|
|||||||
| ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الاعتزاز بهويتنا الإسلامية
في عالمٍ تتقاطع فيه الثقافات وتختلط فيه المفاهيم، تبقى الهوية الإسلامية الدرع الحصين الذي يصون شخصية المسلم من الذوبان في تيارات العولمة ومظاهر التغريب؛ فهي ليست شعاراً يُرفع، بل حقيقة راسخة تنبع من الإيمان بالله، وتُترجم في السلوك والفكر والانتماء. قال الله -تعالى-: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} (البقرة: 138)؛ فالهوية الإسلامية صبغة ربانية، تميز المسلم عن غيره، وتشكل شخصيته المستقلة، وتربطه بمنظومة قيمية خالدة أساسها العبودية لله وحده، ومع تصاعد مظاهر الانبهار بالحضارة المادية، وازدياد محاولات طمس الهوية وإضعاف الانتماء، تبرز الحاجة الماسّة لإحياء روح الاعتزاز بالدين، وربط الأجيال بجذورها الإيمانية والحضارية. أولا: مفهوم الهويَّة الإسلاميَّة وأهميتها
![]() ثانيًا: الهويَّة الإسلاميَّة في ضوء القرآن والسُنَّة تقوم الهويَّة الإسلاميَّة على أصلٍ راسخ هو العقيدة في الله -تعالى-، التي تُشكل أساس الانتماء والولاء والبراء، قال الله -تعالى-: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} (البقرة: 138)، فالهويَّة الإسلاميَّة هي «صبغة الله»، أي ما صبغ الله به المؤمنين من الإيمان والعبودية والالتزام بشرعه، وهي التي تمنح الإنسان معناه وغايته، كما أكّد القرآن الكريم على خصوصية الأمة المسلمة بقوله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة: 143)، فهي أمة وسط في عقيدتها ومنهجها وسلوكها، متميزة عن سائر الأمم، شاهدة على الناس، تحمل رسالة الهداية والإصلاح. وفي السنة النبوية، جاء تأكيد النبي - صلى الله عليه وسلم - على التميّز والاعتزاز بالهوية في قوله: «من تشبه بقوم فهو منهم»؛ إذ حذّر من ذوبان المسلم في ثقافات غيره؛ لأن في ذلك فقدانًا لجوهر الانتماء، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه»، وفي هذا المعنى دلالة على سمو الهويَّة الإسلاميَّة ووجوب الحفاظ على تفوقها في الفكر والسلوك. ثالثًا: أهمية الهويَّة الإسلاميَّة للفرد والمجتمع
![]() رابعًا: مقومات الاعتزاز بالهويَّة الإسلاميَّة ومظاهرها تقوم الهويَّة الإسلاميَّة على مجموعة من الأسس الراسخة التي تُكوّن شخصيتها وتمنحها الثبات والاستمرارية عبر العصور، وهي ليست مجرد مظاهر شكلية أو شعارات دينية، بل منظومة متكاملة من العقيدة والفكر والثقافة واللغة والقيم، ويمكن إجمال أهم مقوماتها في أربعة عناصر رئيسة: العقيدة، واللغة العربية، والتاريخ والتراث الإسلامي، والقيم الأخلاقية والاجتماعية. (1) العقيدة الإسلامية وأثرها في تكوين الهوية العقيدة هي الأساس الأول للهوية الإسلامية؛ إذ بها يتميز المسلم عن غيره من أهل الملل والنِّحل. وهي التي تُحدّد نظرته للوجود والإنسان والحياة، وتُوجّه سلوكه وأخلاقه وتفاعله مع العالم، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: 163)، فهذه الآية ترسم ملامح الهوية الإيمانية الشاملة التي تمتد إلى كل تفاصيل حياة المسلم، فيكون دينه هو مرجعيته العليا، ورضا الله غايته الكبرى، وبذلك، تكون العقيدة الإسلامية المنبع الذي تتفرع منه كل مقومات الهوية الأخرى، فهي التي تُكسب الإنسان الاستقرار النفسي، والثبات أمام التحديات، والولاء لله ورسوله وللمؤمنين، أما حين تضعف العقيدة في القلب، تضعف معها الهوية وتختل الشخصية، ويصبح الفرد تابعًا لغيره فكريا وسلوكيا؛ لذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وسنتي»، ففي هذا التمسك حماية للهوية من الذوبان والانحراف. (2) اللغة العربية ودورها في حفظ الهوية اللغة ليست وسيلة تواصل فحسب› بل هي وعاء الفكر، ومرآة الهوية، وسجلّ الحضارة، واللغة العربية تمثل العمود الفقري للهوية الإسلامية، لأنها لغة القرآن الكريم، ولسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووسيلة فهم الشريعة، قال -تعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: 2)، وقال -سبحانه-: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء: 195)، فارتباط اللغة بالدين جعلها جزءًا من عقيدة الأمة لا من ثقافتها فحسب؛ لذلك قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «تعلّموا العربية»؛ لذا فإن العناية باللغة العربية في التعليم والإعلام والبحث العلمي من أقوى الوسائل لترسيخ الهويَّة الإسلاميَّة وحماية الفكر من الاستلاب الثقافي. (3) التاريخ الإسلامي مصدر الانتماء والفخر التاريخ الإسلامي ليس مجرد سجلّ للأحداث، بل هو ذاكرة الأمة ومرجع هويتها، ومصدر اعتزازها بإنجازاتها الحضارية، فمن خلاله يتعرف المسلم على جذوره ومجده، ويستمدّ منه الثقة بالمستقبل، قال -تعالى-: {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} (الروم:42)؛ فالتاريخ في التصور الإسلامي ليس مادة جامدة، بل مجالا للعبرة والعظة والتفكير الحضاري، وقد أبدع المسلمون عبر تاريخهم في مختلف ميادين العلم والفكر، من الطب والفلك إلى الفلسفة والعمارة، وهذا الإرث العظيم يشكّل أحد أركان الهوية التي تميّز الأمة وتربط حاضرها بماضيها المجيد؛ لذلك كان من الضروري إعادة قراءة التاريخ الإسلامي قراءة متوازنة تُبرز العظمة دون مبالغة، وتكشف الأخطاء دون تشويه، ليستعيد المسلم اعتزازه بذاته وأمته. (4) القيم الأخلاقية والاجتماعية المكوِّنة للهوية القيم هي جوهر الهويَّة الإسلاميَّة وروحها؛ إذ تُعبّر عن المبادئ التي تضبط سلوك الإنسان وتوجّه علاقاته، وتنبع القيم في الإسلام من الوحي؛ فهي ليست من وضع البشر أو أهوائهم، قال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} (النحل: 90)، وتُعدّ القيم مثل الصدق والأمانة والرحمة والعدل والتعاون أساسًا في تكوين شخصية المسلم، وتميّزه عن غيره من أتباع المذاهب المادية، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، إن تمسّك المسلم بهذه القيم يجعله سفيرًا لهويته، يُظهر جمال الإسلام في سلوكه، ويُسهم في بناء مجتمع متماسك قويّ وحين تُهمَل القيم، تضعف الهوية، ويتحوّل الانتماء من عقيدة ومبدأ إلى مظهر وشعار. (5) الاعتزاز بالوطن في إطار العقيدة الإسلامية الوطن في التصور الإسلامي ليس مجرد أرض، بل هو وعاء للدين وميدان للعبادة والعمل؛ فحب الوطن من الإيمان إذا انضبط بضوابط العقيدة؛ لأن المسلم يعتز بأرضٍ تحمل رسالة الإسلام، وتحتضن مقدساته. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين غادر مكة: «والله إنك لأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت»، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أن حب الوطن شعور فطري مشروع، لكنه لا يُقدَّم على الولاء لله والدين. ومن مظاهر الاعتزاز بالوطن الإسلامي: - المحافظة على أمنه ووحدته، ونبذ العصبية والفرقة. - خدمته بالعلم والعمل والإخلاص، واعتباره جزءًا من رسالة الأمة. - الدفاع عنه من كل ما يهدد عقيدته أو قيمه. خامسًا: التحديات التي تواجه الهويَّة الإسلاميَّة تواجه الهويَّة الإسلاميَّة في العصر الحديث العديد من التحديات على الصعيدين الفردي والمجتمعي، ويأتي ذلك نتيجة التحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية، والانفتاح على العولمة، وما يرافقها من تيارات فكرية واجتماعية تؤثر على الفكر الإسلامي والانتماء الحضاري للأمة، ويمكن تلخيص أبرز هذه التحديات في أربعة محاور رئيسة: (1) التحديات الفكرية تشمل التحديات الفكرية كل ما يمس العقيدة والفكر الإسلامي من إشكالات وتبعية فكرية، مثل:
(2) التحديات الثقافية والاجتماعية تتمثل التحديات الثقافية في:
(3) التحديات الإعلامية الإعلام المعاصر يُعدّ من أخطر التحديات؛ إذ ينقل صورًا مغلوطة عن الإسلام ويشجع على الانصهار في ثقافات أخرى، كما أنه يروج لنمط الحياة الغربية بأسلوب جذاب قد يُربك الوعي الديني ومن ذلك مايلي: - انتشار القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية التي تُقدّم الثقافة الغربية كمعيار للجمال والحياة. - تأثير الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي على أفكار الشباب وسلوكهم اليومي. - ضعف الإنتاج الإعلامي الإسلامي الذي يعزز الهوية والانتماء، مقارنة مع الإنتاج العالمي. (4) التحديات السياسية والاقتصادية الهوية غالبًا ما تتعرض للخطر في ظل الاحتلال أو التبعية الاقتصادية والسياسية، مما يؤدي إلى:
![]() سادسًا: سبل تعزيز الهويَّة الإسلاميَّة في مواجهة التحديات المتزايدة التي تؤثر على الهوية الإسلامية، فإن مواجهة الغزو الثقافي واستعادة الهوية تتطلب رؤية متعددة الأبعاد، تتمثل في: (1) إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية ويتم ذلك من خلال:
(2) تفعيل الخطاب الديني المعاصر
(3) النهوض بالثقافة والإعلام الإسلامي وذلك من خلال:
(4) تعزيز اللغة العربية بفرض استخدام اللغة العربية في جميع مراحل التعليم، وتخصيص فترة أسبوع أو شهر لترتيب نشاطات تتعلق باللغة العربية في المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، وتوفير محتوى عربي رقمي يستهدف الشباب ويعزز الفخر باللغة العربية، ودعم الهيئات اللغوية والمبادرات التي تهدف إلى تحسين وتطوير اللغة. (5) ترسيخ الهوية في الأسرة والمجتمع وذلك من خلال:
النتائج
التوصيات
اعداد: وائل رمضان
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |