|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاستشهاد: ضوابط ومعايير لكل بحار قدير (1) محمد صادق عبدالعال أولًا: مصادر الاستشهاد: حري بمن يكون بحوزته البساتين اليانعة، ذات الأشجار الفارعة، والغصون الباسقة المحلِّقة في جوِّ السماء، الدانيات القطوف على سموِّها، الوافيات الحضور على عزِّها - أن يَغتنمها؛ فما هي بالتي يصيبها غضب الخريف، أو ينال منها طُغيان الشتاء، ولا هي كالربيع خضر وزَهر وأريج ثمَّ يهيج فتراه مصفرًّا؛ هي حدائق غنَّاء، لا يصيبها الإعياء، فيها لكلِّ داء دواء، حتى الحماقة التي أعيَت مَن يُداويها؛ وهي ذروة سنام البيان، وفيها الفرائض والأحكام، وفيها لكلِّ قوم آية، ولكل نبأ مستقر؛ مَن ابتغى الفهمَ بدونها ضلَّ وما استقام حتى يقرَّ بأنها الأسمى والأعلى، ولقد عجزت الجِنَّة والمرَدة على أن يأتوا بمِثل هذا القرآن في نصٍّ وتبيان ولو كان بعضُهم لبعض ظهيرًا؛ فمن وافقني وفَّقه الله، ومن عاج الشَّك بصدره فليقطع دابره بقول الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]. والاستشهاد سند لكلِّ مقال، وحجَّة لكلِّ خطيب ومحاضر، وهادٍ لمن أراد أن يذَّكر أو أراد حضورًا، فمن يَبتغِ مجانبة مواقع الشَّك والريبة فعليه بالقرآن الكريم، والمستشهد الفَطن هو من إذا قيل للناس: هل أنتم مستمعون؟ يكون على قدر المسؤولية، فيراعي ضوابط ومعاييرَ للاستشهاد من لغة الضاد؛ حتى لا يُتهم بالتقصير أو التصدير لما لا ينبغي عرضه، أو الاستشهاد بما ليس أهله، والله المستعان. وكسابق عهدنا مع المصادر وكل ما هو صادر، ننوِّه إلى الجانب اللغوي والصرفي في العنوان حتى أكون على بصيرة أنا ومن اتَّبعني في سطور هذا المقال بعون الله تعالى. فـ(استشهاد): (اسم) - مصدر اسْتَشْهَدَ. مثال: ضَمَّنَ المَوْضُوعَ اسْتِشْهَادَاتٍ لِتَدْعِيمِ رَأْيِهِ: ما يَسْتَشْهِدُ بِهِ مِنْ أَقْوَالِ الآخَرِينَ وَكِتَابَاتِهِمْ، الاسْتِشْهَادُ بِقَوْلٍ أَوْ بِرَأْيٍ. استَشهَدَ: (فعل). استشهدَ / استشهدَ على / استشهدَ في، يستشهد، استِشهادًا، فهو مُستشهِد، والمفعول مُستشهَد - للمتعدِّي. استشهد على رأيه بكذا: دلَّل عليه، أكَّده، جاء بشاهد عليه. استشهد الطَّالبُ زميلَه: طلب منه أن يشهد. استَشْهَدَ بكذا: احتجَّ به، استشهد بمَثَل: ضرَبه، استشهد بنصٍّ: ذكره. اسْتُشْهِدَ: (فعل). اسْتُشهِدَ يُستشهَد، استشهادًا، والمفعول مُستشهَد. وللاستشهاد مصادره ومنابعه التي تَعارف عليها الخلقُ، وأقرَّها الحقُّ، أعلاها ذروة سنام البيان "القرآن الكريم" كلام ربِّ العالمين، ثمَّ "الحديث القدسي" بوحي وإلهامٍ لنبينا صلى الله عليه وسلم، والحديث النبوي الشريف المنقول عن صدور الحفظة والناقلين عن رسول الله الذي لا يَنطق عن الهوى. والأحاديث منها الصَّحيح بسند، ومتفق عليه، ومنها الموضوع والضعيف بشهادة الثقات، والمستشهِد النَّجيب هو من يفتِّش عن الأسانيد؛ لكيلا يكون عليه حرَج حين يصدر كلامه بحديث ضعيف أو موضوع. ومن الوجاهة وحسن الأدب أن إذا سردنا ذلك في نقاط، أن تكون على ما هو آت: القرآن الكريم: وهو ما استهلَلنا به المقال؛ لأنه الأسمى والأصدق والأعلى، وكل كلام بعده وبعد السنَّة زيادة وإعادة، وتَنقُّل بين الاجتهاد والاستزادة، ومَن أحسن من الله قيلًا؟! ثم إنَّه الدستور الذي منه تنبثق أنوار الشرائع، وتُسن الفرائض، وتُعرف الحقوق، وتفرض الواجبات، وتنبع منه الرحمة كنبع الماء العذب من السموات أو الأرض، فضلًا عن علو الكلمة وسمو اللفظ ومحاكاة الأحداث الماضي منها والآت، فسبحان الله العليم منزل القرآن الكريم! وأتعجَّب ممن إذا جاء بمقالة لغربي أو مستشرق، أذاع بها، وإن قيل له: إنَّ مردها في القرآن الكريم، امتعض واعترض، ولولا أن يُتَّهم بالكفر لقال: إنَّ هذا لَشيء يراد، أقول لمثل هؤلاء جميعًا: من أيِّ بحور الحِكمة صِرنا نغترف؟! ومداد بحار الدنيا ما تصف! قدرًا للبحر الممتدِّ بأرفدة وجداولَ تأتلف[1]. الأحاديث القدسية: وهو ما جاء لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم بوحي وإلهام، وهو كلام الله لنبيه الأكرم صلى عليه ربي وسلم، وقد تختلف الأحاديث القدسية بحسب الرِّوايات؛ وهو ما يجعلها غير القرآن، فالقرآن لا ينبغي لأحد كائنًا مَن كان أن يغيِّر نصًّا فيه وإن تعدَّدَت القراءات. الأحاديث النبوية الشريفة: الصحيح والمتفق عليه وذو الأسانيد والرواة الثقات، وكل ما نُقل عن رسول الله قولًا وفعلًا، ولقد جاء الأمر الإلهي المباشر بالأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال ربُّنا في محكم التنزيل ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، إن الحديث الشريف ثاني مصادر التشريع التي مَنّ الله على نبيه الكريم بها وأعطى نبيه الكريم عطية التفصيل. ومن الأحاديث ما هو موضوع وضعيف بدرجات بأقوال الرُّواة، وما لم يثبت أنَّ رسول الله قال به، وكما ذكَرنا أن نجابة المستشهِد تجعله يتثبت من الحديث الذي سوف يَستشهد به. كتابات الأعلام والعلماء من الأمَّة الراحلين منهم ومَن على قيد الحياة: والرَّاحلون قد تحرَّوا رشَدًا، وعنهم يؤخذ النَّص والحكمة؛ لقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "مَن كان مستنًّا، فليستنَّ بميت؛ فإنَّ الحي يُخشى عليه من الفتنة"، ولقد ذخرَت المكتبة العربية والإسلامية بالكثير والكثير من كتب السابقين وأعلام الأمَّة الكرام، وفيها لِمن يَبتغي التِّبيانَ تبيان. فالمذاهب الأربعة خير مثال، وعلماء الأمَّة أنوارها وسراجها المنير، واقتداء الناس بهم أدعى للمحاضر أن يَستشهد بما يقولون وما أثبتوه حاضرًا وسالفًا، وأصالة عن نفسي ونيابة عن غيري ممن يجلُّون أهلَ العلم والعلماء، والذين يَعلو سلطانهم على القلوب قبل الأجساد، أستشهد بما قاله سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: ((وفَضل العالم على العابِد كفَضل القمر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماء ورَثة الأنبياء))، وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((فَضل العالم على العابِد كفضلي على أدناكم، إنَّ الله وملائكته وأهلَ السموات والأرض، حتى النَّملة في جحرها، وحتى الحوت - ليُصلُّون على معلِّم الناس الخير))؛ صدق رسول الله معلِّم الناس الخير[2]. وأقوال الزعماء والحكام والمشاهير يُستشهد بها، ولعلَّ جمهورًا كبيرًا يتقبَّلها ويتمثَّل بها؛ فغالبًا ما يكون الزعماء والحكَّام محطَّ أنظار ومعبر أفكار، ساد بهم العدل أو حاد بهم الظلم عن الشريعة السمحاء، فتصبح أقوالهم عبرة ومضرب مَثل. الشعر والحكمة والأمثال: وقبل أن يكونوا استزادة، فهم ثَقافة ووِجاء لصاحب المقام، والمستشهد بنصٍّ شعري أو حكمة مأثورة، أو كلمة تناقَلَتها الكتب واستقرَّت في بطونها، فصارت مضرب المثل لِمن أراد أن يذَّكَّر أو أراد الحكم - فتلك ثَقافة محمودة، وكم في تراثنا العربي من أمثال سِيقَتْ، وأشعار قيلتْ في شتَّى الأحكام والمعتقدات! فصارت بالتقادم أولى بالذِّكر، وبكثرة الترديد أحرى بالتبجيل؛ كقول أبي العتاهية مثلًا: يا نَفسُ قَد أزِف الرَّحيلُ وللحكمة العربية أعلامها، ربَّما يعلمها البسيط علمًا والقليل اطِّلاعًا، فلو ذكرَتِ الحكمة نفسها، لجال في ساحات العقول "لقمان الحكيم" بنصِّ القرآن، ولو ذكرت فضيلة "الصبر" تذكَّرت بالبديهة نبي الله "أيوب" بشهادة ربِّ العزة ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44]، ولو ذكرتِ العِفَّة والعفاف لذُكر يوسف الصديق والسيدة مريم العذراء عليهما السلام؛ ولو ذُكر الوفاء فخليل الله إبراهيم ﴿ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37]، ولو ذكرتِ المحامد وسمو الأخلاق، تكون شهادة التقدير العُليا التي نزلَت من فوق السَّبع الطباق: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، والكثير مما لا أستطيع أنا حصره أو سرده؛ لئلَّا يطول بنا المقام. وهذا لا يعني أن نَكتفي بما نزَل به القرآن؛ فإنَّ الأمثال قائمة إلى يوم القيامة، وكم في كتب التاريخ وبطونِ المعاجم مِن حِكَم أنَّى لفردٍ أن يستوعبها؟ لكن حكمة الله تَقتضي أن ننقِّب ونفتش عن كلِّ ما هو أصيل، يُضرب به المثل استشهادًا واستزادة علم وبلوغ أرب. • وأما عن الأمثال، فإنَّها نزهة المجالس وحِكمة الدهور، تناقلَتها الأزمنةُ والعصور، عبر أفواه لا تملُّ ذكرها، وعقولٍ لا تزال تتعجَّب من استيعابها؛ منها القديم الذي لم يَعُد يواكب العصر، ومنها القريب الذي ما زال على محكٍّ من الجدل؛ فكانت للعرب أمثال على إيجازها وإنجازِها صارت حيَّة حتى يومنا هذا؛ كقول القائل: "وعند جُهينة الخبر اليقين"، أو قول القائل: "قطعت جهيزة قول كلِّ خطيب"، أو "كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟". فالأمثال خبرة وتجارب عاصرَت واعتصرت قومًا صاروا لها حافظين، استقرَّت في قلوبهم والعقول، وما رحلوا حتى يكونوا لها ناقلين، نرفع لهم القبعات بما صدَّروا لنا من جنس أدبي ولون مختصر لفكرة الحياة وفنِّ المعاملات، وإن كان قد شاب البعضَ منها الريبةُ أو المبالغة فلنختر أيها يَصلح ولا يتعارض مع الدين، والله المستعان. كتابات المستشرقين والمستغربين مع مراعاة التنظير والمطابقة بين ما يكتبون والنصوص الإسلامية: فإن لم يكن، فلا حاجه لنا بها سوى الردِّ والدفاع عن الشريعة الغرَّاء، وتلك السادسة تستدعي المستشهِدَ المُستنير الذي إنْ طُعن في دينه صدَّ ورد، وقارن وطابق وعلل، فلا يدَع مجالًا لأصحاب الإلحاد أن يجولوا بساحات العقول، إلا ما تهيَّأت لذلك كبرًا وجهلًا. ومن المستشرقين من إذا أنصف كان أفضل من ذي اللِّسان العربي الذي يَجحد قيمة النصِّ القرآني المقدس أو الحديث النَّبوي الشريف أو اجتهادات وتراث الأمة. وكتابات الأعاجم بشأن العرب والمسلمين إشكالية خطيرة، فيراعى اليقظة حين الاستشهاد بها، ويراعى ثَقافة المتلقي كركيزتين هامَّتين في سياق المثل من أقوال المستشرقين؛ حيث إنَّ المستشهِد إذا أراد أن يَستشهد بنظرة الغرب الحاقِدة للإسلام والمسلمين، فعليه أن يناظِرها بأخرى؛ لتدفع تلك الفِرية، وتردَّ عن حظيرة الإسلام خطرَ الذئاب العاوية في جوف الليل والنهار. أيضًا الركيزة الثانية ألا وهي ثَقافة المتلقي مع تقديري لكلِّ من أنعَم الله عليه بنِعمة الحضور قلبًا وقالبًا، فلا يجب الاستشهاد بأغوار كلام الغرب في شأن الإسلام عند جمهورٍ تنحسر ثقافته في القليل، إلَّا إذا بسط أسلوبه، وهبط درجات سلم الإفهام، وشقَّ على نفسه في سياق العبارات وسردِ الحكايات؛ ليصِل إلى الهدف المرجوِّ والطلب المطلوب. وحين تنطَّع أحد لوردات أوروبا، ويُدعى "لورد لوتشيان" في محاضرة له بجامعة "عليكرة" عام 1938م بسؤال قال فيه: "هل يستطيع دينا الهند العظيمين: الهندوكية والإسلام، أن يَصمدا أمام النظرة العلميَّة الحديثة النَّاقدة بأكثر مما استطاعت الأرثوذكسية في الغرب؟! ثمَّ يزيد صلفًا ويقول: هذا سؤال هام على قادة الهِند أن يواجِهوه إذا كان للهند أن تتجنَّب الكوارث التي ألمَّت بالغرب... إلى آخر الكلام[3]. وبغضِّ النَّظر عن مقارنته الإسلام بالهندوكية أو غيرها؛ فالإسلام رسالة سامية خاتمة، جامعة شاملة، إلا أنَّ هذا المحاضر لم يكلِّف نفسه فرصةَ التعمُّق في المنهج الإسلامي القائم في حدِّ ذاته على التجديد والابتكار، فلا تجد دينًا يحضُّ على العمل والأخذ بالأسباب كالإسلام في تعاليمه وأوامره؛ بدليل قول الله عز وجل: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 11]، والسير لا يعني مجرد الاعتبار وأخذ المثال، بل يهدف إلى الابتكار والتخليق من أجل صناعة مَجد الأمَّة، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ إلى آخر الآيات [البقرة: 164] - حثٌّ ودعوة إلى النظر في الشأن المعنوي والمادِّي، ورسولنا معلِّم البشرية جمعاء قال فيما نُقل عنه: ((أنتم أعلم بشؤون دنياكم))، لم يحجر على فِكر، ولم يقدِّس أمرًا لا يستحق التقديس، والدليل الشورى التي كانت منهاجه، والمثال الحاضر لي الآن: ما حدَث يوم الخندق ونزوله صلى الله عليه وسلم على فكرة "سَلمان الفارسي". ومن نفس الكتيب لفت انتِباهي سطور للكاتب: "وقد أدرك السوفيت في الآونة الأخيرة قدرةَ الإسلام على التصدِّي للشيوعيَّة بقدرته على التطوُّر ومواءمة التقدُّم، وبما تحمله نظرته العلمية وشريعته السويَّة من قدرة على حلِّ المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وسياسة الدولة؛ إذ يوائم بين الماديَّة والروحية والواقع والفكر مواءمةً تَعجِز عنها الماركسية، كما عجزَت عنها المسيحيَّة والكونفوشية"[4]. هكذا يكون الاستشهاد الصَّحيح؛ ذِكر الفكر والفكر المعارض والمخالف؛ لتثبت لدى المتلقي "نظريَّة الحق" في سيادة دين الإسلام على جميع الشرائع والمذاهب. ومن فترة ليست بالبعيدة نُشر لي عبر شبكة الألوكة الطيِّبة مقال تحدَّثتُ فيه عن سيادة الدين الإسلامي على جميع الشرائع والمِلَل، متَّخذًا من أركان الدين وخصائصه ركائز لي أتوَكَّأ عليها؛ فالاستشهاد يدعم ويقوي رأي صاحبه، وكان الاستشهاد فيما نُقل عن المستشرقين والغرب في سيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم. ومع نماذجَ بسيطة مما أقرَّ به مَن ليسوا من بني جلدتنا في حقِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وما محمد صلوات ربي عليه بحاجةٍ لذلك، وإن تزكيةَ ربِّنا له لَتكفيه؛ لكن تذكرة وفضل مما شهد به الآخَرون: 1 - الأديب البريطاني جورج ويلز: محمد أقوى مَن أقام دولةً للعدل والتسامح. 2 - غوستاف لوبون المؤرِّخ الفرنسي: محمد أعظمُ رجالات التاريخ. 3 - كارليل الكاتب الإنجليزي: إني لأحبُّ محمدًا؛ لبراءة طبعِه من الرياء والتصنُّع. 4 - المهاتما غاندي الزعيم الهندي: محمدٌ يملك بلا منازع قلوبَ ملايين البشر. 5 - ويل ديورانت صاحب كتاب قصة الحضارة: محمدٌ أعظم عظماء التاريخ. 6 - الأديب الروسي تولستوي: شريعةُ محمدٍ ستسودُ العالمَ؛ لانسجامها مع العقل والحكمة. 7 - مايكل هارد صاحب كتاب "الخالدون المائة": محمدٌ هو الرجل الوحيد الذي نجح على المستويَيْن: الدينيِّ، والدنيويِّ. وغيرهم الكثير ممن قرؤوا عن محمدٍ ولم يرَوْه، فكيف لو كانوا قد رَأَوْه؟! وإن كان منهم مَن ليحجِّم مكانةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مجردِ عبقريةٍ، أو حسن سياسةٍ أو قيادة، أو إدارة جيشٍ، أو إنفاذ غزوةٍ، ولكن هذا ما وصل إليه ظنُّهم وفكرُهم من مقوِّمات النجاح. أما نحن المسلمين، فنعرفُ أن محمدًا نعمةٌ من الله وفضل، ونذكر قولَ ربِّنا في شأنه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [سبأ: 28]، وقوله في سورة النحل: ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83][5]. مواقع التواصل التقنية والمعلوماتية ومما تُستقى مادتها: مما سبق ذكره شريطة الإلمام بالسند القوي لا التكهُّن بما لم يحيطوا به علمًا، وعلى الرغم من شيوع وذيوع تلك السابعة من المصادر والتي يُصبح انتشارها أسرع من البرق حين يخطف الأبصار، فإنَّها قد تفتقر إلى المصداقيَّة كثيرًا؛ لأسباب؛ منها على سبيل الذكر مثلًا: (جهل المصدر أو عدم ذكره)، الناشر ليس بمسؤول مسؤولية قانونية أو لا يمنعه شرع أو وازعٌ من ضمير، ونحن لا نعمِّم قدرَ ما ننوه لبعض مَخاطر النشر الإلكتروني، ولسنا بصدد ذلك الآن. وذلك البناء الهرمي ذو السبعة المنافذ جميعه يخضع شرعيًّا لقمَّة الهرم، وهو القرآن الكريم، فلم يخالف الحديث بأنواعه نصًّا قرآنيًّا نزل، وما أجمله القرآن فصَّلَتْه الأحاديث، وما اجتهاد النَّاسمن باب افتقار الشرع له، لكنه دعوة لإعمال العَقل وتحريك الحاسَّة المنتقاة لخير البريَّة. وقبل الولوج إلى ما تفضَّل علينا به الله من سَرد لضوابط ومعايير الاستشهاد، نقول: إنَّ للاستشهاد درجات وعتبات، فمثلًا: بلاغة النصِّ القرآني: اشتماله على الأوامر والتعليمات بصيَغ عديدة؛ فمنها ما هو بصيغة الأمر المباشر، ومنها ما هو بصيغة الحثِّ، ومنها ما هو في مَضمون الكلام، وسوف نعدُّ مقالًا لذلك منفردًا، فالمجال أضيق من أن يَستوعب نظريَّة في القرآن الكريم، لكنَّنا نكتفي بالقول بأن المستشهِد الجيد هو مَن يأتي بالأمثلة الدالَّة على صِدق حديثه من القرآن؛ كالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فيجول ويدور في ساحة البستان القرآني وروضة السنة النبويَّة الشريفة، فيجتني ما عساه يَنفع الناس، ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]. وفي الجزء الثاني من المقال سوف نعرض بعضًا من معايير وضوابط الاستشهاد الصَّحيح مع سياق بعض الأمثلة إن شاء الله وقدَّر لنا عمرًا وطولَ أنفاس. [1] شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة / (المحبوب على حرف)؛ محمد صادق عبدالعال. [2] الوعي الإسلامي / الكويت / المسلم المعاصر بين القيم الإسلامية والمصالح الشخصية / بقلم: محمد قفة / العدد 395 / ص (39). [3] الإسلام وروح العصر / د. حسين فوزي النجار / سلسلة كتابك الصادرة عن دار المعارف/ مصر العدد 90 ص (4). [4] الإسلام وروح العصر / د. حسين فوزي النجار / سلسلة كتابك الصادرة عن دار المعارف/ مصر العدد 90 ص (33). [5] شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة الإسلامية / كيف ساد هذا الدين 2 / محمد صادق عبدالعال.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |