|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ثمرات الاستقامة السيد مراد سلامة الحمد لله الذي تفرَّد بجلال ملكوته، وتوحَّد بجمال جبروته وتعزَّز بعُلو أحَديَّته، وتقدَّس بسمو صمديَّته، وتكبَّر في ذاته عن مضارعة كلِّ نظير، وتنزَّه في صفائه عن كلِّ تناهٍ وقصور، له الصفات المختصة بحقه، والآيات الناطقة بأنه غير مشبه بخلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، شهادة موقن بتوحيده، مستجير بِحُسن تأييده. يا واحدٌ في ملكه أنت الأحدُ ![]() ولقد علِمتَ بأنَّك الفردُ الصمد ![]() لا أنت مولودٌ ولست بوالدٍ ![]() كلَّا ولا لك في الوَرى كفوًا أَحد ![]() وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه. هذا النبي محمدٌ خيرُ الوَرَى ![]() ونبيهم وبه تَشرَّف آدمُ ![]() وله البَها وله الحياءُ بوجهه ![]() كلُّ الغنى مِن نوره يتقسَّم ![]() يا فوزَ مَن صلَّى عليه فإنه ![]() في جنة المأوى غدًا يتنعَّم ![]() صلى عليه الله جلَّ جلاله ![]() ما راح حادٍ باسمه يترنَّم ![]() وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نَهْجه، وتمسَّك بسُنته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين. فإنَّ الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله عزَّ وجلَّ، وطاعة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن جوامِع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: قولُه للصحابي سفيان بن عبد الله رضِي الله عنْه حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ))[1]؛ أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ حيث لا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك. حقيقة الاستقامة: حديث عظيمٌ يشرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاستقامة شرحًا عمليًّا مفصلًا؛ فقد روى الترمذي والنسائي وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع عن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ضربَ اللهُ تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جنْبَتَي الصراطِ سورانِ، فيهما أبوابٌ مُفَتَّحَةٌ، وعلَى الأبوابِ ستورٌ مُرْخَاةٌ، وعلى بابِ الصراطِ داعٍ يقولُ: يا أيُّها الناسُ، ادخلوا الصراطَ جميعًا ولا تَعْوَجُّوا، وداعٍ يدعُو مِنْ فَوْقِ الصراطِ، فإذا أرادَ الإِنسانُ أنْ يفتحَ شيئًا مِنْ تِلْكَ الأبْوابِ قال: وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ، فإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فالصراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حدودُ اللهِ، والأبوابُ الْمُفَتَّحَةُ محارِمُ اللهِ تعالى، وذلِكَ الدَّاعِي على رأسِ الصراطِ كتابُ اللهِ، والداعي مِنْ فوقٍ واعظُ اللهِ في قلْبِ كُلِّ مسلِمٍ))[2]. الثَّبَاتُ على الدِّينِ: إنَّ مَنِ استقامَ ثَبَتَ، ومَنْ ثَبَتَ نَبَت، ومَنْ نَبَتَ أثْمَرَ، ولَمَّا قال سُفْيَانُ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ. قَالَ له: «قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقِمْ»[3]. الاستقامة استجابة لأمر الله ورسوله: قال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]. عن عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ"[4]. الاستقامة سببٌ للفوز بولاية الله تعالى: قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64]. فمَن هم أولياء الله؟ من كان مؤمنًا بالله تقيًّا؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه تعالى قال: مَنْ عَادَى لي وَليًّا فقد آذَنْتُهُ بالحربِ، وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افتَرَضْتُ عليهِ، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أَحببتُهُ، كنتُ سَمْعَهُ الذي يَسمعُ به، وبصرَهُ الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يبطشُ بها، ورجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطِيَنُّهُ، ولئنْ استعاذَ بي لأعيذَنَّه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نفسِ المؤمنِ، يَكْرَهُ الموتَ، وأنا أَكْرَهُ مَسَاءَتَه، ولا بُدَّ له مِنه"[5]. الاستقامة لحاق بركب الأنبياء والصالحين والصدقين والشهداء: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]. الاستقامة سببٌ لحسن الخاتمة: فقد تكفَّل الله للمستقيمين المهتدين بحسن الختام؛ عن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ))[6]. وقد يختم الله لعبد من عباده بعملٍ صالح، فيموت على ذلك العمل، فيدخل بذلك العمل الجنة، وها هو عامر بن عبد الله كان عليلًا، فسمع صوت المؤذن يقول: حي على الصلاة، فأراد أن يقوم للصلاة في المسجد، فقيل له: إنك مريض ولن تقدِر، قال: كيف أسمع المولى عز وجل ينادي للصلاة ولا أُجيبه، فخرج إلى صلاه المغرب وما إن صلى ركعة حتى فاضت روحه، ومات على عملٍ طيب. الاستقامة سببٌ للأمن في الدنيا والآخر: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]. الحَياةُ الطَّيِّبةُ: قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، وقال سبحانه: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]. والمَقْصودُ: أنَّهم لَو اسْتَقامُوا على طَرِيقَةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم، بالإيمانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، لَأَحْيَيْناهُمْ في هذه الدُّنيا حَيَاةً طَيِّبَةً. يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ [اسْتَقَامَ عَلَى عَدْلِه]، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ [اسْتَقَامَ عَلَى عِبادَةِ رَبِّه]، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ [اسْتَقَامَ عَلَى المُحافَظَةِ على صَلاةِ الجَماعَةِ]، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ [اسْتَقَامَا على الحُبِّ في اللهِ]، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ [اسْتَقَامَ عَلَى الخَوفِ مِنَ اللهِ]، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا؛ حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ [اسْتَقَامَ عَلَى الإِخْلاصِ للهِ، والبُعْدِ عَنِ الرِّيَاءِ]، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ [اسْتَقَامَ عَلَى الإِخْلاصِ للهِ]»([7]). [1] أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 65، كتاب الإيمان (1)، باب جامع أوصاف الإِسلام (13)، الحديث (62/ 38). [2] أخرجه أحمد (4/ 182، رقم 17671)، والحاكم (1/ 144، رقم 245) وقال: صحيح على شرط مسلم ولا أعرف له علة، والبيهقي في شعب الإيمان (5/ 445، رقم 7216)، وأخرجه أيضًا: الترمذي (5/ 144، رقم 2859) وقال: غريب، والنسائي في الكبرى (6/ 361، رقم 11233). [3] أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 65، كتاب الإيمان (1)، باب جامع أوصاف الإِسلام (13)، الحديث (62/ 38). [4] أخرجه البخاري في: 81 كتاب الرقاق: 18 باب القصد والمداومة على العمل. [5] أخرجه البخاري من رواية أبي هريرة رضي اللَّه عنه، في الصحيح 11/ 340 - 341، كتاب الرقاق (81)، باب التواضع (38)، الحديث (6502). [6] أخرجه أحمد "5/ 247"، وأبو داود "3/ 486" كتاب الجنائز، حديث "3116"، والحاكم "1/ 351"، والطبراني في "المعجم الكبير" "20/ 112" رقم "221"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "1/ 108" رقم "94". [7] أخرجه البخاري في: 10 كتاب الزكاة: 36 باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |