|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من صور الشرك الشيخ محمد أبو عجيلة أحمد عبدالله أيُّها المسلمون: تكلمنا الجمعةَ الماضية عن صورة من صور الشرك، وهي شد الرِّحال لزيارة قبور الصالحين والاستغاثة بهم، وحديثنا اليوم عن صورة أخرى من صور الشرك: السِّحْر والشعوذة. السحر في اللغة: ما خَفِيَ ولطف سببه. وفي الاصطلاح: هو عزائم ورقى وعقد يؤثِّر في القلوب والأبدان، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه بإذن الله، وهو كُفر، والسَّاحر كافر بالله العظيم، وما له في الآخرة من خلاق؛ قال الله - تعالى -: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]. والسحر من الذنوب العظام وكبائر الآثام، وهو كفر بالله - تعالى - وشرك بربِّ العالمين، حرَّمه الله في كل ملة، وحذَّر منه الرسول أشد التحذير؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتَّولِّي يوم الزَّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)). وقد سُحِر نبينا، سحره اليهودي لَبِيد بن الأعصم، وكان يخيل إلى النبي أنَّه فعل الشيء وما فعله، وأنه لم يفعله وقد فعله، لكنَّ الله عصم الوَحْيَ من أن يتَطرَّق إليه سحر الساحرين، فرأى النبي في منامه مَلَكين، قال أحدهما: ما له؟ قال: مَطْبُوب؛ أي: مسحور، قال: من سحره؟ قال: لَبِيد بن أعصم في كذا وكذا، فأمر النبي، فأخرج ذلك السحر من بئر. أيُّها المسلمون: حد الساحر ضربة بسيف؛ روى الترمذي من حديث جندب بن عبدالله - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله قال: ((حَدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف))؛ والسحر والكهانة والعرافة والتنجيم كلها من علوم الشر، وبينها فروق، فالسِّحر هو أعظمها؛ قال الإمام مالك: لا يحل تعليمه ولا تعلمه، ومن تعلمه فقد كَفَرَ ولو لم يعمل به؛ لأنَّ الله - تعالى - يقول: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [البقرة: 102]. والسَّاحر لا يكون ساحرًا حتَّى يكفر بالله، ويطيع الشيطان، ويقدم له أفعالاً شيطانية، فمنهم من يبول على المصحف، ويدخل به الخلاء، ومنهم من يكتب آيات من القرآن بالنَّجاسة، ومنهم من يكتبها بدم الحيض، ومنهم من يكتب آيات من القرآن على أسفل قدميه، ومنهم من يُصلي وهو جُنب، ومنهم من يذبح للشيطان، ومنهم من يُخاطب الكواكب، ويسجد لها من دون الله، ومنهم من يَزْنِي بأمِّه أو ابنته، ومنهم من يكتب طلسمًا بألفاظ غير عربية تحمل معانِيَ كفرية. ومن هنا نعلم أن الجني لا يساعد السَّاحر ولا يخدمه إلا بمقابل، وهذا وكل ما يفعله الساحر إنَّما يفعله بمساعدة الشيطان له. ومن أعمال السَّحرة: كان أحدُ الأمراء - وهو الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط - بين يديه ساحر، يلعب بين يديه، يُمارس ألعابًا سحريَّة يُخيِّلها في أعين الناس، يقطع رأس إنسانٍ، ويَحْمله ثُمَّ يُعيده ثانية، ويقول الناس الجالسون: سبحان الله! إنَّه يُحيي الموتى، رجلٌ من أصحاب رسول الله وهو جُندُب الأسْديُّ - رضيَ اللهُ عنه - جاء في اليوم الثاني مشتملاً سيفه، فلمَّا بدأ ذلك الساحرُ يَلعَبُ ويُمارسُ تلك الأمور الموهِمة استلَّ سيفه، وضرب عنق الساحر وقال: إنْ كان صادقًا، فلْيحيِ نفسه، ففرَّق الله بذلك الصَّحابي بين الحقِّ والباطل، بين الهدى والضلال، تبين الكذب والإفك والضَّلال في فعل ذلك الساحر، الذي كان يُخيِّل للناس صنيعه بأنه قادرٌ على أنْ يُحيِيَ الموتى، ولا يُمكن عمل السحر إلا بالاتِّفاق بين الساحر وشيطان من الجن يساعده في ذلك؛ قال العلماء: السحر هو اتِّفاق بين ساحر وشيطان على أنْ يقوم السَّاحر بفعل بعض المحرَّمات أو الشركيَّات في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه. أيُّها المسلمون: وفي زماننا انتشر السِّحر والشَّعوذة، والسَّبب في ذلك ضعف الإيمان في القلوب وفساد العقيدة، وبعض الناس ملأ الحسد والحقد قلوبهم - وخاصةً النساءَ - فيذهبون إلى السَّحرة ليشفوا غليلهم، فكم سمعنا من قصص مأساويَّة؛ نتيجة لهذا الفعل القبيح والجرم الشنيع! فكم من أسر آمنة مستقرة تفككت! وكم زوجةٍ طُلِّقت! وأبناء شُرِّدوا! وكم من بريء قتل! وكم من فتاة كلَّما جاءها عريسٌ، فَرَّ! وكم من شباب أغلقت في وجهه الأبواب! ومنع الزواج! وكم من إنسانٍ مُعافًى تسبَّب الساحر في مرَضه! وكم من فقيرٍ تحمَّل دُيونًا؛ طلبًا لعافيةٍ سلَبها منه السَّاحر! مصائب وبلايا أحاطت بالمسلم والمسلمة، فماذا يستفيد هذا الجاني من تعذيب إخوانه وإذاقتهم ألون العذاب؟! ولكن ينبغي الانتباه لأمرٍ: بعض الناس إذا أصابته ضرَّاء كفشل في دراسة، أو تأخُّر في زواج إلى غير ذلك، هرع وجزع ووسوس، وقال: إنِّي مسحور، فليس مردُّ كل ما يحدث للمرء سحرًا، فلرُبَّما كان مرضًا نفسيًّا، أو تقصيرًا من العبد، أو امتحانًا من الله. أيُّها المسلمون: مَن مشى إلى ساحرٍ؛ ليعمَل له سِحرًا، فقد باعَ دينَه بدُنياه، واستعَاض عن نورِ الإيمان بظلامِ القَلب، الذَّاهِب للسَّحَرةِ أغضَب الخالقَ، وظَلَم المخلوق، وبلَغ من الحسَد غايتَه بعمَل السِّحر لغيرِه؛ إزالةً لنِعمةٍ تفضَّل الله بها علَى غيرِه، ووَبالُ مَن سعَى لسحرِ غيرِه مَردود عليه؛ قال جلَّ وعلا: {وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]، ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المسلم من سلِم المسلمون من لسانِه ويده))؛ البخاري ومسلم. قال الفضيل بن عياض: "والله ما يحل لك أن تؤذي كلبًا أو خنزيرًا بغير حقٍّ، فكيف تؤذي مسلمًا؟!". أيُّها المسلمون: المسحورُ مظلومٌ، وقد يُعوِّضه الله عن النِّعمة التي حُسِد علَيها بنعمةٍ أعظَمَ منها، والله يبتلِي من يحبُّ مِن عباده؛ رفعةً له وتكفيرًا لسيِّئاته؛ قال النبيُّ: ((من يُردِ الله به خيرًا يصِب منه))؛ رواه البخاريُّ. فلا تحزَن - أيُّها المسحور - على ما أصابك، فالله يبتلي عبدَه المؤمِن؛ ليقرِّبَه إليه، ولا تسخَط بسبَب ما حلَّ بك، ولا تجزَع مما كتَبَه الله عليك، فقد يَكون ذلك سببَ سعادَتك؛ قال سبحانه: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} [البقرة: 216]. ودَعوة المظلوم مستجابَة؛ قال نبينا: ((ثلاثُ دعواتٍ مستجابات لا شكَّ فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودَعوة المسافِر، ودعوةُ الوالِدِ على ولده))؛ رواه الترمذي، وإذا صَبرتَ واتَّقيتَ الله كانت لك العاقبةُ؛ قال - عزَّ وجلَّّ -: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]. وأكثِر من دعوة ذي النون: "لا إله إلا أنت سبحانَك إنِّي كنت من الظالمين"؛ يقول النبيُّ: ((لم يَدعُ بها مسلِم قطُّ إلاَّ استجابَ له))؛ رواه الترمذيُّ، قال ابن القيِّم: "وقد جُرِّب أنَّ مَن قالها سَبعَ مراتٍ كشَف الله ضرَّه". الخطبة الثانية أيُّها المسلم: كن قَريبًا من اللهِ، تبتعد عنك الآفاتُ والشُّرور، وأكثر من ذِكرِ الله، فذكر الله حصن حصين، وحافظ على صلاة الفجر جماعة تحفظ بإذن الله؛ عن سمرة - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من صلَّى الصبح في جماعة، فهو في ذمة الله تعالى))"؛ ابن ماجه. وداوم على تلاوة سورة البقرة، فإنَّها مباركة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((اقرَؤوا سورةَ البقَرة؛ فإنَّ أخذَها برَكة، وتركها حَسرة، ولا تستطيعها البَطَلة))؛ يعني: السحرَة؛ رواه مسلم. والْجَأ إلى الله بالدُّعاء، ولازم الاستغفار، تكشف عنك الهموم والأكدار، وفرج الله قريب، ولا تَيْئَسْ من رَوْحِ الله، ومَن أسرفَ على نفسِه بالذَّهاب للسحرة والكَهَنة والعرَّافين، فليقلِع عمَّا يفسِد عليه الدِّين، وليُقبِل على الله بتوبةٍ نصوحٍ من قبل أنْ يأتيك الموت، فعند ذلك لا ينفع الندم، واسلك سبيل المتقي، فالمتقي عبد سعيد، والعاصي يغشاه الوعيد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |