وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 199 - عددالزوار : 3836 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 75 - عددالزوار : 67112 )           »          برّ الوالدين بعد الوفاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          حُكم التائب من التهاون في الصلاة والصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيفية التغلب على الغضب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          لا يلزم مِن الزهد ترك البيع والشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          النهي عن الفُحش في القول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          زكاة أموال القُصّر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حكم أخذ العمولة دون علم المتعاقد معه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          زكاة الأسهم الخاسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم اليوم, 05:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,805
الدولة : Egypt
افتراضي وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني



وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني

(١-٢)


  • يجب أن تكون وسائل فض النزاع مرنة وتُبنى على فهم الأطراف المختلفة وهذا ما بينه القرآن الكريم من اختلاف طبائع البشر الذي يستدعي تفاوت أساليب التعامل معهم
  • يتجلى في النهج القرآني دعوته الثابتة إلى الإصلاح والعدل في العلاقات الإنسانية، مما يسوغ وجود ما يُعرف اليوم بوسائل فض المنازعات
  • السعي إلى الصلح وإرساء السلام هو المصلحة العليا للجماعات، وهنا لا يسعنا إلا الإقرار بأن القرآن الكريم منظومة متكاملة ترسم ملامح الحياة وتنظم شؤون الأفراد والمجتمعات
  • الأشخاص الذين لا يرفضون الحلول البديلة نهائيا، يمكن مخاطبتهم بعقلانية ومنطق قانوني، مع تقديم حلول أكثر فاعلية وأقل تكلفة من اللجوء للقضاء
فرح خالد العازمي
يتجلى في النهج القرآني تأكيده الدائم على الإصلاح وإقامة العدل في العلاقات الإنسانية، وهو ما يسوغ اعتماد مختلف وسائل فضّ المنازعات، سواء الطرائق التقليدية كاللجوء إلى القضاء، أو البدائل الحديثة كالتحكيم المؤسسي والحر، والوساطة، والمفاوضات المباشرة، وقد أمر الله بالحكم بالقسط في قوله -تعالى-: {فَإِن جاءوكَ فَاحكُم بَينَهُم أَو أَعرِض عَنهُم، وَإِن حَكَمتَ فَاحكُم بَينَهُم بِالقِسطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ} (المائدة: 42)، مبينًا أن العدل أساس كل حلٍّ للنزاعات.
كما يرشد القرآن إلى منهج عملي للإصلاح حين تُخشى الفُرقة بين المتخاصمين، كما في قوله -تعالى-: {وَإِن خِفتُم شِقاقَ بَينِهِما فَابعَثوا حَكَمًا مِن أَهلِهِ وَحَكَمًا مِن أَهلِها} (النساء: 35)؛ إذ يجعل اختيار الحكمين من أهل الخبرة طريقًا لإعادة الوفاق، ثم يؤكد وحدة الأمة ووجوب رأب الصدع بين أفرادها في قوله: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم} (الحجرات: 10)، ويُجمل القرآن هذا المنهج بقوله -تعالى-: {وَالصُّلحُ خَيرٌ} (النساء: 128)، ليقرر أن الصلح هو خيار الخير والمصلحة العامة للمجتمعات، ومن هنا يظهر القرآن الكريم منظومة متكاملة لتنظيم حياة الإنسان، تخاطب العقل والوجدان معًا، كما قال -سبحانه-: {ياأَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِى الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ} (يونس:57)، والقرآن في كل ذلك خطابٌ واضح الدلالة، لا غموض فيه ولا تعقيد، قال -تعالى-: {هذا بَيانٌ لِلنّاسِ وَهُدًى وَمَوعِظَةٌ لِلمُتَّقينَ} (آل عمران:138)، ليظلّ نور الهداية حاضرًا وقادرًا على توجيه الإنسان في كل ما يعرض له من خلافات وقضايا.
الإصلاح والعدل في العلاقات الإنسانية
ويتجلى في النهج القرآني دعوته الثابتة إلى الإصلاح والعدل في العلاقات الإنسانية، مما يسوغ وجود ما يُعرف اليوم بوسائل فض المنازعات، سواء كان ذلك بالوسائل التقليدية كاللجوء إلى القضاء، أو عبر البدائل كالمحاكمات التحكيمية، مؤسسية كانت أم حرة، أو الوساطة، أو حتى المفاوضات والحوار المباشر، وفي قوله -تعالى-: {فَإِن جاءوكَ فَاحكُم بَينَهُم أَو أَعرِض عَنهُم وَإِن تُعرِض عَنهُم فَلَن يَضُرّوكَ شَيْئًا وَإِن حَكَمتَ فَاحكُم بَينَهُم بِالقِسطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ} (المائدة: 42)، يبين الله ضرورة الحكم بالقِسط والعدل في حل الخلافات، وعند قوله -تعالى-: {وَإِن خِفتُم شِقاقَ بَينِهِما فَابعَثوا حَكَمًا مِن أَهلِهِ وَحَكَمًا مِن أَهلِها إِن يُريدا إِصلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَينَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا خَبيرًا} (النساء: 35)، يحثّ على اختيار من له الدراية بالشأن لإرساء الإصلاح بين الأطراف؛ كما يأمرنا القرآن بالإصلاح بين الناس في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ} (الحجرات: 10).
المصلحة العليا للجماعات
وفي سورة النساء ذكر -جل جلاله-: {وَالصُّلحُ خَيرٌ} (النساء: 128)، ليذكرنا بأن السعي إلى الصلح وإرساء السلام هو المصلحة العليا للجماعات، وهنا لا يسعنا إلا الإقرار بأن القرآن الكريم منظومة متكاملة ترسم ملامح الحياة وتنظم شؤون الأفراد والمجتمعات، مخاطبًا بذلك العقل والوجدان معًا، قال -تعالى-: {ياأَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِى الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ} (يونس:57). كما أن القرآن الكريم ليس نصًا مبهمًا أو مشفرًا يتطلب وسيطًا لفك رموزه؛ بل هو خطاب بيّن واضح الدلالة، لقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:138).
مرجعية القرآن الكريم
في ضوء قوله -تعالى-: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ}، تنطلق فكرة هذا المقال، لتؤكد مرجعية القرآن الكريم، الحاكمة في فهم النفس البشرية وإدارة الخلافات، ويفترض هذا المقال تصوّرًا تأمليا منهجيا: ماذا لو اتخذنا القرآن الكريم بوصلةً حقيقية في حياتنا العملية، ولا سيما في مجال فضّ المنازعات؟ لا باعتباره نصا تعبّديا فحسب، بل باعتباره دليلًا سلوكيا وتشريعيا متكاملًا، يقدّم نماذج عملية لفهم النفس البشرية، وإدارة الخلاف، وبناء التصورات العادلة عند التحكيم أو التفاوض، أو الوساطة.
مرحلتان محوريتان
وانطلاقًا من هذه الفرضية، فهناك مرحلتين محوريتين في مسار دراسة الوسائل المتبعة في فض المنازعات، المرحلة الأولى: وهي ما قبل بداية النزاع، أي مرحلة التعاقد واختيار الوسيلة الملائمة لحلّ النزاع،ويبين المنهج القرآني فهم النفوس ودوافعها ويوجّه المتعاقدين لاختيار الوسيلة الأنسب لحلّ النزاع المحتمل. اما المرحلة الثانية: وهي ما بعد بداية النزاع، أي مرحلة إدارة الخلاف وجدلية الطرح والحوار، وفيها يُسلط الضوء على «أُسلوب المجادلة في القرآن». إن استحضار هذه المبادئ في دراستنا للقانون يمنحنا بعدًا أعمق في فهم طبيعة النزاعات وآليات حلها، بل ويجعلنا ندرك أن القرآن الكريم لم يكن مجرد كتاب تشريعات، بل هو منهج إصلاح للمجتمعات؛ حيث لا تقتصر أحكامه على العقوبات وإقامة العدل فحسب، وإنما تمتد لتشمل آداب التفاوض، وأسس المصالحة، ومبادئ التحكيم، وأهمية وضع آليات واضحة لفض المنازعات قبل حدوثه.
أولاُ: كيف تختار الوسيلة الأنسب لحل النِزاع؟
في المرحلة السابقة لوقوع النزاع، عند إبرام العقد أو الاتفاق، يُعد تحديد وسيلة فض النزاع عنصرًا استباقيا في إدارة العلاقات، يجب أن يُبنى على فهم دقيق للطبيعة الخاصة للعلاقة وطرفها الآخر، كما أرشدنا القرآن، ليس كل نزاع يُحلّ بالتحكيم، والوساطة قد تفشل في بعض الحالات، بينما قد يكون القضاء هو الحل الأمثل في مواقف أخرى؛ لذلك، يجب أن تكون وسائل فض النزاع مرنة وتُبنى على فهم الأطراف المختلفة، وهذه القاعدة تجد جذورها في القرآن الكريم؛ حيث بيّن الله اختلاف طبائع البشر؛ ما يستدعي تفاوت أساليب التعامل معهم.
فهم أصناف البشر في القرآن وأثره في اختيار وسيلة حـّل النزاع
عند التمعّن في القرآن، نجد أن البشر ينقسمون إلى ثلاث فئات في تعاملهم مع الحقيقة، الأولى: ترفضها تمامًا، الثانية: مترددة وقابلة للحوار والإقناع، والثالثة: تتلاعب بها لتحقيق مآربها، هذا التصنيف لم يكن مجرد تحليل بشري، بل هو توجيه قرآني وضع إطارًا للتعامل مع النزاعات والصراعات الفكرية. أولًا: الصنـف المعاند قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (البقرة:6)، هذه الآية تشير إلى فئة من الناس الذين رفضوا الحقيقة تمامًا، وأغلقوا قلوبهم على الإنكار، في النزاعات، وهؤلاء الأشخاص يرفضون أي وسيلة بديلة للحل، ويتمسكون بمواقفهم بعناد؛ فلا جدوى من محاولة إقناعهم بالحوار أو التفاوض؛ لأن هدفهم ليس الوصول إلى الحق، بل التمسك برأيهم؛ ما يجعل اللجوء إلى القضاء هو الخيار الأمثل. ثانيًـا: الصنف المتردّد هذا الصنف يشمل الأشخاص الذين قد ينكرون الحق في البداية، ولكنهم لا يزالون يملكون قابلية للتفكير والنقاش. يقول الله -تعالى-: {وَإِن كُنتُم فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ} فبالرغم من شكوكهم، اختاروا الكفر، وجعلوا الأدلة غير مؤثرة عليهم، هذا التحدي ليس لإثبات عجزهم، بل ليظهر أن إنكارهم ليس بسبب نقص في الأدلة، بل نتيجة استكبار، مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يرفضون الحلول البديلة نهائيا، يمكن مخاطبتهم بعقلانية ومنطق قانوني، مع تقديم حلول أكثر فاعلية وأقل تكلفة من اللجوء للقضاء. ثالثًـا: الصنف المراوغ وبين الوضوح التام في النوايا والرفض القاطع للحقيقة، تبرز فئة غامضة لا تُدرَك مقاصدها بسهولة، وهنا يوجّهنا القرآن الكريم إلى منهج متزن يجمع بين الحذر والاستعداد، دون أن يغلق باب السلم إن لاحت بوادره، كما في قوله -تعالى-: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِن قَومٍ خِيانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الخائِنينَ} (الأنفال: 58)، إلى قوله: {وَإِن جَنَحوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَها وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ} (الأنفال: 61)؛ ما يؤكد أن حسن اختيار وسيلة حل النزاع لا ينفك عن فقه الواقع وفقه النفوس معًا. بهذا المنظور، يتحوّل اختيار الوسيلة من مجرد بند شكلي في العقد إلى قرار استراتيجي مبني على فهم دقيق للنفس البشرية، وهو ما يدعو إليه القرآن ضمنيا من خلال إعادة الاعتبار للعقل، وتقديم النماذج التحليلية لسلوك الأفراد في مواقف الحق والاختلاف، ومن هنا، يمكننا الانتقال إلى دراسة أسلوب المجادلة في القرآن الكريم وكيفية تطبيقه في سياقات حل المنازعات.


اعداد: الفرقان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.02 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]