حكم الأضحية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4459 - عددالزوار : 1226666 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4889 - عددالزوار : 1903528 )           »          الثامن من ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم واحد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله، ولا يستقبلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، الجبار، المتكبر) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز: (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-06-2025, 03:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,466
الدولة : Egypt
افتراضي حكم الأضحية

حكم الأُضْحِيَة

عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:
فأقول وبالله التوفيق:
اختلف العلماء في حكم الأضحية على قولين:
القول الأول:
أنها سُنَّة مؤكَّدة؛ وهذا قول أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وبلال، وسويد بن غفلة، وأبي مسعود البدري، وسعيد بن المسيب، وسفيان الثوري، وابن المبارك وعطاء، وعلقمة والأسود، وإسحاق وأبي ثور، وهو مذهب الشافعي، ومالك وأحمد في المشهور عنهما، وأبي يوسف ومحمد والزعفراني من الحنفية، والمزني وداود، وابن حزم وابن المنذر، وغيرهم.

واستدلوا بما يلي:
1- حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحِّيَ، فلا يمَسَّ من شعره وبشَره شيئًا))؛ [رواه مسلم (5232)].

وجه الدلالة: قوله (أراد) فتعليق الأضحية على الإرادة دليل على عدم الوجوب.

قال الشافعي رحمه الله: "هذا دليل أن التضحية ليست بواجبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وأراد) فجعله مفوَّضًا إلى إرادته، ولو كان واجبًا لقال صلى الله عليه وسلم: فلا يمس من شعره وبشَره حتى يضحي"؛ أ.هـ [مختصر المزني مع الأم 8/ 283، الحاوي 15/ 67، المجموع 8/ 386].

2- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بالناس يوم النحر، فلما فرغ من خطبته وصلاته، دعا بكبش فذبحه هو بنفسه، وقال: بسم الله الله أكبر، اللهم عني وعمن لم يضحِّ من أمتي))؛ [رواه أبو داود (2812)، والترمذي (1521)، والبيهقي (19033)، وأحمد (14837)، والدارقطني (4760)، والحاكم (1716)، وأبو يعلى (1792)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود برقم (2436)].

والحديث احتجَّ به مجد الدين ابن تيمية رحمه الله صاحب كتاب (منتقى الأخبار) على عدم الوجوب؛ حيث قال: "باب ما احتجَّ به في عدم وجوبها بتضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمته"؛ [نيل الأوطار للشوكاني (5/ 170)].

ثم ساق حديث جابر السابق وحديث أبي رافع؛ وهو الحديث الآتي:
3- عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحَّى، اشترى كبشَين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس، أُتِيَ بأحدهما وهو قائم في مُصلَّاه، فذبحه بنفسه بالمُدية، ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعًا؛ من شهِد لك بالتوحيد، وشهِد لي بالبلاغ، ثم يُؤتَى بالآخر فيذبحه بنفسه، ويقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمهما جميعًا المساكين، ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحِّي، قد كفاه الله المؤونة برسول الله صلى الله عليه وسلم والغُرم))؛ [رواه البيهقي (19049)، وأحمد (25928)، والحاكم (3478)، والطبراني في المعجم الكبير (920)، والبزار (3867)، وضعَّفه الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (6461)].

قال الشوكاني رحمه الله: "ووجه دلالة الحديثين وما في معناهما على عدم الوجوب، أن الظاهر تضحيته صلى الله عليه وسلم عن أمته وعن أهله تُجزئ كل من لم يضحِّ، سواء كان متمكنًا من الأضحية أو غير متمكن"؛ أ.هـ [نيل الأوطار للشوكاني (5/ 170)].

4- روى البيهقي (19034) عن الشعبي عن أبي سريحة قال: "أدركت أبا بكر أو رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يُضحيان؛ كراهية أن يُقتدى بهما"؛ [صححه الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1139)].

أبو سريحة الغفاري هو: حذيفة بن أُسيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال البيهقي رحمه الله: "قال الشافعي رحمه الله: وبلغنا أن أبا بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان؛ كراهية أن يُقتدى بهما، فيظُن من رآهما أنها واجبة"؛ أ.هـ [السنن الكبرى حديث (19033)].

5- روى البيهقي (19038) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "إني لَأَدَعُ الأضحى وإني لَمُوسِر؛ مخافة أن يرى جيراني أنه حتم عليَّ"؛ [صححه الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1139)].

6- روى الترمذي (1506) عن جبلة بن سحيم: ((أن رجلًا سأل ابن عمر عن الأضحية أواجبةٌ هي؟ فقال: ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: أتعقل؟ ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون"؛ [ضعفه الألباني رحمه الله في ضعيف سنن الترمذي (260)].

قال الترمذي رحمه الله: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة، ولكنها سُنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُستحب أن يعمل بها"؛ أ.هـ [سنن الترمذي حديث (1506)].

7- بوَّب البخاري رحمه الله: "باب سنة الأضحية: وقال ابن عمر: هي سنة ومعروف".

قال ابن حجر رحمه الله: "ترجم بالسنة إشارة إلى مخالفة من قال بوجوبها، قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصحَّ أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين، وهي عند الشافعية والجمهور سنة مؤكدة على الكفاية، وفي وجه للشافعية من فروض الكفاية، وعن أبي حنيفة تجب على المُقيم المُوسر، وعن مالك مثله في رواية، لكن لم يقيد بالمقيم، ونُقل عن الأوزاعي وربيعة والليث مثله، وخالف أبو يوسف من الحنفية، وأشهب من المالكية، فوافقا الجمهور، وقال أحمد: يُكره تركها مع القدرة، وعنه واجبة، وعن محمد بن الحسن هي سنة غير مرخَّص في تركها، قال الطحاوي: وبه نأخذ، وليس في الآثار ما يدل على وجوبها.

وأقرب ما يُتمسك به للوجوب حديث أبي هريرة رفعه: ((من وجد سَعةً فلم يضحِّ فلا يقربَن مُصلانا))؛ أخرجه ابن ماجه، وأحمد، ورجاله ثقات، لكن اختُلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب؛ قاله الطحاوي وغيره، ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب"؛ أ.هـ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني (10/3)].

8- قال الشافعي رحمه الله: "الضحايا سنة لا أحب تركها"؛ أ.هـ [الأم (2/ 221)].
9- قال البيهقي رحمه الله: "باب الأضحية سنة نحب لزومها، ونكره تركها"؛ أ.هـ [سنن البيهقي (9/ 262)].

10- قال ابن عبد البر رحمه الله: "تحصيل مذهب مالك أنها من السنن التي يُؤمَر الناس بها، ويُندَبون إليها، ولا يرخَّص في تركها إلا للحاج بمِنًى..."؛ أ.هـ [الاستذكار (15/ 156)].

وقال ابن عبد البر رحمه الله أيضًا: "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم طول عمره، ولم يأتِ عنه أنه ترك الأضحى، وندب إليها؛ فلا ينبغي لمؤمن موسر تركها"؛ أ.هـ [الاستذكار (15/ 163)].

ونقل ابن عبد البر رحمه الله أقوالًا عن الصحابة في أن الأضحية ليست بحتم، وذكر قول عكرمة: "كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحمًا، ويقول: من لقِيتَ، فقل: هذه أضحية ابن عباس".

ثم قال ابن عبد البر رحمه الله: "وهذا أيضًا محمله عند أهل العلم لئلا يُعتقد فيها للمواظبة عليها، أنها واجبة فرضًا، وكانوا أئمةً يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم؛ لأنهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته، فساغ لهم الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم.

والأصل في هذا الباب أن الضحية سنة مؤكدة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلها وواظب عليها، وندب أمته إليها.

وحسبك أن من فقهاء المسلمين من يراها فرضًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المضحي قبل وقتها بإعادتها، وقد بيَّنَّا ما في ذلك والحمد لله"؛ أ.هـ [فتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك (7/ 19)].

القول الثاني:
أنها واجبة على الموسِر، وبهذا قال جماعة من أهل العلم على اختلاف بينهم في حقِّ من تجب؛ فقال ربيعة الرأي والليث بن سعد، والأوزاعي ومالك في قول عنه، وأحمد في إحدى الروايتين عنه: أن الأضحية واجبة على المقيم والمسافر الموسر، إلا الحاج بمنًى، فلا تجب عليه، وإنما المشروع في حقه الهَدْيُ.

وقال أبو حنيفة والليث بن سعد، والأوزاعي وربيعة الرأي، وإحدى الروايتين عن أحمد: أن الأضحية واجبة في حق المقيم الموسر؛ وهو قول زفر والحسن، ورواية عن أبي يوسف ومحمد، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

واستدلوا بما يلي:
1- قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]؛ أي: صلِّ صلاة العيد وانحر البدن بعدها، وهذا أمر، والأمر يفيد الوجوب؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما الأضحية فالأظهر وجوبها أيضًا، فإنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، والنسك مقرون بالصلاة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وقد قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، فأمر بالنحر كما أمر بالصلاة، وقد قال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ [الحج: 34]، وقال تعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 36، 37].

وهي من ملة إبراهيم الذي أُمرنا باتباع ملَّته، وبها يذكر قصة الذبيح، فكيف يجوز أن المسلمين كلهم يتركون هذا لا يفعله أحدٌ منهم، وترك المسلمين كلهم هذا أعظم من ترك الحج في بعض السنين"؛ أ. هـ [مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/ 162)].

2- حديث البراء رضي الله عنه قال: ((ذبح أبو بردة قبل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبدِلْها، قال: ليس عندي إلا جذعة - قال شعبة: وأحسبه قال: هي خير من مسنة - قال: اجعلها مكانها، ولن تجزئ عن أحد بعدك))؛ [رواه البخاري (5557)، ومسلم (1961)]، قالوا: والأمر بالإبدال دلالة على الوجوب.

3- حديث جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: ((شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: من ذبح قبل أن يصلي، فليُعِد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح))؛ [رواه البخاري (5562)، ومسلم (1960)].

قالوا: قوله: (فليعد) وقوله: (فليذبح)، كلاهما صيغة أمر، وظاهر الأمر الوجوب.

4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وجد سَعَةً فلم يضحِّ، فلا يقربن مُصلَّانا))؛ [رواه أحمد (8273)، وابن ماجه (3123)، والدارقطني (4762)، والبيهقي في شعب الإيمان (6952)، والحاكم (7566)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير وزياداته (6490)].

ووجه الدلالة أن هذا كالوعيد على ترك الأضحية، والوعيد لا يكون إلا على ترك واجب.

قال الكاساني رحمه الله: "وهذا خرج مخرج الوعيد على ترك الأضحية، ولا وعيد إلا بترك الواجب"؛ أ.هـ [بدائع الصنائع (4/ 194)].

5- حديث عامر أبي رملة عن مخنف بن سليم قال: ((كنا وقوفًا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول: يا أيها الناس، إنَّ على كل أهل بيت في كل عامٍ أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية))؛ [رواه أبو داود (2788)، والترمذي (1518)، والنسائي (4224)، والبيهقي (19010)، وابن ماجه (3125)، وأحمد (17889)، وابن أبي شيبة (24303)، والطبراني في الكبير (738)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في سنن الترمذي (1518)].

قال أبو عبيد رحمه الله: "العتيرة: هي ذبيحة في رجب يتقرب بها أهل الجاهلية، ثم جاء الإسلام على ذلك، حتى نُسخ بعد".

وقال ابن الأثير رحمه الله: "والعتيرة منسوخة وإنما كان ذلك في صدر الإسلام".

ووجه الشاهد فيه أن كلمة: (على...) تدل على الوجوب.

6- حديث عليٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيها الناس ضحوا واحتسبوا بدمائها؛ فإن الدم وإن وقع في الأرض، فإنه يقع في حرز الله عز وجل))؛ [رواه الطبراني في الأوسط (8319)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (530): موضوع].

قالوا: هذا الأمر بالأضحية، والأمر يفيد الوجوب.

7- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((يا رسول الله: أأستدين وأضحي؟ قال: نعم، فإنه دَين مقضيٌّ))؛ [رواه البيهقي (19021) والدارقطني (4755)، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (4145)].

8- مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الأضحية، والمواظبة على الفعل تدل على الوجوب، لا سيما إذا أقرنت بالوعيد على تركه، وأي وعيد أشد من قوله صلى الله عليه وسلم: ((من وجد سعة فلم يضحِّ، فلا يقربن مصلانا)).

9- قالوا: إن الأضحية قربة يُضاف إليها وقتها، يُقال: يوم الأضحى، وذلك يؤذِن بالوجوب؛ لأن الإضافة للاختصاص، ويحصل الاختصاص بالوجود، والوجوب هو المفضي إلى الوجود ظاهرًا، بالنظر إلى جنس المكلفين؛ لجواز أن يجتمعوا على ترك ما ليس بواجب، ولا يجتمعوا على ترك الواجب، ولا تصح الإضافة باعتبار جواز الأداء فيه، ألَا ترى أن الصوم يجوز في سائر الشهور والمسمى بشهر الصوم رمضان وحده، وكذا الجماعة تجوز في كل يوم والمسمى بيوم الجمعة يوم واحد؟ ولأن الإضافة إلى الوقت لا تتحقق إلا إذا كانت موجودة فيه بلا شكٍّ، ولا تكون موجودة فيه بيقين إلا إذا كانت واجبة.

الترجيح:
الراجح في هذه المسألة أن الأضحية سنة مؤكدة للقادر عليها، وليست بواجبة؛ وذلك لوجاهة الأدلة وقوتها، وهو قول جمهور العلماء.

ورجَّح هذا القول أعضاءَ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وغيرهم.

قال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: "الأضحية سنة مؤكدة لمن قدر عليها؛ لِما ثبت من حديث أنس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحَّى بكبشين أملحين أقرنين))؛ [رواه مسلم]"؛ أ.هـ [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/ 47)].

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الأضحية سنة مؤكدة تشرع للرجل والمرأة، وتُجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحَّد الله من أمته"؛ أ.هـ [مجموع فتاوى العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله (18/ 38)].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الأضحية سنة مؤكدة لمن كان قادرًا عليها، حتى قال بعض أهل العلم: إنها واجبة، وممن قال بوجوبها أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله، وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فلا ينبغي للقادر أن يدع الأضحية"؛ أ.هـ [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (25/17)].

وقال أيضًا رحمه الله: "الذي يظهر لي أن الأضحية ليست بواجبة، ولكنها سنة مؤكدة يُكره للقادر تركها"؛ أ.هـ [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (25/15)].

أخي الحبيب:
أكتفي بهذا القدر، وأسأل الله عز وجل أن تحصل به الفائدة، وأسأل الله جل وعلا أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يرزقنا الفردوس الأعلى في الجنة، والنجاة من النار.

كما أسأله سبحانه أن يوفقنا ويرشدنا للصواب، وأن يرزقنا فهم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

هذا وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ أو زلل فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، والله الموفق، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.80 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]