الإسلام لا يكون إلا سياسيا.. للدكتور يوسف القرضاوي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 506 - عددالزوار : 301873 )           »          محمود شاكر (شيخ العربية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          داود وسليمان عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 23 )           »          أحداث في غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          من أقدار الله في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          دعوة الملوك إلى الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          موقف المسلم من الزلازل والكوارث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 615 )           »          إرهاقٌ بلا صوت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-09-2011, 01:17 PM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي الإسلام لا يكون إلا سياسيا.. للدكتور يوسف القرضاوي

مبحث أعجبني من كتاب "من هدي الإسلام.. فتاوى معاصرة" الجزء الثاني، ص ص 691-703، ط المكتب الإسلامي، ط1421-2000***يجب أن أعلنها صريحة مدوية: إن الإسلام الحق كما شرعه الله لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، وإذا جردت الإسلام من السياسة فقد جعلته دينا آخر يمكن أن يكون بوذية أو نصرانية أو غير ذلك، أما أن يكون هو الإسلام فلا. وذلك لسببين رئيسين: الأول: أن للإسلام موقفا واضحا، وحكما صريحا في كثير من الأمور التي تعتبر من صلب السياسة؛ فالإسلام ليس عقيدة لاهوتية، أو شعائر تعبدية فحسب، أعني أنه ليس مجرد علاقة بين الإنسان وربه، ولا صلة له بتنظيم الحياة، وتوجيه المجتمع والدولة. كلا، إنه عقيدة وعبادة، وخلق وشريعة متكاملة، وبعبارة أخرى: هو منهاج كامل للحياة بما وضع من مبادئ، وما أصل من قواعد، وما سن من تشريعات، وما بين من توجيهات تتصل بحياة الفرد، وشؤون الأسرة، وأوضاع المجتمع، وأسس الدولة، وعلاقات العالم. ومن قرأ القرآن والسنة المطهرة، وكتب الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه - وجد هذا واضحا كل الوضوح. حتى قسم العبادات من الفقه ليس بعيدا عن السياسة؛ فالمسلمون مجمعون على أن ترك الصلاة، ومنع الزكاة، والمجاهرة بالفطر في رمضان، وإهمال فريضة الحج - مما يوجب العقوبة، والتعزير، وقد يقتضي القتال إذا تظاهرت عليه فئة ذات شوكة، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه مع مانعي الزكاة. بل قالوا: لو ترك أهل بلدة ما بعض السنن التي هي من شعائر الإسلام مثل الأذان أو ختان الذكور، أو صلاة العيدين - وجب أن يدعوا إلى ذلك وتقام عليهم الحجة، فإن أصروا وأبوا وجب أن يقاتلوا حتى يعودوا إلى الجماعة التي شذوا عنها. إن الإسلام له قواعده وأحكامه وتوجيهاته في سياسة التعليم، وسياسة الإعلام وسياسة التشريع، وسياسة الحكم، وسياسة المال، وسياسة السلم، وسياسة الحرب، وكل ما يؤثر في الحياة، ولا يقبل أن يكون صفرا على الشمال، أو يكون خادما لفلسفات أو أيديولوجيات أخرى، بل يأبى إلا أن يكون هو السيد والقائد والمتبوع والمخدوم. بل هو لا يقبل أن تقسم الحياة بينه وبين سيد آخر، يقاسمه التوجيه أو التشريع، ولا يرضى المقولة التي تنسب إلى المسيح عليه السلام: "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله"؛ فإن فلسفته تقوم على أن قيصر وما لقيصر لله الواحد الأحد، الذي له من في السماوات ومن في الأرض، وما في السماوات وما في الأرض ملكا وملكا. وفكرة التوحيد في الإسلام تقوم على أن المسلم لا يبغي غير الله ربا، ولا يتخذ غير الله وليا، ولا يبتغي غير الله حكما، كما بينت ذلك سورة التوحيد الكبرى المعروفة باسم "سورة الأنعام". وعقيدة التوحيد في حقيقتها ما هي إلا ثورة لتحقيق الحرية والمساواة والأخوة للبشر، حتى لا يتخذ بعض الناس بعضا أربابا من دون الله، وتبطل عبودية الإنسان للإنسان، ولذا كان الرسول الكريم صلوات الله عليه يختم رسائله إلى ملوك أهل الكتاب بهذه الآية الكريمة من سورة آل عمران "قُلْ يَا أَهْل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" [آل عمران]. وهذا سر وقوف المشركين وكبراء مكة في وجه الدعوة الإسلامية، من أول يوم، بمجرد رفع راية "لا إله إلا الله"، فقد كانوا يدركون ماذا وراءها، وماذا تحمل من معاني التغيير للحياة الاجتماعية والسياسية، بجانب التغيير الديني المعلوم بلا ريب. السبب الثاني: إن شخصية المسلم كما كونها الإسلام وصنعتها عقيدته وشريعته وعبادته وتربيته لا يمكن إلا أن تكون سياسية، إلا إذا ساء فهمها للإسلام، أو ساء تطبيقها له؛ فالإسلام يضع في عنق كل مسلم فريضة اسمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يعبر عنها بعنوان النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وهي التي صح في الحديث اعتبارها الدين كله، وقد يعبر عنها بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهما من الشروط الأساسية للنجاة من خسر الدنيا والآخرة، كما وضحت ذلك سورة العصر. ويحرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلم على مقاومة الفساد في الداخل ويعتبره أفضل من مقاومة الغزو من الخارج، فيقول حين سئل عن أفضل الجهاد: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، وذلك لأن فساد الداخل هو الذي يمهد السبيل لعدوان الخارج. ويعتبر الشهادة هنا من أعلى أنواع الشهادة في سبيل الله "سيد الشهداء حمزة، ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله". ويغرس في نفس المسلم رفض الظلم، والتمرد على الظالمين حتى إنه ليقول في دعاء القنوت المروي عن ابن مسعود، وهو المعمول به في المذهب الحنفي وغيره "نشكرك اللهم ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك". ويرغب في القتال لإنقاذ المضطهدين والمستضعفين في الأرض بأبلغ عبارات الحث والتحريض، فيقول: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا" [النساء]. ويصب جام غضبه، وشديد إنكاره على الذين يقبلون الضيم، ويرضون بالإقامة في أرض يهانون فيها ويظلمون، ولديهم القدرة على الهجرة منها والفرار إلى أرض سواها، فيقول: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا" [النساء]. حتى هؤلاء العجزة والضعفاء قال القرآن في شأنهم: "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ"، فجعل ذلك في مظنة الرجاء من الله تعالى؛ زجرا عن الرضا بالذل والظلم ما وجد المسلم إلى رفضه سبيلا. وحديث القرآن المتكرر عن المتجبرين في الأرض من أمثال فرعون وهامان وقارون وأعوانهم وجنودهم - حديث يملأ قلب المسلم بالنقمة عليهم، والإنكار لسيرتهم، والبغض لطغيانهم، والانتصار - فكريا وشعوريا - لضحاياهم من المظلومين والمستضعفين. وحديث القرآن والسنة عن السكوت على المنكر، والوقوف موقف السلب من مقترفيه حكاما أو محكومين - حديث يزلزل كل من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. يقول القرآن: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" [المائدة]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-09-2011, 01:20 PM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي رد: الإسلام لا يكون إلا سياسيا.. للدكتور يوسف القرضاوي


ومن الخطأ الظن بأن المنكر ينحصر في الزنى، وشرب الخمر، وما في معناهما.
إن الاستهانة بكرامة الشعب منكر أي منكر، وتزوير الانتخابات منكر أي منكر، والقعود عن الإدلاء بالشهادة في الانتخابات منكر أي منكر؛ لأنه كتمان للشهادة، وتوسيد الأمر إلى غير أهله منكر أي منكر، وسرقة المال العام منكر أي منكر، واحتكار السلع التي يحتاج إليها الناس لصالح فرد أو فئة منكر أي منكر، واعتقال الناس بغير جريمة حكم بها القضاء العادل منكر أي منكر، وتعذيب الناس داخل السجون والمعتقلات منكر أي منكر، ودفع الرشوة وقبولها والتوسط فيها منكر أي منكر، وتملق الحكام بالباطل وإحراق البخور بين أيديهم منكر أي منكر، وموالاة أعداء الله وأعداء الأمة من دون المؤمنين منكر أي منكر.
وهكذا نجد دائرة المنكرات تتسع وتتسع لتشمل كثيرا مما يعده الناس في صلب السياسة.
فهل يسع المسلم الشحيح بدينه، الحريص على مرضاة ربه - أن يقف صامتا ؟ أو ينسحب من الميدان هاربا أمام هذه المنكرات وغيرها خوفا أو طمعا أو إيثارا للسلامة ؟
إن مثل هذه الروح إن شاعت في الأمة فقد انتهت رسالتها، وحكم عليها بالفناء؛ لأنها غدت أمة أخرى، غير الأمة التي وصفها الله بقوله: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران: 110].
ولا عجب أن نسمع هذا النذير النبوي للأمة في هذا الموقف؛ إذ يقول: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم - فقد تودع منهم" رواهأحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمر. أي فقدوا أهلية الحياة. وفي بعض الروايات "وبطن الأرض خير لهم من ظهرها".
إن المسلم مطالب بمقتضى إيمانه ألا يقف موقف المتفرج من المنكر، أيا كان نوعه: سياسيا كان أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا، بل عليه أن يقاومه، ويعمل على تغييره باليد إن استطاع وإلا فباللسان والبيان، فإن عجز عن التغيير باللسان انتقل إلى آخر المراحل وأدناها، وهي التغيير بالقلب، وهي التي جعلها الحديث "أضعف الإيمان".
وإنما سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - تغييرا بالقلب؛ لأنه تعبئة نفسية وشعورية ضد المنكر وأهله وحماته، وهذه التعبئة ليست أمرا سلبيا محضا كما يتوهم، ولو كانت كذلك ما سماها الحديث " تغييرا ".
وهذه التعبئة المستمرة للأنفس والمشاعر والضمائر لا بد لها أن تتنفس يوما ما في عمل إيجابي، قد يكون ثورة عامة أو انفجارا لا يبقي ولا يذر؛ فإن توالي الضغط لا بد أن يولد الانفجار، سنة الله في خلقه.
وإذا كان هذا الحديث سمى هذا الموقف " تغييرا بالقلب "؛ فإن حديثا نبويا آخر سماه " جهاد القلب " وهي آخر درجات الجهاد، كما أنها آخر درجات الإيمان وأضعفها؛ فقد روى مسلم عن ابن مسعود مرفوعا "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
وقد يعجز الفرد وحده عن مقاومة المنكر، وخصوصا إذا انتشر شراره واشتد أواره، وقوي فاعلوه، أو كان المنكر من قبل الأمراء الذين يفترض فيهم أن يكونوا هم أول المحاربين له، لا أصحابه وحراسه ... وهنا يكون التعاون على تغيير المنكر واجبا لا ريب فيه؛ لأنه تعاون على البر والتقوى، ويكون العمل الجماعي عن طريق الجمعيات أو الأحزاب وغيرها من القنوات المتاحة، فريضة أوجبها الدين، كما أنه ضرورة يحتمها الواقع.
إن ما يعتبر في الفلسفات والأنظمة المعاصرة " حقا " للإنسان في التعبير والنقد والمعارضة، يرقى به الإسلام ليجعله فريضة مقدسة يبوء بالإثم، ويستحق عقاب الله إذا فرط فيها.
وفرق كبير بين " الحق " الذي يدخل في دائرة " الإباحة "، أو " التخيير " الذي يكون الإنسان في حل من تركه إن شاء، وبين " الواجب " أو " الفرض " الذي لا خيار للمكلف في تركه أو إغفاله بغير عذر يقبله الشرع.
ومما يجعل المسلم سياسيا دائما أنه مطالب بمقتضى إيمانه ألا يعيش لنفسه وحدها، دون اهتمام بمشكلات الآخرين وهمومهم، وخصوصا المؤمنين منهم بحكم أخوة الإيمان "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" [الحجرات: 10].
وفي الحديث "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يصبح ناصحا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم، وأيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله".
والقرآن كما يفرض على المسلم أن يطعم المسكين، يفرض عليه أن يحض الآخرين على إطعامه، ولا يكون كأهل الجاهلية الذين ذمهم القرآن بقوله: "كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الفجر]، ويجعل القرآن التفريط في هذا الأمر من دلائل التكذيب بالدين "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الماعون].
/ويقرنه القرآن الكريم مع الكفر بالله تعالى في استحقاق العذاب الأليم في الآخرة "إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الحاقة].
وهذا في المجتمعات الرأسمالية والإقطاعية والمضيعة لحقوق المساكين والضعفاء تحريض على الثورة، وحض الوقوف مع الفقراء في مواجهة الأغنياء.
وكما أن المسلم مطالب بمقاومة الظلم الاجتماعي فهو مطالب أيضا بمحاربة الظلم السياسي، وكل ظلم أيا كان اسمه ونوعه. والسكوت عن الظلم والتهاون فيه يوجب العذاب على الأمة كلها الظالم والساكت عنه كما قال تعالى: "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً" [الأنفال: 25].
وقد ذم القرآن الأقوام الذين أطاعوا الجبابرة الطغاة وساروا في ركابهم كقوله عن قوم نوح: "وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا" [نوح]، وعن قوم هود: "وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" [هود]، وعن قوم فرعون "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ" [الزخرف].
بل جعل القرآن مجرد الركون والميل النفسي إلى الظالمين موجبا لعذاب الله "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" [هود].
ويحمل الإسلام كل مسلم مسؤولية سياسية، أن يعيش في دولة يقودها إمام مسلم يحكم بكتاب الله، ويبايعه الناس على ذلك، وإلا التحق بأهل الجاهلية، ففي الحديث الصحيح "من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية " رواه مسلم في صحيحه. .
ثم إن المسلم قد يكون في قلب الصلاة، ومع هذا يخوض في بحر السياسة حين يتلو من كتاب الله الكريم آيات تتعلق بأمور تدخل في صلب ما يسميه الناس "سياسة".
فمن يقرأ في سورة المائدة الآيات التي تأمر بالحكم بما أنزل الله، وتدمغ من لم يحكم بما أنزل الله سبحانه بالكفر والظلم والفسوق "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" [المائدة]، "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [المائدة: 47] يكون قد دخل في السياسة، وربما اعتبر من المعارضة المتطرفة؛ لأنه بتلاوة هذه الآيات يوجه الاتهام إلى النظام الحاكم ويحرض عليه؛ لأنه موصوف بالكفر أو الظلم أو الفسق أو بها كلها.
ومثل ذلك من يقرأ الآيات التي تحذر من موالاة غير المؤمنين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا" [النساء]. "لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" [آل عمران]. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ" [الممتحنة: 1]. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ" [آل عمران: 118].
ومن قنت " قنوت النوازل " المقرر في الفقه، وهو الدعاء الذي يدعى
به في الصلوات بعد الرفع من الركعة الأخيرة، وخصوصا في الصلاة الجهرية، وهو مشروع عندما تنزل بالمسلمين نازلة، كغزو عدو، أو وقوع زلزال، أو فيضان أو مجاعة عامة، أو نحو ذلك ... والذين زعموا أن الدين لا علاقة له بالسياسة من قبل، والذين اخترعوا أكذوبة "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين" من بعد - أول من كذبوها بأقوالهم وأفعالهم.
فطالما لجأ هؤلاء إلى الدين ليتخذوا منه أداة في خدمة سياستهم والتنكيل بخصومهم، وطالما استخدموا بعض الضعفاء والمهازيل من المنسوبين إلى علم الدين؛ ليستصدروا منهم فتاوى ضد من يعارض سياستهم الباطلة دينا، والعاطلة دنيا.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26-09-2011, 01:45 PM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي رد: الإسلام لا يكون إلا سياسيا.. للدكتور يوسف القرضاوي

ومن الخطأ الظن بأن المنكر ينحصر في الزنى، وشرب الخمر، وما في معناهما.
إن الاستهانة بكرامة الشعب منكر أي منكر، وتزوير الانتخابات منكر أي منكر، والقعود عن الإدلاء بالشهادة في الانتخابات منكر أي منكر؛ لأنه كتمان للشهادة، وتوسيد الأمر إلى غير أهله منكر أي منكر، وسرقة المال العام منكر أي منكر، واحتكار السلع التي يحتاج إليها الناس لصالح فرد أو فئة منكر أي منكر، واعتقال الناس بغير جريمة حكم بها القضاء العادل منكر أي منكر، وتعذيب الناس داخل السجون والمعتقلات منكر أي منكر، ودفع الرشوة وقبولها والتوسط فيها منكر أي منكر، وتملق الحكام بالباطل وإحراق البخور بين أيديهم منكر أي منكر، وموالاة أعداء الله وأعداء الأمة من دون المؤمنين منكر أي منكر.
وهكذا نجد دائرة المنكرات تتسع وتتسع لتشمل كثيرا مما يعده الناس في صلب السياسة.
فهل يسع المسلم الشحيح بدينه، الحريص على مرضاة ربه - أن يقف صامتا ؟ أو ينسحب من الميدان هاربا أمام هذه المنكرات وغيرها خوفا أو طمعا أو إيثارا للسلامة ؟
إن مثل هذه الروح إن شاعت في الأمة فقد انتهت رسالتها، وحكم عليها بالفناء؛ لأنها غدت أمة أخرى، غير الأمة التي وصفها الله بقوله: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران: 110].
ولا عجب أن نسمع هذا النذير النبوي للأمة في هذا الموقف؛ إذ يقول: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم - فقد تودع منهم" رواهأحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمر. أي فقدوا أهلية الحياة. وفي بعض الروايات "وبطن الأرض خير لهم من ظهرها".
إن المسلم مطالب بمقتضى إيمانه ألا يقف موقف المتفرج من المنكر، أيا كان نوعه: سياسيا كان أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا، بل عليه أن يقاومه، ويعمل على تغييره باليد إن استطاع وإلا فباللسان والبيان، فإن عجز عن التغيير باللسان انتقل إلى آخر المراحل وأدناها، وهي التغيير بالقلب، وهي التي جعلها الحديث "أضعف الإيمان".
وإنما سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - تغييرا بالقلب؛ لأنه تعبئة نفسية وشعورية ضد المنكر وأهله وحماته، وهذه التعبئة ليست أمرا سلبيا محضا كما يتوهم، ولو كانت كذلك ما سماها الحديث " تغييرا ".
وهذه التعبئة المستمرة للأنفس والمشاعر والضمائر لا بد لها أن تتنفس يوما ما في عمل إيجابي، قد يكون ثورة عامة أو انفجارا لا يبقي ولا يذر؛ فإن توالي الضغط لا بد أن يولد الانفجار، سنة الله في خلقه.
وإذا كان هذا الحديث سمى هذا الموقف " تغييرا بالقلب "؛ فإن حديثا نبويا آخر سماه " جهاد القلب " وهي آخر درجات الجهاد، كما أنها آخر درجات الإيمان وأضعفها؛ فقد روى مسلم عن ابن مسعود مرفوعا "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
وقد يعجز الفرد وحده عن مقاومة المنكر، وخصوصا إذا انتشر شراره واشتد أواره، وقوي فاعلوه، أو كان المنكر من قبل الأمراء الذين يفترض فيهم أن يكونوا هم أول المحاربين له، لا أصحابه وحراسه ... وهنا يكون التعاون على تغيير المنكر واجبا لا ريب فيه؛ لأنه تعاون على البر والتقوى، ويكون العمل الجماعي عن طريق الجمعيات أو الأحزاب وغيرها من القنوات المتاحة، فريضة أوجبها الدين، كما أنه ضرورة يحتمها الواقع.
إن ما يعتبر في الفلسفات والأنظمة المعاصرة " حقا " للإنسان في التعبير والنقد والمعارضة، يرقى به الإسلام ليجعله فريضة مقدسة يبوء بالإثم، ويستحق عقاب الله إذا فرط فيها.
وفرق كبير بين " الحق " الذي يدخل في دائرة " الإباحة "، أو " التخيير " الذي يكون الإنسان في حل من تركه إن شاء، وبين " الواجب " أو " الفرض " الذي لا خيار للمكلف في تركه أو إغفاله بغير عذر يقبله الشرع.
ومما يجعل المسلم سياسيا دائما أنه مطالب بمقتضى إيمانه ألا يعيش لنفسه وحدها، دون اهتمام بمشكلات الآخرين وهمومهم، وخصوصا المؤمنين منهم بحكم أخوة الإيمان "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" [الحجرات: 10].
وفي الحديث "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يصبح ناصحا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم، وأيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله".
والقرآن كما يفرض على المسلم أن يطعم المسكين، يفرض عليه أن يحض الآخرين على إطعامه، ولا يكون كأهل الجاهلية الذين ذمهم القرآن بقوله: "كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الفجر]، ويجعل القرآن التفريط في هذا الأمر من دلائل التكذيب بالدين "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الماعون].
/ويقرنه القرآن الكريم مع الكفر بالله تعالى في استحقاق العذاب الأليم في الآخرة "إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" [الحاقة].
وهذا في المجتمعات الرأسمالية والإقطاعية والمضيعة لحقوق المساكين والضعفاء تحريض على الثورة، وحض الوقوف مع الفقراء في مواجهة الأغنياء.
وكما أن المسلم مطالب بمقاومة الظلم الاجتماعي فهو مطالب أيضا بمحاربة الظلم السياسي، وكل ظلم أيا كان اسمه ونوعه. والسكوت عن الظلم والتهاون فيه يوجب العذاب على الأمة كلها الظالم والساكت عنه كما قال تعالى: "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً" [الأنفال: 25].
وقد ذم القرآن الأقوام الذين أطاعوا الجبابرة الطغاة وساروا في ركابهم كقوله عن قوم نوح: "وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا" [نوح]، وعن قوم هود: "وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" [هود]، وعن قوم فرعون "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ" [الزخرف].
بل جعل القرآن مجرد الركون والميل النفسي إلى الظالمين موجبا لعذاب الله "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" [هود].
ويحمل الإسلام كل مسلم مسؤولية سياسية، أن يعيش في دولة يقودها إمام مسلم يحكم بكتاب الله، ويبايعه الناس على ذلك، وإلا التحق بأهل الجاهلية، ففي الحديث الصحيح "من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية " رواه مسلم في صحيحه. .
ثم إن المسلم قد يكون في قلب الصلاة، ومع هذا يخوض في بحر السياسة حين يتلو من كتاب الله الكريم آيات تتعلق بأمور تدخل في صلب ما يسميه الناس "سياسة".
فمن يقرأ في سورة المائدة الآيات التي تأمر بالحكم بما أنزل الله، وتدمغ من لم يحكم بما أنزل الله سبحانه بالكفر والظلم والفسوق "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" [المائدة]، "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [المائدة: 47] يكون قد دخل في السياسة، وربما اعتبر من المعارضة المتطرفة؛ لأنه بتلاوة هذه الآيات يوجه الاتهام إلى النظام الحاكم ويحرض عليه؛ لأنه موصوف بالكفر أو الظلم أو الفسق أو بها كلها.
ومثل ذلك من يقرأ الآيات التي تحذر من موالاة غير المؤمنين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا" [النساء]. "لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" [آل عمران]. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ" [الممتحنة: 1]. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ" [آل عمران: 118].
ومن قنت " قنوت النوازل " المقرر في الفقه، وهو الدعاء الذي يدعى
به في الصلوات بعد الرفع من الركعة الأخيرة، وخصوصا في الصلاة الجهرية، وهو مشروع عندما تنزل بالمسلمين نازلة، كغزو عدو، أو وقوع زلزال، أو فيضان أو مجاعة عامة، أو نحو ذلك ... والذين زعموا أن الدين لا علاقة له بالسياسة من قبل، والذين اخترعوا أكذوبة "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين" من بعد - أول من كذبوها بأقوالهم وأفعالهم.
فطالما لجأ هؤلاء إلى الدين ليتخذوا منه أداة في خدمة سياستهم والتنكيل بخصومهم، وطالما استخدموا بعض الضعفاء والمهازيل من المنسوبين إلى علم الدين؛ ليستصدروا منهم فتاوى ضد من يعارض سياستهم الباطلة دينا، والعاطلة دنيا.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.28 كيلو بايت... تم توفير 2.54 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]