|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير سورة المسد أ. د. كامل صبحي صلاح الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فقد قال الله تعالى: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 1 - 5]. فإن سورة المسد من السور المكية، وهي من سور المفصل، وآياتها (5) آيات، وترتيبها في المصحف (111)، في الجزء الثلاثين من المصحف، ولقد سُميت سورة المسد بهذا الاسم؛ لذِكره فيها، وهو: حبل مفتول من ليف. تفسير سورة المسد: قال الله تعالى: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1]؛ أي: خسرت يدا أبي لهب بن عبدالمطلب بخسران عمله، وشقيَ بإيذائه رسولَ الله محمدًا صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعنى تبت: خسرت، والتباب هو: الخسران، وقد تحقق خسران أبي لهب وخاب سعيه. وإنما عنى بقوله: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ﴾ [المسد: 1]: تبَّ عمله، وكان بعض أهل العربية يقول: قوله تعالى: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ﴾ [المسد: 1]: بمعنى: دعاء عليه من الله تبارك وتعالى. وقيل: إن سبب نزولها ما أورده الإمام البخاري في الصحيح، قال الإمام البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء، فصعِد الجبل فنادى: يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش، فقال: أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مُصبحكم أو ممسيكم، أكنتم تصدقوني؟ قالوا: نعم، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبًّا لك؛ فأنزل الله: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1] إلى آخرها)). وفي رواية: ((فقام ينفض يديه، وهو يقول: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1]))، فالأول دعاء عليه، والثاني خبر عنه، فأبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه: عبدالعُزى بن عبدالمطلب، وكنيته أبو عتبة، وإنما سُمي "أبا لهب" لإشراقِ وجهه، وكان كثير الأذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والبغضة له، والازدراء به، والتنقص له ولدينه. فإن قيل: لمَ ذكره الله تعالى بكنيته دون اسمه؟ فالجواب: من ثلاثة أوجه؛ أحدها: أن كنيته كانت أغلب عليه من اسمه كأبي بكر وغيره، ويُقال: أنه كُني بأبي لهب لتلهب وجهه جمالًا، الثاني: أنه لما كان اسمه عبدالعزى عدل عنه إلى الكنية، الثالث: أنه لما كان من أهل النار واللهب، كناه أبا لهب؛ وليناسب ذلك قوله: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ [المسد: 3]. وقوله تعالى: ﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: 2]؛ أي: ما أغنى عنه ماله وولده، فلن يردَّا عنه شيئًا من عذاب الله تبارك وتعالى إذا نزل به، فلم يدفعا عنه عذابًا، ولم يجلبا له رحمة. وقوله تعالى: ﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ﴾ [المسد: 2]؛ أي: الذي كان عنده وأطغاه، ولا ما كسبه فلم يرد عنه شيئًا من عذاب الله تبارك وتعالى إذ نزل به، فأي شيء أغنى عنه ماله وولده؟ لم يدفعا عنه عذابًا، ولم يجلبا له رحمة، وقرأ الأعمش: "وما اكتسب"، ورواه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه إلى الله عز وجل قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقًّا، فإني أفتدي نفسي ومالي وولدي؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ﴾ [المسد: 2]". وقوله تعالى: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾ [المسد: 3، 4]؛ أي: سيدخل نار جهنم ذات اللهب المشتعل، هو وامرأته التي كانت تحمل الشوك، فتطرحه في طريق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ لأذيته، وكانت أيضًا شديدة الأذية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتُلقي الشر، وتسعى غايةَ ما تقدر عليه في أذية الرسول صلى الله عليه تعالى عليه وسلم. وقوله تعالى: ﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 5]؛ أي: في عنقها حبل مُحكَم الفتل من ليف شديد خشن، تُرفع به في نار جهنم، ثم تُرمى إلى أسفلها، وستجمع على ظهرها من الأوزار بمنزلة من يجمع حطبًا، قد أعد له في عنقه حبلًا ﴿ مِنْ مَسَدٍ ﴾؛ أي: من ليف، وقيل: أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلًا من مسد، والعياذ بالله تبارك وتعالى. من مقاصد السورة: • إن في هذه السورة آيةً باهرةً من آيات الله تبارك وتعالى، فإن الله تعالى أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيُعذبان في النار ولا بد، ومن لازمِ ذلك أنهما لا يُسلمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة. • زجر أبي لهب على إيذائه للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ووعيده على ذلك، ووعيد امرأته على انتصارها لزوجها وبُغضها للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ تسليةً للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم عما يقع له من قومه من اعتراض وأذًى. • وبيان أنه لا يغني عن الإنسان ما اكتسب من مال مع مخالفته أمر الله تبارك وتعالى، وأمر رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم. • وعدم منفعة النسب والجاه، مع الكفر والشرك بالله تبارك وتعالى. هذا ما تم إيراده، نسأل الله العليَّ الأعلى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن ينفع بما كُتب، وأن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله رب العالمين. المصادر والمراجع: 1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، للإمام محمد بن جرير الطبري. 2- الجامع لأحكام القرآن، (تفسير القرطبي)، للإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي. 4- معالم التنزيل (تفسير البغوي)، للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي. 5- فتح القدير، للإمام محمد بن علي بن محمد بن عبدالله الشوكاني. 6- تفسير القرآن العظيم، (تفسير ابن كثير)، للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير. 7- التسهيل لعلوم التنزيل، أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي. 8- التحرير والتنوير، للمفسر محمد الطاهر بن عاشور. 9- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبدالرحمن السعدي. 10- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، الشيخ جابر بن موسى بن عبدالقادر المعروف بأبي بكر الجزائري. 11- المختصر في التفسير، مركز تفسير. 12- التفسير الميسر، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |