{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 137718 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42188 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5451 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-07-2025, 06:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}

ونضع الموازين القسط ليوم القيامة

د. محمود بن أحمد الدوسري


إِنَّ ‌الْحَمْدَ ‌لِلَّهِ ‌نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: الْمِيزَانُ لُغَةً: مَا ‌تُقَدَّرُ ‌بِهِ ‌الْأَشْيَاءُ، خِفَّةً وَثِقَلًا[1]. وَشَرْعًا: هُوَ مِيزَانٌ حَقِيقِيٌّ، لَهُ كِفَّتَانِ يَضَعُهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِوَزْنِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، وَهُوَ مِيزَانٌ دَقِيقٌ، لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَلَا يَقْدِرُ قَدْرَ هَذَا الْمِيزَانِ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ[2]؛ فَقَدْ صَحَّ عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «‌يُوضَعُ ‌الْمِيزَانُ ‌يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَوْ أَنَّ فِيهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَوُسِعَتْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، لِمَنْ تَزِنُ بِهَذَا؟ فَيَقُولُ: لِمَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِي، فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ»[3]، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لِلنَّاسِ عِنْدَ الْمِيزَانِ ‌تَجَادُلٌ ‌وَزِحَامٌ»[4].

وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِالْمِيزَانِ، وَأَنَّهُ حَقٌّ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَأَقْوَالُ السَّلَفِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 47]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 8، 9].

وَهُوَ مِيزَانٌ حِسِّيٌّ، وَلَهُ كِفَّتَانِ حِسِّيَّتَانِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالْمِيزَانُ حَقٌّ، تُوزَنُ بِهِ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ، كَمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تُوزَنَ بِهِ)[5]. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ: عَلَى الْإِيمَانِ بِالْمِيزَانِ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ ‌تُوزَنُ ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ الْمِيزَانَ لَهُ لِسَانٌ وَكِفَّتَانِ، وَيَمِيلُ بِالْأَعْمَالِ)[6].

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.


فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً؛ فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ؛ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «تُوضَعُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ، فَيُوضَعُ مَا أُحْصِيَ عَلَيْهِ، فَتَمَايَلَ بِهِ الْمِيزَانُ، قَالَ: فَيُبْعَثُ بِهِ إِلَى النَّارِ، قَالَ: فَإِذَا أُدْبِرَ بِهِ؛ إِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ عِنْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا، لَا تَعْجَلُوا؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُ، فَيُؤْتَى بِبِطَاقَةٍ فِيهَا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَتُوضَعُ مَعَ الرَّجُلِ فِي كِفَّةٍ، حَتَّى يَمِيلَ بِهِ الْمِيزَانُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْعِزِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌فَثَبَتَ: ‌وَزْنُ ‌الْأَعْمَالِ، ‌وَالْعَامِلِ، وَصَحَائِفِ الْأَعْمَالِ، وَثَبَتَ: أَنَّ الْمِيزَانَ لَهُ كِفَّتَانِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ. فَعَلَيْنَا: الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ، كَمَا أَخْبَرَنَا الصَّادِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، وَيَا خَيْبَةَ: مَنْ يَنْفِي وَضْعَ الْمَوَازِينِ الْقِسْطِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ - كَمَا أَخْبَرَ الشَّارِعُ؛ لِخَفَاءِ الْحِكْمَةِ عَلَيْهِ، وَيَقْدَحُ فِي النُّصُوصِ بِقَوْلِهِ: "لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْمِيزَانِ إِلَّا الْبَقَّالُ وَالْفَوَّالُ"! وَمَا أَحَرَاهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنَ الَّذِينَ لَا يُقِيمُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)[7].

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ آثَارِ الْإِيمَانِ بِالْمِيزَانِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ:
1- الْحِرْصُ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تُثَقِّلُ الْمِيزَانَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ؛ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

2- الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْحَسَنَاتِ مِمَّا يُبْطِلُهَا أَوْ يُنْقِصُهَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ - قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ؛ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

3- إِظْهَارُ عَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى الْعِبَادِ: قَالَ ابْنُ أَبِي الْعِزِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي وَزْنِ الْأَعْمَالِ إِلَّا ‌ظُهُورُ ‌عَدْلِهِ سُبْحَانَهُ لِجَمِيعِ عِبَادِهِ، فَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ)[8] ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا ‌انْقَضَى ‌الْحِسَابُ كَانَ بَعْدَهُ وَزْنُ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ لِلْجَزَاءِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ، فَإِنَّ الْمُحَاسَبَةَ لِتَقْرِيرِ الْأَعْمَالِ، وَالْوَزْنَ لِإِظْهَارِ مَقَادِيرِهَا؛ لِيَكُونَ الْجَزَاءُ بِحَسَبِهَا)[9].

4- بَيَانُ حَالِ السُّعَدَاءِ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ [الْقَارِعَةِ: 6-11].

5- الْمُسَارَعَةُ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَالِابْتِعَادُ عَنِ السَّيِّئَاتِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ[10] يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ[11]، وَقَالَ: اقْرَءُوا: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الْكَهْفِ: 105]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ أَيْ: (لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَا قَدْرَ؛ إِذْ لَا عَمَلَ لَهُ يُوزَنُ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ هِيَ الَّتِي تُوزَنُ، أَيْ: صِحَّتُهَا، لَا أَشْخَاصُ الْعَامِلِينَ)[12] ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لَمَّا ضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ؛ أَيِ: الْأَعْمَالُ الَّتِي عَمِلَ بِهَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ، لَا أَنَّ سَاقَيْهِ تُوضَعَانِ فِي الْمِيزَانِ، وَلَا شَخْصَهُ[13].

6- الْمُفْلِحُ حَقًّا مَنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 8، 9]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 103، 104]، فَعِنْدَمَا تَطِيشُ الْمَوَازِينُ؛ يَفْرَحُ مَنْ وَجَدَ خَيْرًا مُحْضَرًا لَهُ، وَيَنْدَمُ الْمُفَرِّطُ عَلَى فِعْلِ السَّيِّئَاتِ؛ إِذَا رَآهُ مُثْبَتًا فِي كِتَابٍ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا[14].

7- ضَرُورَةُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا، وَوَزْنُ الْأَعْمَالِ بِمِيزَانِ الشَّرْعِ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الْحَاقَّةِ: 18]»[15].

[1] انظر: المعجم الوسيط، (ص639).

[2] انظر: شرح النووي على مسلم، (6/ 555)؛ فتح الباري، (5/ 156).

[3] رواه الآجري في (الشريعة)، (3/ 1329)، (رقم: 895). وقال الألباني: (إسناده صحيح، وله حُكم الرَّفع).

[4] رواه البيهقي في (البعث والنشور)، (ص238)، (رقم: 368).

[5] إجماع السلف في الاعتقاد، (ص51).

[6] فتح الباري، (13/ 538).

[7] شرح العقيدة الطحاوية، (2/ 613).

[8] شرح العقيدة الطحاوية، (2/ 613).

[9] التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، (ص715).

[10] (الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ)؛ لكونه أَكُولًا شَرُوبًا مُتَمَتِّعًا بِلذَّات الحياة الدنيا.

[11] (لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ)؛ لعدم الإيمان والعمل الصالح، والوزن يومئذ إنما يكون للإيمان والعمل الصالح، لا للحم والشحم.

[12] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (7/ 359).

[13] انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (7/ 359).

[14] انظر: المفلحون في القرآن الكريم، د. بدر البدر (ص259).

[15] رواه ابن المبارك في (الزهد)، (ص103)؛ وابن أبي الدنيا في (محاسبة النفس)، (ص22)؛ والآجري في (أدب النفوس)، (ص269)؛ وأبو نعيم في (الحلية)، (1/ 52). وقال الألباني: (موقوف - وصَلَه أبو نعيمٍ في (حلية الأولياء)، وإسناده جيد). انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة، (3/ 346).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.87 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]