بطلان القول بعرض السنة على القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 136811 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5549 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8183 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-07-2025, 11:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي بطلان القول بعرض السنة على القرآن

بطلان القول بعرض السنة على القرآن

د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

الحمد لله؛ أما بعد:
فإنه لما أُفحم أهل الباطل من الطاعنين في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدركوا زيف أقوالهم وسماجتها، وتهافُت حُججهم وتساقطها، التمسوا طريقًا آخر سلكوا فيه سبيل التضليل والتمويه؛ للتفلُّت من السنن ودلالاتها، والتنصُّل من أحكامها وإلزاماتها، فصاروا إلى إنكار العديد من الأخبار وتكذيبها، وإبطال الكثير من الأحكام وتعطيلها، بدعوى عدم موافقتها للقرآن، أو مخالفتها لظاهره، مناقضين بذلك أصولَ الدين وقواعده، ومنسلخين عن حقائقه وثوابته.

وقد تشبَّث بهذه الدعوى الفاسدة كثيرٌ من المتأخرين والمعاصرين، من المتحكمين بالشريعة بأهوائهم وأذواقهم، والمتسلطين عليها بعقولهم وآرائهم، والخارجين عن منهج أهل السُّنَّة والجماعة، في تعظيم السنن وإجلالها، وإنزالها منزلتَها من الدين، وأمثلة ذلك من الكتب المعاصرة كثيرة.

فإذا علِمنا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (5343)، والبخاري في «صحيحه» (304، 1462)، ومسلم في «صحيحه» (79)، والترمذي في «جامعه» (2613)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1000، 2045)، وجماعة غيرهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما رأيت من ‌ناقصات ‌عقلٍ ‌ودين أذهبَ للُبِّ الرجل الحازم من إحداكن))، ولم ينتهِ الحديث هنا، بل إن النساء سألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ حرصًا منهن على دينهن، ((قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟))، ولا يُفهم من هذا أبدًا اعتراض الصحابيات رضي الله عنهن، فلم يكُنْ هذا ديدن الصحابة أبدًا، ولا منهجهم ولا خطر على بالهم، إنما هو التسليم المطلق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الله جل جلاله: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52].

وإنما السؤال هنا نابع من حرصهن على أمر دينهن، فإن كان نقصان العقل والدين بعملٍ يعملنه انتهين عنه، أو يكمل هذا النقصان بطاعةٍ يأتونها حرَصن عليها، وإن كان الأمر جِبلةً جُبلن عليها بما قدَّر الله عليهن، سلَّمْنَ ورضِينَ، فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحًا لهن: ((قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصُمْ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها)).

حديث واضح صريح مفسَّر، لا غضاضة فيه ولا إشكال، عند أي مسلم أو عاقل بحال، حتى إن السؤال والجواب ورَد صريحًا، فإذا بنا نجد كتابًا عنوانه خلافُ نَصِّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقيض لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم الله جل جلاله، ثم تجد الحُجج والواهية، وتسويد الصفحات الطائلة، بلا دليل أو فائدة، بل بالكلام المرسل، بحجة مخالفة هذا الحديث للقرآن.

السنة وحي كما القرآن.
قال الله جل جلاله: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

قال الشافعي رحمه الله في «الرسالة» (ص 252)، بعد أن ذكر هذه الآية الكريمة، وآياتٍ أخرى فيها ذكر الحكمة في القرآن: "فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر ‌الحكمة، فسمِعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: ‌الحكمة سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يشبه ما قال، والله أعلم، لأن القرآن ذِكر وأتبعته ‌الحكمة، وذكر الله منَّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجُز – والله أعلم – أن يُقال ‌الحكمة ها هنا إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

لا سبيل لأحد أن يختار من السنن بعضها ويترك بعضًا:
قال الله جل جلاله: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

قال أحمد بن حنبل رحمه الله: "‌من ‌ردَّ ‌حديث ‌رسول ‌الله صلى الله عليه وسلم، فهو على ‌شفا ‌هلكة"[1].

وقال رحمه الله: "‌نظرت ‌في ‌المصحف ‌فوجدت ‌فيه ‌طاعة ‌رسول ‌الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة وثلاثين موضعًا، ثم جعل يتلو: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، وجعل يكررها، ويقول: وما الفتنة؟! الشرك، لعله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ فيُهلكه، وجعل يتلو هذه الآية: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65]"[2].

إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقوع هذا الأمر من دلائل نبوته:
أخرج أحمد في «مسنده» (23876)، وأبو داود في «سننه» (4605)، والترمذي في «جامعه» (2663)، واللفظ له، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر وسالم أبي النضر، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبي رافع وغيره رفعه قال: ((لا أُلفينَّ أحدكم متكئًا على أريكته، يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)).

وأخرج أحمد في «مسنده» (17194) قال: حدثنا عبدالرحمن وزيد بن حباب، قالا: حدثنا معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر – قال زيد في حديثه: حدثني الحسن بن جابر – قال: سمعت المقدام بن معديكرب يقول: حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر أشياءَ، ثم قال: ((يُوشِك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يحدَّث بحديثي، فيقول: ‌بيننا ‌وبينكم ‌كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلالٍ استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألَا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله)).

من آثار السلف في بطلان عرض السُّنة على القرآن:
أخرج ابن سعد في «الطبقات – ط الخانجي» (9/ 183) عن أبي قلابة[3] قال: "إذا حدثت الرجل بالسُّنة فقال: دعنا من هذا، وهاتِ كتاب الله، ‌فاعلم ‌أنه ‌ضالٌّ".

وعقد أبو إسماعيل الهروي في كتابه «ذم الكلام وأهله» بابًا في «إقامة الدليل على بطلان قول من زعم أن القرآن يُستغنى به عن السنة»[4]، روى فيه من طريق الأوزاعي عن مخلد بن الحسين، أنه حدَّث عن أيوب السختياني[5] أنه قال: "‌إذا ‌حدثت ‌الرجل ‌بالسنة فقال: دعنا من هذا، حسبنا القرآن، فاعلم أنه ضال"[6].

وأخرج فيه أيضًا عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني قال: "إذا سمعت أحدهم يقول: لا نريد إلا القرآن، فذاك حين ترك القرآن"[7]؛ لأن الأخذ بالقرآن يقتضي الامتثال لما أمر به القرآن من اتباع السنة، فمن لم يأخذ بالسنة فقد ترك العمل بالقرآن، وما أمر به وحث عليه[8].

وأخرج ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم وفضله» أن رجلًا قال لمطرف بن عبدالله بن الشخير[9]: لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال له مطرف: "والله ‌ما ‌نريد ‌بالقرآن ‌بدلًا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا"[10]؛ يعني بذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (464) عن المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، قال: كنت أنا وأبو عثمان، وأبو نضرة وأبو مجلز وخالد الأشج نتذاكر الحديث والسنة، فقال بعضهم: ‌"لو ‌قرأتم ‌سورةً من القرآن، وقرأنا سورةً، لكان أفضل، فقال أبو نضرة: كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: مذاكرة الحديث أفضل من قراءة القرآن"؛ لأن مذاكرة الحديث تؤدي إلى فهم القرآن وتعلم أحكامه ومعانيه، فيقرؤه المسلم ويتدبره على علمٍ وفَهم، فهذا يقينًا أفضل من القراءة بلا فهم أو تدبر أو استنباطٍ للحِكَم وللأحكام.

وأخرج البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (465) عن سليمان التيمي، قال: كنا عند أبي مجلز وهو يحدثنا، قال: فقال رجل: لو قرأتم سورةً، فقال أبو مجلز: "ما الذي نحن فيه بأنقصَ إليَّ من قراءة سورة".

وقال الإمام أبو محمد البربهاري: "وإذا سمعت الرجل ‌تأتيه ‌بالأثر ‌فلا ‌يريده، ويريد القرآن، فلا تشك أنه رجلٌ قد احتوى على الزندقة، فقُم من عنده"[11].

وعقد الإمام أبو بكر الآجري في كتابه «الشريعة» (1/ 410): "‌‌باب التحذير من طوائفَ يعارضون ‌سنن ‌النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تعالى وشدة الإنكار على هذه الطبقة"، وقال فيه: "ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيءٍ قد ثبت عند العلماء، فعارض إنسان جاهلٌ، فقال: لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله تعالى، قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن يحذِّرناك النبي صلى الله عليه وسلم، وحذَّر منك العلماء وقيل له: يا جاهل، إن الله أنزل فرائضه جملةً، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أنزل إليهم؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، فأقام الله تعالى نبيه عليه السلام مقامَ البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه؛ فقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [الحشر: 7]، ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، وقال عز وجل: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، ثم فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه وسلم في نيف وثلاثين موضعًا من كتابه تعالى، وقيل لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جاهل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، أين تجد في كتاب الله تعالى أن الفجر ركعتان، وأن الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وأن العشاء الآخرة أربع؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها، إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومثله الزكاة، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارًا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاةً، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى؟ وكذلك جميع فرائض الله، التي فرضها الله في كتابه، لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا، خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم مثل ما بينت لك، فاعلم ذلك".

وقال ابن بطة العكبري بعد ذكره جملًا مما فرض الله تعالى في القرآن: "‌ففرض ‌على ‌الأمة علم السنن التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الجمل من فرائض الكتاب، فإنها أحد الأصلين اللذين أكمل الله بهما الدين للمسلمين، وجمع لهم بهما ما يأتون وما يتقون، فلذلك صار الأخذ بها فرضًا، وتركها كفرًا"[12].

وقال الشاطبي: "والرابع: أن الاقتصار على الكتاب ‌رأيُ ‌قومٍ ‌لا ‌خَلَاق ‌لهم، خارجين عن السنة؛ إذ عوَّلوا على ما بُنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شيء، فاطَّرحوا أحكام السنة، فأدَّاهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة، وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله"[13].

وقال أبو محمد بن حزم: "ولو أن امرأ قال: ‌لا ‌نأخذ ‌إلا ‌ما ‌وجدنا في القرآن، لكان كافرًا بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر؛ لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال"[14].

وقال السيوطي: "فاعلموا - رحمكم الله - أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم - قولًا كان أو فعلًا - بشرطه المعروف في الأصول حُجة، كفَر وخرج عن دائرة الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله ‌من ‌فرق ‌الكفرة"[15].

وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32]؛ أي: إن تولوا عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وخالفوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد وقعوا في الكفر، والله لا يحب الكافرين، والحمد لله رب العالمين.

[1] «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة – ط دار طيبة» للالكائي (ت 418 ه) (3/ 477).

[2] «الإبانة الكبرى – ط دار الراية» لابن بطة (ت 387 ه) (1/ 260).

[3] عبدالله بن زيد بن عمرو أبو قلابة الجرمي الأزدي البصري ابن أخي أبي المهلب عبدالرحمن، ويُقال: معاوية بن عمرو، فقيه، من كبار أئمة التابعين، سمِع أنس بن مالك ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة وثابت بن الضحاك، روى عنه أيوب وخالد الحذاء ويحيى بن أبي كثير في الإيمان، وغير موضع، أُريد على القضاء بالبصرة فهرب إلى الشام فمات بها، وقال ابن سعد: قال الواقدي: تُوفِّيَ سنة أربع أو خمس ومائة؛ [انظر: «الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد» للكلاباذي (1/ 406)].

[4] انظر: «ذم الكلام وأهله – ط مكتبة العلوم والحكم» للهروي (2/ 43).

[5] أيوب السختياني أبو بكر بن أبي تميمة كيسان البصري، (الوفاة: 131 - 140 ه)، أحد الأعلام، من نجباء الموالي، قال محمد بن سلام الجمحي: أيوب مولى عنزة، وقال حماد بن زيد: كان يبيع الأدم، سمع: عمرو بن سلمة الجرمي، وأبا العالية، وسعيد بن جبير، وعبدالله بن شقيق، وأبا قلابة، والحسن البصري، ومجاهدًا، وابن سيرين، وخلقًا سواهم، وعنه: شعبة، والحمادان، والسفيانان، ومعمر، ومعتمر، وابن علية، وعبدالوارث، وخلائق، قال ابن المديني: له نحو من ثمانمائة حديث، وقال شعبة: كان سيد الفقهاء، وقال ابن عيينة: لم ألقَ مثله، يقول هذا وقد لَقِيَ مثل الزهري؛ [انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (3/ 618)].

[6] «ذم الكلام وأهله – ط مكتبة العلوم والحكم» للهروي (2/ 56).

[7] «ذم الكلام وأهله – ط مكتبة العلوم والحكم» للهروي (2/ 58).

[8] «تحذير أهل الإسلام من معارضة السنة بالقرآن» لسهيل بن عبدالله السردي (102).

[9] مطرف بن عبدالله بن الشخير الحرشي العامري، الإمام، القدوة، الحجة، أبو عبدالله الحرشي، العامري، البصري، أخو يزيد بن عبدالله، حدَّث عن: أبيه رضي الله عنه وعليٍّ، وعمار، وأبي ذرٍّ، وعثمان، وعائشة، وعثمان بن أبي العاص، ومعاوية، وعمران بن حصين، وعبدالله بن مغفل المزني، وغيرهم؛ [انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (4/ 188)].

[10] «جامع بيان العلم وفضله – ط دار ابن الجوزي» لابن عبدالبر (2/ 1193).

[11] «شرح السنة» للبربهاري (119).

[12] «الإبانة الكبرى – ط دار الراية» لابن بطة (1/ 263).

[13] «الموافقات – ط دار ابن عفان» للشاطبي (4/ 325).

[14] «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (2/ 80).

[15] «مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة» للسيوطي (5).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.71 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.03%)]