|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الذكرى تنفع المؤمنين الشيخ الحسين أشقرا الخطبة الأولى: الحمد لله الذي كتب على نفسه الرحمةَ، وأسبغ على عباده ظاهر وباطن النعمة، وجنَّبهم بحكمته أسباب النقمة، لا إله إلا هو وحده لا شريك له، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه والتابعين. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. أيها المسلمون والمسلمات: يخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم بأن ﴿ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، ولا يستفيد من نفعها الغافلون، الذين يقولون: ﴿ سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 21]، بل هم عن التذكرة معرضون، ولأنهم بزخارف الشهوات لاهون، وبإثارة الشبهات مُفْتَتَنُون؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]، إنه سؤالٌ ممن خلق الموت والحياة، والذي يبين عن حقيقة هذا الصنف ووصفهم بقوله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، ويأتي الـتأكيد ببيان واضح عن مقياس التفاضل بين العباد؛ في قوله عز وجل: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. فيا معشر المؤمنين والمؤمنات، اعلموا - رحمكم الله - أن الحياة الدنيا لا تستقيم وتطيب إلا بإقامة الدين: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، ولا يصح الدين إلا بالخضوع لرب العالمين إخلاصًا واتباعًا: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، ويبقى العمل الصالح هو رأس مال الفائزين؛ لأن مَن آمَنَ في هذه الدنيا وأصلح عمله، حسُن منقلبه إلى الآخرة ومآبه، ومن أعرض عن ذكر ربه، وأساء أفعاله، طالت يوم القيامة وقفاته، وأحاطت به آثامه وخطاياه: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 6 - 8]، وللتذكير، فإن كل يوم من أيام عمر الإنسان ينقضي، يُبْعِده عن الدنيا والدُّور والقصور، ويقرِّبه من نهاية الأجل، ومأوى القبور؛ ولقد قال القائل: نسير إلى الآجال في كل لحظة ![]() وأيامنا تُطوى وهن مراحلُ ![]() ولم أرَ مثل الموت حقًّا كأنه ![]() إذا ما تخطَّتْهُ الأمانيُّ باطلُ ![]() وما أقبح التفريط في زمن الصِّبا ![]() فكيف به والشيب في الرأس شاملُ ![]() ترحَّل من الدنيا بزادٍ من التُّقى ![]() فعمرك أيامٌ وهن قلائلُ ![]() ثبت في صحيح الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع أحدهم دينه بعَرَضٍ من الدنيا))، فيا أيها المسلم، خُذْ حِذْرَك، وعليك أن تتمسك بما علمت من الحلال الطيب، وتترك ما تنكر من المحرم الخبيث، وإذا حار بك الأمر، فعليك بخاصة نفسك، واستفتِ قلبك، واحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك، واجتنب سواد الغافلين، ولا يحزُنْك قلة السالكين؛ ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66]، وللذكرى التي تنفع المؤمنين: اغتنم خمسًا قبل خمس: الشباب قبل الهرم، والصحة قبل السُّقم، والغِنى قبل الفقر والندم، والفراغ قبل الانشغال، وفرص الحياة قبل الوفاة: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القلم: 7]. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبكلام سيد المرسلين، والحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى؛ أما بعد:فيا عباد الله، ضحِك رسول الله صلى الله عليه سلم وأصحابه عنده حتى بَدَتْ نواجذه؛ ثم قال: ((هل تَدْرُون ممَّ أضحك؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه؛ يقول: يا رب، ألم تُجِرْني من الظُّلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أُجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكِرام الكاتبين شهودًا، قال: فيُختم على فِيهِ، فيُقال لأركانه: انطِقِي، قال: فتنطِق بأعماله، قال: ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعْدًا لكُنَّ وسحقًا؛ فَعَنْكُنَّ كنتُ أُناضل))، ومعناه: أن الله تعالى يقيم ميزان العدل يوم القيامة، فيقول العبد: أي رب، إذا أجرتني من الظلم، فإني لا أجوز ولا أقبل على نفسي إلا شاهدًا مني، يشهد على صدق قولي وصلاحي وحسن طاعتي، وذلك عندما يحاسبه الله عز وجل ويسأله عن عمله في الدنيا، وكأن الرجل أراد بالشاهد أقاربه، ومن كانوا يَرَونه في الدنيا يأتي تلك الأعمال؛ فيقول الله تعالى: ((كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا))؛ أي: إذا أردت شهودًا، فأقرب ما يكون منك هو أعضاء جسدك؛ فهم من كانوا يحضرونك وقتَ بُعْدِك عن أعْيُنِ مَن تُظهر لهم أعمال الطاعة، وتُسِرُّ عنهم أعمال المنكر والمعاصي، وما أنطقهم إلا الله الذي أنطق كل شيء، وأيضًا فإن من الشهود عليك الملائكةَ الكرام الكاتبين؛ كما جاء ذكرهم في قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]. الدعاء.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |