|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() علامات نهاية العالم (6) كثرة القتل د. محمد ويلالي الخطبة الأولى تحدثنا في الجمعة الماضية عن كثرة الفتن في هذا الزمان، باعتبارها إحدى العلامات البارزة من علامات دنو الساعة التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبينا أن أسبابها تدور على قوم صفاتهم: النفاق، ومناقضة أقوالهم لأفعالهم، وذهاب الأمانة منهم، وضعف دينهم، وقلة خلقهم، وظهور الاختلاف الشديد بينهم، والتكبر عن سماع النصيحة من غيرهم. كما لخصنا المخرج من هذه الفتن في الإكثار من الأعمال الصالحة، انطلاقا من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "بادروا بالأعمال فتنا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ" مسلم. ويترتب على هذه العلامة، علامة أخرى، بالغ النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير منها، والتنبيه على خطورتها، وفظاعة آثارها، ألا وهي "كثرة القتل". فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ". قَالُوا: "وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ، الْقَتْلُ" متفق عليه. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَتَتَقَارَبَ الأَسْوَاقُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ". قِيلَ: "وَمَا الْهَرْجُ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ" أحمد وهو في الصحيحة. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ". قَالُوا: "وَمَا الْهَرْجُ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ، الْقَتْلُ" متفق عليه. ولقد سأل حذيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو"، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها: إن بين يديها فتنةً وهرجا". قالوا: "يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟". قال: "بلسان الحبشة: القتل، ويُلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحدا" أحمد وهو في الصحيحة. ولما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة، التي يكون النائم فيها خيرا من المضطجع، والمضطجعُ فيها خيرا من القاعد.. قال له عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "يا رسول الله، ومتى ذلك؟". قال: "ذلك أيام الهرج". قلت: "ومتى أيام الهرج؟". قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". قلت: "فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان؟". قال: "اكفف نفسك، ويدك، وادخل دارك" أحمد وهو في الصحيحة. فانظر - بارك الله فيك - إلى دوران كلمة "الهرج" في هذه الأحاديث، وكيف ارتبطت بما يصيب الناسَ من فساد الخلق، وقلة الدين، وقلة العمل، وكثرة الكذب، وانتشار الشح، وإنكار بعض الناس لبعض، بمن فيهم الأقرباء والأصحاب، حتى إن الواحد منهم لا يكاد يأمنُ جليسَه أو يستأمنُه. ولذلك زاد النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر وضوحا، وبين أن القتل المذكور ليس قتل المسلمين للمشركين - كما قد يتبادر إلى الذهن -، وإنما هو قتل المسلم للمسلم، بل قتل الجارِ لجاره، والقريبِ لقريبه، كأبيه، وأمه، وجدته، وأخيه، وعمه، وخاله.. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن بين يدي الساعة الهرج" قالوا: "وما الهرج؟". قال: "القتل، إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتلُ بعضكم بعضا، حتى يقتل الرجلُ جارَه، ويقتلَ أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه". قالوا: "ومعنا عقولنا يومئذ؟". قال: "إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء" صحيح سنن ابن ماجة. وجعلهم هباء لأنهم ليسوا بشيء، وليسوا على شيء، يفسدون ولا يصلحون، ضررهم كثير، ولا نفع يرجى من ورائهم، وإن كانوا على هيئة العقلاء، معيشة، ولباسا، وكلاما، إِذْ نزعت منهم العقول، وسلبت منهم الإرادة. ولذلك تعجب الصحابة الكرام حتى قالوا: "ومعنا عقولنا يومئذ؟". وها نحن نسمع بين الفينة والأخرى بمَن قتلَ أمه بسبب خلاف يسير، ومن قتلت ابنها لأنه أصبح لا يطاق بسبب ما عليه من الإدمان على المخدرات، وذلك الابن العاق، المدمن على الخمر والمخدرات، الذي كان يبتز أمه العجوز، ويستولي كل شهر على أجرة تقاعدها، حتى إذا ضجرت منه يوما، وأبت أن تستجيب له، ضربها ضربا مبرحا حتى الموت.. وهكذا تتناسل أحداث الاعتداء على الأصول والفروع المؤلمة، مؤشرة على فقد عقول أصحابها - كما أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -. ومن مظاهر القتل الذي كثر في زماننا، هذه الحروب الطاحنة، التي أَعْمتها المصالح الخاصة، والمطامع الدنيوية، وحب السيطرة والتفوق، حتى إن دولة واحدة - تلقب بالمتقدمة - خاضت 50 حربا في مدة حكمها التي لا تزيد عن 300 سنة. وقد بينت دراسة حديثة أن عدد القتلى غيرِ المسلمين من طرف غير المسلمين بلغوا ما بين 1907 و 2007 قرابة 250 مليون شخص، حيث قتل في الحرب العالمية الأولى قرابة 10 ملايين، وفي الحرب العالمية الثانية أزيد من 62 مليونا، وقريب من هذا العدد جرحى، ومعطوبون، ومفقودون. وفي لحظة واحدة، قضت قنبلة واحدة على 140 ألف شخص في هيروشيما، وفتكت أخرى ب 80 ألفا في ناكازاكي، وقتل ما يقارب 43 مليون شخص في حرب بين الصينيين أنفسهم، و قتل 23 مليونا في الحروب بين اليابانيين والصينيين، و3 ملايين في حرب فيتنام، وأزيد من 9 ملايين في أثيوبيا، والسودان، والصومال، وكمبوديا، ونيجيريا، والموزمبيق.. وفي أفغانستان قتل ما بين 2007 و 2011 أزيد من 12 ألفا من المدنيين وحدهم. أما الحصار عليها منذ سنوات فقد تسبب في مقتل قرابة 15 ألف طفل. وفي العراق 20% من الأسر فقدت أحد أعضاءها، بسبب الحرب عليها، حتى نزل متوسط عمر العراقيين ب 20 سنة للرجال، و11 سنة للنساء. ومن ثم، يكون عدد المسلمين الذين قتلوا على يد غير المسلمين في 100 سنة الماضية قد بلغ 4 ملايين ونصفا، آخرُ فصولها ما يجري اليوم من غزو غربي لمالي المسلمة، حيث رحى الحرب التي لا تفرق بين مسلح وأعزل. وجميع غير المسلمين الذين قتلوا على يد المسلمين في القرن الماضي لم يتجاوزوا 25 ألفا، لكن تقول الدراسة إن عدد المسلمين الذين قتلوا من طرف مسلمين بلغ قرابة مليونٍ ونصف. ونحن اليوم نرى فصولا من هذا التقتيل في الشام، حيث بلغ عدد القتلى في سوريا طيلة 21 شهرا قرابة 60 ألفا، بمعدل يقارب المائة يوميا، مع احتمال سقوط 100 ألف أخرى هذه السنة إن استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم - لا قدر الله -، مع العلم أن 90% من هذه الأعداد من المدنيين، الذين لا يعرف كثير منهم، لِمَ قُتلوا، وفِيمَ قُتلوا، مصداقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَىْءٍ قَتَلَ، وَلاَ يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ" مسلم. فانظر إلى العالم كيف ينفق على التسلح ويسخر للحروب أزيد من 50 مليون شخص، منهم 500 ألف ما بين عالم، وفني، ومهندس، وخبير، أنتجوا أزيد من 30 ألف رأس نووي، صممت لحصد أرواح عشرات الملايين من القتلى، أليس هذا هو الهرج الذي حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟. وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ ![]() وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ ![]() مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً ![]() وَتَضْرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُوهَا فَتَضْرَمِ ![]() الخطبة الثانية قال تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]. إن القاتل المعتدي ليس له يوم القيامة إلا النار. يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]. وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قتال المسلم كفرا فقال: "سباب المسلم فسوف، وقتاله كفر"؛ متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض" متفق عليه. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" البخاري. بل مجرد حمل السلاح في وجوه المسلمين حرام. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل علينا السلاح، فليس منا" متفق عليه. كما أن ترويع الآمنين، وتخويفهم، واستفزازهم مما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو على سبيل المزاح، فكيف لو وقع حقيقة. يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" صحيح الترغيب؟ ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفكَ الدم الحرام بغير حله" البخاري.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |