وليس أخو علم كمن هو جاهل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 23 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 156 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 2334 )           »          بدعة رد السنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 62 )           »          الأمير سيف الدين المشطوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فصول من التآمر اليهودي على النصرانية والإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من يحرم على النار، ومن يحرم على الجنة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحق والقوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 28-08-2025, 01:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي وليس أخو علم كمن هو جاهل

وليس أخو علم كمن هو جاهل

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ وَبَعدَ عُطلَةٍ ارتَاحَ فِيهَا المُعَلِّمُونَ وَالطُّلاَّبُ قَلِيلًا، يَعُودُونَ بَعدَ غَدٍ إِلى مَدَارِسِهِم وَمَعَاهِدِهِم، وَيَرجِعُونَ إِلى فُصُولِهِم وَكَرَاسِيِّهِم، وَيَنفُضُونَ الغُبَارَ عَن كُتُبِهِم وَدَفَاتِرِهِم، وَيَلتَفِتُونَ إِلى أَقلامِهِم وَمَحَابِرِهِم، استَرَاحُوا قَلِيلًا وَمَتَّعُوا الأَنفُسَ بِشَيءٍ مِنَ المُبَاحَاتِ، لِتَعُودَ نَشِيطَةً مُقبِلَةً رَاغِبَةً، يَحدُوهَا الشَّوقُ إِلى إِكمَالِ المَسِيرَةِ في طَلَبِ العِلمِ، وَيَدفَعُهَا الجِدُّ إِلى تَزكِيَةِ النُّفُوسِ وَبِنَاءِ العُقُولِ بِالتَّزَوُّدِ مِنهُ، فَهَنِيئًا لِمَن صَحَّت نِيَّتُهُ، وَأَرَادَ وَجهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَكَانَ مَقصِدُهُ إِزَالَةَ الجَهلِ عَن نَفسِهِ وَعَن غَيرِهِ، فَهُوَ بِذَلِكَ قَد سَلَكَ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ؛ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

وَمَا الدُّنيَا وَمَا قِيمَتُهَا وَمَا الحَيَاةُ وَمَا لَذَّتُهَا إِذَا هِيَ خَلَت مِنَ العِلمِ وَالتَّعَلُّمِ وَذِكرِ اللهِ وَمَا وَالاهُ؟! لَولا العِلمُ وَمَا يَصلُحُ بِسَبَبِهِ، لَكَانَ النَّاسُ في ضَعَةٍ وَضَلالٍ وَخَسَارٍ، لَكِنَّهَا بِالعِلمِ تَرتَفِعُ مِنهُمُ الأَقدَارُ، وَتُنَارُ البَصَائِرُ وَالأَبصَارُ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "الدُّنيَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاهُ، وَعَالِمًا وَمُتَعَلِّمًا"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

وَإِنَّمَا يُمدَحُ مِنَ العِلمِ مَا قَرَّبَ إِلى اللهِ، وَبَاعَدَ عَنِ الجَاهِلِيَّاتِ وَالأَخلاقِ البَهِيمِيَّةِ الَّتي مَا زَالَت بَعضُ المُجتَمَعَاتِ تَعِيشُهَا؛ لأَنَّهَا لم تُزَكِّ بِالعِلمِ الشَّرعِيِّ عُقُولًا وَهَبَهَا اللهُ إِيَّاهَا، وَفَرَّقَ بِهَا بَينَ الآدَمِيِّينَ وَبَقِيَّةِ مَخلُوقَاتِهِ الحَيَّةِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ أَلزَمَ مَا يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ أَهلُ العِلمِ مِن مُعَلِّمِينَ وَطُلاَّبٍ، أَن يَكُونَ لِمَا تَعَلَّمُوهُ أَثَرٌ في عُقُولِهِم وَنُفُوسِهِم، وَأَن يُرَى سُلُوكًا حَيًّا في تَعَامُلِهِم، وَنُورًا تُشِعُّ بِهِ أَخلاقُهُم، وَجَمَالًا تَتَزَيَّنُ بِهِ طِبَاعُهُم، فَلَيسَ المُتَوَاضِعُ بِبَرَكَةِ مَا يَحمِلُهُ مِنَ العِلمِ، كَالمُتَكَبِّرِ بِقَدرِ مَا يُثقِلُهُ مِنَ الِجَهلِ، وَلا المُستَنِيرُ بِنُورِ الهُدَى، كَالمُتَخَبِّطِ في ظُلُمَاتِ الضَّلالِ..
تَعَلَّمْ فَلَيسَ المَرءُ يُولَدُ عَالِمًا
وَلَيسَ أَخُو عِلمٍ كَمَن هُوَ جَاهِلُ
وَإِنَّ كَبِيرَ القَومِ لا عِلمَ عِندَهُ
صَغِيرٌ إِذَا التَفَّت عَلَيهِ الجَحَافِلُ
وَإِنَّ صَغِيرَ القَومِ إِن كَانَ عَالِمًا
كَبِيرٌ إِذَا رُدَّت إِلَيهِ المَحَافِلُ


مَا أَجمَلَ الإِنسَانَ حِينَ يَستَمِرُّ في طَرِيقِ العِلمِ صَابِرًا مُحتَسِبًا لا يَكَلُّ وَلا يَمَلُّ، مُتَوَاضِعًا مُتَطَامِنًا لا يَستَنكِفُ وَلا يَستَكبِرُ، مُقبِلًا رَاغِبًا لا يَستَحيِي مِن التَّزَوُّدِ مِنهُ وَالسُّؤَالِ عَمَّا جَهِلَهُ، وَالأَجمَلُ أَن يَعمَلَ بِمَا عَلِمَ، وَأَن يُغَيِّرَ العِلمُ قَلبَهُ وَقَالَبَهُ وَجَوَارِحَهُ، وَيُؤَثِّرَ في سَمعِهِ وَبَصَرِهِ، وَيَضبِطَ أَخذَهُ وَعَطَاءَهُ، وَتَتَّزِنَ بِهِ مُعَامَلَتُهُ لِلآخَرِينَ، وَيَحسُنَ تَصَرُّفُهُ مَعَ مَوَاقِفِ الحَيَاةِ المُختَلِفَةِ، فَثَمَرَةُ العِلمِ العَمَلُ، وَعِلمٌ بِلا عَمَلٍ، هُوَ في حَقِيقَتِهِ ادِّعَاءٌ وَإِن كَانَ صَاحِبُهُ يَحمِلُ أَعلَى الشَّهَادَاتِ وَيَتَقَلَّدُ أَرقَى المَنَاصِبِ، أَو يُوصَفُ بِأَكمَلِ الأَوصَافِ وَيُمنَحُ أَعلَى الدَّرَجَاتِ، وَلَيسَ لِنَيلِ ثَمَرَةِ العِلمِ طَرِيقٌ بَعدَ عَونِ اللهِ تَعَالى وَتَوفِيقِهِ، إِلاَّ مُحَاسَبَةُ النَّفسِ وَتَأَمُّلُ حَالِهَا، وَقِيَاسُ مِقدَارِ استِفَادَتِهَا مِن طُولِ تَعَلُّمِهَا وَتَربِيَتِهَا، هَلِ استَقَامَت بَعدَ أَن أُقِيمَت؟! وَهَل عَمِلَت بِمَا عَلِمَت؟! أَم أَنَّهَا مَا زَالَت تَأخُذُ بِمَا تَشتَهِي وَتَسِيرُ عَلَى مَا يَرُوقُ لَهَا، وَتَستَبدِلُ الأَدنَى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ، بِاتِّبَاعِ العَادَاتِ وَالرُّسُومِ وَالسُّلُومِ الَّتي مَا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلطَانٍ، وَتَركِ العِلمِ الَّذِي يَنفَعُ وَيَرفَعُ وَيُصلِحُ وَيُؤَدِّبُ، وَيُكسِبُ الأَجرَ وَحَسَنَ الذِّكرِ؟!

عَيبٌ - وَاللهِ - كَبِيرٌ، وَنَقصٌ في المُجتَمَعِ وَاضِحٌ، أَن تَكُونَ المَدَارِسُ فِيهِ مُنذُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ، وَتَتَوَالى عَلَيهَا أَجيَالٌ بَعدَ أَجيَالٍ، وَمَا زَالَ بَعضُ المُتَعَلِّمِينَ يَعِيشُ في زَمَنِ الجُهَّالِ، مُفتَخِرًا بِتَمَسُّكِهِ بِبَعضِ أَخلاقِ الآبَاءِ العَوجَاءِ، أَو صِفَاتِ العَامَّةِ الهَوجَاءِ، وَكَأَنَّهُ لا يَعلَمُ أَنَّ الأَجيَالَ السَّابِقَةَ إِنَّمَا عَاشُوا مَا عَاشُوا لِقِلَّةِ مَصَادِرِ العِلمِ لَدَيهِم وَنُدرَةِ مَحَاضِنِهِ، وَتَوَالي عُهُودِ الجَهلِ فِيهِم وَطُولِ الأَمَدِ عَلَيهِم، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ مِنهُم مَن هُوَ في تَمَسُّكِهِ بِقَلِيلٍ مِمَّا عَلِمَ، خَيرٌ مِن كَثِيرٍ مِن أَهلِ زَمَانِنَا مِمَّن عَلِمَ كَثِيرًا وَلم يَعمَلْ إِلاَّ قَلِيلًا، وَأُدِّبَ فَلَم يَتَأَدَّبْ، وَهُذِّبَت أَخلاقُهُ فَلَم تَتَهَذَّبْ، وَوُجِّهَ لَكِنَّهُ مَا زَالَ يُعَانِدُ وَيُكَابِرُ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّهُ لَيسَ المُعرِضُ عَن طَاعَةِ رَبِّهِ المُتَّبِعُ لِهَوَاهُ، كَمَن هُوَ مُطمَئِنُّ النَّفسِ قَانِتٌ للهِ، مُطِيعٌ لَهُ حَرِيصٌ عَلَى مَا يُقَرِّبُهُ إِلَيهِ، خَوفًا مِن عَقَابِهِ وَرَجَاءً لِثَوَابِهِ، ذَلِكَ هُوَ العَالِمُ حَقًّا، وَالمُستَفِيدُ مِن عِلمِهِ وَاقِعًا، فَلا يَستَوِي هُوَ وَالَّذِي لا يَعلَمُ شَيئًا، كَمَا لا يَستَوِي زَاكي العَقلِ الَّذِي يَنظُرُ في العَوَاقِبِ وَالمَآلاتِ، وَمَن لا لُبَّ لَهُ وَلا عَقَلَ إِلاَّ أَن يَتَّخِذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ فِيمَا تَعَلَّمنَاهُ، وَلْنَحذَرْ أَن نَقُولَ مَا لا نَعمَلُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِن عَلامَاتِ المَقتِ وَالبُعدِ عَنِ اللهِ وَالحِرمَانِ مِن بَرَكَةِ العِلمِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ وَتَنسَوهُ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ [البقرة: 223].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ لَيسَ أَكثَرَ رِبحًا وَلا أَوفَرَ حَظًّا بَعدَ الوَالِدَينِ، مِن مُعَلِّمٍ تَمضِي السَّنَوَاتُ وَهُوَ في أَروِقَةِ الفُصُولِ بَينَ طُلاَّبِهِ، يُرَبِّي وَيُعَلِّمُ وَيَنصَحُ وَيُوَجِّهُ، وَيَبني القِيَمَ وَيُثَبِّتُ المَبَادِئَ وَيُقَوِّمُ الأَخلاقَ، وَيُعِدُّ الأَجيَالَ لِلحَيَاةِ وَيَصنَعُ لَهُم مُستَقبَلَهُم، فَإِذَا التَفَتَ بَعدَ سَنَوَاتٍ، وَجَدَ مِن طُلاَّبِهِ الإِمَامَ وَالخَطِيبَ، وَالشَّاعِرَ وَالأَدِيبَ، وَالمُهَندِسَ وَالطَّبِيبَ، وَالضَّابِطَ الأَرِيبَ وَرَجُلَ الأَمنِ اللَّبِيبِ، ثم هُوَ مَا يَزَالُ يَحظَى مِن أَوفِيَائِهِم بِدَعَوَاتٍ صَالِحَاتٍ، تَملأُ مِيزَانَهُ بِالحَسَنَاتِ، لأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ نَجَاحِهِم وَفَلاحِهِم بَعدَ تَوفِيقِ اللهِ، فَلْيَهنَأِ المُعَلِّمُونَ وَإِن تَعِبُوا، وَلْيَرتَاحُوا نُفُوسًا وَإِن شَقِيَت مِنهُمُ الأَجسَادُ، وَلْتَقَرَّ أَعيُنُهُم وَإِن ذَهَبَ مَاؤُهَا في تَحضِيرِ دُرُوسِهِم وَتَصحِيحِ دَفَاتِرِ طُلاَّبِهِم وَمُتَابَعَةِ سُلُوكِهِم وَتَصحِيحِ مَسَارِهِم، فَهُم الآبَاءُ الَّذِينَ لَهُم في كُلِّ بَلَدٍ وَلَدٌ، وَفي كُلِّ مَكَانٍ لِسَانٌ، لَيسَ مِن كَبِيرِ قَومٍ وَلا أَمِيرٍ وَلا وَزِيرٍ، وَلا صَاحِبِ جَاهٍ وَلا رَئِيسٍ وَلا مُدِيرٍ، إِلاَّ وَلَهُم عَلَيهِ بَعدَ اللهِ فَضلٌ في بِنَاءِ شَخصِيَتِهِ وَتَقوِيمِ عَقلِهِ وَتَزكِيَةِ نَفسِهِ. أَمَّا أَنتُم أَيُّهَا الطُّلاَّبُ، فَجِدُّوا وَاجتَهِدُوا، وَاصبِرُوا تَظفَرُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن تَرَونَهُم أَمَامَكُم مِنَ النَّاجِحِينَ، قَد مَرُّوا بِمَا مَرَرتُم بِهِ، وَجَلَسُوا مَجَالِسَكُم وَكَتَبُوا وَتَعِبُوا، لَكِنَّهُم عَرَفُوا قَدرَ العِلمِ وَمَحَاضِنِهِ فَتَأَدَّبُوا، وَوَعَوا فَضلَ مُعَلِّمِيهِم فَأَطَاعُوهُم وَأَجَلُّوهُم.

وَأَخِيرًا أَنتُم أَيُّهَا الآبَاءُ، لا تَكُونُوا الرِّجلَ العَرجَاءَ أَوِ اليَدَ الشَّلاَّءَ، فَيَتَأَخَّرَ أَبنَاؤُكُم بِسَبَبِ غَفلَتِكُم، أَو يُخفِقُوا لِعَدَمِ تَعَاوُنِكُم، فَافتَحُوا صُدُورَكُم وَابنُوا مَتِينَ العِلاقَاتِ مَعَ جُنُودِ التَّعلِيمِ مِن مُدِيرِي مَدَارِسَ وَمُعَلِّمِينَ وَمُوَجِّهِينَ، وَشَاوِرُوهُم وَسَاعِدُوهُم، وَتَعَاوَنُوا عَلَى مَا يُصلِحُ أَبنَاءَكُم وَيُرَغِّبُهُم في العِلمِ، وَيُحَبِّبُ إِلَيهِم أَهلَهُ وَمَحَاضِنَهُ، وَلْيَكُنْ لَدَيكُم حِكمَةٌ وَبُعدُ نَظَرٍ، فَالبِنَاءُ مُتعِبٌ وَمُكَلِّفٌ، وَالهَدمُ سَهلٌ وَالهَادِمُونَ في زَمَانِنَا كَثِيرُونَ، لَكِنَّهُمُ بِوَعيِكُم وَانتِبَاهِكُم مَخذُولُونَ مُنهَزِمُونَ.

اللَّهُمَّ أَرشِدِ المُعَلِّمِينَ وَسَدِّدْهُم وَأَعِنْهُم وَقَوِّ عَزَائِمَهُم، وَوَفِّقْهُم واَرزُقْهُمُ الصَّبرَ وَالاحتِسَابَ، وَامنَحِ الأَبنَاءَ الذَّكَاءَ وَالزَّكَاءَ وَحُسنَ الأَدَبِ في الطَّلَبِ، وَيَسِّرْ لَهُم كُلَّ عَسِيرٍ وَسَهِّلْ لَهُم كُلَّ صَعبٍ، اللَّهُمَّ افتَحْ لَهُم مَغَالِيقَ الأَبوَابِ، وَدُلَّهُم عَلَى الحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَعَلِّمْهُم مَا يَنفَعُهُم، وَانفَعْهُم بِمَا عَلَّمتَهُم، وَزِدْهُم عِلمًا وَفَهمًا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.87 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]