كلام نفيس لشيخ الإسلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4894 - عددالزوار : 1910614 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4463 - عددالزوار : 1232988 )           »          5 مهارات تساعد طلاب الثانوية العامة على زيادة التحصيل خلال المراجعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أعمل إيه بعد الشغل يشحن طاقتى؟ 7 أفكار ترجعلك الحيوية وتحسن مزاجك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          طريقة عمل تشويحة الكبدة.. دهون قليلة ومذاق لذيذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أطعمة تساعد على تطويل الشعر وتكثيف الرموش.. خليها دايمًا على سفرتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          اعملى صن بلوك طبيعى واحمى بشرتك من الشمس بـ5 مكونات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          8 وصفات سلطات فريش ومنعشة للصيف.. مثالية للأكل فى المصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          7 عناصر منزلية تجمع الغبار وتزيد درجة الحرارة.. ابعديهم في الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          طريقة عمل المكرونة بشرائح اللحم والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2020, 10:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,557
الدولة : Egypt
افتراضي كلام نفيس لشيخ الإسلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

كلام نفيس لشيخ الإسلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


بسم الله الرحمن الرحيم ،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 28/ 126-131]:
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِتْمَامَهُ بِالْجِهَادِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ ؛ وَلِهَذَا قِيلَ : لِيَكُنْ أَمْرُك بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُك عَنْ الْمُنْكَرِ غَيْرَ مُنْكَرٍ . وَإِذَا كَانَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات ، فَالْوَاجِبَاتُ والمستحبات لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا رَاجِحَةً عَلَى الْمَفْسَدَةِ ؛ إذْ بِهَذَا بُعِثَتْ الرُّسُلُ ، وَنَزَلَتْ الْكُتُبُ ، وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ؛ بَلْ كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ صَلَاحٌ .

وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الصَّلَاحِ وَالْمُصْلِحِين َ ، وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، وَذَمَّ الْمُفْسِدِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، فَحَيْثُ كَانَتْ مَفْسَدَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَعْظَمَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ ، لَمْ تَكُنْ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تُرِكَ وَاجِبٌ وَفُعِلَ مُحَرَّمٌ ؛ إذْ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِي عِبَادِهِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ هُدَاهُمْ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ } وَالِاهْتِدَاءُ إنَّمَا يَتِمُّ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ . فَإِذَا قَامَ الْمُسْلِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، كَمَا قَامَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ ، لَمْ يَضُرَّهُ ضَلَالُ الضُّلَّالِ . وَذَلِكَ يَكُونُ تَارَةً بِالْقَلْبِ ؛ وَتَارَةً بِاللِّسَانِ ؛ وَتَارَةً بِالْيَدِ . فَأَمَّا الْقَلْبُ فَيَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ ؛ إذْ لَا ضَرَرَ فِي فِعْلِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَيْسَ هُوَ بِمُؤْمِنِ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { وَذَلِكَ أَدْنَى - أَوْ - أَضْعَفُ الْإِيمَانِ } وَقَالَ : { لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ } . وَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ : مَنْ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ ؟ فَقَالَ : الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا . وَهَذَا هُوَ الْمَفْتُونُ الْمَوْصُوفُ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ .

وَهُنَا يَغْلَطُ فَرِيقَانِ مِنْ النَّاسِ : فَرِيقٌ يَتْرُكُ مَا يَجِبُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ تَأْوِيلًا لِهَذِهِ الْآيَةِ ؛ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خُطْبَتِهِ : ( إنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ } وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ؛ وَإِنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِ مِنْهُ } .

وَالْفَرِيقُ الثَّانِي : مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى ، إمَّا بِلِسَانِهِ ، وَإِمَّا بِيَدِهِ مُطْلَقًا ؛ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ وَحِلْمٍ وَصَبْرٍ وَنَظَرٍ فِيمَا يَصْلُحُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يَصْلُحُ ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَقْدِرُ ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخشني : سَأَلْت عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : { بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى إذَا رَأَيْت شُحًّا مُطَاعًا ، وَهَوًى مُتَّبَعًا ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ؛ وَرَأَيْت أَمْرًا لَا يَدَانِ لَك بِهِ ، فَعَلَيْك بِنَفْسِك ، وَدَعْ عَنْك أَمْرَ الْعَوَامِّ ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِك أَيَّامٌ ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ كَأَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ } . فَيَأْتِي بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُطِيعٌ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَهُوَ مُعْتَدٍ فِي حُدُودِهِ ، كَمَا انْتَصَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ ؛ كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ وَالرَّافِضَةِ ؛ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ غَلِطَ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْجِهَادِ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ فَسَادُهُ أَعْظَمَ مِنْ صَلَاحِهِ ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ ؛ وَنَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ ، وَقَالَ : { أَدُّوا إلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ ، وَسَلُوا اللَّهَ حُقُوقَكُمْ } . وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .

وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ ، وَتَرْكُ قِتَالِ الْأَئِمَّةِ ، وَتَرْكُ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ . وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ - كَالْمُعْتَزِلَ ةِ - فَيَرَوْنَ الْقِتَالَ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ ، وَيَجْعَلُ الْمُعْتَزِلَةُ أُصُولَ دِينِهِمْ خَمْسَةً : التَّوْحِيدَ : الَّذِي هُوَ سَلْبُ الصِّفَاتِ ؛ وَالْعَدْلَ : الَّذِي هُوَ التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ ؛ وَالْمَنْزِلَةَ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْ نِ ، وَ إنْفَاذَ الْوَعِيدِ ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ ، الَّذِي مِنْهُ قِتَالُ الْأَئِمَّةِ .

وَقَدْ تَكَلَّمْت عَلَى قِتَالِ الْأَئِمَّةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَجِمَاعُ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ : فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ ، وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ ، أَوْ تَزَاحَمَتْ ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَرْجِيحُ الرَّاجِحِ مِنْهَا ، فِيمَا إذَا ازْدَحَمَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ ، وَتَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ . فَإِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ - وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ وَدَفْعِ مَفْسَدَةٍ - فَيُنْظَرُ فِي الْمُعَارِضِ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفُوتُ مِنْ الْمَصَالِحِ أَوْ يَحْصُلُ مِنْ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرَ : لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ ؛ بَلْ يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ ؛ لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ ، فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا ، وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ، وَقَلّ أنْ تًعوزَ النُّصُوصُ مَنْ [لَا] يَكُونُ خَبِيرًا بِهَا وَبِدَلَالَتِهَ ا عَلَى الْأَحْكَامِ .

وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ أَوْ الطَّائِفَةُ جَامِعَيْنِ بَيْنَ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ ، بِحَيْثُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا ؛ أَوْ يَتْرُكُوهَا جَمِيعًا : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوفِ وَلَا أَنْ يُنْهُوا مِنْ مُنْكَرٍ ؛ بل يُنْظَرُ : فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ : أُمِرَ بِهِ ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ ، وَلَمْ يُنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنْهُ ؛ بَلْ يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالسَّعْيِ فِي زَوَالِ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَزَوَالِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ .

وَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ نُهَيَ عَنْهُ ؛ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ . وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكَرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَمْرًا بِمُنْكَرِ ، وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَإِنْ تَكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلَازِمَا نِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا ، وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُمَا . فَتَارَةً يَصْلُحُ الْأَمْرُ ؛ وَتَارَةً يَصْلُحُ النَّهْيُ ؛ وَتَارَةً لَا يَصْلُحُ لَا أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ ، حَيْثُ كَانَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ مُتَلَازِمَيْنِ ؛ وَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ الْوَاقِعَةِ .

وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّوْعِ : فَيُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ مُطْلَقًا ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مُطْلَقًا . وَفِي الْفَاعِلِ الْوَاحِدِ وَالطَّائِفَةِ الْوَاحِدَةِ يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفِهَا ، وَيُنْهَى عَنْ مُنْكَرِهَا ، وَيُحْمَدُ مَحْمُودُهَا ، وَيُذَمُّ مَذْمُومُهَا ؛ بِحَيْثُ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِمَعْرُوفِ فَوَاتَ أَكْثَرَ مِنْهُ ، أَوْ حُصُولَ مُنْكَرٍ فَوْقَهُ ، وَلَا يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حُصُولَ أَنْكَرَ مِنْهُ ، أَوْ فَوَاتَ مَعْرُوفٍ أَرْجَحَ مِنْهُ . وَإِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ ؛ فَلَا يَقْدُمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمِ وَنِيَّةٍ ؛ وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا ، فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ ؛ وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ . وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ .

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ : إقْرَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَئِمَّةِ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ ، لِمَا لَهُمْ مِنْ أَعْوَانٍ ، فَإِزَالَةُ مُنْكَرِهِ بِنَوْعِ مِنْ عِقَابِهِ ، مُسْتَلْزِمَةٌ إزَالَةَ مَعْرُوفٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، بِغَضَبِ قَوْمِهِ وَحَمِيَّتِهِمْ ؛ وَبِنُفُورِ النَّاسِ إذَا سَمِعُوا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَاطَبَ النَّاسَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ ، وَاعْتَذَرَ مِنْهُ ، وَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَوْلًا الَّذِي أَحْسَنَ فِيهِ : حَمِيَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عبادة مَعَ حُسْنِ إيمَانِهِ .

وَأَصْلُ هَذَا أَنْ تَكُونَ مَحَبَّةُ الْإِنْسَانِ الْمَعْرُوفَ وَبُغْضُهُ لِلْمُنْكَرِ ؛ وَإِرَادَتُهُ لِهَذَا ؛ وَكَرَاهَتُهُ لِهَذَا : مُوَافِقَةً لِحُبِّ اللَّهِ وَبُغْضِهِ ، وَإِرَادَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ الشَّرْعِيِّينَ . وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ لِلْمَحْبُوبِ وَدَفْعُهُ لِلْمَكْرُوهِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا ، وَقَدْ قَالَ : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } . فَأَمَّا حُبُّ الْقَلْبِ وَبُغْضُهُ وَإِرَادَتُهُ وَكَرَاهِيَتُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً جَازِمَةً ؛ لَا يُوجِبُ نَقْصَ ذَلِكَ إلَّا نَقْصَ الْإِيمَانِ . وَأَمَّا فِعْلُ الْبَدَنِ فَهُوَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ ، وَمَتَى كانت إرَادَةُ الْقَلْبِ وَكَرَاهَتِهِ كَامِلَةً تَامَّةً ، وَفِعْلُ الْعَبْدِ مَعَهَا بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ : فَإِنَّهُ يُعْطَى ثَوَابَ الْفَاعِلِ الْكَامِلِ ، كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
منقول



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.91 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]