|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشرك والماجريات الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإن الشرك بالله -وهو تسويةُ غيرِ اللهِ باللهِ فيما هو خاصٌّ باللهِ- أكبر الكبائر وأعظم الذنوب على الإطلاق، قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، وما أنزل الله الكتب وأرسل الرسل إلا لإبطال الشرك وإثبات نقيضه وهو التوحيد، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]. ويختص الشرك الأكبر من بين سائر الذنوب بثلاثة أشياء: أولًا: أنه لا يُغفر، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} [النساء: 48]. ثانيًا: أنه يحبط جميع الأعمال، فمن عبد مع الله غيره حبطت سائر أعماله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَا كَانُوا يَعْمَلُون (88)} [الأنعام]. ثالثًا: أنه موجب للخلود في النار لمن مات عليه، فمن مات على الشرك الأكبر؛ فهو مخلد في النار، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة (6)} [البينة]. أفاده شيخنا البراك في شرح الأصول الثلاثة (ص16-17) وغيره. لهذا جاءت النصوص تترى تخوِّف من الشرك، وكان السلف يخافون على أنفسهم من الشرك كبيره وصغيره، فكان إبراهيم التيمي يقص، ويقول في قصصه: من يأمن البلاء بعد خليل الله إبراهيم حين يقول: رب اجنبني وبني أن نعبد الأصنام. تفسير الطبري (13/ 687-688). وهذا مما يخيف العبد، فإذا كان الخليل عليه السلام وهو إمام الحنفاء وقد كسر الأصنام بيده، يخاف أن يقع في الشرك، فكيف يأمن الوقوع فيه من هو دونه بمراتب. فحري بطالب العلم وغيره أن يتعلم التوحيد ويدمن النظر في كتب العقيدة؛ ليسلم او ينقذ نفسه وغيره من هذه الشبكة، وعليه أن يسأل ربه ويتضرع إليه من أن يجنبه الشرك؛ فعن معقل بن يسار قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا أبا بكر! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل» . فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟» . قال: «قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» . (أخرجه البخاري في الأدب المفرد (716) وصححه الألباني) . وفي زماننا للأسف، لا نرى عناية بأمر الشرك والتحذير منه، ولا ببيان التوحيد وبراهينه ومكملاته، بل الكثير يردد بلسان الحال أو المقال: لا نحتاج لدراسة التوحيد والشرك، والمسألة واضحة سهلة؛ فيصدق في الكثير منهم قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في كشف الشبهات (ص127 ت القاسم): ولكن هذه القصة (أي: قصة ذات أنواط) تفيد: أن المسلم - بل العالم - قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها. فتفيد: التعلم والتحرز، ومعرفة أن قول الجاهل: «التوحيد فهمناه»؛ أن هذا من أكبر الجهل، ومكائد الشيطان. والغالب شُغل عن هذه القضية الكبرى: قضية التوحيد والشرك بقضايا هامشية وماجريات يومية، ويحسب أنه في خِضَّم مجرى التغيير وهو متفرِّج لا غير، فضيَّع أهم الواجبات مِن تعلم التوحيد، وطلب العلم الشرعي، والدعوة إلى الله، وتزكية النفس والعناية بأعمال القلوب. وأختم بما ختم به إبراهيم السكران كتاب الماجريات- ط الحضارة- (ص328) قائلا: فبسبب هذا الغوص في الماجريات اليومية باتت أنفاس الزمان تغادر فارغة، وجمعية القلب على الله تتبعثر، والكتب المشتراة على حالها منذ آماد، والإنتاج الإصلاحي قد تجمّد، وآل الأمر إلى «كثرة الكلام وقلة العمل» ولا شيء أكثر حزنًا من أن يتوهَّم الماجرياتي أنَّه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع وهو مجرَّد مُراقب ومُتفرج لا غير. ونعوذ بالله من هذا الجوال الذي شغلنا عن الكتاب. ونسأل الله أن يوفق الجميع للزوم الجادة في مراعاة الأولويات والعمل في دائرة التأثير لا في دائرة الاهتمامات ولا في دائرة الماجريات و الترندات. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. __________________________________________________ __ وكتبه: أحسن موسي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |