صفة النحر والذبح - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الثامن من ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم واحد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله، ولا يستقبلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، الجبار، المتكبر) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز: (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          على علم عندي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2025, 12:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,466
الدولة : Egypt
افتراضي صفة النحر والذبح





صفة النحر والذبح


قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ، وَيَذْبَحُ غَيْرَهَا، وَيَجُوزُ عَكْسُهَا. وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، وَيَتَوَلَّاهَا صَاحِبُهَا، أَوْ يُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَيَشْهَدُهَا. وَوَقْتُ الذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ قَدْرُهُ إِلَى يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَيُكْرَهُ فِي لَيْلَتَيْهِمَا؛ فَإِنْ فَاتَ قَضَى وَاجِبَهُ].
أَشَارَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- هُنَا إِلَى صِفَةِ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ؛ فَالنَّحْرُ لِلْإِبِلِ، وَالذَّبُحُ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَذَكَرَ غَيْرَهَا مِنَ الْأَحْكَامِ.

وَالْكَلَامُ هُنَا فِي فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: صِفَةُ التَّضْحِيَّةِ بِبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ).

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: السُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُودَةً يَدُهَا الْيُسْرَى؛ فَيَطْعَنُهَا فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ).

فَذَكَرَ أَنَّ السُّنَّةَ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً؛ أَيْ: مَرْبُوطَةً يَدُهَا الْيُسْرَى؛ لِأَنَّ الذَّابِحَ يَأْتِيهَا مِنَ الْجِهَةِ الْيُمْنَى، فَيَطْعَنُهَا بِالسِّكِّينِ أَوِ الْحَرْبَةِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَسْهَلُ لِخُرُوجِ رُوحِهَا، وَهَذَا إِذَا تَيَسَّرَ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَلَا حَرَجَ أَنْ يَنْحَرَهَا كَيْفَمَا شَاءَ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهَا تُنْحَرُ قَائِمَةً قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]، وَمَعْنَى: {وَجَبَتْ} ؛ أَيْ: سَقَطَتْ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِعْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقَدْ رَوَى زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ قال: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»[1].

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: السُّنَّةُ ذَبْحُ غَيْرِ الْإِبِلِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَذْبَحُ غَيْرَهَا).

أَيْ: وَالسُّنَّةُ ذَبْحُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَتَكُونُ عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُوَجَّهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67]، وَلِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا»[2].

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ ذَبْحِ الْإِبِلِ، وَنَحْرِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَجُوزُ عَكْسُهَا).

أَيْ: وَيَجُوزُ ذَبْحُ مَا يُنْحَرُ، أَوْ نَحْرُ مَا يُذْبَحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَحَلَّ الذَّكَاةِ، وَلِعُمُومِ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ»[3].
الْفَرْعُ الثَّانِي: مَا يُقَالُ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوِ النَّحْرِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ).

وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حُكْمُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْهَدْيِ أَوِ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ).
أَيْ: وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وُجُوبًا.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الذَّبْحِ وَاجِبَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ[4]. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]، وَذَكَرُوا بِأَنَّهُ إِذَا نَسِيَ التَّسْمِيَةَ أَوْ جَهِلَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [الأنعام: 121]، وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَةِ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَالْحَرَجِ بِالنِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الذَّبْحِ سُنَّةٌ، وَهَذَا رِوايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[5]. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: «أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ، وَهُوَ بِسَلْعٍ؛ فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا»[6]؛ كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْل الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة: 5]، وَهُمْ لاَ يَذْكُرُونَ التَّسْمِيَةَ. كَمَا اسْتَدَلُّوا: بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْمُسْلِمُ يَكْفِيهِ اسْمُهُ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ وَلْيَأْكُلْهُ»، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ وَقَفْهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-[7].

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا شَرْطٌ وَلَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، لَا سَهْوًا وَلَا عَمْدًا وَلَا جَهْلًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ[8]، اخْتَارَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ[9]، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [الأنعام: 121]، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ما أنْهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه، فَكُلْ»[10]؛ فَشَرْطُ حِلِّ الْأَكْلِ التَّسْمِيَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا فُقِدَ الشَّرْطُ فُقِدَ الْمَشْرُوطُ، فَإِذَا فُقِدَتِ التَّسْمِيَةُ فَإِنَّهُ يَفْقِدُ الْحِلَّ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: حُكْمُ قَوْلِ غَيْرِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ).

أَمَّا قَوْلُ: (اللهُ أَكْبَرُ)؛ فَهُوَ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ)، فَلِمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «ذَبَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَبَحَ»[11]. وَمَعْنَى: (اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ)؛ أَيْ: هَذِهِ الذَّبِيحَةُ مِنْ فَضْلِكَ وَعَطَائِكَ وَرِزْقِكَ. وَمَعْنَى قَوْلِ: (وَلَكَ)؛ أَيْ: إِخْلَاصًا وَتَعَبُّدًا.

فَائِدَةٌ: الَّذِي ثَبَتَ قَوْلُهُ عِنْدَ ذَبْحِ الذَّبِيحَةِ قَوْلُ: (بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي). كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»[12].

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: مَنْ يَذْبَحُ الْأُضْحِيَّةَ.

وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: السُّنَّةُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ صَاحِبُهَا. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَتَوَلَّاهَا صَاحِبُهَا).

الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَلَّى صَاحِبُ الذَّبِيحَةِ - هَدْيًا كَانَتْ أَوْ أُضْحِيَةً - ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ؛ لِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا»[13]، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحَرَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَفِيهِ: «ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ»[14]، وَلِأَنَّ فِعْلَهُ قُرْبَةٌ، وَتَوَلِّي الْقُرْبَةِ بِنَفْسِهِ أَوْلَى مِنَ الاِسْتِنَابَةِ فِيهَا[15].

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَوْكِيلُ صَاحِبِ الْأُضْحِيَّةِ مَنْ يَذْبَحُهَا عَنْهُ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَيَشْهَدُهَا).

أَيْ: إِنْ وَكَّلَ فِي ذَبْحِ هَدْيِهِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا: «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ»[16]؛ أَيْ: مَا بَقِيَ حَتَّى كَمَّلَ الْمِائَةَ، لَكِنْ إِذَا اسْتَنَابَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْضُرَ ذَبْحَ هَدْيِهِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ.


فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: "يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا ‌يَذْبَحَ ‌الأُضْحِيَّةَ ‌إلَّا ‌مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ، فَلَا يَلِيهَا غَيْرُ أَهْلِ الْقُرْبَةِ. فَإِنِ اسْتَنَابَ ذِمِّيًّا في ذَبْحِهَا، أَجْزَأَتْ مَعَ الكَرَاهَةِ"[17].

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: وَقْتُ الذَّبْحِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَوَقْتُ الذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ قَدْرُهُ إِلَى يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَيُكْرَهُ فِي لَيْلَتَيْهِمَا فَإِنْ فَاتَ قَضَى وَاجِبَهُ).

وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَوَّلُ وَقْتِ الذَّبْحِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَوَقْتُ الذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ قَدْرُهُ).

الْأُضْحِيَّةُ عِبَادَةٌ لَهَا وَقْتٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِيهِ، وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «من ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّما ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ»[18]. وَهَذَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا صَلَاةُ الْعِيدِ[19]، أَمَّا أَهْلُ الْبَوَادِي وَالْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا تُقَامُ فِيهَا صَلَاةُ الْعِيدِ فَيَبْدَأُ وَقْتُ الذَّبْحِ فِي حَقِّهِمْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ زَمَنِ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي حَقِّهِمْ، فَوَجَبَ الاِعْتِبَارُ بِقَدْرِهَا.

وَالْأَفْضَلُ: أَنْ يُبَادِرَ بِالذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ يَكُونُ أَوَّلُ مَا يَأَكْلُ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ؛ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بُرَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ»[20].

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: آخِرُ وَقْتِ الذَّبْحِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (إِلَى يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ).

آخِرُ وَقْتِ الذَّبْحِ آخِرُ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَتَكُونُ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةً: يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ آخِرَ أَيَّامِ الذَّبْحِ آخِرُ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ[21]، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثٍ»[22].

وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ يَوْمَ ذَبْحٍ لَكَانَ الذَّبْحُ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ، وَبَقِيَ وَقْتُ الذَّبْحِ بِحَالِهِ[23].

وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ: بِأَنَّ نَهْيَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ، لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ الذَّبْحِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ؛ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ الذَّبْحِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى نَهْيِ الذَّابِحِ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ ذَبْحِهِ، فَلَوْ أَخَّرَ الذَّبْحَ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَجَازَ لَهُ الِادِّخَارُ وَقْتَ النَّهْيِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ"[24]. كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْوَارِدُ عَنِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-؛ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: "‌أَيَّامُ ‌النَّحْرِ ‌ثَلَاثَةٌ، ‌عَنْ ‌غَيْرِ ‌وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"[25].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الذَّبْحِ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهَذَا رِوايَةٌ عَنِ الْإِمامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ[26]، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ[27]، وَهُوَ نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَيَّامِ مِنًى أَيَّامُ ذَبْحٍ، كَمَا اسْتَدَلُّوا: بِحَدِيثِ نُبَيشَةَ الْهُذَلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ»[28]، كَمَا قَالُوا أَيْضًا: بِأَنَّهُ هُوَ الْوَارِدُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-؛ كَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِمْ، "وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ تَخْتَصُّ بِكَوْنِهَا أَيَّامَ مِنًى، وَأَيَّامَ الرَّمْيِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَيَحْرُمُ صِيَامُهَا، فَهِيَ إِخْوَةٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ؛ فَكَيْفَ تَفْتَرِقُ فِي ‌جَوَازِ ‌الذَّبْحِ ‌بِغَيْرِ ‌نَصٍّ ‌وَلَا ‌إِجْمَاعٍ"[29]. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ الذَّبْحِ فِي اللَّيْلِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيُكْرَهُ فِي لَيْلَتِهِمَا).

هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي الذَّبْحِ لَيْلَتَيْ يَوْمَيِ التَّشْرِيقِ، وَيُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الذَّبْحَ لَيْلًا لَا يُجْزِئُ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ[30]؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ»[31]؛ فَقَيَّدَهَا بِالْأَيَّامِ، وَالْيَوْمُ إِذَا أُطْلِقَ فَيُرَادُ بِهِ النَّهَارُ دُونَ اللَّيْلِ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، كَمَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نَهَى عَنِ الذَّبْحِ لَيْلًا، وَلَا يَصِحُّ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الذَّبْحَ لَيْلًا يُجْزِئُ، وَهَذَهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهِيَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ[32]، وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَقَالُوا: إِنَّ ذِكْرَ الْأَيَّامِ فِي النُّصُوصِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى إِخْرَاجِ اللَّيَالِي بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ، فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَيَّامِ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَالْعَكْسُ مَشْهُورٌ مُتَدَاوَلٌ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ، لَا يَكَادَ يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ[33]، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَا يَلْزَمُ مَنْ فَاتَهُ وَقْتُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ يَذْبَحْ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ فَاتَ قَضَى وَاجِبَهُ).

أَيْ: إِذَا فَاتَ وَقْتُ الذَّبْحِ قَبْلَ ذَبْحِ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً، وَفَعَلَ بِهِ كَالْأَدَاءِ، وَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ، وَيَكُونُ الذَّبْحُ وَاجِبًا بِالتَّعْيِينِ أَوِ النَّذْرِ، وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا؛ "فَلَوْ ذَبَحَ التَّطَوُّعَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَتَصَدّقَ بِهِ؛ كَانَ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِهِ، لَا أُضْحِيَّةً وَهَدْيًا"[34].
[1] أخرجه البخاري (1713)، ومسلم (1320).
[2] أخرجه البخاري (5564)، واللفظ له، ومسلم (1966)، وتقدم تخريج جزء من الحديث.
[3] أخرجه البخاري (5498)، ومسلم (1968).
[4] ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (7/ 225)، والمنتقى شرح الموطأ (3/ 104، 105)، والمغني، لابن قدامة (9/ 456).
[5] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 408)، والإنصاف، للمرداوي (27/ 319).
[6] أخرجه البخاري (5502).
[7] أخرجه الدارقطني (4808)، والبيهقي في الكبرى (18923)، وضعفه في البدر المنير (9/ 263)، وتخريج أحاديث الإحياء علوم الدين (2/ 1070).
[8] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (27/ 319)، والمحلى بالآثار (6/ 87).
[9] الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (5/ 69، 70).
[10] تقدم تخريجه.
[11] أخرجه أحمد (15022)، وأبو داود (2795)، وابن ماجه (3121)، وصححه ابن خزيمة (2899).
[12] أخرجه مسلم (1967).
[13] تقدم تخريجه.
[14] أخرجه مسلم (1218).
[15] ينظر: الشرح الكبير (9/ 361).
[16] تقدم تخريجه.
[17] الشرح الكبير (9/ 359).
[18] أخرجه البخاري (955)، ومسلم (1961)، واللفظ له.
[19] ينظر الإنصاف، للمرداوي (9/ 362).
[20] أخرجه أحمد (22984).
[21] ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (7/ 331)، وبداية المجتهد (2/ 199)، والمغني، لابن قدامة (3/ 384).
[22] أخرجه مسلم (1970).
[23] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 385).
[24] زاد المعاد (2/ 290).
[25] المغني، لابن قدامة (9/ 453).
[26] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 387، 388)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 367).
[27] أخرجه أحمد (16751)، وصححه ابن حبان (3854).
[28] أخرجه مسلم (1141).
[29] ينظر: زاد المعاد (2/ 291).
[30] ينظر: المدونة (1/ 482)، والمغني، لابن قدامة (3/ 385).
[31] تقدم تخريجه.
[32] ينظر: بدائع الصنائع (5/ 60)، والمجموع، للنووي (8/ 388)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 369).
[33] ينظر: نيل الأوطار (5/ 126)، وينظر: أضواء البيان (5/ 120)؛ فإنه ذكر أن الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي.
[34] مفيد الأنام (2/ 222).
منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 35 ( الأعضاء 0 والزوار 35)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.60 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]