|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير سورة الهمزة أ. د. كامل صبحي صلاح الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فإن سورة الهُمَزة من السور المكية، وهي من سور المفصل، وآياتها (9) آيات، وترتيبها في المصحف (104)، في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف، وسُميت بالهمزة؛ لافتتاحها بوعيد كل همزة؛ وهو الذي يغتاب الناس ويطعن فيهم. قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة: 1 - 9]. تفسير السورة: قال الله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ [الهمزة: 1]؛ أي: شر وهلاك لكل مغتاب للناس، ولكل طعَّان فيهم، ووبال وشدةُ عذابٍ لكثير الاغتياب للناس، والطعن فيهم؛ ﴿وَيْلٌ﴾ أي: وعيد، ووبال، وشدة عذاب، ﴿لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهمَّاز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللمَّاز: الذي يعيبهم بقوله. قال الله تعالى: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾ [الهمزة: 2]؛ أي: الذي كان همَّه جمعُ المال وتعداده وإحصاؤه، بحيث يحصيه ويعده لحوادث الدهر، فلا همَّ له غير ذلك، لذلك كان من صفات هذا الهمَّاز اللمَّاز، أنه لا همَّ له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات، وصلة الأرحام، وكسب الحسنات. قال الله تعالى: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ [الهمزة: 3]؛ أي: يظن بسبب بجهله أنه ضمِن لنفسه بهذا المال الذي جمعه نجاةً من الموت والخلودَ في الدنيا، والإفلات من الحساب، فلذلك كان كدُّه وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، وأنه لا يموت لكثرة أمواله، ومتى كان المال ينجي من الموت؟ إنه الغرور في الحياة، لو كان المال يخلد أحدًا، لأخلد قارون، ولم يدرِ أن البخل يقصف الأعمار، ويخرِّب الديار، وأن البرَّ يزيد في العمر. قال الله تعالى: ﴿كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ [الهمزة: 4]؛ أي: ليس الأمر كما تصور وظن هذا الجاهل، ليطرحنَّ في نار جهنم التي تدق وتهشم وتكسر كلَّ ما طُرح فيها لشدة بأسرها، والحطمة هي النار المستعرة التي تحطم كل ما يُلقى فيها. قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ [الهمزة: 5]؛ أي: وما أدراك وما أعلمك - أيها الرسول - ما حقيقة هذه النار التي تحطم كل ما طرح فيها؟! وهذا الاستفهام إنما هو تعظيم لها، وتهويل لشأنها، وبيَّنها الله تبارك وتعالى بقوله: ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ﴾ [الهمزة: 6]؛ أي: المستعرة المتأججة، ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ [الهمزة: 7]؛ أي: تُشرف على القلوب فتُحرقها. قال الله تعالى: ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ﴾ [الهمزة: 6]؛ أي: إنها نار الله تبارك وتعالى المستعرة والمشتعلة شديدة اللهب، التي وقودها الناس والحجارة. قال الله تعالى: ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ [الهمزة: 7]؛ أي: التي تنفذ من أجسام الناس إلى قلوبهم، من شدة حرها. قال الله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ [الهمزة: 8]؛ أي: إنها على المعذبين فيها مُغلقة ومُطبقة، فهم مع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيِسوا من الخروج منها، فالنار على أولئك الهمَّازين اللمَّازين مطبقة مغلقة الأبواب؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ [الهمزة: 8]؛ أي: مغلقة. قال الله تعالى: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة: 9]؛ أي: بعمد ممتدة وطويلة، وفي سلاسل وأغلال مطوَّلة؛ لئلا يخرجوا منها؛ ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [السجدة: 20]، نعوذ بالله تعالى من ذلك، ونسأله سبحانه العفو والعافية. من مقاصد وهدايات السورة: 1- الحديث عن استهزاء الكفار بالمسلمين وهمزهم ولمزهم، واشتغالهم بجمع الأموال، ظانين لفرط جهلهم أن المال سيتركهم مخلَّدين في الدنيا، ووصف العذاب الشديد الذي يلاقونه في نار جهنم، نعوذ بالله تعالى من ذلك. 2- وعيد المتعالين الساخرين بالدين وأهله. 3- تقرير عقيدة البعث والجزاء. 4- التحذير من الغِيبة والنميمة. 5- التنديد بالمغترِّين بالأموال المعجبين بها. 6- بيان شدة عذاب النار وفظاعته. هذا ما تم إيراده، نسأل الله العليَّ الأعلى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن ينفع بما كُتب، وأن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله رب العالمين. المصادر والمراجع: 1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، للإمام محمد بن جرير الطبري. 2- الجامع لأحكام القرآن، (تفسير القرطبي)، للإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي. 3- معالم التنزيل (تفسير البغوي)، للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي. 4- فتح القدير، للإمام محمد بن علي بن محمد بن عبدالله الشوكاني. 5- تفسير القرآن العظيم، (تفسير ابن كثير)، للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير. 6- التسهيل لعلوم التنزيل، أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي. 7- التحرير والتنوير، للمفسر محمد الطاهر بن عاشور. 8- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبدالرحمن السعدي. 9- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، الشيخ جابر بن موسى بن عبدالقادر، المعروف بأبي بكر الجزائري. 10- المختصر في التفسير، مركز تفسير. 11- التفسير الميسر، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |