|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() توجيه الداعية للترفع عن اللغو مبارك بن حمد الحامد الشريف معنى اللغو لغة: قال ابن منظور: "اللغو واللَّغا: السقط وما لا يُعتدُّ به من الكلام وغيره، ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع"[1]. وفي الاصطلاح: هو ضم الكلام ما هو ساقط العِبرة منه، وهو الذي لا معنى له في حقِّ ثبوت الحكم[2]. وعرَّفه ابن كثير بأنه: "ما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال"[3]. والترفع عن اللغو والإعراضُ عنه من صفات المؤمنين، كما قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 3]، يقول ابن كثير: "أي عن الباطل، وهو يشمل الشرك، كما قال بعضهم، والمعاصي، كما قاله آخرون"[4]. ومن صفات عباد الرحمن أنهم إذا مَرُّوا باللغو مرُّوا كِرامًا، كما قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]؛ "أي لا يحضرون الزور، وإذا اتفَق مرورُهم به مرُّوا ولم يتدنَّسوا منه بشيء؛ ولهذا قال: {مَرُّوا كِرَامًا}"[5]. وقد أثنى سبحانه على أهل الكتاب الذين آمنوا بالقرآن، حيث إنهم أعرضوا عن اللغو، وترفَّعوا عنه وعن أهله، فقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55]، قال ابن كثير: "أي لا يخالطون أهله ولا يعاشرونهم، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]، ﴿ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾؛ أي: إذا سَفِهَ عليهم سفيهٌ وكلَّمهم بما لا يليق بهم الجوابُ عنه، أعرَضوا عنه، ولم يقابِلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلا كلامٌ طيِّب؛ ولهذا قال عنهم أنهم قالوا: ﴿ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾؛ أي: لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها"[6]. ومن نعمة الله وفضله على أهل الجنة أنهم منزَّهون عن سماع اللغو والكلام الساقط الذي لا فائدة منه، كما قال سبحانه: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ﴾ [مريم: 62]، وقال سبحانه: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 25، 26]، وقال سبحانه: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴾ [النبأ: 35]، يقول ابن كثير: "هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط.... لا معنى له، كما قد يوجد في الدنيا"[7]. وكذلك "ليس فيها كلام لاغٍ عارٍ عن الفائدة، ولا إثمٌ كذبٌ، بل هي دار السلام، وكل ما فيها سالمٌ من النقص"[8]. فأهل الجنة "لا يسمعون في الجنة كلامًا لاغيًا؛ أي غثا خاليًا عن المعنى، أو مشتملًا على معنى حقير أو ضعيف"[9]. وهكذا يقرِّر ابن كثير من خلال تفسيره أن اللغو هو الكلام الساقط وما لا فائدة منه في الأقوال والأفعال، وأن من صفات المؤمنين والمتقين وعباد الرحمن الإعراضَ عن اللغو والإثم والكذب، فواجب الدعاة إلى الله أن يُعرِضوا عن اللغو ويترفعوا عنه، وأن يتجنَّبوا مجالسة أهله، وإذا سَفِهَ عليهم السفهاء بما يكرهون، لم يقابِلوهم بمثله، بل يعفون ويصفحون، ويُكرِمون أنفسهم من الوقوف على مجالس اللغو والخوض فيها، فالحلم من الصفات التي لا يستغني عنها الإنسان، فضلًا عن الدعاة إلى الله، وهو دليل على قوة الشخصية، ومظهر من مظاهر الرشد والكمال والفضل، وثمرة من ثمار التدين الصحيح. "أما إذا كان الحلم أو العفو عن ضعف في النفس، وخوَرٍ في العزيمة، فليس ذلك من الحلم في شيء، وليس هو الفضيلة التي نحن بصددها، بل هو تهيُّب وجبن، وكثير من النفوس الضعيفة لا يزيدها الحلم إلا سفهًا وحمقًا، فمثل هذه النفوس لا تعالَج إلا بالحزم والشدة؛ وضْعًا للأمور في نصابها، وسموًّا بالحلم والعفو؛ حتى لا يكون وسيلة من وسائل الغي والإغراء بالعدوان"[10]. وأخيرًا فابن كثير رحمه الله يوصي الداعية وكلَّ مسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في الصلاة وعند قراءة القرآن وغير ذلك؛ لأن "من لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث، وتطييب له وتهيؤ لتلاوة كلام الله"[11]. [1] لسان العرب 15 /4501. [2] التعريفات، للجرجاني، ص247، تحقيق إبراهيم الإبياري. [3] انظر تفسير القرآن العظيم 3 /300. [4] المرجع نفسه 3 /300. [5] انظر تفسير القرآن العظيم 3 /409. [6] المرجع نفسه 3 /487. [7] انظر تفسير القرآن العظيم 3 /164. [8] المرجع نفسه 4 /549. [9] المرجع نفسه 4 /341. [10] انظر: البارودي، الدعوة والداعية في ضوء سورة الفرقان ص 248. [11] انظر تفسير القرآن العظيم 1 /24.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |