|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لا تؤذوا المسلمين أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عبادَ الله، لقد بَنى الإسلام أُسسَه في تنظيم العلاقةِ الاجتماعية بين أفراد المجتمع على قواعدَ مُثلى وركائزَ فضلى، وتكاثرت في ذلك النصوص من الكتاب والسنة، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، ويقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحاسدوا، ولا تناجَشوا، ولا تباغَضوا، ولا يبِع بعضكم على بيعِ بعض، وكونوا عبادَ الله إخواناً، المسلمُ أخو المسلم، لا يظلِمُه، ولا يحقرُه، ولا يخذُلُه، التَّقوى ها هنا - وأشار بيده إلى صدره ثلاثًا -، بحسب امرئٍ من الشّرّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام؛ دمُه وماله وعِرضه) رواه مسلم، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه) متفق عليه، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويُدخَل الجنّة فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وليأتِ إلى النّاس الذي يحبّ أن يؤتَى إليه) رواه مسلم، وتأسيسًا على ما تقدّم جاءت النّصوص متضافرةً في الزجرِ الشديدِ من أذيّة المؤمنين، والإضرار بهم بأيّ شكلٍ من الأشكال؛ القوليّة أو الفعليّة؛ الحسّيّة أو المعنويّة، ومما ورد في هذا الباب قول الله جلّ وعلا: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]. ونبيّنا - صلى الله عليه وسلم - يحذّر من الأذية في صور كثيرة، حتى في أمور قد يستهين بها الناس، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إيّاكم والجلوسَ في الطرقات)، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بدّ في مجالسنا؛ نتحدّث فيها، فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا أبَيتم إلاّ المجلس فأعطُوا الطريقَ حقَّه )، قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: (غضّ البصر؛ وكفّ الأذى؛ وردّ السّلام؛ والأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكر) متفق عليه. أيها الإخوة، إن أذيّة المؤمنين والإضرارَ بهم سببٌ عظيم لسخط الله جلّ وعلا وغضبِه وعذابه، صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبرَ فنادى بصوتٍ رفيع فقال: (يا معشرَ من أسلم بلسانِه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلِمين، ولا تعيّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنّه من تتبّع عورةَ أخيه المسلم تتبّع الله عورتَه، ومن تتبّع الله عورتَه يفضحه ولو في جوفِ رحله) رواه الترمذي وصححه الألباني. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من آذى المسلمين في طرقِهم وجبت عليه لعنتُهم) أخرجه الطبراني بسند حسن. وذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأةٌ تصلّي الليلَ وتصومُ النّهار؛ غير أنها تؤذي جيرانَها بلسانها، فقال: ( لا خيرَ فيها؛ هي في النّار) صححه الحاكم وغيره. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( لا ضررَ ولا ضِرار) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( المسلم من سلِم المسلمون من لسانِه ويده) أخرجاه في الصحيحين. ولذلك يقول الفضيل رحمه الله: (لا يحلّ لك أن تؤذيَ كلبًا أو خنـزيرًا بغير حقّ، فكيف بمن هو أكرم مخلوق؟!). إن هذه النصوصَ التي ذكرت وغيرَها كثير تدلُّ على تحريمِ أذى المؤمنين؛ والإضرارِ بهم بأي وجه. ولقد نهت الشريعة عن أذى المؤمنين والتحذير من الإضرار بهم ولو كان القصد حسنًا، جاء رجلٌ يتخطّى رقابَ النّاس يومَ الجمعة والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب؛ فقال عليه الصلاة والسلام له: (اجلِس فقد آذيت) رواه أبو داود والنسائي وإسناده حسن. وإذا كان الأمر كذلك مع إرادة عمل خير؛ فكيف بالأذى المقصود والأذيّةِ المتعمَّدةِ لأجل أغراضٍ شخصيّة ومنافعٍ دنيوية؟! إخوةَ الإيمان، وإنّ الأذى يزداد إثمًا وجرما؛ ويشتدّ عند الله كُرهًا ومقتًا حينما يتّجه إلى الجيران، فنبيّنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره) متفق عليه، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنَّةَ من لا يأمنُ جارُه بوائِقَه) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، أي: شروره. وكذلك الأذى يعظم عند الله حينما يكون مع أوليائه وأحبابه المتقين، في الحديث القدسي: (من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب). يقول قتادة: (إيّاكم وأذى المؤمن؛ فإنّ الله يحوطه ويغضب له)، كما يعظم الأذى الذي يكون مع من أوصى الله بصلتهم وبرهم كالأب والأم والأقارب، كما يعظم الأذى مع أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفق بهم من الخدم والعمال والضعفة. إخوةَ الإسلام، ألا وإن من الأمور المحمودة في هذا الموضوع ما يقوم به المؤمن من دفعَ الأذى عن الآخرين، فذلك عندَ الله جلّ وعلا أمرٌ محمود وفعلٌ مرغوب، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عُرِضت عليّ أعمال أمّتي حسنُها وسيّئها، فوجدتُ في محاسن أعمالِها الأذى يُماط عن الطريق،...) أخرجه مسلم،وأخرج أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مرّ رجلٌ بغُصن شجرةٍ على ظهرِ طريقٍ فقال: والله، لأنحِّينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخِل الجنّة). يقول أحد السّلف مبينا الخلق الرفيع مع الناس: (اجعَل كبيرَ المسلمين عندك أبًا، وصغيرَهم ابنًا، وأوسطَهم أخًا، فهل تحبّ أن تسيء إلى أحد منهم؟!)، ويقول آخر: (ليكُن حظّ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرّه، وإن لم تُفرحه فلا تغمّه، وإن لم تمدَحه فلا تذمَّه) . فاتّقوا الله عباد الله، وأحسنوا إلى الناس، فالله يحب المحسنين. أقول ما سمعتم.... الخطبة الثانية عباد الله، هذا نداءٌ وصيحة نذير إلى مَن لا يزال مستمرا في أذيّة آخرين، تذكّر أنّ الأذيّة ظلمٌ وأن الإضرار بالمؤمنين بغيٌ، وتذكّر أنّ معهم سلاحًا بتّارًا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (واتّق دعوةَ المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب) وفي الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين )، فلا تتهاون بمن آذيته أو ظلمته حينما يقول: حسبي الله ونعم الوكيل. أيّها المسلم، كُفَّ أذاك عن الناس قبل أن يُقضَى بينك وبينهم يومَ القيامة، فإن صاحب الحق إن لم يستوفِ حقّه اليوم؛ فسوف يستوفيه في موقف عظيم رهيب؛ يوم يقوم الناس لرب العالمين، يستوفيه من حسناتٍ أنت أحوج ما تكون إليها، فعن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كانت له مَظْلَمَةٌ لأحد من عِرْضِه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخِذ منه بقدر مَظْلَمَته، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه) أخرجه البخاري. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أتدرون ما المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ( إنّ المفلسَ من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاةٍ؛ ويأتي قد شتم هذا؛ وقذف هذا؛ وأكل مالَ هذا؛ وسفك دمَ هذا؛ وضربَ هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه؛ فإن فنِيت حسناته قبل أن يُقضيَ ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه؛ فطُرح في النّار )) رواه مسلم. نختم بتنبيه لمن يتولّى للمسلمين عملاً من أعمالهم أو وظيفةً من الوظائف التي جُعلت لخدمتهم؛ ليعلم أنّه مستأمن فيما وُلِّي عليه؛ وواجبٌ عليه بذلُ الجهد في تحقيق مصالح الناس ورفعِ الضّرر والأذى عنهم، ألا وإنّ المصيبةَ حينما يستغلُّ هذا المستأمنُ عملَه في أذية الناس وظلمهم، وهو بهذا واقعٌ في إثم مبينٍ وعلى خطَر عظيم، وقد وقعت عليه دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي دعاها بقوله: (اللهمَّ من ولِي من أمر أمّتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقُق عليه)، وخسر دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به) رواه مسلم. فاتقوا الله - عباد الله - واحذَروا من أذيّة الناس، وتحلّلوا منهم في الدنيا قبل الآخرة، واسلَمُوا بدينِكم، وحافِظوا على أعمالكم. اللهم ارزقنا محبةَ المؤمنين والرفقَ بهم.... اللهم طهر قلوبنا، ولا تجعل فيها غلا للذين آمنوا. اللهم وفقنا للسلامة من أذية إخواننا المؤمنين. اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق...... اختصار ومراجعة: الأستاذ: عبدالعزيز بن أحمد الغامدي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |