|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من أقوال السلف في أعمال القلوب -1 فهد بن عبد العزيز الشويرخ الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فطوبى لمن طابت قلوبهم بمعرفة الله, ومحبته, والخوف منه, والتوكل عليه, والافتقار إليه, والرضا بقضائه, والشوق إليه, والخضوع له, والرجاء, والصدق, والتسليم, والخشوع, وإخلاص أعمالهم له, وتعظيمه, وغيرها من أعمال القلوب, فحققوا العبودية لله, فسعدوا في الدنيا والآخرة, قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: أسعد الخلق أعظمهم عبودية لله. لأعمال القلوب أهمية كبرى في العبادات, فكل عبادة لها ظاهر وباطن, فعبودية الظاهر :القول باللسان, والعمل بالجوارح. وعبودية الباطن أعمال القلوب. وأعمال القلوب أولى من أعمال الجوارح في الدخول في مسمى الإيمان, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: دخول أعمال القلوب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها. فينبغي الاهتمام والحرص على أعمال القلوب, فهي أشدّ وجوباً من واجبات الأبدان, يقول العلامة ابن القيم رخمه الله: فواجبات القوب أشدّ وجوباً من واجبات الأبدان وآكد منها. والأعمال تتفاضل بما في القلوب, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص, وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض. لذا ينبغي الحرص على إصلاح القلب وغسله بالتوبة والاستغفار, والعنايةُ بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح. يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: يجب علينا -يا إخوان - العنايةُ بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح فعملُ الجوارح علامةٌ ظاهرة لكنَّ عملَ القلب هو الذي عليه المدار؛ ولهذا أخبَر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج وهو يخاطب الصحابة، فيقول: «يَحقِر أحدُكم صلاته مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم» أي: إنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية - والعياذ بالله - لا يتجاوز الإسلامُ حناجرَهم، «يَمرُقون من الإسلام كما يَمرُقُ السهمُ مِن الرَّميَّة» ، فعلينا أيها الإخوة أن نعتني بالقلوب وإصلاحها، وأعمالها، وعقائدها، واتِّجاهاتها؛ قال بكر بن عبدالله المزني: ما فضَلهم أبو بكر بفضل صومٍ، ولا صلاةٍ، ولكن بشيءٍ وقَر في قلبه, والإيمان إذا وقَر في القلب، حمَل الإنسانَ على العمل، لكن العمل الظاهر قد لا يَحمِل الإنسان على إصلاح قلبِه, فعلينا أن نعتني بقلوبنا وإصلاحها، وتخليصها مِن شوائب الشِّرك والبدع، والحقد والبغضاء، وكراهة ما أنزَل الله على رسوله، وكراهة الصحابة رضي الله عنهم، وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه، فنسأل الله تعالى أن يُصلحَ قلوبنا وقلوبكم، وأعمالنا وأعمالَكم وأن يَهَبَ لنا منه رحمةً إنه هو الوهاب. وقال: أنا أُحذِّر نفسي أولًا وأستغفر الله وأتوب إليه مما أنا عليه وأُحذِّركم أيضًا من أن تكونوا دائمًا على صِلة بقلوبكم...يجب علينا دائمًا أن نكون على صلة بهذا القلب نَغسله بالتوبة والاستغفار وسؤالِ الله عز وجل الثباتَ وأن يَقِيَك شرورَ نفسك. للسلف أقوال في أعمال القلوب, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
قال بعض السلف: ما بلغ من بلغ عندنا بكثرة صلاة ولا صيام, ولكن بسخاوة النفوس وسلامة الصدور, والنصح للأمة, وزاد بعضهم: واحتقار أنفسهم. فمن كان بالله أعرف, وله أخوف, وفيما عنده أرغب, فهو أفضل ممن دونه في ذلك, وإن كثر صومه وصلاته. أهمية أعمال القلوب وحكمها: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أعمال القلوب...من أصول الإيمان, وقواعد الدين, مثل: محبة الله ورسوله, والتوكل على الله, وإخلاص الدين له, والشكر له, والصبر على حكمه, والرجاء له,...وهذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق...باتفاق أئمة الدين.
فالظالم لنفسه: العاصي بترك مأمور, أو فعل محظور. والمقتصد: المؤدي الواجبات والتارك المحرمات. والسابق بالخيرات: المتقرب بما يقدر عليه من فعل واجب, ومستحب, والتارك للمحرم, والمكروه. وكل من الصنفين: المقتصدين, والسابقين من أولياء الله, الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62_63] فحد أولياء الله: هم المؤمنون المتقون, ولكن ذلك ينقسم إلى عام, وهم المقتصدون, وخاص, وهم السابقون, وإن كان السابقون هم أعلى درجات كالأنبياء والصديقين. وأما الظالم لنفسه من أهل الإيمان فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه, كما معه ضد ذلك بقدر فجوره, إذ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب, والسيئات المقتضية للعقاب.
معرفة الله عز وجل: ** قال مالك بن دينار, وعبدالله المبارك: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذيقوا أطيب شيء فيها, قيل له: وما هو ؟ قال: معرفة الله تعالى. ** قال عتبة الغلام: من عرف الله أحبه, ومن أحبه أطاعه. ** قال الحسن رحمه الله: من عرف ربه تبارك وتعالى أحبه. * قال الفضيل بن عياض: أعلم الناس بالله أخوفهم له. ** قال أحمد بن أبي الحوراني: من عرف الله آثر رضاه. ** قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: الله جل جلاله, ما عرفه إلا من خاف منه, فأما المطمئن فليس من أهل المعرفة. ** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: & أطيب ما في الدنيا معرفة الله جل جلاله, وأطيب ما في الآخرة النظر إليه. & اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به.
معرفة الله والأنس به جنة معجلة في الدنيا: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: في الدنيا جنة معجلة وهي معرفة الله ومحبته, والأنس به, والشوق إلى لقائه, وخشية وطاعته, والعلم النافع يدل على ذلك, فمن دله علمه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة, ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة, ولهذا كان أشدّ الناس عذاباً في الآخرة عالم لم ينفعه الله بعلمه, وهو من أشد الناس حسرة يوم القيامة حيث كان معه آلة يتوصل بها إلى أعلى الدرجات, وأرفع المقامات, فلم يستعملها إلا في التوصل إلى أخسِّ الأمور وأدناها وأحقرها, فهو كمن كان معه جواهر نفيسة لها قيمة فباعها ببعرةٍ أو شيءٍ مستقذر لا ينتفع به, فهذا حال من يطلب الدنيا بعلمه, بل أقبح وأقبح من ذلك من يطلبها بإظهار الزهد فيها, فإن ذلك خداع قبيح جداً.
** قال سعيد بن المسيب: من استغنى بالله, افتقر الناس إليه. حسن الظن بالله: ** قال أبو سليمان الدارني: من حسن ظنه بالله ثم لم يخفه ويطعه فهو مخدوع ** قال العلامة العثيمين رحمه الله: & حسن الظن بالله إذا عمل الإنسان عملًا صالحًا يحسن الظن بربِّه أنه سيقبل منه. & إذا دعا الله عز وجل يحسن الظن بالله أنه سيقبل منه دعاءه ويستجيب له. & إذا أذنب ذنبًا ثم تاب إلى الله ورجع من ذلك الذنب يحسن الظن بالله أنه سيقبل توبته. & إذا أجرى الله تعالى في هذا الكون مصائب يحسن الظن بالله، وأنه جل وعلا إنما أحدث هذه المصائب لحكم عظيمة بالغة. & يحسن الظن بالله في كل ما يقدره الله عز وجل في هذا الكون، وفي كل ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه خير ومصلحة للخلق، وإن كان بعض الناس لا يدرك هذه المصلحة، ولا يدرك تلك الحكمة مما شرع، ولكن علينا جميعًا التسليم بقضاء الله تعالى شرعًا وقدرًا، وأن نحسن به الظن؛ لأنه سبحانه وتعالى أهل الثناء والمجد.
** قال هرم بن حيان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله, إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه, حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم. ** قال الإمام القرطبي رحمه الله: ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه, حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() من أقوال السلف في أعمال القلوب -2 فهد بن عبد العزيز الشويرخ
أولاً: الشكر, كما في قوله تعالى: {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7] ثانياً: الإيمان والعمل الصالح, قال الله: ﴿ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ*جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } ﴾ [البينة:7_8] ثالثاً: الصدق, قال تعالى: ﴿ {قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ﴾ [المائدة:119] رابعاً: اتباع منهج السلف, قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100] الاستكانة والخضوع والذل والافتقار إلى الله : ** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أولياؤه المتقون إذا شاهدوا أحوال أعدائه ومقته لهم, وغضبه عليهم, وخذلانه لهم, ازدادوا له خضوعاً وذُلاً وافتقاراً وانكساراً وبه استعانةً, وإليه إنابةً, وعليه توكلاً, وفيه رغبةً ومنه رهبةً وعلموا أنه لا ملجأ لهم منه إلا إليه, وأنه لا يعيذهم من بأسه إلا هو. ** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قد يطلق اسم المسكين, ويراد به من استكان قلبه لله عز وجل, وانكسر له, وتواضع لجلاله, وكبريائه, وعظمته, خشيته, ومحبته ومهابته...فمن انكسر قلبه لله عز وجل, واستكان وخشع وتواضع, جبره الله عز وجل, ورفعه بقدر ذلك. فالمسكين في الحقيقة من استكان قلبه لربه وخشع من خشيته ومحبته, ولا يكون المسكين ممدوحاً بدون هذه الصفة, فإن لم يخشع قلبه مع فقره وحاجته فهو جبار. فالمؤمن يستكن قلبه لربه ويخشع له, ويتواضع, ويظهر مسكنته وفاقته إليه في الشدة والرخاء, أما في حال الرخاء فإظهار الشكر, وأما في حال الشدة فإظهار الذل والعبودية والفاقة والحاجة إلى كشف الضر. ** قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله سبحانه:{وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ} [هود:23] أي: خضعوا له, واستكانوا لعظمته, وذلوا لسلطانه, وأنابوا إليه بمحبته, وخوفه, ورجائه, والتضرع إليه.
من تعلق قلبه بالله إنزالاً لحوائجه بالله, ورغباً فيما عند الله, ورهباً مما يخافه ويؤذيه, يعني: يؤذي العبد فإن الله جل وعلا كافية, كما قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] ** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: القلب لا ينبغي به أن يتعلق بشيء من أمور الدنيا, إنما يتعلق بالله, فلا تعجب بما عندك من مال, فإنه قد يضيع في لحظات, ولا يعجب الإنسان بقوته ولا بذهنه بأنه يحفظ, أو غير ذلك, فإن الله جل وعلا قادر على صرف ذهنك عن الخير والطاعة إلى ما يضاده, ولا يعجب الإنسان بالأسباب الدنيوية, وإنما يتعلق قلبه بالله عز وجل, فإذا تعلق المرء بالله, وتوكل على الله, كفاه الله كل شيء, ومتى نظر إلى الأسباب واعتمد عليها وكل إليها, ووكل إلى عجز وهزيمة ولم تنفعه بشيء, وهذا مشاهد, فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين, متى كان الإنسان معتصماً بالله معتمد القلب على ربه وقاه الله كل سوء, ومكنه من كل خير. القلوب إذا ارتبطت بالله, وكانت مع الله, كان الله مع العبد, وأما إذا تفلتت القلوب من ارتباطها بالله فقد أسلمت نفسها إلى الضعف والعجز والخور.
** قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الاعتماد على نصر الله, لا على قوة, ولا سلاح, ولا كثرة, ولا عتاد, ولا شجاعة, ولا مرونة, ولا فراسة, إنما هو الثقة بالله وحده. ونحن لا نقول: إن هذه الأشياء لا ينبغي استعمالها بل الله أمرنا بأن نستعمل من القوة ما نقدر عليه {أَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60] وثبت في الحديث تفسير القوة بالرمي, فقال صلى الله عليه وسلم (ألا إن القوة الرمي) لكن لا تتخذ هي السبب, ولا يعتقد العبد أنها هي الوسيلة للنصر, فالذين مثلاً يقولون: إن أعداء المسلمين يملكون قنابل, ويملكون الطائرات القاذفة, ويملكون من القوة ما لا يملكه المسلمون, وعندهم وعندهم, ويخافون أولئك الأعداء ويعظمونهم في نفوسهم, إنما هذا من الشيطان. {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران:175] لكن لو كانوا صادقين في إيمانهم ومضوا مقبلين على ربهم, واثقين بنصره, فإنهم لن يخذلوا, ولن ينهزم لهم جيش إذا كانوا صادقين مستعملين ما معهم من القوة, ومع ذلك واثقين بأن النصر بالله تعالى لا بالقوة, بل بالله ثم بقوة الإيمان, ثم الأسلحة, والعتاد, والقوة فهذه مكملة لا أنها أساس في القوة, أو في الصبر.
وأصل الإيمان التذلل لله بعد الإيمان بربوبيته سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وألوهيته, فكلما كان العبد أكثر ذلاً وتعظيماً لله عز وجل وخشوعاً في القلب كان أكثر إيماناً وأعظم مقاماً عند الله عز وجل: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] & الواجب على العباد جميعاً, أن يعظموا الله, وأن يخبتوا إليه, وأن يظنوا أنهم أسوأ الخلق, حتى يقوم في قلوبهم أنهم أعظم حاجة لله عز وجل, وأنهم لم يوفوا الله حقه,
& الرب سبحانه أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه. & إذا افتقر العبد إلى الله ودعاه, وأدمن النظر في كلام الله, وكلام رسوله, وكلام الصحابة, والتابعين, وأئمة المسلمين, انفتح له طريق الهدى. & العبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقاراً وخضوعاً له: كان أقرب إليه, وأعزَّ له, وأعظم لقدره.
إحداهما: أن العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في عمل الطاعات والثانية: أنه لا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل, فمن أعانه الله فهو المعان, ومن خذله الله فهو المخذول. فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات, وترك المحظورات, وفي الصبر على المقدورات كما قال يعقوب عليه السلام لبنيه: ﴿ {فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ } ﴾ [يوسف:18] ولهذا قالت عائشة هذه الكلمة لما قال أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا. وقال موسى لقومه: ﴿ {استَعينوا بِاللَّـهِ وَاصبِروا} ﴾ [الأعراف:128] وقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ {رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَـنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ﴾ [الأنبياء:112] ولما بشر صلى الله عليه وسلم عثمان بالجنة على بلوى تصيبه. قال: الله المستعان فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في مصالح دينه وفي مصالح دنياه. كما قال الزبير في وصيته لابنه عبدالله بقضاء دينه: إن عجزت فاستعن بمولاي, فقال له: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. قال: فما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقضِ عنه دينه فيقضيه. وكذلك يحتاج العبد إلى الاستعانة بالله على أهوال ما بين يديه من الموت وما بعده. كتب الحسن إلى عمر بن عبدالعزيز: لا تستعن بغير الله فيكلك الله إليه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |