|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ولا تسرفوا سالم بن محمد الغيلي إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد المرسلين، وخير خلق الله أجمع،ين عليه الصلاة والسلام، ما تعاقبت الليالي والأيام، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]؛ أما بعد: عباد الله: احذروا مما حذَّر الله منه، إن الله عزَّ وجلَّ إذا حذَّر من شيء ونهى عنه، فإن في مخالفته العَطَبَ والزَّلَلَ، والشر والخَسارة وسوء العاقبة، وإن الله تعالى حذَّرنا ونهانا عن الإسراف، الإسراف، وما أدراك ما الإسراف؟ وكلنا مسرفون إلا من عصم الله، لا أحد يُبرِّئ نفسه، الإسراف خُلُقٌ يُبغِضه الله، لا يحبه، ولا يحب صاحبه. الإسراف يكون بالإسراف في المعاصي والذنوب، والآثام وكسب السيئات، إسراف إلى حدِّ الكفر عند كثير من المسلمين، ناهيك عن الكفار فإنه لا شأن لنا بهم، إسراف إلى حد النفاق، إلى حد الشرك، وإسراف إلى حدٍّ تستوي فيه الطاعة والمعصية عند كثير من المسلمين، وكلٌّ يتأمل حاله، ويراجع أعماله، ومن ثَمَّ سيجد العجب. إسراف في النظر إلى ما حرم الله في كل ساعة، وربما أقل إسراف بالسمع إلى ما حرم الله، إسراف بالكلام فيما حرم الله، إسراف في الكسب مما حرم الله، إسراف في البعد عن طاعة الله، جوارح خلقها الله للطاعة؛ سمع، وبصر، ويد، ورجل، وقلب، خلقها الله فسخَّرها صاحبها في المعصية، حتى انعكس فِعْلُها على القلب، فقسا القلب ثم ضعُف الإيمان؛ والله تعالى يقول: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، ﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 22]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ))؛ [صحيح مسلم]. والمسرف في المعاصي لا يُتقِنُ العبادة؛ فذهنه شارد ويتكاسل عن الطاعة، وتفوته مواسم الخير، فعزمُهُ خائرٌ، ولا يتأثر بآيات القرآن؛ فقلبه منكوسٌ، وطبعه مطموسٌ، وصدره ضيق، ومِزاجُهُ متغيِّر، وطبعُهُ محبوس، يحتقر المعروف، وتسهُل عليه المعصية، ولا يعتَبِرُ بنزول المصيبة، وكل ذلك أيها الأحبة بسبب الإسراف وتجاوز الحد في المعصية، مسرف على نفسه ما يستحيي من الله حق الحياء، مسرف حتى بلغ الإسراف إلى الاستهانة بالمعصية، والتعوُّد عليها وكأنها حلال، وقد يأتي الموت غفلة؛ فلا تنفع الحسرات، ولا تفيد الزَّفَرات، ومن مات وهو مسرف، فلا تسأل عن حاله ومآله؛ قال الله عن المسرفين: ﴿ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ [غافر: 43]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28]، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147]، ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف: 80، 81]. قال صلى الله عليه وسلم: ((كان رجلٌ يُسرِفُ على نفسِه، لمَّا حضره الموتُ، قال لبنيه: إذا أنا مِتُّ فأحرِقوني، ثمَّ اطحَنوني، ثمَّ ذروني في الرِّيحِ، فواللهِ لئن قدَر اللهُ عليَّ لَيُعَذِّبُني عذابًا ما عذَّبه أحدًا، فلمَّا مات، فُعِل به ذلك، فأمر اللهُ الأرضَ، فقال: اجمعي ما فيكِ، ففعلتْ، فإذا هو قائمٌ، فقال: ما حملك على ما صنعتَ؟ قال: خشيْتُك يا ربِّ - أو قال: مخافتُك - فغفَر له))؛ [أخرجه البخاري، ومسلم باختلاف يسير]، ولا يُقال لمسرف في المعاصي: احرق نفسك، لكن نقول: ارجع إلى الله، وتُبْ إلى الله، واتَّقِ الله في نفسك، واستغفر لذنبك قبل أن تموت، واستجب لأمر الله تعالى الذي يقول: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 54 - 58]. الإسراف من تزيين الشيطان للمعصية وتهوينها، ومن تزيين النفس الأمَّارة بالسوء، ومن تزيين رفقاء الشر، يزينون المعصية حتى يقع فيها المسرف، ثم تَنْفَلِتُ نفسه وتهوي به في دَرَكَاتِ الشقاء والذنب والكَدَر والتعاسة؛ ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 12]. اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين. أقول ما تسمعون ... الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، عدد ما خلق وذرأ وبرأ، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للناس أجمعين؛ أما بعد: عباد الله: الإسراف في المباحات، الإسراف في أمور الدنيا، تجاوزنا الحدَّ، أسرفنا، ترفَّهنا، بذرنا أكثر عبثنا بالنِّعَمِ، إسراف في الولائم، في العزائم، في المناسبات والزواجات، أكل بلا حدود تُرمَى بقيته في المزابل، وغيرنا في بلاد المسلمين يأكلون القمامة، ما وجدوا ما يأكلون، أين العقول؟ أليس فينا رجل رشيد، يغيِّرُ ويبدِّل مما يفعله الناس من الإسراف، ويحذرهم من عقوبة القوي المتين؟ نصف ما يُطبخ في البيوت يُرمَى به. الفرد منا يأكل ويأكل إلى حد الإسراف، حتى انتشرت الأمراض بين الناس من كثرة ما يأكلون، أُناسٌ يموتون من كثرة الأكل؛ والله تعالى يقول لنا: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، ويقول تعالى عن عباده الأتقياء: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]، والنبي صلى الله عليه وسلم يحثنا ويعلمنا أن ابن آدم ما ملأ وعاءً شرًّا من بطنه، وأرشدنا صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا مِن بطنٍ، بحسبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقمْنَ صُلبَهُ، فإن كانَ لا محالةَ، فثُلُثٌ لطعامِهِ، وثُلثٌ لشرابِهِ، وثُلثٌ لنفَسِهِ))؛ [صحيح الترمذي للألباني]. طريقتنا في الأكل غير صحية؛ فكثير يسرفون في العَشاء، ثم ينامون وهم مُتْخمون مُثْقلون، ولا يأتي عليهم الصباح إلا وقد أُصيبوا بالأمراض: الضغط والسكر، والصداع والكسل والهم، وقد حذَّر الحكماء والأطباء والعلماء من الإسراف في الطعام خاصة في الليل؛ كثرة أكل وقلة حركة. إسراف في ضياع الوقت، البيوت تسهر طوال الليل، الأبناء والبنات والنساء، ثم تضيع صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر. إسراف في فضح البيوت، وإخراج أسرارها عبر وسائل التواصل، تصوير لما يدور في المنزل من طعام وشراب، وزوار وطعام، ومطاعم ومطابخ؛ نقل مباشر. مقارنات من الزوجات والأزواج، فسدت بيوت كثيرة، وتبعثرت أسر كثيرة من أجل تلك البرامج. إسراف في ماء الوضوء، إسراف بل تبذير للماء في كل مكان، وزوروا محطات التحلية تَرَون ما يُذهِل، أين تذهب تلك المياه؟ أين تُصَبُّ؟ في البيوت إسراف بالماء عجيب ولا حسيب ولا رقيب، والله لو تقف تلك المحطات شهرًا واحدًا، سيُصاب الناس بمصيبة كبرى في بيوتهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كُلوا واشرَبوا، وتَصدَّقوا والْبَسوا، ما لم يخالِطْهُ إسرافٌ أو مَخيَلةٌ))؛ [حسنه الألباني]، وقال الله قبل ذلك: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ﴾ [سورة الإسراء: 29]، ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ﴾ [سورة الفرقان: 67]، ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الإسراء: 27]، ومَن يرضى أن يكون من إخوان الشياطين؟ إنهم المسرفون. أثبتت الأيام - وخاصة مع الوباء - أننا نستطيع الاقتصاد والتغيير والتعديل في أمور حياتنا، اقتصدنا في زواجاتنا، وفي مناسباتنا، وتيسرت كثير من الأمور، الزواجات الآن في البيوت، وفي الاستراحات الصغيرة، وفَّرنا كثيرًا من الأموال، فهل عابنا ذلك؟ هل نقص ذلك من قدرنا وكرامتنا؟ هل عيَّرَنا الناس؟ فلماذا لا نغير دائمًا إلى الأفضل؟ لماذا لا نترك الإسراف، ونرضي الله عنا؟ هل ننتظر إلى أن ينزل وباءٌ أو مصيبة، ثم نُفيق؟ ألا فلنتَّقِ الله أيها الناس، فلنتقِ الله، ولا نكون من المسرفين، لا نسرف على أنفسنا بالمعاصي؛ ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾ [لقمان: 34]، ولا نسرف على أنفسنا في أمور دنيانا؛ فإن ذلك مما يُبغِضه الله، ويعاقب عليه بالجوع والقحط، والزلازل والبراكين، والحروب وقلة البركة، والأوبئة والأمراض؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم: 28]. اللهم إنا نعوذ بك من شر أنفسنا، وشر الشيطان وشَرَكِهِ، ربِّ أوزعنا شكر نِعَمِكَ، والوقوف عند حدودك، اللهم جنِّبْنا سخطك ومَقْتك، برحمتك وكرمك يا أرحم الراحمين. وصلوا وسلموا على البشير النذير.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |