"فايس بوك".. والوجه الأسود

[قطرات الندى]

كوميض البرق، انطلق موقع "الفايس بوك" على شبكة الإنترنت ليُحدث انقلاباً ملحوظاً في عالم الشباب، من خلال شبكة من العلاقات الإجتماعيّة.
كما هو معروف يسمح الموقع للشباب التواصل مع أصدقاء أو حتّى أشخاص لا يعرفوهم، مطلعين على أخبارهم وصورهم ونشاطاتهم. كما يمكنهم إضافة مقالات تسمح للناس المشاركة بمعلومات مميّزة إلى جانب الإتاحة للأصدقاء بكتابة الملاحظات والتعليقات لبعضهم البعض، بالإضافة إلى أنّه يتيح للفرد الإلتقاء بأشخاص كان يعرفهم في الماضي وانقطع عنهم لسبب ما، فيعودوا أصدقاء من جديد. هذا بالإضافة إلى أنّه يقرّب المسافات من خلال التواصل الدائم مع أشخاص يعيشون في الخارج.

وتُشير تقارير الصحف إلى أنّ هذا الموقع بات يستقطب أكثر من 70 مليون مشترك، وقد أدّى الإقبال عليه إلى حدّ الإدمان من جهة بعض الشباب.

عند الإعلان عنه، انطلق الموقع بفكرة تعطي الحريّة لكلّ شخص يريد تشكيل حساب له، بالتفاعل مع الآخرين. كما يسمح بالقبول أو الرفض من خلال دعوات الصداقة أو الإنضمام للمجموعات.

لكنه غدا بعد ذلك نقمة إذ يعمل بعض الأشخاص بالإساءة إلى هذا الموقع من خلال الدخول بأسماء وهميّة وانتحال أسماء وصور شخصيّات حقيقيّة. هذه الظاهرة وغيرها أدّت إلى إلغاء عدد لا يُستهان به من الأشخاص بريدهم في "الفايس بوك" بسبب ما تعرّضوا له من الأذيّة. فعلى سبيل المثال يأخذ بعض الأشخاص صوراً من "البروفايل" الخاص بالشخص ويوزّعونها على عدّة مجموعات من المشاركين، بعد تركيب جسد غير أخلاقي على الوجه.

وقد أكّد خبراء في التكنولوجيا بأنّ هذا الموقع لا يتمتّع بالخصوصيّة اللازمة، إذ يستطيع "القراصنة" أن يخترقوا أي حساب خاص ومعرفة كلّ ما فيه من الصور والأخبار والتصرّف بها على هواهم، حتّى ولو كان صاحبه متّبعاً كلّ إجراءات الخصوصيّة فيه.

بعد التجربة يظهر أن سلبيّات هذا الموقع باتت طاغية على إيجابيّاته، وذلك من خلال إساءة استخدامه وعدم معرفة الجميع بمخاطره. والمأساوي في الموضوع هو غياب أي شكل من أشكال الرقابة والقوانين الّتي تلاحق من يسيء استخدامه. والأسوأ هو أنّ العديد من الأشخاص المشتركين به لا يعلمون مخاطره وكيفيّة استخدامه، ممّا ينعكس سلباً عليهم. ونظراً لهذه المخاطر الكامنة بين طيّات الموقع، فقد تمّ إغلاقه ومنعه من قبل العديد من الدول، وذلك حفاظاً على الخصوصيّة ولمنع الإختراق الأمني والتلاعب بالمواطنين واستغلالهم.

يستدعي ذلك على الصعيد المحلي تدخّل السلطات في هذه التكنولوجيا بذكاء، وضمن إطار إعلامي للتحذير من مخاطر الإنترنت، وتثقيف كل من يستخدم "الفايس بوك" وتوعيتهم كي لا يتوصّلوا إلى خدش الحياء العام عند استعمالهم لهذه الحريّة بشكل مفرط ومعاقبتهم لو حاولوا.