|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
التوسل إلى الله بصالح الأعمال د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري الخطبة الأولى إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أيها المؤمنون، ما هو العمل الصالح الذي يرتجيه الإنسان ليكون سببًا في تفريج كربات الدنيا وهمومها وأكدارها، ودخول الجنة في الآخرة؟ لو سألنا أنفسنا هذا السؤال: ما هو العمل الصالح الذي أعمله في الدنيا وأحتسبه عند الله ليكون سببًا في رحمة الله؟ سببًا في أن أعذر نفسي عند الله بأنَّ خشية الله في قلبي، يكون هذا العمل الصالح برهانًا بأني لا أُقَدِّم على محبة الله أحدًا، بأني أخاف الله، بأن الدنيا كلها مهما كانت مغرياتها وشهواتها آسرة، فلن أبيع نفسي لها أبدًا، ولن أبيع آخرتي بعرضٍ من الدنيا فانٍ وزائلٍ وغيرِ باقٍ، بأي منطقٍ وبأي عقلٍ وبأي فكرٍ يمكنني أن أكون أسيرًا لشهوةٍ زائلةٍ فانيةٍ مهما كانت عابقةً ومزخرفةً ومتلألئةً، أكون أسيرًا لها على نعيم لا يعدله نعيم، على نعيمٍ لا يقارن بنعيم الدنيا، على نعيمٍ دائمٍ لا يزول على نعيمٍ، في جناتٍ قال فيها الله عز وجل: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [النساء: 57]. عباد الله، لنفكر دائمًا في عملٍ صالحٍ أعمله يكون حجةً لي عند الله عز وجل بأنه العمل الذي أحتسبه عند الله ليكون هو المؤنس لي يوم السؤال، وأحتسب هذا العملَ أيضًا ليكون وسيلةً في تفريج همٍّ وإزالةِ ضنكٍ وضيقٍ، فالتوسُّل إلى الله عز وجل بصالح الأعمال أمرٌ مشروعٌ، ولكم أن تتأملوا هذا الحديثَ الذي أخرجه الشيخان البخاريُّ ومسلمٌ رحمهما الله تعالى، فعن عَبْداللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِن الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِم الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلَا مَالًا، فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا، حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ؛ فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ))، فالعمل الصالح الذي تميَّز به هذا الرجل هو تفانيه في برِّ والديه، فلا يقدِّمُ عليهما حتى فلذات أكباده، ويسهر الليل واقفًا ينتظر استيقاظهما ليسقيهما اللبن، وبهذا الفعل انفرجت الصخرة، وتحركت بأمر الله عز وجل، والسؤال: هل لدينا عملٌ صالحٌ خالص لوجه الله يمكن أن يكون وسيلةً لاستجابة دعوة من الله؟ ثم قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِن السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا. قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِن الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ؛ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا))، ولكم أن تتخيلوا يا عباد الله انتصار النفس على الشهوة حين يتمكنُ منها، حينها لا يدفعه عن ردِّها إلا تغليب مراقبةِ الله عز وجل في النفوس، إلا تعظيم الله في القلوب، إلا مخافة الله ومخافة عذابهِ وأليم عقابه جلَّ جلاله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا بْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ))، صبغةٌ في النار يا عباد الله تُنْسِي الإنسانَ كلَّ نعيمٍ تنعمَهُ في الدنيا، فهل نأسرُ أنفسنا لشهواتٍ محرمةٍ مؤقتةٍ لا تدومُ، ولا نهنأُ بها إلا بقلبٍ مضطربٍ؟ لذا لا بدَّ أن نحيي في قلوبنا تعظيم الله عز وجل، هل ترضى أن يراك الله وأنت في هذه الشهوة المحرَّمة؟ هل ترضى أن تُكْشَفَ صحيفتُك يومَ القيامة وأمام الخلائقِ كلّ الخلائقِ وأنت تفعلُ هذه الشهوة؟ وحين نقولُ الشهوة فيعني الشهوة المحرمة من متاع الدنيا سواء شهوة النساءِ أو المالِ بشتى وسائل الوصول إليها. وقد قال تعالى محفزًا إلى أن نخشاه سبحانه وتعالى كأننا نراه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12]. بارك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من آيات وحكمة. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب وخطيئة، استغفروه إنه غفورٌ رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، أعظَمَ للمتقين العاملين أجورَهم، وشرح بالهدى والخيراتِ صدورَهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وفَّق عبادَه للطاعات وأعان، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه، خير من علَّمَ أحكامَ الدِّين وأبان، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه أهلِ الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلِّم تسليمًا مزيدًا.عباد الله، يكمل لنا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قصة الذين انطبقت عليهم الصخرة فقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي. فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِن الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَسْتَهْزِئُ بِي. فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ. فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا. اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ؛ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ)). ففي هذه القصة يا عباد الله دليلٌ على جواز التوسُّل إليه سبحانه وتعالى بصالح أعمالنا التي لم نعملها إلا له سبحانه وتعالى، ومن صالحِ أعمالنا يا عباد الله ما نؤمنُ به ونوقن به في قلوبنا من التصديق بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم ومحبتهما؛ كقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]، وقوله جل جلاله: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109]، فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم بإيماننا به جل جلاله أن يجعلنا من عباده المقربين، ومن أوليائه الصالحين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ونسأله عز وجل بمحبتنا له سبحانه وتعالى، وبمحبتنا لرسوله ونبيه وصفيه وخليله صلى الله عليه وسلم أن يجمعنا ممن يقالُ لهم يوم القيامة: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الطور: 19]، ونسأل الله الكريم المنَّان الوهَّاب بتصديقنا وإيماننا بما أنزله سبحانه وتعالى على نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم من الآيات والذكر الحكيم أن يعتق رقابنا من النار، وأن يبلغنا نحن وأباءَنا وأمهاتِنا وذرياتِنا وأحبابَنا جنات النعيم مع النبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين. ونسأله سبحانهُ الغفور الرحيم التواب باعترافنا بتقصيرنا وأخطائنا وزللنا أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يرحم ضعفنا، ويعفو عنا، إنه عفوٌ كريمٌ. ونسأله جل جلاله بكل عملٍ صالح عملناه في هذه الدنيا نبتغي به وجهه سبحانه وتعالى أن يجعل لنا من كل ضيقٍ فرجًا، ومن كل هَمٍّ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافية. ونسأله عز وجل باستجابتنا لنداء صلاة الجمعة، فسعينا إلى ذكر الله تعالى تاركين دُنْيانا لنجتمع في بيت من بيوته أن يكرمنا بكرمه، ويغدق علينا بأفضاله، ويبلغنا من خيرات الدنيا والآخرة فوق ما نرجوه ونؤمله ونصبو إليه. ونسأل الله الودود بصلاتنا على الحبيب صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم الفضيل أن يعطي كل واحدٍ منا سؤله، وأن يحشرنا في زمرته، ويثبتنا على هديه؛ لنلقاه فنشرب من يديه الشريفتين شربةً لا نظمأ بعدها أبدًا. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. عباد الله، سلوا الله ما تريدون بصالح أعمالكم التي قمتم بأدائها مخلصين له سبحانه وتعالى يستجب لكم سؤلكم، واذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمائه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |