
09-06-2021, 02:40 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,917
الدولة :
|
|
خطبة عن سورة الأعلى
خطبة عن سورة الأعلى
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد
"المقام الأسمى في فوائد من سورة ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾"
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم آياته، في سورة نقرأها في الجمعة، وفي العيدين، وفي الوتر في رمضان وفي غيره، وهي سورة الأعلى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 1 - 15]، إلى آخر هذه السورة العظيمة، وهي سورة الأعلى.
في هذه السورة العظيمة؛ يأمرنا الله جل جلاله بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته، والخضوع لجلاله سبحانه، والاستكانة لعظمته، وأن يكون تسبيحًا يليق بعظمة الله سبحانه وتعالى، بأن تُذكر أسماؤه الحسنى العالية، على كل اسم بمعناها الحسن العظيم، وتُذكر أفعاله التي منها أنه خلق المخلوقات فسواها؛ فقال سبحانه: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾ [الأعلى: 1، 2]؛ أي: أتقنها وأحسن خلقها، ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ ﴾ تقديرًا، تتبعه جميع المقدرات، ﴿ فَهَدَى ﴾ [الأعلى: 3] إلى ذلك جميع المخلوقات.
قال مجاهد رحمه الله: "﴿ قَدَّرَ فَهَدَى ﴾: قدَّر الشقاء والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها".
وهذه الهداية العامة التي مضمونها أنه سبحانه هدى كل مخلوق لمصلحته، وتُذكر فيها نعمه الدنيوية؛ ولهذا قال فيها: ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴾ [الأعلى: 4]؛ أي: أنزل من السماء ماءً فأنبت به أنواع النبات والعشب الكثير، فرتع فيها الناس والبهائم وكل حيوان، ثم بعد أن استكمل ما قدر له من الشباب، ألوى نباته، وأيبس عشبه، ﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الأعلى: 5]؛ أي: أسود؛ أي: جعله هشيمًا رميمًا، ويذكر فيها نعمه الدينية؛ ولهذا امتن الله سبحانه وتعالى بأصلها ومنشئها، وهو القرآن، فقال: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ﴾ [الأعلى: 6]؛ أي: سنحفظ ما أوحينا إليك من الكتاب، ونودِعُه في قلبك، فلا تنسى منه شيئًا، وهذه بشارة كبيرة من الله سبحانه وتعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن الله سيعلمه علمًا لا ينساه.
﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأعلى: 7] مما اقتضت حكمته أن ينسيكَهُ يا محمد لمصلحة بالغة، ﴿ إِنَّهُ ﴾ سبحانه وتعالى ﴿ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾ [الأعلى: 7]، ومن ذلك أنه يعلم ما يصلح عباده؛ أي: فلذلك يشرع ما أراد، ويحكم بما يريد، ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ [الأعلى: 8]، وهذه أيضًا بشارة أخرى كبيرة؛ أن الله ييسر رسوله صلى الله عليه وسلم لليسرى في جميع أموره، ويجعل شرعه ودينه يسرًا.
﴿ فَذَكِّرْ ﴾ بشرع الله وآياته ﴿ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾ [الأعلى: 9]؛ أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة، سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه، وأما إن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير، لم تكن الذكرى مأمورًا بها بل منهيًّا عنها، فالذكرى ينقسم الناس فيها إلى قسمين: منتفعين وغير منتفعين.
فأما المنتفعون فقد ذكرهم جل جلاله بقوله: ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾ [الأعلى: 10] اللهَ سبحانه وتعالى؛ فإن خشية الله تعالى وعلمه بأن سيجازيه على أعماله توجب للعبد الانكفاف عن المعاصي، والسعي في الخيرات.
وأما غير المنتفعين، فذكرهم سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴾ [الأعلى: 11] في الدنيا والآخرة، ﴿ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴾ [الأعلى: 12]، وهي النار الموقدة التي تطلع على الأفئدة.
﴿ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا ﴾ فيستريح ﴿ وَلَا يَحْيَى ﴾ [الأعلى: 13]؛ أي: يعذب عذابًا أليمًا من غير راحة ولا استراحة، حتى إنهم يتمنَّون الموت فلا يحصل لهم؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ﴾ [فاطر: 36].
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾ وفاز وربح ﴿ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]، وطهر نفسه ونقاها من الشرك والظلم ومساوئ الأخلاق، ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 15]؛ أي: اتصف بذكر الله، وانصبغ به قلبه، فأوجب له ذلك العمل بما يُرضي الله لا سيما الصلاة، التي هي ميزان الإيمان، فهذا معنى هذه الآية الكريمة، وأما من فسر قوله ﴿ تَزَكَّى ﴾ بمعني: أخرج زكاة الفطر، و﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾: أنه صلاة العيد، فإنه وإن كان داخلًا في اللفظ وبعض جزئياته، فليس هو المعنى وحده، والغالب عليكم أيها الناس أنكم لا تقبلون على الحياة الأخرى، ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [الأعلى: 16] وتقدمونها على الآخرة، وتختارون نعيمها المؤقت القليل المنغص المكدر الزائل، تقدمونه على الآخرة.
فكروا وتدبروا؛ فالدنيا بما فيها مصيرُها إلى زوال لا بقاء لها، وهي دار ممر، والآخرة دار مقر، ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 17]، وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء، فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة بترحِ وحزن الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة، فلنحذر من الدنيا وغوائلها، ولنقبل على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، وأُولانا وأخرانا.
﴿ إِنَّ هَذَا ﴾ المذكور لكم في هذه السورة المباركة؛ من الأوامر الحسنة، والأخبار المستحسنة ﴿ لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ [الأعلى: 18، 19]، اللذين هما أشرف المرسلين، سوى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه أوامر في كل شريعة؛ لكونها عائدةً إلى مصالح الدارين، وهي مصالح في كل زمان ومكان؛ [تفسير (سورة الأعلى) للسعدي بتصرف يسير].
ففي هذه السورة المكية الحديثُ عن توحيد الله وقدرته سبحانه وتعالى، وعن القرآن وتيسير حفظه، وعن الأخلاق الكريمة بتهذيب النفس الإنسانية.
وقد افتُتحت بالأمر بتنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته، وأسمائه وأفعاله وأحكامه، ووصفه بصفات التعظيم والتمجيد؛ لخلقه المخلوقات، وإتقان الخلق وتناسبه، وإخراجه الأعشاب والنباتات: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1].
ثم تحدثت الآيات عن تيسير حفظ القرآن، وترسيخه في قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ بحيث لا ينساه أبدًا لينقله إلى الناس: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ﴾ [الأعلى: 6]، وليبقى محفوظًا بحفظ الله سبحانه وتعالى إلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة إن شاء الله سبحانه وتعالى القائل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
وأردفت الآيات وأتبعت ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتذكير بالقرآن؛ لإصلاح النفوس وتهذيب الطبائع: ﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾ [الأعلى: 9].
وخُتمت السورة ببيان فلاح كل من طهر نفسه من الكفر والشرك والمعاصي، وتذكر دائمًا في نفسه جلال الله وعظمته، ولم يُؤثِرِ الدنيا ولم يفضلها على الآخرة، وعرف أن هذه الأصول الاعتقادية والخُلُقية قديمة جاءت بها جميع الشرائع الإلهية: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]؛ [بتصرف من (التفسير المنير) للزحيلي (30/ 185، 186)].
إن دين الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام دين واحد، وإن اختلفت الشرائع؛ فـقد جاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لِعَلَّاتٍ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد))؛ [(خ) (3443)]، وفي رواية: ((أنا أولى الناس بابن مريم؛ الأنبياء أولاد علَّات، وليس بيني وبينه نبي))؛ [(م) 143 - (2365)]؛ أولاد العلات: الإخوة من الأب، وأمهاتهم شتى، فأبناء هذا الرجل من أكثر من امرأة يقال لهم: "إخوة علات أو أبناء علات".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الآخرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
إن سورة الأعلى لها شأن عظيم، ولها فضائل كثيرة، وخصَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدها، أو مع غيرها من السور - أن تُقرأ في صلوات معينة، فتُقرأ في صلاة الظهر أو العصر؛ كما ثبت عن عمران بن حصين قال: ((صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر - أو العصر - فقال: أيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى؟ فقال رجل: أنا، ولم أرد بها إلا الخير، قال: قد علمتُ أن بعضكم خالَجَنِيها))؛ [(م) 47 - (398)]، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة الأعلى، وبعده رجل يرفع صوته قليلًا، فأُلبس على النبي صلى الله عليه وسلم، و((خالجنيها))؛ أي: نازعنيها.
ويقرؤها في صلاة الظهر؛ كما ثبت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنهم كانوا يسمعون منه في الظهر النغمة بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، و﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾))؛ [(حب) (1824)، (خز) (512)، انظر الصحيحة: (1160)].
وأيضًا تُقرأ في صلاة العشاء؛ لما ثبت عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: ((أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة))؛ أي: صلاة العشاء، ((فقرأ بهم البقرة))؛ أي: العشاء قد دخل وقتها، وصلى الناس في المدينة، وهذا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذهب إلى قومه فافتتح البقرة، كم من الوقت استغرق عندما افتتح البقرة؟ وكم من الوقت سيستغرق حتى ينتهيَ من سورة البقرة؟ قال: ((فتجوَّز رجل فصلى صلاةً خفيفةً))؛ يعني: أكمل صلاته وهم في الركعة الأولى وانتهى، ((فبلغ ذلك معاذًا))؛ أن رجلًا صلى معك، واستطول صلاتك فذهب وأكمل صلاته وحده، ((فقال معاذ رضي الله عنه: إنه منافق))، كيف يخرج من الصلاة قبل الإمام؟ ((فبلغ ذلك الرجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا))؛ أي: يسقون زروعهم وأشجار النخيل والأعناب عندهم على النواضح وهي الإبل، بالقِرَبِ يأخذون الماء من مكان إلى مكان، وهذا يقتضي وقتًا، ((وإن معاذًا صلى بنا البارحة، فقرأ البقرة، فتجوَّزتُ، فزعم أني منافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معاذ، أفتَّانٌ أنت - ثلاثًا - اقرأ: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾، و﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، ونحوها)) [(خ) (6106)]، وفي رواية: ((فلولا صليت بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾، ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾، ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾؛ فإنه يصلي وراءك الكبير - كبير السن - والضعيف - الذي لا يقوى على القيام لمرض ونحوه - وذو الحاجة))؛ [(خ) (705)، (م) 178 - (465)]، وذو الحاجة مثل هذا الرجل الذي وراءه سقاية أشجاره.
وتُقرأ هذه السورة في صلاة الجمعة؛ وهذا قد ثبت عن سمرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، و﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾))؛ [(س) (1422)، (د) (1125)، (حم) (20150)].
وتقرأ في العيدين ولو كان العيد يوم جمعة يقرأ بهما؛ وهذا ما ثبت عن النعمان بن بشير قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، وفي الجمعة بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، و﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾، قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين))؛ [(م) 62 - (878)، (ت) (533)، (س) (1424)، (د) (1122)].
وتقرأ في الوتر؛ وهذا ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر: بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، و﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ في ركعة ركعة))؛ [(ت) (462)، (س) (1702)].
ويقرأ بها في صلاة الاستسقاء؛ وثبت هذا أيضًا عن ابن عباس قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذِّلًا متواضعًا متضرعًا، حتى أتى الـمصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد))؛ [(ت) (558)، (س) (1508)، (1521)، (د) (1165)، (جة) (1266)، (حم) (2039)].
وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، قال: سبحان ربي الأعلى))؛ [(د) (883)، (حم) (2066)، صفة الصلاة، ص: 105)].
ولقد تذكرت - حين تحضيري لهذه الخطبة - عندما كنت طالبًا في الثانوية أن أول ما حفظت عند شيخي كان سورة (الأعلى)، وكان الطلبة قبلي قد سبقوني في حفظهم، ووصلوا إلى سورة الأعلى، فقال لي: احفظ من هنا، ووجدت لي سلفًا في ذلك، وهو البراء بن عازب رضي الله عنه، وجدته قد فعل ما فعلتُ لكن اتفاقًا؛ فقد ثبت عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ((أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين - أي: من الصحابة المهاجرين - ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيتُ أهل الـمدينة فرِحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيتُ الولائد - البنات الصغار - والصبيان يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فما جاء حتى قرأتُ - أي: حفظت - ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ في سور مثلها))؛ [(خ) (4941)].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
اللهم علمنا ما جهلنا، وبارك لنا فيما علمتنا، وزدنا علمًا.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، وأصلح ذاتَ بينِهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة رسولك صلى الله عليه وسلم، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منهم.
اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا، ومن شر أبصارنا، ومن شر ألسنتنا، ومن شر قلوبنا، ومن شر منيِّنا.
اللهم إنا نعوذ بك من البَرَصِ والجنون والجذام، ومن سيئ الأسقام.
اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|