|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#201
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير ( من روائع البيان في سور القرآن ) (الحلقة 208) مثنى محمد هبيان ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ٢٤٩﴾ [البقرة: 249] السؤالالأول: ما اللمسة البيانية في قوله تعالى في سورة البقرة ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ﴾ ولماذا جاءت صيغة الطعام مع النهر الذي فيه شراب؟ الجواب: 1ـ (طَعِمَ) لها في اللغة دلالتان: تأتي بمعنى: أكل أو ذاق، ونقول عديم الطعم، أي: عديم المذاق. وليس بالضرورة أنْ تكون (طَعِمَ) بمعنى (أكلَ )؛ لأنها كما قلنا قد تأتي بمعنى ذاق، وقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ﴾ لا تعني بالضرورة أنه أكل . 2ـ لكنْ لماذا اختار ﴿وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ﴾ ولم يقل: (ومن لم يشربه)؟ قوله تعالى: ﴿فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي﴾ ؛ لأنّ الماء قد يُطعم إذا كان مع شيء يُمضغ، شيء تمضغه فتشرب ماءً فأصبح يُطعم، وهذا ممنوع حسب طلب طالوت؛ لأنه لو قال: (لم يشربه) جاز أنْ يطعمه مع شيء آخر بأن يأكلوا شيئاً ويمضغوه ويشربوا الماء معه، وبهذا يكون الشرب قد انتفى لكن حصل الطعم، فأراد تعالى أنْ ينفي هذه المسألة. فقوله تعالى: ﴿لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ﴾ معناه أنْ ينفي القليل وبالتالي ينفي الكثير. وقوله تعالى: ﴿فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي﴾ أي شراب فقط بدون طعام كما نشرب الماء. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ﴾ هذه استثناها ﴿غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ﴾ ولو قال: يطعمه، لم تُستثنَ هذه ويكون له ما يشاء. لكنْ ألا تدخل هذه في نطاق الطعام؟ إنه يطعم الماء ليتذوقه، والآن تذوقه بهذا القدر وليس له الزيادة فوق التي أباحها الله فيه. السؤالالثاني: ما دلالة استخدام ﴿بِنَهَرٖ﴾ بفتح الهاء في الآية ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ﴾ [البقرة:249] ولم يقل: (نَهْرٍ) بسكون الهاء؟ الجواب: هما لغتان: نَهَرٍ ونهْرٍ، والقرآن استعمل (نَهَرٍ) ولم يستعمل (نَهْر) أبداً، والنَّهَرٌ: جمع أنهار، وأحياناً يستعمل القرآن الجنس الواحد على معنى الكثير. النَّهَر واحد الأنهار، والنهْر واحد الأنهار أيضاً. السؤالالثالث: ما الفرق بين الطاقةِ والقِبَل، كما في الآيات ﴿قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ﴾ [البقرة:249] و ﴿ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا ﴾ [النمل:37] ؟ الجواب: 1ـ الطاقة: هي القدرة والقوة، كما في قوله تعالى: ﴿قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ﴾ أي: ليس عندنا قوة ولا قدرة أصلاً. 2ـ القِبَل: هي القدرة على المقابلة والمجازاة على شيء، تقول: أنا لا قِبَل لي بكذا، ولذلك قال القرآن رواية عن سليمان عليه السلام: ﴿ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا ﴾ [النمل:37] أي: لا قدرة لهم عليها، لا قدرة لهم على المقابلة، لا قدرة لهم على مقابلتها بالرغم أنّ قوم بلقيس هم أصحاب قوة، وقالوا: ﴿ قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ ﴾ [النمل:33] أي: عندهم قوة وعندهم بأس في الحرب يستطيعون المقابلة، فردّ عليه سليمان عليه السلام: ﴿ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا ﴾ [النمل:37] أي: لا يستطيعون أنْ يقابلونا من البداية. السؤالالرابع: ما الفرق بين الظن واليقين؟ وما دلالة ﴿يَظُنُّونَ﴾ في الآية؟ الجواب: 1ـ اليقين يرتقي إلى درجة العلم كما في قوله تعالى في القرآن الكريم ﴿ فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ١٩إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ٢٠﴾ [الحاقة:19-20] هل كان شاكّاً؟ لا. ولذلك قوله تعالى: ﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ﴾ [البقرة:249] ﴿ يَظُنُّونَ﴾ هنا يعني: يوقنون بلقاء الله تعالى. 2ـ الظنُّ درجات، وهو يعتري الإنسان من دون أي دليل، ثم يقوى بحسب الأدلة إلى أنْ يصل إلى اليقين . لكن أهل اللغة يقولون: إنّ الظن هو عِلْمُ ما لم يُبصر، وأنت لا تقول: (ظننت الحائط مبنياً) ؛ لأن الحائط من الأشياء التي تُرى وتُبصر، وإنما الظن علم ما لم يُبصر . ولا تقولُ: أظن أنْ الحائط مبنيٌّ، وهو أمامك، ولا يصح هذا التركيب، لكن تقول: أظنُّ أنّ وراء الحائط فلاناً، هذا أمر آخر يجوز فيه الظن. ولذلك قالوا: الظن درجات حتى إنه يصل إلى اليقين. لمزيد من المعلومات حول الفعل ( ظنّ) انظر آية البقرة 46. السؤالالخامس: قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ٧٠﴾ [البقرة:70] ما الفرق في الاستعمال بين: ( إنْ شاء الله ) وبين ( بإذن الله ) في القرآن الكريم؟ الجواب: انظر الجواب في آية البقرة 70 . السؤالالسادس: ما أهم دلالات الآية ؟ الجواب: 1 ـ أعدّ طالوتُ العدة للحرب ، وقال لهم : لا يصحبني من كان مشغولاً بأمر من أمور الدنيا مهما كان ، فلا أريد أن يخرج معي إلا من تجرّد للجهاد في سبيل الله ، وقيل اجتمع له حوالي ثمانين ألفاً . 2 ـ قوله تعالى :﴿فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ﴾ أي انفصل وفارق بهم حدّ بلدهم ، ومعنى الفصل القطع ، يقال : قولٌ فصل ، إذا كان يقطع بين الحق والباطل ، ويقال للفطام فصال ؛لأنه يقطع عن الرضاع . والجنود جمع جند . 3 ـ قوله تعالى :﴿قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ﴾ المُراد أن يختبرهم قبل لقاء العدو ليتميز من يصبر على الحرب ممن لا يصبر، وليتعودوا الصبر على الشدائد . 4 ـ ( نَهْر ) و( نَهَر) بتسكين الهاء وتحريكها لغتان ، وكلُ ثلاثي حشوه من حروف الحلق فإنه يجيء على هذين ، كقولك : بحْر وبَحَر ـ صخْر و صخَر . 5 ـ قوله تعالى :﴿لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ﴾ أي لم يذقه ، وهو من الطعم ، وهو يقع على الطعام والشراب ، ومعناه أنْ ينفي القليل وبالتالي ينفي الكثير. 6 ـ قرأ ابن عامر وعاصم والكسائي ﴿غُرۡفَةَۢ﴾ بضم الغين على أنها اسم للماء المغتَرَف ، اسم مفعول، وقرأ الباقون بفتح العين على أنها مصدر مرّة ، والدنيا كالنهر الذي ابتلي به جند طالوت من أخذ منها قدر حاجته يقنع، ومن زاد على حاجته فلن يشبع. 7 ـ قوله تعالى :﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ﴾ لا خلاف بين المفسرين أنّ الذين عصوا الله وشربوا من النهر رجعوا إلى بلدهم ، ولم يتوجه معه إلى لقاء العدو إلا من أطاع الله في أمر الشرب من ماء النهر . 8 ـ قوله تعالى :﴿قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ٢٤٩﴾ أي الذين يعلمون ويوقنون ، إلا أنه أطلق لفظ الظنّ على اليقين على سبيل المجاز . و( الفئة ) الجماعة ، يقال : فأوت رأسَه بالسيف ، إذا قطعت ، والفئة : الفرقة من الناس ، كأنها قطعت منهم . 9 ـ قوله تعالى :﴿وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ أي بحفظه وتأييده ورعايته . 10 ـ عوامل النصر المذكورة في هذه الآية بعد إتمام إعداد العدّة هي : آ ـ الثبات أمام العدو وعدم الفرار . ب ـ الإكثار من ذكر الله . ج ـ طاعة الله والرسول . د ـ وحدة الكلمة وعدم الشقاق والتنازع . هـ ـ الصبر والمصابرة في لقاء العدو. 11 ـ قوم طالوت خرجوا وهم ألوف فلم يزالوا بالابتلاء والتصفية حتى صاروا على عدد أهل بدر، فليست العبرة (بالكثرة) إنما العبرة (بالصفوة)، وميزان التقوى يغلب ميزان القوى . 12 ـ في قصة طالوت طائفة اقترحت ملكاً لقتال المحتلين ، وطائفة اقترحت تغيير الملك ، وطائفة خالفت أمر الملك وشربت من النهر ، وطائفة اجتازت ، وطائفة حذرت من قتال العدو ، ولم ينفع من كل هذه الطوائف إلا طائفة واحدة : ﴿ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ﴾ .والله أعلم .
__________________
|
#202
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير ( من روائع البيان في سور القرآن ) (الحلقة 209) مثنى محمد هبيان ﴿وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ٢٥٠﴾ [البقرة: 250] السؤالالأول: تقول: أفرغت الماء في الإناء إذا صببته، فلِمَ عبّر ربنا سبحانه وتعالى عن الصبر بالإفراغ، فقال: ﴿أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا﴾ ولم يقل: صبِّرنا، أو اجعلنا صابرين؟ الجواب: إنّ التعبير عن طلب الصبر بقوله: ﴿أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا﴾ فيه إبداع وجمال ساحر؛ لأنّ إفراغ الصبر يدل على المبالغة في صبر الداعي لصفة الصبر؛ وذلك أنّ الإفراغ معناه الصبُّ، وإذا صببت الشيء أو أفرغته فقد ملأت المفرَغ فيه، وإذا أُفرِغ الصبر في قلوب المؤمنين الداعين فهذا يعني أنّ القلوب قد ملئت صبراً حتى غدت وعاءً له. السؤالالثاني: ما أهم دلالات الآية ؟ الجواب: 1 ـ المبارزة في الحروب ، هي أن يبرز كلُ واحد لصاحبه وقت القتال في الأرض الفضاء التي لا حجاب فيها ، بحيث يرى كل واحد صاحبه . 2 ـ ( الإفراغ ) الصبُّ ، وهو إخلاء الإناء مما فيه ، وقوله تعالى :﴿أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا﴾ أي أفرغ علينا صبراً ، واصببه علينا أتم صب وأبلغه . 3 ـ فزعوا إلى الله بالدعاء والتضرع وسألوه : الصبر والثبات والنصر . 4ـ التوجه إلى الله بالدعاء هو من عوامل النصر . 5 ـ قوله تعالى :﴿رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا﴾ تأملْ رحمةَ الله وهو يعلمنا هذا الدعاء: (أفرغ) فإنّ آلامنا تحتاج لأمواج من الصبر تغمرنا وتبلل كل نقطة ألم فينا وتطفئ وجعنا. والله أعلم .
__________________
|
#203
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 210) مثنى محمد هبيان ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٥١تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ٢٥٢﴾ [البقرة: 251-252] السؤال: ما أهم دلالات هاتين الآيتين ؟ الجواب: 1 ـ استجاب الله دعاءهم ، وأفرغ الصبر عليهم ، وثبّت أقدامهم ، ونصرهم على القوم الكافرين جالوت وجنوده . 2 ـ قوله تعالى : ﴿وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ﴾ جاءت بعد قصة طالوت ، وقومه مروا بثلاث مراحل: استضعاف ثم مدافعة ثم تمكين. 3 ـ قوله تعالى :﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ﴾ الهزم في اللغة الكسر ، والهزمة النقرة في الجبل أو في الصخرة ، ومنها زمزم هزمةُ جبريل عليه السلام حيث هزمها برجله فخرج الماء ، ويقال للسحاب : هزيم ، لأنه يتشقق بالمطر . 3 ـ كان من جنود طالوت فتى يافع هو (داود ) استطاع قتل جالوت بإذن الله برميه أحجاراً أصابت رأسه فأرداه قتيلاً ، فزوجّه طالوت ابنته ، وشاطره ملكه ، ثم أعطاه الله المُلك والنبوة في بني إسرائيل ، وعلّمه الحكمة ، وهي وضع الأمور مواضعها على الصواب والصلاح ، وعلمّه مما يشاء الله من مصالح الدنيا والدين. 4 ـ قوله تعالى :﴿وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ﴾ جالوت أرعب الناس بالسلاح ، ولم يتوقع أحدٌ قتله ، فقتله داود (بمقلاعٍ وحجر) فالله الذي يرمي ، والله الذي يقتل. 5 ـ قرأ نافع وأبو جعفر ويعقوب ( ولولا دفاعُ الله ) مصدر ( دافَعَ) ، وقرأ الباقون ( دفْعُ الله ) مصدر ( دَفَعَ ) . 5 ـ قوله تعالى:﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ٢٥٢﴾ إشارة إلى القصص التي ذكرت سابقاً في سورة البقرة نتلوها عليك أيها الرسول ، فمن الذي أعلمك بها غير الله ؟ وفي هذا دليل على صدق نبوتك ، وأنك من المرسلين الصادقين ، ختم الله بك النبوة والرسالة . 6ـ قوله تعالى : ﴿ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ٢٥٢﴾ ولم يذكر على (صراط مستقيم) مثلما جاء في يس: ﴿ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ٣عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ٤﴾ [يس: 3-4] فالسياق ليس فيه ذكر للدعوة وإنما في سياق إثبات نبوته، والدعوة هي صراط مستقيم، وقد وردت في سياق قصة طالوت وجالوت وقسم من الأنبياء أيضاً، فأراد الله سبحانه أن يُخبر أنّ هذا دليلاً على إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم بإخباره عما لم يعلم من أخبار الماضي، وهذا يدل على رسالته. والله أعلم .
__________________
|
#204
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 211) مثنى محمد هبيان فضائلُ الرسل وسببُ اختلافِ الأمم السؤالالأول: قال في أول الآية: ﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم﴾ ثم قال: ﴿ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ﴾ فما فائدة تكرارذلك ؟ الجواب: 1ـ قيل: هو تأكيد للأول، تكذيباً لمن ينكر أنْ يكون ذلك بمشيئة الله تعالى. 2ـ أنّ ﴿ٱقۡتَتَلُواْ﴾ مجاز في الاختلاف؛ لأنه كان سبب اقتتالهم، فأطلق اسم المسبب على السبب، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ ﴾[النساء: 10] . والمعنى: ولو شاء الله ما اختلفوا بعد أنبيائهم لكنْ اختلفوا، ولو شاء الله بعد اختلافهم لما اقتتلوا . 3ـ قول الحق: ﴿ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ٢٥٣﴾ فيه عدة نقاط، أهمها: آ ـ الله سبحانه أرسل الرسل يحملون منهج الله لمن يريد أنْ يعلن حبه لله وأنْ يكون خليفة في الأرض بحق وأنْ يصلح في الكون ولا يفسد، ولو شاء الله لخلق الناس كلهم طائعين له، وإنما شاء الله لبعض الأعمال والأفعال أنْ يتركها لاختيارك؛ لأنه يريد أنْ يعرف من الذي يأتيه طوعاً وليظل العبد بين الخوف والرجاء، وبالتالي مطلوب من الإنسان الارتفاع الإيماني، فيحب الله على نعمه وعلى أحداثه وأقداره، فيحبه الله ويباهي الله به الملائكة كما ورد في الحديث الشريف. ب ـ لو أراد الحق سبحانه الكون بلا معارك بين الحق والباطل لجعل الحق مسيطراً سيطرة تسخير، لكنّ الله تعالى أعطانا تمكيناً وأعطانا اختياراً، لذلك نجد من ينشأ مؤمناً ومن ينشأ كافراً، وهكذا نجد الطائع والعاصي كلاً في فريقه. وإياك أنْ تفهم أن وجود الكافرين في الأرض دليلٌ على أنهم غير داخلين في حوزة الله، بل إنّ الله هو الذي أعطاهم هذا الاختيار، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ولما استطاع أحد أنْ يخرج على مراد الله. ج ـ الاختلاف بين الناس هو سبب الاقتتال، لكنْ ألا يُمْكِنُ أنْ يكونوا قد اختلفوا ولم يقتتلوا؟ إنّ ذلك لو حدث لكان إجماعاً على الفساد، والحق لا يريد هذا الإجماع على الفساد، فإنْ لم يسيطر الخير على أمور البشرية فلا أقل من أنْ يظل عنصر الخير موجوداً، ويأتي واحدٌ ليجدد عنصر الخير وينميه. د ـ الحق سبحانه لا يمحو في أزمنة الباطل معالم الخير والأفعال الحسنة، بل يستبقي معالم الخير ليذهب إليها إنسان يريد الخير، وقد يكون الخير ضعيفاً لكنّ الله لا يمحوه؛ لأنه يعطي به دفعة جديدة لمؤمنين جدد يرفعون راية الحق وإن بدوا ضعفاء. والله رفع عنا العذاب من أجل وجود الضعفاء بيننا؛ لأنّ الضعفاء يمثلون خلايا الخير في المجتمع، قال ﷺ«لولاعبادللهرُكَّع،وصبيةرُضَّع،وبهائمرُتَّعلصُبَّعليكمالعذابصباً» [ رواه البيهقي 345/3 ] . هـ ـ في الاقتتال توجد تضحيات بالنفس وتضحيات بالمال، ولذلك ندب المؤمنين إلى الإنفاق في سبيل الله . 4 ـ جاء في كتاب أسرار التكرار للكرماني : قوله تعالى : ﴿ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ) كرّر هنا تأكيداً ، وقيل ليس بتكرار لأنّ الأول للجماعة والثاني للمؤمنين ، وقيل كرّر تكذيباً لمن زعم أنّ ذلك لم يكن بمشيئة الله تعالى. السؤالالثاني: ماذا عن تأنيث كلمة ﴿ ٱلۡبَيِّنَٰتِ ﴾ في الآية، وهل تُذكَّر ؟ الجواب: كلمة ﴿ ٱلۡبَيِّنَٰتِ ﴾ ليست مؤنَّثاً حقيقياً؛ لذا يجوز تذكيرها وتأنيثها . 1ـ عندما تكون ﴿ ٱلۡبَيِّنَٰتِ ﴾ بمعنى العلامات الدالة على المعجزات والنبوءات يؤنث الفعل. 2ـ أما عندما تكون ﴿ ٱلۡبَيِّنَٰتِ ﴾ بمعنى الأمر والنهي، يذكر الفعل. شواهد قرآنية على التأنيث: أي: بمعنى المعجزات والنبوءات: الآيات:[ البقرة 209 ـ البقرة 213 ـ البقرة 253 ـ النساء 153 ]. شواهد قرآنية على التذكير: بمعنى الأمر والنهي: الآيات: [ آل عمران 86 ـ آل عمران 105 ـ غافر 66 ]. السؤالالثالث: قوله تعالى في الآية: ﴿ تِلۡكَ ﴾ ولم يقل مثلاً: (هؤلاء)، فما دلالة ذلك ؟ الجواب: قول الحق: ﴿ تِلۡكَ ﴾ إشارة إلى الرسل بدل (هؤلاء الرسل) ليدل القرآن على أنّ الرسل هم كوحدة أو جماعة واحدة أي: تلك الجماعة ومهما اختلفوا فهم مرسلون من قبل إله واحد وبمنهج واحد، و﴿ تِلۡكَ ﴾ هي إشارة لأمر بعيد، وهي إشارة كذلك إلى الرسل الذين يعْلَمُهم رسولُ الله ﷺ أو الرسل الذين تقدموا في السياق القرآني. السؤالالرابع: ما دلالة قوله تعالى في الآية: ﴿ فَضَّلۡنَا ﴾؟ وما تعريف التفضيل؟ وما فرقها عن المحاباة؟ الجواب: قوله تعالى: ﴿ فَضَّلۡنَا ﴾ التفضيل هو إيثار الغير بمزية بدافع الحكمة، ولا تقل: محاباة؛ لأنّ المحاباة هي إيثار الغير بمزيةٍ بدافع الهوى والشهوة . السؤالالخامس: ذكر الله في هذه الآية نماذج من التفضيل وأشار إلى موسى وعيسى عليهما السلام، فلماذا لم يذكر الرسول محمداً ﷺ في الآية أيضاً ؟ الجواب: 1ـ ذكر لنا القرآن نماذج من التفضيل ﴿ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ ﴾ وهو سيدنا موسى عليه السلام، ومنهم: ﴿ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ ﴾ وبين موسى وعيسى عليهما السلام قال الحق: ﴿ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ﴾ والخطاب في الآيات لمحمد ﷺ وهؤلاء المذكورون من الرسل هم من أولي العزم من الرسل. 2ـ ساعة يأتي التشخيص بالوصف الغالب أو الاسم فهذا واضح، ولكنْ ساعة أنْ يأتي بالوصف ويترك لفطنة السامع أنْ يردّ الوصف إلى صاحبه، فكأنه من المفهوم أنه لا ينطبق قوله: ﴿ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ ﴾ بحقٍّ إلا على سيدنا محمد ﷺ، وجاء بها سبحانه في الوسط بين موسى وعيسى عليهما السلام مع أنّ الرسول ﷺ لم يأت في الوسط وإنما جاء آخر الأنبياء، ليدلك على أنّ منهجه هو الوسط بين اليهودية التي أسرفت في المادية بلا روحانية والنصرانية التي أسرفت في الروحانية بلا مادية، والعالم يحتاج إلى وسطية بين المادية والروحية، فجاء محمد ﷺ فكان قطب الميزان في قضية الوجود. 3ـ حيثيات التفضيل للرسول ﷺ كثيرة، منها: آ ـ رسالته هي الوحيدة للإنس والجن ومستمرة حتى قيام الساعة، بينما الرسالات الأخرى محدودة بزمان أو مكان. ب ـ معجزات الرسل السابقين معجزات مادية حسية كانت في وقتها وليس لها الآن وجود غير الخبر عنها، بينما معجزة الرسول ﷺ معجزة باقية وهي القرآن الكريم، إضافة إلى معجزاته الحسية المادية الكثيرة في أيامه. ج ـ اختصه الله من بين جميع الرسل بالتشريع، فقد كان الرسل ينقلون الأحكام عن الله وليس لهم أنْ يشرعوا، أمّا الرسول ﷺ فهو الرسول الوحيد الذي قال الله له: ﴿ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ ﴾ [الحشر:7]. 4ـ قول الحق: ﴿ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ ﴾ نأخذه في إطار ﴿ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ﴾ [الشورى:11] ونحن نأخذ كل وصف يرد عن الله بواسطة الله ولا نضع وصفاً من عندنا، وبعد ذلك لا نقارنه بوصف البشر. والله أعلم .
__________________
|
#205
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 212) مثنى محمد هبيان الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله السؤالالأول: ما دلالة الضمير فى قوله تعالى: ﴿وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ٢٥٤﴾ في الآية؟ الجواب: انظر إلى هذا الأسلوب القرآني فقد قصر ربنا تعالى صفة الظلم على الكافر، فالكفر والظلم متلازمان. ألم تر كيف فصل بين المبتدأ والخبر بالضمير ﴿هُمُ﴾ مع أنّ حذف هذا الضمير لا يُخِلُّ بالمعنى فلو قال: (والكافرون ظالمون) لكان المعنى تاماً، لكنّ ذكر الضمير ﴿هُمُ﴾ أفاد حصر الظلم على الكافرين، أي: الكافرون هم الظالمون حصراً. السؤالالثاني: ما دلالة هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ هذه الآية الكريمة دعوة للإنفاق في سبيل الله بشكل عام ، في وقت الشدة والرخاء قبل أن يأتي على الإنسان وقت لا يستطيع فيه أن ينفق شيئاً . 2 ـ يناديك الرب الكريم ويتودد بلطف : ﴿أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰكُم﴾ أنفق من مالك.. أنفق من علمك.. أنفق من خبرتك.. أنفق من جاهك.. أنفق من وقتك .. كل ما رزقك الله أنفق منه ما دمنا في الحياة الدنيا، والرزق يشمل كل نعمة أنعمها الله تعالى فأنفق منها شكراً لله تعالى عليها ، وقد وعدك بالزيادة﴿ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ ﴾ [إبراهيم: 7] وقال صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: (أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً) [ البزار1978 ـ أبو يعلى 6040 ] . 3 ـ ( الخُلة ) بضم الخاء المودة والصداقة ، سُميت بذلك لأنها تتخلل الأعضاء والخليل : الصديق. 4 ـ الكافرون هم الظالمون المتجاوزون حدود الله ، وقد قصر ربنا تعالى صفة الظلم على الكافر، فالكفر والظلم متلازمان، ألم تر كيف فصل بين المبتدأ والخبر بالضمير (هم) مع أنّ حذف هذا الضمير لا يخل بالمعنى، لكنّ ذكر الضمير (هم) أفاد حصر الظلم على الكافرين، أي الكافرون هم الظالمون حصراً ، وهذا من باب المبالغة ويسموه بالقصر الادعائي أو قصر المبالغة فتدّعي القصر في هذا لأنه مبالغة في هذا الأمر، أي أنّ الكافرين هم أولى بهذه التسمية من غيرهم. والله أعلم .
__________________
|
#206
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 213) ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا ئَُودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ [البقرة: 255]مثنى محمد هبيان آية الكرسي ـ القسم الأول ـ السؤالالأول: ما أهمية آية الكرسي هذه؟ ولماذا بُدئت بلفظ الجلالة ﴿ ٱللَّهُ ﴾ ؟ الجواب: آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم، بدأت الآية بالتوحيد ونفي الشرك وهو المطلب الأول للعقيدة عن طريق الإخبار عن الله، وبدء الإخبار عن الذات الإلهية . وقد اشتملت آية الكرسي على توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وعلى إحاطة ملك الله، وإحاطة علمه، وسعة سلطانه، وعظمته وعلُوّه على سائر مخلوقاته. وورد أنها تعدل ربع القرآن والله أعلم. ونلاحظ أنّ كل جملة في هذه الآية تصح أنْ تكون خبراً للمبتدأ ﴿ ٱللَّهُ ﴾ لأنّ كل جملة فيها ضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى أي: الله لا تأخذه سنة ولا نوم، الله له ما في السموات وما في الأرض، الله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، الله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، الله لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء، الله وسع كرسيّه السموات والأرض، الله لا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. وللعلم فإن آية الكرسي تتألف من (50) كلمة وعدد حروفها (185) حرفاً. السؤالالثاني: ما دلالة ﴿ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ ﴾ في قوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ ﴾ ؟ الجواب: 1ـ الحيّ مُعرَّفة، والقيّوم مُعرَّفة، والحيّ هو الكامل الاتصاف بالحياة ولمْ يقل: (حيّ) بالتنكير لأنها تفيد أنه من جملة الأحياء. والتعريف بـ (أل) هو دلالة على الكمال والقصر؛ لأنّ ما سواه يصيبه الموت، والتعريف قد يأتي بالكمال والقصر، فالله له الكمال في الحياة قصراً، و كل من عداه يجوز عليه الموت، وهو الذي يفيض على الخلق بالحياة، فالله هو الحيّ لا حيّ سواه على الحقيقة؛ لأنّ من سواه يجوز عليه الموت. 2ـ القيّوم: من صيغ المبالغة (على وزن «فيعول»)، وهي ليست من الأوزان المشهورة، فهي صيغة مبالغة من القيام، ومن معانيها: القائم في تدبير أمر خلقه وفي إنشائهم وتدبيرهم، ومن معانيها القائم على كل شيء، ومن معانيها الذي لا ينعس ولا ينام؛ لأنه إذا نعس أو نام لا يكون قيّوماً، ومن معانيها القائم بذاته، وجاء بصيغة التعريف (القيوم) لأنه لا قيّوم سواه على الكون حصراً. السؤالالثالث: قوله تعالى: ﴿ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ ﴾ ما الفرق بين السِّنةِ والنَّوم ؟ الجواب: السِّنَةُ: هي النعاس الذي يتقدم النوم، ولهذا جاءت في ترتيب الآية قبل النوم، وهذا ما يعرف بتقديم السبق، فهو سبحانه لا يأخذه نعاس أو ما يتقدم النوم من الفتور أو النوم، والمتعارف عليه أنْ يأتي النعاس أولاً ثم ينام الإنسان. وكرر سبحانه لفظة (لا) ولم يقل سبحانه: (لا تأخذه سنة ونوم) أو (سنة أو نوم): ﴿ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ ﴾ وهو بهذا ينفيهما سواءً اجتمعا أو افترقا، لكنْ لو قال سبحانه: (سنة ونوم) فإنه ينفي الجمع ولا ينفي الإفراد، فقد تأخذه سنة دون النوم، أو يأخذه النوم دون السنة. وهناك نوع من النوم يسمى (هُجُوع) وهو النوم المتقطع ، كما في قوله تعالى: ﴿ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ١٧﴾ [الذاريات:17] ،وهناك النوم الطويل ، ويُسمى ( رُقود ) ، كما في قوله تعالى :﴿ وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ ﴾ [الكهف:18] . السؤالالرابع: قوله تعالى: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ لماذا استعمل (ما)بدل (من) ؟ الجواب: 1ـ (ما): ما تفيد ذوات غير العاقل وصفات العقلاء. إذن لمّا قال ﴿ لَّهُۥ مَا ﴾ جمع العقلاء وغيرهم، ولو قال(من) لخصّ العقلاء، و(ما) أشمل وعلى سبيل الإحاطة. 2ـ وقوله تعالى ﴿لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ فيه أمران: آـ قصد الإحاطة والشمول . ب ـ قدّم الجار والمجرور على المبتدأ ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ لإفادة القصر والحصر، أي: أنّ ذلك له حصراً وقصراً ولا شريك له في الملك، فنفى الشرك. 3ـ وجاء ترتيب ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ بعد ﴿ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ ﴾ ليدلّ على أنه قيوم على ملكه الذي لا يشاركه فيه أحد غيره، وهناك فرق بين من يقوم على ملكه ومن يقوم على ملك غيره، فهذا الأخير قد يغفل عن ملك غيره، أمّا الذي يقوم على ملكه لا يغفل ولا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم سبحانه، فله كمال القيومية. وفي قوله: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ تفيد التخصيص، فهو لا يترك شيئاً في السموات والأرض إلا هو قائم عليه سبحانه. السؤالالخامس: ما فائدة تكرار اسم الموصول ﴿ مَا ﴾ في قوله: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ ؟ الجواب: إذا قُصد التنصيص على الأفراد، أي: إذا قُصد كل فرد من أفراد السماوات والأرض على وجه التنصيص، تكرر اسم الموصول كما في [الآية البقرة 255 ـ و الزمر 68ـ النمل 87 ـ الحشر 1ـ يونس 66]. السؤالالسادس: ما دلالة استعمال صيغة الكلام بالمثنى للسموات والأرض في آية الكرسي؟ الجواب: السموات والأرض الكلام عليهما بالمثنى؛ لأنه جعل السموات كتلة واحدة والأرض كتلة واحدة فتحدث عنهما بالمثنى، على اعتبار أنهما مجموعتان. السؤالالسابع: ما دلالة قوله تعالى: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ ﴾ في الآية؟ وهل هذه صيغة استفهام ؟ الجواب: 1ـ الآية فيها دلالة واضحة على تبيان ملكوت الله وكبريائه وأنّ أحداً لا يملك أنْ يتكلم إلا بإذنه ولا يتقدم إلا بإذنه مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا٣٨﴾ [النبأ: 38]. وهذا الجزء من الآية والجزء الذي قبلها ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾ يدل على ملكه وحكمه في الدنيا والآخرة؛ لأنه لمّا قال: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ﴾شمل ما في الدنيا، وفي قوله: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ ﴾ هذا في الآخرة، فدلّ هذا على ملكوته في الدنيا والآخرة. 2ـ وأخرج الصيغة مخرج الاستفهام الإنكاري؛ لأنه أقوى من النفي، فدلّ هذا على أنه حيّ قيّوم، لأنّ الذي يَستشفع عنده حيّ والذي لا يستطيع أحد أنْ يتقدم إلا بإذنه يجعله هذا قائماً بأمر خلقه، وكلها تؤكد معنى أنه الحيّ القيّوم. وتأمل هذا الأسلوب في الاستفهام ﴿ مَن ذَا ﴾ فهو استفهام لكنه خرج إلى معنى الإنكار والنفي، وكأنّ الله تعالى يريد أنْ يخبرنا عن شرف الشافع ومكانته عند الله تعالى، وهو محمد ﷺ وهو الشفيع في المحشر، فقال: ﴿ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ ﴾ فلا أحد يشفع عند الله بحق الله، ولكن يشفع من خصّه الله تعالى بهذا الإذن، إنها كرامة ما بعدها كرامة. السؤالالثامن: قوله تعالى: ﴿ مَن ذَا ﴾ هل هي كلمة واحدة أم اثنتان؟ وما الفرق بينهما ؟ الجواب: 1 ـ (من ذا): فيها احتمالان كما يذكر أهل النحو: آـ فقد تكون كلمة واحدة بمعنى (مَن) استفهامية. ب ـ وقد تكون كلمتين: (مَن) مع اسم الإشارة . يقال: من ذا الواقف؟ من الواقف؟ ومن هذا الواقف؟ ويُقال في النحو: زيادة المبنى تعطي زيادة في المعنى، فقد نقول: من حضر، ومن ذا حضر؟ وقوله تعالى: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي ﴾ تأتي بالمعنيين (من الذي) و(من هذا الذي) باعتبار (ذا) اسم إشارة فجمع المعنيين معاً. 2ـ لكن (من ذا) أقوى من (من) لزيادة مبناها، ولذلك فالاختلاف في التعبير في قصة ابراهيم عليه السلام في آية الصافات (85) واستعمال: ﴿ مَاذَا تَعۡبُدُونَ٨٥﴾ يعتبر أقوى مما استعمله في آية الشعراء 70 ﴿ مَا تَعۡبُدُونَ٧٠﴾ لأنه في الأولى ﴿ مَاذَا تَعۡبُدُونَ٨٥﴾ لم يكن إبراهيم ينتظر جواباً من قومه، فجاءت الآية بعدها ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٨٧﴾ [الصافات: 87] أمّا في الشعراء فالسياق سياق حوار فجاء الرد، قالوا: نعبد أصناماً. إذن فإنّ (من ذا) و (ماذا) أقوى من (من) و(ما). السؤالالتاسع: لِمَ لمْ يقل هنـا - أمن هذا الذي ـ بزيادة هاء التنبيه، كما في آية الملك ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ ﴾ [المُلك:20] ؟ الجواب: في آية سورة الملك رقم (20) قوله تعالى: ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ ﴾ ( هذا) مكون من (هـ) للتنبيه والتوكيد و(ذا) اسم الإشارة، وكذلك (هؤلاء) هي عبارة عن (هـ) و(أولاء)، فالهاء تفيد التنبيه والتوكيد، فإذا كان الأمر لا يدعو إليها لا يأتي بها . ولنستعرض سياق الآيات في سورة الملك مقابل آية الكرسي: آـ آيات سورة الملك في مقام تحدٍّ، فهو أشد وأقوى من سياق آية الكرسي؛ لأنّ آية سورة الملك هي في خطاب الكافرين. ب ـ أمّا آية الكرسي فهي في سياق المؤمنين ومقامها في الشفاعة والشفيع وهو طالب حاجة يرجو قضاءها، ويعلم أنّ الأمر ليس بيده وإنما بيد من هو أعلى منه. ج ـ وأمّا آية سورة الملك فهي في مقام النِّدِّ وليس مقام شفاعة؛ ولذلك جاء بـ (هـاء) التنبيه للاستخفاف بالشخص الذي ينصر من دون الرحمن ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ ﴾ [المُلك:20] وهذا ليس مقام آية الكرسي. والأمر الآخر أن التعبير في آية الكرسي اكتسب معنيين: قوة الاستفهام والإشارة، بينما آية الملك دلت على الإشارة فقط، ولو قال: (من الذي) لفاتت قوة الإشارة، ولا يوجد تعبير آخر أقوى من (من ذا) لكسب المعنيين: قوة الاستفهام والإشارة معاً، بمعنى (من الذي يشفع، ومن هذا الذي يشفع). السؤالالعاشر: ما المقصود بمعنى الآية: ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ ﴾ ؟ الجواب: أي: يعلم ما أمامهم مستقبلاً وما وراءهم، والمقصود إحاطة علمه بأمورهم الماضية والمستقبلية، ويعلم أحوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب الشفاعة، ويعلم المشفوع له وهل يستحق استجابة الطلب، هذا عام، فهذه الدلالة الأولية. السؤالالحاديعشر: قال تعالى في سورة مريم: ﴿ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ ﴾ [مريم:64] فما الحكمة في أنها لم ترد على هذا الأسلوب في آية الكرسي؟ الجواب: في سورة مريم سياق الآيات عن المُلك: ﴿ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا ﴾ [مريم:62] ﴿ تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا ﴾ [مريم:63] ﴿ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ﴾ [مريم:65] والذي يرزق هو الذي يورّث فهو مالك، وقال: ﴿ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ﴾ [مريم:65]؛ لأنه مالكهم . أمّا في سورة آية الكرسي فالسياق عن العلم ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ) وبعد هذه الجملة يأتي قوله: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ ﴾ أي أنّ السياق في العلم؛ لذا كان أنسب أن تأتي ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ ﴾ وهذه الجملة هي كما سبق توطئة لما سيأتي بعدها. السؤالالثانيعشر: ما فائدة (مَا) في قوله تعالى ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ ﴾ [البقرة:255] ؟ الجواب: (ما) تحتمل معنيين في اللغة: آـ تحتمل أنْ تكون مصدرية بمعنى (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بمشيئته). ب ـ وتحتمل أنْ تكون اسماً موصولاً بمعنى (إلا بالذي شاء)، وهنا جمع المعنيين أي: لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه ، أي: بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد ويشاء نوعاً وقدراً. وغير الله لا يعلم شيئاً إلا بما أراده الله بمشيئته وبالقدر الذي يشاؤه ، والبشر لا يعلمون شيئاً حتى البديهيات، وهو الذي شاء أنْ يعلّم الناس أنفسهم. السؤالالثالثعشر: قال تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ ﴾ ولم يقل مثلاً: (ولا يعلمون شيئاً من علمه)، فما دلالة ذلك ؟ الجواب: لأنّ الإحاطة تقتضي الاحتواء على جميع أطراف الشيء بحيث لا يشذّ منه جزء من أوله ولا آخره، فأراد ربنا أنْ يصور لنا قصر علمنا وضعف مداركنا، فنحن قد نعلم شيئاً كان مجهولاً بالأمس ولكننا لا نستطيع أنْ نحيط بكل ما يلزم عنه، ولا نقدر على إدراك كل ما له به صلة، ولذلك فإنّ علومنا قابلة للتبديل والتعديل. وانظر أيضاً إلى قوله تعالى: ﴿ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ ﴾ ولم يقل: ولا يحيطون بعلمه؛ لأنّ (من) للتبعيض، وهذا مزيد من الدقة في تصغير معارفنا وعلومنا. يتبع في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى
__________________
|
#207
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 214) مثنى محمد هبيان آية الكرسي ـ القسم الثاني الأخير ـ السؤالالرابععشر: قوله تعالى في آية الكرسي: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ﴾ وفي آية طه قوله: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا١١٠﴾ [طه:110] فهل هما يحملان نفس المعنى ؟ الجواب: في قوله تعالى في آية طه 110﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا١١٠﴾ أي: بذاته، فنفى الإحاطة بالذات في آية طه، ونفى الإحاطة بالعلم في آية الكرسي. والسبب أنه في سورة طه جاءت الآية تعقيباً على عبادة بني إسرائيل للعجل، وقد صنعوه بأيديهم وأحاطوا به علماً والله لا يحاط به، لقد عبدوا إلهاً وأحاطوا به علماً، فناسب ألا يقول العلم، وإنما قال: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا١١٠﴾ [طه:110] أمّا في آية الكرسي فالسياق جاء في العلم لذا قال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ﴾ . السؤالالخامسعشر: قوله تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ ما دلالتها ؟ الجواب: قوله تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ دلّ أولاً على أنه من ملكه السموات والأرض، وقبل هذه الجملة قال تعالى: ﴿لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ فدلّ على أنّ الذي فيهما هو ملكه أيضاً، لأنّ المالك قد يملك الشيء لكن لا يملك ما فيه وقد يكون العكس، فبدأ أولاً ﴿لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ أي: أنّ ما فيهما ملكه ولم يذكر أنّ السموات والأرض ملكه، وهنا ذكر أنّ السموات والأرض وما فيهما هو ملكه، وأنّ الكرسي وسع السموات والأرض، كما ورد في الحديث الذي رواه أبو ذر الغفاري: «دخَلْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في المسجِدِ، فذكَرَ الحديثَ، قال فيه: قُلْتُ: فأيُّ آيةٍ أنزَل اللهُ عليك أعظَمُ؟ قال: آيةُ الكُرْسِيِّ، ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: يا أبا ذَرٍّ، ما السَّمواتُ السَّبعُ في الكُرْسِيِّ إلَّا كحَلْقةٍ مُلْقاةٍ في أرضٍ فَلاةٍ، وفضلُ العرشِ على الكُرْسِيِّ كفضلِ الفَلاةِ على تلك الحَلْقةِ».[الطبري 120/9]. وقد وسع كرسيه السماوات والأرض فما بالك بعرشه؟ !!!! السؤالالسادسعشر: ما الحكمة من استخدام صيغة الماضي في الفعل ﴿وَسِعَ﴾ [البقرة:255] ؟ الجواب: الحكمة أنّ صيغة الماضي تدلّ على أنه وسعهما فعلاً، فلو قال: يسع، لكان فقط إخباراً عن مقدار السعة، فعندما نقول: تسع داري ألف شخص، فليس بالضرورة أنْ يكون فيها ألف شخص، ولكن عندما نقول: وسعت داري ألف شخص، فهذا حصل فعلاً . فالفعل: (تسع): يعني إخباراً وليس بالضرورة أنه حصل، لكن الفعل (وسع) هو بمعنى حصل فعلاً وأن هذا أمر حاصل فعلاً. السؤالالسابععشر: ما معنى (كرسيه) في الآية؟ ولماذا جاءت معه كلمة السموات ﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ مع أنّ السماء أعم؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى (وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ) اللّه أعلم بما يليق بذاته ونحن نقف عند ما قال ربنا. 2ـ والكرسي المذكور في الآية ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هناك ما هو أعظم منه وهو العرش، وفي عظمة هذه المخلوقات ما يحير الأفكار وتكلّ الأبصار. 3ـ في اللغة يستعملون الكرسي مجازاً، ويقصدون به القدرة والملك والتدبر. 4ـ السماء عامة، والسموات يقصد بها السموات السبع، وحيث إنّ السموات السبع والأرض بالنسبة للكرسي كحلقة في فلاة كما في الحديث، والكرسي في العرش كحلقة في فلاة. فالعرش أكبر، والكرسي بالنسبة للعرش كحلقة في فلاة، فإذا وسع كرسيه السموات والأرض فما بالك بالعرش؟!. السؤالالثامنعشر: ما دلالة قوله تعالى: ﴿وَلَا ئَُودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ﴾ في الآية؟ ولماذا جاء بصيغة المثنى؟ وما دلالة (لا)؟ الجواب: قوله تعالى: ﴿وَلَا ئَُودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ ﴾ أي: لا يثقله ولا يجهده، وجاء بـ (لا) للدلالة على الإطلاق ولا تدل على الزمن المطلق، وإنْ كان كثير من النحاة يجعلونها للمستقبل، لكنّ الأرجح أنها تفيد الإطلاق أي: (لا يمكن أن يحصل) . وجاء بصيغة المثنى لأنه قصد السموات والأرض . السؤالالتاسععشر: ما معنى (العلي والعظيم) وهما من أسماء الله الحسنى؟ وما دلالة تعريفهما ؟ الجواب: العليّ: من العلو والقهر والتسلط والغلبة والملك والسلطان والعلو عن النظير والمثيل. العظيم: من العظمة . وقد عرّفهما: (بأل التعريف) لأنه لا عليّ ولا عظيم على الحقيقة سواه، فهو العليّ العظيم حصراً. السؤالالعشرون: كم مرة ورد هذان الوصفان: ﴿وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ في القرآن الكريم ؟ الجواب: 1ـ هذان الوصفان وردا مرتين في ملك السموات والأرض، في آية الكرسي رقم (255 ) في سورة البقرة، وفي آية سورة الشورى (4) ﴿لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٤﴾ والآيتان في ملك السموات والأرض بما يدلّ على العلو والعظمة حصراً له سبحانه. 2ـ ومن اللطائف في ذلك أنّ الله تعالى ذكر هذين الوصفين ﴿ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ في المرة الأولى في السورة ذات الترتيب الثاني في المصحف، اسمان مقابل الترتيب الثاني، وأعاد ذكرهما مرة ثانية في آية الشورى رقم (4) فصار المجموع أربع. 3 ـ لمزيد من المعلومات حول اسم (العظيم) انظر منظومة الرؤساء والملوك في آية الأنعام 123. السؤالالواحدوالعشرون: بدأت الآية بصفتين ﴿ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ وانتهت بصفتين ﴿ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ فما دلالة ذلك؟ الجواب: الملاحظ في آية الكرسي أنها ذكرت في بدايتها صفتين من صفات الله تعالى ﴿ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ وانتهت بصفتين ﴿ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ وكل جملة في الآية تدل على أنه الحيّ القيّوم والعليّ العظيم، سبحانه تقدست صفاته. فالذي لا إله إلا هو هو الحي القيوم، والذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو حيّ وقيّوم، والذي له ما في السموات وما في الأرض أي: المالك والذي يدبر أمر ملكه هو الحيّ القيوم، والذي لا يشفع عنده إلا بإذنه هو الحي القيوم، والذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحاط بشيء من علمه هو الحيّ القيّوم، والذي وسع كرسيه السموات والأرض هو الحيّ القيّوم، والذي لا يؤده حفظهما هو الحيّ القيّوم؛ لأنّ الذي يحفظ هو الحي القيوم وهو العلي العظيم. والحي القيوم هو العلي العظيم، والذي لا تأخذه سنة ولا نوم والذي له ما في السموات والأرض والذي لا يشفع عنده إلا بإذنه والذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم والذي لا يحاط بعلمه إلا بما شاء هو العليّ العظيم، فكل جملة في آية الكرسي المباركة تدلّ على أنه الحيّ القيّوم والعلي العظيم. السؤالالثانيوالعشرون: ما الخطوط التعبيرية في الآية ؟ الجواب: الملاحظ في الآية أنها تذكر من كل الأشياء اثنين اثنين: 1ـ بدأها بصفتين من صفات الله تعالى ﴿ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ . 2ـ وذكر اثنين من سمات النقص ﴿سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ﴾ . 3ـ وكرّر (لا) مرتين ﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ﴾ . 4ـ وذكر اثنين في الملكية ﴿ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ . 5ـ وكرر (ما) مرتين ﴿مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ . 6ـ وذكر اثنين من علمه في ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ﴾ . 7ـ وذكر اثنين مما وسعه الكرسي ﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ . 8ـ وختم الآية باثنين من صفاته ﴿ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ . 9ـ وقد ورد اسمان من أسماء الله الحسنى ﴿ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ مرَّتين في القرآن: في آية البقرة 255 ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ ومرة أخرى في آية آل عمران الثانية ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ٢﴾ (لاحظ الرقم 2 الذي هو رقم الآية). 10ـ وكذلك الاسمان ﴿ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥﴾ وردا في القرآن مرتين أيضاً، مرة في آية البقرة 255، ومرة في سورة الشورى في الآية الرابعة ﴿لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٤﴾. السؤالالثالثوالعشرون: كم اسماً من أسماء الله الحسنى ورد ظاهراً أو بإشارة الضمير في آية الكرسي؟ الجواب: نجد في آية الكرسي ستة عشر اسماً لله تعالى، وإنْ حسبنا الضمير في (حفظهما) نجد أنها سبعة عشر اسماً. السؤالالرابعوالعشرون: ما الفوائد والمعاني المذكورة في آية الكرسي؟ الجواب: 1 ـ نفي الألوهية عن كل ما سواه سبحانه ، وإثبات الألوهية له وحده . 2 ـ هو وحده الحي القيوم . 3 ـ لا يعتريه سبحانه سِنة ولا نوم . 4 ـ له ما في السماوات وما في الأرض ، وهو مالك كل شيء . 5 ـ لا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه للشافع في الشفاعة . 6 ـ علمه سبحانه محيطٌ بكل خلقه . 7 ـ لا أحد يحيط بمعلومات الله ، ولا يعلم ما غاب عن العباد إلا هو سبحانه . 8 ـ وسع كرسيه السماوات والأرض ، ولا يعلم حقيقته إلا هو سبحانه . 9 ـ لا ينوء سبحانه بحفظ الكون كله ، ولا يثقله ، ولا يعجزه . 10 ـ سبحانه هو صاحب الكبرياء والعظمة ، وهو العلي العظيم . والله أعلم .
__________________
|
#208
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 215) مثنى محمد هبيان الحكمالتشريعيالثالثوالثلاثون: لاإكراهفيالدين السؤالالأول: ما الفرق بين الرُّشد والرَّشَد والرشاد ؟ الجواب: 1ـ الرُّشد: يقال للأمور الدنيوية والأُخروية، أمّا: الرَّشَد: ففي الأمور الأُخروية فقط، والرُشد عام ويشمل الرشاد. 2ـ الرشاد هو سبيل القصد والصلاح، وهو مصدر: قال تعالى: ﴿ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ٢٩﴾ [غافر:29] أي: سبيل الصلاح عموماً أو طريق الصواب. شواهد قرآنية: ﴿ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا ﴾ [النساء:6] الرُشد في الدنيا. ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ ﴾ [البقرة:256] ﴿ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا٢٤﴾ [الكهف:24] 3ـ الرشاد مصدر، والمادة اللغوية واحدة لهذه الكلمات، فـــ (الرُّشد والرَّشد والرشاد) كلها مصادر للفعل: رشِد ورَشَد. السؤالالثاني: ما الفرق بين (لا) في الآية ﴿لَآ إِكۡرَاهَ﴾ و (ما) ؟ الجواب: يقال: لا رجلَ في الدار، ويقال: ما من رجلٍ في الدار، فما الفرق بينهما علماً بأنّ التعبيرين نص في نفي الجنس؟ ـ (لا) تستعمل لجواب سؤال حاصل أو مقدر هو: هل من، نحو: من سأل عن وجود أحد في الدار؟ فالجواب: لا، ويكون الجواب كالإعلام. ـ (ما) تستعمل كردٍّ على قولٍ أو ما نزل هذه المنزلة، نحو من قال: إنّ في الدار لرجلاً، فيكون الرد: ما من رجلٍ في الدار، فهو رد على قول وتصحيح ظن. شواهد قرآنية على استعمال (ما) كرد على أقوالهم: ﴿ لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ ﴾ [المائدة:73]. ﴿ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ٦١إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡقَصَصُ ٱلۡحَقُّۚ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُۚ﴾ [آل عمران:61-62]. ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ٨﴾ [البقرة:8]. ﴿ وَيَسۡتَٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا١٣﴾ [الأحزاب:13]. ﴿ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ [آل عمران:78]. ﴿ وَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمۡ لَمِنكُمۡ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ﴾ [التوبة:56]. شواهد قرآنية على استعمال (لا ) كإعلام للمخاطب: ﴿ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ ﴾ [البقرة:2]. ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ ﴾ [البقرة:256]. ﴿ فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ ﴾ [محمد:19]. السؤالالثالث: ما نوع اللام في كلمة ﴿ٱلدِّينِۖ ﴾ في الآية ؟ الجواب: اللام في ﴿ٱلدِّينِۖ ﴾ لام العهد أو بدل من الإضافة، والمراد: دين الله. السؤالالرابع: ما وزن كلمة ﴿ ٱلطَّٰغُوتِ ﴾ في الآية ؟ الجواب: 1ـ الطاغوت وزنه فعلوت، نحو: جبروت وملكوت ورهبوت، والتاء زائدة وهي مشتقة من طغى، وهذا اللفظ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ،واستعملتكلهافيالقرآنالكريم. شواهد قرآنية: على الواحد: ﴿ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ ﴾ [النساء:60]. على الجمع : ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ ﴾ [البقرة:257]. 2ـ الأصل فيها التذكير، وأمّا قوله تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا ﴾ [الزمر: 17] فإنما أُنِّثت إرادة الآلهة. 3ـ معنى الطاغوت: الشيطان ـ الكاهن ـ الساحر ـ الأصنام ـ وبشكل عام كل ما يعبد من دون الله. السؤالالخامس: ما المقصود من قوله تعالى في الآية ﴿قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ﴾ ؟ الجواب: قوله تعالى: ﴿قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ﴾ أي: تميز الحق من الباطل والإيمان من الكفر. والفعل (تبين) إذا ظهر ووضح. السؤالالسادس: ما المقصود من قوله تعالى: ﴿بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ﴾ في الآية ؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى ﴿بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ﴾ وجمعها (عُرا)، والعروة هي الشيء الذي يتعلق به . والوثقى تأنيث الأوثق، والمعنى: من أراد إمساك هذا الدين تعلق بالدلائل الواضحة القوية الدالة عليه. 2ـ قوله تعالى: ﴿لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ﴾ أصل الفصم: كسر الشيء من غير إبانة، والمقصود المبالغة؛ لأنّ هذه العروة لا انقطاع لها ولا انكسار للدلالة على ثباتها. السؤالالسابع: في آية البقرة 256 يقول تعالى: ﴿فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ﴾ ولم يقل في آية لقمان رقم 22: ﴿ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ﴾ فلماذا ؟ الجواب: الطاغوت رأس كل طغيان من ظالم أو غيره، هذا معنى الطاغوت مثل: فرعون والشيطان وجمعها طواغيت. والكفر بالطاغوت أحياناً يؤدي إلى أذى شديد وهلكة، لذلك تحتاج إلى ﴿ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ﴾ يعني لا يحصل فيها أي خدش أو انفصال أو شيء. فلما ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى مظلمة كبيرة أو إلى عذاب أو إلى هلكة أكّد ربنا تعالى فقال: ﴿ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ﴾ . أمّا في لقمان فهي اتباع ﴿۞وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ ﴾ [لقمان:22] فلا تحتاج، لذلك لمّا ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى هلكة كما صلّبهم فرعون في جذوع النخل، قال: ﴿ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ ﴾ تستمسك ولا تنفصم ولا تنفصل وكأنها تحفيز للاستعصام والاستمساك بالله سبحانه وتعالى. السؤالالثامن: ما دلالة ﴿فَقَدِ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَى ﴾ ؟ الجواب: 1ـ (قد) حرف تحقيق مع الفعل الماضي . 2ـ وإنْ كان مع الفعل المضارع فمن معانيها: التقليل أو الشك وتفيد التوكيد والتكثير أيضاً. شواهد قرآنية: ـ ﴿ قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ ﴾ [البقرة:144] هذا يقين والله تعالى يرى ويعلم سبحانه وتعالى. ـ ﴿۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ ﴾ [الأحزاب:18]. 3ـ إذا دخلت (قد) على الماضي فهي للتحقيق بأنّ الأمر تحقق، وقوله تعالى: ﴿فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَى ﴾ تعني تحقق استمساكه. ـ ﴿ قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ١﴾ [المؤمنون:1]: هذا إخبار وتحقق. قال الشاعر عبد الرحمن الداخل: أيهـا الراكب المُيَمِّمُ أرضي أقرِ من بَعضِـيَ السَّلامَ لبعضـي إنَّ جسمي كما عَلِمتَ بِأَرضٍ وفؤادي وســـاكنيــــــه بأرضِ قد قضـى الله بالفِـراقِ علينا فعسى باجتِماعنــا سوف يَقضـِي والله أعلم .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |