|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير عفان بن الشيخ صديق السرگتي عَنْ أبي ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالُوا للِنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أمْوَالِهِمْ، قَالَ: أوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ منكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أيَأتِي أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أرَأيْتمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ أجْرٌ)[1]. الدثور: بضم الدال: جمع دَثر بفتحها وهو المال الكثير. 1- (أن ناسًا من أصحاب) ويجيء صُحْبانًا، وصِحَابًا، جمع صاحبٍ بمعنى الصحابي، وهو: من اجتمع بمحمدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بعد النبوة وقبل وفاته مؤمنًا به، ومات على ذلك وإن لم يرَه، ليدخل الأعمى نحو ابن أم مكتوم، كان لم يروِ عنه وإن لم يجتمع به إلا لحظة، سواء كان من الإنس أو من غيرهم، وتُعرف الصُّحبة بنحو استفاضةٍ، وقولِ صحابي آخر، وكذا بقوله نفسه إذا كان عدلًا. 2- (قالوا للنبي) بالهمز من (النبأ) وهو الخبر؛ لأن النبي مخبرٌ عن اللَّه تعالى، وبتركه من (النبا) مسهَّلًا، أو من (النَّبْوَة)، وهي الرِّفعة؛ لأن النبي مرفوع الرتبة على غيره، والنبوة أعم من الرسالة، والرسالة أفضلُ منها. 3- (يا رسول اللَّه، ذهب أهل الدثور): جمع (دَثْر) وهو: المال الكثير، يقال: مال دَثْر، ومالان دَثْر، وأموال دَثْر، (بالأجور) الكثيرة لكثرة أعمالهم، فإنهم (يصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم)؛ أي: بأموالهم الفاضلة عن كفايتهم، وقيَّدوا بذلك، بيانًا لفضل الصدقة، فبيَّنها بغير الفاضل عن الكفاية؛ إما مكروهةٌ، أو محرمةٌ، على التفصيل المقرر فيها في الفقه، وقولهم ما ذُكر ليس حسدًا، بل غبطةً وطلبًا للمنافسة فيما يتنافس فيه المتنافسون من طلب مزيد الخير ومنتهاه، لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة، وقوة رغبتهم في الخير؛ قال اللَّه تعالى: ﴿ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92]. 4- ولمَّا فَهِم منهم (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذلك، (قال) لهم جوابًا وتطمينًا لخاطرهم وتقريرًا؛ لأنهم ربما ساوَوا الأغنياء: (أَوَليس)؛ أي: أتقولون ذلك؟! أي: لا تقولوه، فإنه (قد جعل اللَّه) سبحانه وتعالى (لكم ما تصَّدَّقون) بتشديد الصاد، كما هو الرواية؛ أي: تتصدقون به، (إن) لكم (بكل تسبيحةٍ)؛ أي: قول: سبحان اللَّه؛ أي: بسببها؛ كقوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72]، ولا ينافيه خبر: [لن يَدخل أحدكم - وفي رواية: أحدٌ منكم - الجنة بعمله...]؛ إما لأن الآية في سبب نيل الدرجات، فهي بسبب الأعمال وتفاوتها، والحديث في أصل دخول الجنة، فهم بمحض الفضل؛ إذ لا يكافئه عملٌ، وإما لأن الإسلام هو المتكفِّل بدخول الجنة، وهو محمل الآية، وبقية الأعمال سببٌ في نيل درجاتها لا في دخولها، وهو محمل الحديث. 5- (صدقة) اسمها (بكل) متعلق الخبر المحذوف، وليس بخبر لعدم الفائدة، (وكل تكبيرة)؛ أي: قول: اللَّه أكبر (صدقة) برفعه كالذي بعده استئنافًا، وبنصبه عطفًا على (صدقة). (وكلِّ) بكسر اللام (تحميدة)؛ أي: قول: الحمد للَّه (صدقة، وكل تهليلة)؛ أي: قول: لا إله إلا اللَّه (صدقة، وأمرٌ) سوَّغ الابتداء به عمله في الظرف، وكذا (نهيٌ)، ونُكِّرَا إيذانًا بأن كل فردٍ من أفرادهما صدقة، ولو عُرِّفا لاحتمل أن المراد جنسهما، أو معهودٌ منهما، فلا يفيد النص على ذلك، (بالمعروف) عرَّفه إشارةً إلى تقرُّره وثبوته، وأنه مألوفٌ معهودٌ (صدقة، ونهيٌ عن منكرٍ): نكَّره إشارة إلى أنه في حيِّز المعدوم أو المجهول الذي لا إلفَ للنفس به (صدقة) بشروطه المقررة في الفقه، ومنها: أن يكون مجمعًا على وجوبه أو تحريمه، أو أن يَعلم مِن الفاعل اعتقادَ ذلك حال ارتكابه بخلافه، وأن يقدر على إزالته إما بيده أو بلسانه، بأن لم يخشَ ترتُّبَ مفسدةٍ عليه، أو لحوق ضررٍ له في نحو نفسه أو ماله، وتسميته ما ذكر وما يأتي صدقة من مجاز المشابهة؛ أي: إن لهذه الأشياء أجرًا كأجر الصدقة في الجنس؛ لأن الجميع صادرٌ عن رضا اللَّه تعالى مكافأةً على طاعته، إما في القَدْر أو الصفة، فيتفاوت بتفاوُت مقادير الأعمال وصفاتها وغاياتها وثمراتها. 6- (وفي بُضع) بضم فسكون؛ أي: فرج أو جماع (أحدكم) لحليلته (صدقة)؛ أي: إذا قارنته نيةٌ صالحةٌ كإعفاف نفسه أو زوجته عن نحو نظرٍ أو فكرٍ أو همٍّ محرَّم، أو قضاء حقها من معاشرتها بالمعروف المأمور به، أو طلب ولدٍ يوحِّد اللَّه تعالى، أو يتكثَّر به المسلمون، أو يكون له فرطًا إذا مات لصبره على مصيبته، فعلم أن المباح يصير طاعةً بالنية الصالحة. ويُستفاد من الحديث: 1- حرص الصحابة على فعل الأعمال الصالحة والتنافس في الخيرات. 2- أنَّ الصدقة لا تقتصر على الصدقة بالمال، وإن كانت أصلًا في ذلك. 3- الحثُّ على التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، وأنَّ ذلك صدقة من المسلم على نفسه. 4- أنَّ مَن عجز عن فعل شيء من الطاعات لعدم قدرته عليه، فإنَّه يُكثر من الطاعات التي يقدر عليها. 5- الحثُّ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنَّه صدقةٌ من المسلم على نفسه وعلى غيره. 6- أنَّ قضاءَ الإنسان شهوته بنيَّة صالحة يكون صدقة منه على نفسه وعلى غيره. 7- مراجعة العالِم فيما قاله للتثبُّت فيه. 8- إثبات القياس؛ لأنَّ النَّبيَّ شبَّه ثبوت الأجر لِمَن قضى شهوته في الحلال بحصول الإثم لِمَن قضاها في الحرام، والذي في هذا الحديث من قبيل قياس العكس. [1] رواه مسلم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |