، فإذا حلف تُرك. وهكذا لو كان معه سلاح وكان منفردا ليس في جماعة يمتنع مثلها؛ لأن حالهما جميعا يشبه ما ادعيا ومن ادعى شيئا يشبه من قال لا يعرف بغيره، كان القول قوله مع يمينه».
4- إذا دخل لأخذ الأمان:
أخذ بهذا الاتجاه الإمام أبو الوفاء بن عقيل، وبيان ذلك أنه إذا كان يشترط فيمن يدخل دار الإسلام الحصول على إذن، بقوله: «ولا يجوز لأحد من أهل الحرب أن يدخل دار الإسلام بغير إذن الإمام؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل جاسوسا يطلع على أحوال المسلمين، فلا يؤمن أن يجتمعوا في مكان فتكون منهم نكاية في دار الإسلام»، فإنه يضيف أنه إن: «دخل لرسالة للمسلمين أو نفع مثل سعي في مصلحة لهم دخل بغير شيء».
ويضيف أبو الوفاء بن عقيل: «فإن دخلوا بغير إذن ولا لعقد أمان ولا لتجارة فحكم الداخل منهم على هذه الصفة وحصوله في دار الإسلام حكم الأسير، يخير فيه الإمام بين أربعة أشياء القتل أو المن أو الفداء أو الاسترقاق..».
ج- مبدأ عدم التمييز:
مَنْحُ الملجأ في الإسلام يكون لكل من يطلبه، بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لونه أو ثروته.
يرجع ذلك إلى أن الإسلام يحمي حقوق الإنسان لكل بني البشر لا تمييز.
لذلك نص الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان (1981) على أن: «لكل شخص مضطهد أو مظلوم الحق في طلب الملاذ والملجأ، وهذا الحق مضمون لكل كائن إنساني بغض النظر عن العرق، أو الدين، أو اللون، أو النوع».
ويعد حق المساواة بين الناس من أهم الأسس التي قامت عليها شريعة الإسلام؛ إذ لا تفاضل بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو القوة أو الغنى إلا بالتقوى.
وقد أكد القرآن الكريم على المساواة في مواضع كثيرة: {أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كثيرا} (النساء:1).
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَ} (الأعراف:189).
وقد أكدت السنة النبوية على المساواة أيضا، فيقول صلى الله عليه وسلم : «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية» (أخرجه أبو داود).
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لما عير رجلا بقوله: يا ابن السوداء: أعيرته بأمه، إنك إمرؤ فيك جاهلية. (رواه البخاري ومسلم).
ولعل ما ذكرناه يبين إلى أي مدى تفوق الإسلام على كثير من النظم الوضعية التي اتخذت من اللون أو العرق أساسا للتمييز بين بني البشر، مع أن لونهم أو جنسهم لم يتدخلوا هم في تقريره، كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية، وكما حدث في بقاع أخرى (جنوب أفريقيا مثلا)، يؤيد ذلك ويؤكده ما قرره كثير من أهل الغرب على هذا الموقف المشرف للإسلام في محاربته للتفرقة العنصرية، بل وعَدّوا محاربة الإسلام للتمييز بين الأجناس أو الألوان سببا من أسباب انتشاره، وعاملا من عوامل تنظيم العلاقات الدولية بين أنصاره وغير أنصاره.
خلاصة القول:
لقد وضعت الشريعة الإسلامية القواعد المرعية الأساسية لحق اللجوء، وأهمية حق الملجأ جد واضحة، لا تخفي على أحد؛ إذ هو حق تنتظم بمنحه كافة حقوق الإنسان، كما أن عدم منحه قد يؤدي -في بعض الأحيان- إلى زوال كل حقوق الآدمي.
بل إن القرآن الكريم يقرر صراحة أن من يأوي من هاجر إليه (أي التجأ إليه) هو «المؤمن حقا»، يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الأنفال:72)، ويقول أيضا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (الأنفال: 74).
فالهجرة، تعادل في مصطلحات القانون الدولي المعاصر: «اللجوء الإقليمي»، أي الانتقال من دار يخشى فيها الإنسان على نفسه وأهله وماله، إلى دار يستظل فيها بالأمن والحماية، ومن يقوم بإيواء اللاجئ أو المهاجر هو -في الإسلام- من المؤمنين حقا، لأنه يطبق القواعد المحررة والأسس المقررة في شريعة الإسلام.



اعداد: الدكتور أحمد أبو الوفا




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.63 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]