|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الخطبة الأولى: تكوة أهل الجنة وأناسها د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري الحمد لله رب العالمين، الحمد لله كما يحب ربنا ويرضى، الحمد لله حمد الشاكرين، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فيا أيها المؤمنون: لحظات جميلة تعيشها الأسرة الواحدة وخصوصًا في الأجواء الجميلة، وتحت الظلال الوارفة، والأطلال الخلَّابة، مع النسائم الباردة، ورذاذ الأمطار المنعش، على مائدة الطعام الشهي، والفواكه الأخَّاذة المنظر، المختلف ألوانها وطعمها، الكل متكئ يتبسم ويتجاذبون ذكريات الماضي، وقصص الفكاهة والمِزاح البريء، هذه الجلسات الحميمية التي يُبث فيها الحنين والحب والوئام، يتمناها المؤمن أن تدوم ولا تنقطع، فمهما حدث من نزاع أو اختلاف لوجهات النظر، أو معارضات بين الأطراف، فالمودة والرحمة هما غشاء السَّكينة الذي يغمر البيت الواحد، هذه الأسرة حين يتلاحم فيها صفو الأجواء مع صفو النفوس، فأبْشِر بسعادة الحياة التي يتمناها الإنسان أن تدوم فلا تنقطع، أن يدوم هذا الأنس الذي يعيش فيه المرء حياةً سعيدةً، رغيدةً مطمئنةً هانئةً؛ ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، فأزواج الدنيا بجمالهن وفتنتهن، ونعومتهن ورِقَّتهن يكُن الأكثر جمالًا وجذبًا على الأطلال الوارفة، مهذَّبات في الخُلق والخَلق، وماذا بعد الجمال إلا جمالًا، فهن مطهَّرات من الأشياء التي كنت تغضب منها، وستكون مطهرة بتطهير الله لها، من الأرجاس والأدناس البدنية والطبيعية، فهن خيرات الأخلاق، حِسان الوجوه، كاملات الأوصاف، جميلات النعوت؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]، وارفًا دائمًا لا تنسخه شمس، ولا يصحبه حر ولا برد، هذه التكوة مع الأزواج في جنات النعيم يصوِّرها لنا القرآن الكريم في عدة مواضع في القرآن، يصف هذه التكوة نوعها ومكانها ومقامها، والأجواء من حولها، ولباس متكئيها، والضيافة التي تقدَّم لهم. فأما نوعها: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ [الرحمن: 54]، ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ [الرحمن: 76]. وأما مكانها: ﴿ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الواقعة: 15، 16]، ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الطور: 20]، منسوجة بقضبان الذهب، مشبكة بالدر والياقوت والزبرجد، وأما مقام هذه التكوة: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ [الدخان: 51]، وأما الأجواء من حول هذه التكوة: ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الذاريات: 15]، و﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴾ [الطور: 17]، ﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ [يس: 56]، وأما لباس المتكئين: ﴿ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الدخان: 53]، وأما ضيافتهم التي تقدم لهم في هذه التكوة: ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴾ [الدخان: 55]. ﴿ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الطور: 18، 19]، ﴿ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الطور: 22 - 24]، ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الواقعة: 17 - 21]، ﴿ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ [يس: 57، 58]، فكل طلبات المتكئين مُلباة لهم، ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [الزخرف: 68 - 73]، وفي هذه التكوة يتذاكرون حالهم في الدنيا، ويسأل بعضهم بعضًا: لماذا ننعم بهذا النعيم في جنات عدن؟ ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 25 - 28]، فكل صاحب قلب يمتلئ إيمانًا وخشيةً، وخوفًا وتعظيمًا لله عز وجل يتذكر في تكوته تلك، أن هذا النعيم لم يكن لولا فضل الله عليه، بأن قدم الخوف منه سبحانه وتعالى على كل هوًى وشهوة وجواذب الدنيا كلها. وأما زوجات الجنة اللاتي يستأنس المؤمن بهن، فوصفهن الله ذو الجلال والجمال والإكرام بوصفٍ يفوق الخيال، وقبل الوصف ذكر أن من الأزواج الحورَ العين، وهنَّ يشملن أزواج الدنيا ومخلوقات أخرى خلقها الله تعالى مكافأة لعباده المؤمنين؛ جزاءً من ربك عطاءً حسابًا، وما تسمَّين بالحور العين إلا لأن في أعينهن الواسعة كحلًا وملاحةً، وحسنًا وبهاءً، يحار فيهن الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون. وأما الوصف فقد وصفهن القرآن الكريم، ولك أن تتخيل هذا الوصف بأوسع المدارك: ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 58]، فالصفاء صفاء الياقوتة، والبياض بياض المرجان، ﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 23]، اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهيُّ مكنون في أبهى حلة؛ لأنه خلا من مس الأيدي؛ فكان بريقه أشد لمعانًا: ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الصافات: 49]، ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 35 - 37]، وتنشئة الله تعالى للمتحبِّبات إلى أزواجهن لن تكون إلا بما أكد تنشئته سبحانه وتعالى إنشاءً؛ فهي تنشئة بمعايير عالية ومواصفات ليست قياسية وإنما خيالية، وكفى أنهن عُرب متحببات إلى أزواجهن، وأزواجهن لهن عاشقون، أترابٌ في سن واحدة، متواخيات ليس بينهن تباغض ولا تحاسد، فلَسْنَ كالضرائر المتعاديات، يغنين فيقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنا له، نحن خيرات حسان، خُبِّئنا لأزواج كرام، هذا كله وصف لهن خُلقًا وخَلقًا، فالحور العين عرب وكواعب أتراب، فهن الطائعات لأزواجهن، المتحببات إليهم بحسن التبعُّل لهم. عباد الله: المؤمن لا يرضى لزوجته أن تكون إلا له وحده دون سواه، فهي متعته فقط لا لغيره، ولا يرضى أن ترى في ناظريها أحدًا غيره أحسن منه ولا أفضل منه؛ لذا هذا المطلب قد لُبِّيَ لأهل الجنة؛ فقال عن أزواجهم: ﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ [الرحمن: 72]، فهي مقصورة لك أيها الزوج؛ ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾ [الصافات: 48]؛ ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن، بل قد قصرن على أزواجهن فقط، ولا يُردن سواهم، لذا لا يخرجن من منازلهم؛ ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴾ [ص: 52]، ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ [الرحمن: 56]، لم تسبق أن تكون لغيرك، وأيضًا لضمان أنهن لك في الحاضر والمستقبل كما هو في الماضي فـــ ﴿ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ [الرحمن: 56]، من محبتها له ورضاها به، فلا يتجاوز طرفها عنه إلى غيره. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة خيمةً من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلًا، في كل زاوية منها أهل، ما يرَون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون))؛ [أخرجه البخاري ومسلم]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله حمدًا نستطيب بها الحياة، الحمد لله حمدًا ننعم بها في دنيا فانية، وجنات باقية، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:فالجنة لا يدخلها إلا المؤمنون، وهي نعيم لمن آمن وعمل صالحًا واتقى الله في دنياه، فاتقوا الله عباد الله، اتقوه في السر والعلن، اتقوه في القول والفعل، تَغْنَمُوا نعيمًا في الدنيا براحة الفؤاد، ونعيمًا في الآخرة بالجِنان. أيها المؤمنون: أخرج البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم كأشد كوكب دريٍّ في السماء إضاءةً، قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض، لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين، يُرَى مُخُّ سُوقِهن من وراء العظم واللحم من الحسن)). وأخرج البخاري رحمه الله أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن امرأةً من نساء أهل الجنة اطَّلعت إلى الأرض، لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولَنَصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها))، فأي نور وجمال في وجهها؟ فهنيئًا لمن كانت له وكان لها. صلوا على: أخيرَ من عبقت بالطيب راحته ![]() وفاق في حسنه الياقوت والقمرا ![]() وخير من شفعت في الناس طلعته ![]() وخير من بيَّن الآيات والسورا ![]() اللهم صلِّ وسلم وبارك وأنعم على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه وزوجاته وذرياته.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |