|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الستير جل جلاله د. شريف فوزي سلطان عن يعلى بن أمية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبرَاز بلا إزار فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " إن الله حييٌّ ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر " [1]. وقد اشتُهر اسم الستير عند بعض الناس بأنه الستار أو الساتر حتى سمعنا من الناس من تسمَّى به، سمعنا من يقول: يا ساتر أو يا ستار، وهذا كله خطأ، فالصحيح الثابت أن من أسماء الله الحسنى اسم الله " الستير " ومن صفات الله العلا صفة السِّتْر". معنى الاسم فى حق الله: الستير جل جلاله: هو الذي يحب السِّتر ويُرغب فيه ويحث عليه. الستير جل جلاله: هو الذي من شأنه وإرادته وصفته حب الستر والصون. الستير جل جلاله: هو كثير الستر لعيوب عباده. الستير جل جلاله: هو الذي يستر القبائح في الدنيا ويستر الفضائح في الآخرة. نعمة السِّتر: الستر: صفة من صفات ربنا جل جلاله وهي من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان:20]. قال عكرمة عن ابن عباس: النعمة الظاهرة: الإسلام والقرآن، والباطنة: ما ستر عليك من الذنوب ولم يعجل عليك بالنقمة.[2]. فمن أعظم نعم الله عليك أن يشملك بستره الجميل. وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف:26]. يواري سوءاتكم: أي يستر عوراتكم، وسميت العورة سوأة لأنه يسوء صاحبَها انكشافُها. ولباس التقوى ذلك خير: أي كما ستر ظواهرنا باللباس الظاهر ينبغي أن نستر بواطننا بتعميرها بالتقوى والأعمال الصالحة، فيكون العبد قد تخلق باسم الله الستير واتصف بصفة الستر. لكن للأسف الشديد يأبي بعض الخلق إلا أن يكشف ذلك الستر وينزع ذلك الرداء فيسقط منه الحياء ويُنزع منه الستر!! لأجْل الستر: ♦ ولأجل الستر كره الله تعالى إشاعة السوء حتى لو كانت صادقة وكره الذين يشيعونها وتوعدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:19]. إذا قلبنا النظر في مجتمعات المسلمين نرى ظاهرة نشر الفضائح وإشاعة القبائح قد انتشرت انتشاراً مُرَوِّعاً عبر الهواتف المحمولة وصفحات ( الإنترنت ) وشاشات الفضائيات، فلا دين يمنع ولا خلق يردع ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن من الناس ناساً – عياذاً بالله – كالشياطين يحبون سماع السوء ويتلذذون بإذاعته وإشاعته يتصدرون المجالس خوضاً في أعراض المسلمين وهتكاً في مستورهم، الظن عندهم يقين.. والإشاعة في منطقهم حقيقة.. والهفوة في ميزانهم خلق دائم.. لا يملون من تكرار الأخبار المشؤومة.. ولا يفترون من ترصد الأحداث المرذولة.. يقول ابن القيم – رحمه الله -: " ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوى عليها [ أي لا يقف عليها ] وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بُغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته.." [3]. فالمؤمن إذا سمع ما لا يليق بمؤمن لا يحل له أبداً أن يروِّجه، بل لا يحل له أبداً أن يفرح به، فإن فرح به فليس مؤمناً، وإن روّجه فقد تسبب في فتن لا يعلن مداها إلا الله ولهذا قال الله: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [ النور:19]. وإذا كان نشر الفضائح قد ذم الشرع فاعلها وتوّعده بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة فكيف بمن يتهمون الآخرين بالظن ويشيعون التهم بالوهم، يفترون على الأبرياء ويشوهون صورة الفضلاء ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور:15]. قال الفضيل بن عياض: " المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعيِّر " [4]. ♦ ولأجل الستر شرع الإسلام حد القذف: حماية للأعراض من أن تكون كلأً مباحاً. قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور:4-5]. بل قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور:23- 25]. ♦ ولأجل الستر نهى الإسلام عن سوء الظن كما نهى عن التجسس: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾ [الحجرات: 12]. وهل سوء الظن والتجسس إلا بحث عن عيب المسلم وتتبع لعوراته؟! ولقد أدّب النبي صلى الله عليه وسلم أمته فأحسن تأديبها يوم أن ظهر غضبه واحتدت نبرته فخطب يقول: " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " [5]. بهذا المنهج القويم وهذه العفة الرحيمة تربى الصحابة رضي الله عنهم فستروا عيوب الناس وطوَوا معايبهم فنجوا في الدنيا والاخرة. ♦ ولأجل الستر نعى الله تعالى على الذين لا يستترون من جوارحهم وأعضائهم: فما أجمل الستر وما أعظم بركته وأبهى حلته!! الستر جوهرة نفيسة وعملة ثمينة وسلوك راقٍ به تحفظ الأمة بنيانها ويبقى لها كيانها وتدوم لها أخلاقها.. من أعظم النعم التي قد لا تفكر فيها أن تنال ستر الله عليك.. فماذا لو كشف ستره عنك؟ ماذا لو كانت للذنوب رائحة؟ هل يستطيع بعضنا أن يجالس بعضاً؟ ماذا لو كُتبت ذنوبنا على جباهنا فاطلع عليها الناس؟ ماذا لو كتبت على جدران بيوتنا الذنوب التي يقترفها هذا البيت أو ذاك؟ كم أسرةٍ ستُحطم لو كُشف ستر الله؟! كم زوجة ستُطلق لو كُشف ستر الله؟ كم رحم ستُقطع لو كشف ستر الله؟ كم خليل سيفارق خليله لو كشف ستر الله؟ كم صداقات ستمزق وعلاقات ستبيد لو كشف ستر الله؟ وكأن العبد قد أُمر أن يستتر حتى من نفسه التي بين جنبيه لأنها - من جانب - عنده كبيرة ومن جانب آخر هي شاهدة عليه يوم القيامة. قال عز من قائل: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت: 19 -24]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |