|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرمز والحق وتجاذب الولاء عادل السبيعي يتشدقُ الكثيرُ بمثاليَّات التجردِ وصفاء الانتماء... وينتحبون عالياً ببكائيات مصطنعة على (وصل ليلى)... وشموخها بعدم إقرارها لهم بذلك... لكن لا تلبث أن تتكسرَ كلُّ هذه التشدقات عند أول عتبات ومَحَكَّات الولاء والتجرد؛ لتتلاعب بها رياحُ الأهواء والنفعية والرمزية بعيداً؛ لتخلق مسافة وهوة لا يمكن تجسيرها إلا ادعاءً وهمياً وتلاعباً مَقِيتاً... في مثل هذه الأجواء المشحونة بتوترات وتجاذب الولاء يبرزُ تصنيمُ الرمز كظاهرة سلبية أثرت في مشهدنا الفكري وولاءاتنا المتعددة؛ لتنتج سيلاً من البلاء متمثلاً باكتفاء الأتباع بشكليات رموزهم -إنْ علماً أو ذكاءً أو فصاحة- دون إبداء حاجتهم لملء تلك الشكليات بمضامينَ شرطية لتكتمل صورةُ الرمز إيجابياً... فالعلم مجرداً عن قوته العلمية - التي من خلالها يتم فرض فقه النوازل وسحب التنظير على واقع الأمة - لا يعدو كونَه درةً في بحر أو نسخة من كتاب... ومن أوتي ذكاءً ولم يؤت زكاء فضرره متعدٍّ لا يقفُ عند حد... والفصاحة ربما تكونُ أداة مؤثرة لرموز النفاق والنفعيين {وإن يقولوا تسمع لقولهم} [المنافقون: 4]. وثمة مؤثرات طاغية وموجهة لغياب التصافح مع الحق... فالاختلافُ بيئة خصبة جداً لتجاذب ولاءات الرموز، وقد يتيه خلقٌ عن صوت الحق وسَطَ ضجيج المكتسبات الشخصية حينما يبتعدون عن طلب التوفيق وسؤال الدلالة على الحق على شكل فعل روحي محض كنحو "اللهمَّ ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، عالِمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"... ثم على شكل علمي مؤصل يتم من خلاله رَدُّ الفروع إلى أصولها، وآحاد المسائل ومفرداتها إلى محيط كليات الشرع وثوابته... إن (ثنائية) [القول والقائل] و[الكاتب والمكتوب] من الإشكاليات التي تجعل الحق والمبدأ - وهو يقف (ثالثاً) بصفته محكِّماً - يصيبه الكثيرُ من الظلم والبخس، حينما ينجذب المتلقي (رابعاً) بقوة الرمز [قائلاً وكاتباً] فينساق وراء [قوله وكتابته] مستدبراً الحق وتحكيمه، ولا يدري - وهو يقع تحت هذا التأثير - أنه قام بتأجير عقله وفكره وعواطفه للغير متولياً بالنيابة عنه تحديد ثوابته المختلفة... وهنا يحضرُني ذلك الاقتراحُ العملي اللطيف بعدم إظهار أصحاب كتاباتنا وبياناتنا؛ ليتولى المتلقي تحديدَ قيمة المحتوى سلباً أو إيجاباً... ولي في ذلك تجرِبة شخصية إبَّان خروج أحد البيانات التي أحدثت هِزَّة فكرية كبيرة، إذ قرأته على بعض الأفاضل النجباء دون تعريفهم بأصحابه؛ فرأيتُ من الاستهجان والامتعاض من محتواه ما أدهشني... فمِنْ قائل: إنه ورقة عمل لأحد مؤتمرات تقارب الأديان!... ومن قائل: إنه مفردة في منظومة الإجهاز على فقه الولاء والبراء من بعض علمانيي زماننا، مشوباً بتمسح مكشوف ببعض الدلالات الشرعية!... ولكنني دهشت أكثر حينما خفَّت النبرةُ وتلطَّف القول من بعضهم لَمَّا عرَفوا من كَتَبَه وتبناه! فبان لي عملياً مدى تأثير الرمز، واستطاعتِه قلبَ المفاهيم أو تجريدها من معانيها، حتى في أصول الحق وثوابته الراسخة؛ ليتسلَّط عليها تشويهاً ومسخاً بكل ما أوتي من أدوات المصلحة، وبعد النظر، والعقلانية، وعدم التهور، وتوظيف كل ذلك كمسوِّغات يَرُوجُ سوقُها كثيراً عند من لا نصيب لهم من العلم والنظر... وكم كان الإمامُ أحمد - رحمه الله - يحمل حساً موفقاً في التجرد والإخلاص حينما كان ينهى أصحابَه عن تقليده، بل وتعدى ذلك بهجره مَن كَتَبَ فتاواه ومسائلَه؛ كل ذلك خشية من ترميزه، ومن ثم الاشتغال عن الأصل "ولكن خُذْ من حيث أخذوا"... وتزخرُ ساحاتنا بجعل الرمز محكِّما؛ فبحسَب قرب المُحاكم أو بعده من الرمز يَصدُر الحكمُ... وكم بُلينا بمن جعل الكثيرَ من الأشخاص وما يحملون من فكر نير هدفاً لمثل هؤلاء...
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |