|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تحذير الداعية من القصص الواهية إعداد: علي حشيش الحلقة الثامنة عشرة «قصة غناء بنات النجار» نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم، حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الناس، ويذكرها القصاص والوعاظ بمناسبة الهجرة. ولقد اشتهرت هذه القصة بين أولادنا في الأزهر الشريف، حيث يدرسها آلاف الطلاب كل عام في مقرر السيرة النبوية للصفوف الثلاثة بالمرحلة الإعدادية، حيث جاءت القصة في (ص81) من الكتاب، وفيها: «ثم غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم «قباء»، واتجه إلى حيث كان الأوس والخزرج وهم الأنصار، يحيطون به عن يمين ويسار، وقد تقلدوا سيوفهم وامتلأت نفوسهم بالبشر والسرور، فكانت لحظات خالدة في تاريخ المدينة، وكان يوما عظيما في تاريخ الإسلام، وخرج النساء والصبيان في جو من النشوة والفرح يرددون فيه هذا النشيد الجميل: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع وأوردها المباركفوري في كتابه «الرحيق المختوم» (ص177) تحت عنوان: «الدخول في المدينة» حيث قال المباركفوري: «وكان يوما تاريخيا أغر، فقد كانت البيوت والسكك ترتج بأصوات التحميد والتقديس، وكانت بنات الأنصار تتغنى بهذه الأبيات فرحا وسرورا» .. ثم ذكر الأبيات. أولا: التخريج: أخرجه البيهقي في «الدلائل» (2/ 506) قال: أخبرنا أبو عمرو الأديب، قال: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، قال: سمعت أبا خليفة يقول: سمعت ابن عائشة يقول: لما قدم عليه السلام المدينة جعل النساء والصبيان يقلن ... فذكره. وقد أورده الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 238) عن البيهقي بهذا السند. وسكت عنه. ثانيا: التحقيق: هذا الحديث الذي جاءت به هذه القصة ليس صحيحا، لوجود سقط عظيم في الإسناد، فابن عائشة هذا الذي يتحدث عن دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، ليس صحابيا حتى يروي ما حدث عند دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو ليس بتابعي أيضا، ولا حتى من أتباع التابعين، فهو من الآخذين عن تبع الأتباع، ولم يلق التابعين. البرهان ابن عائشة أورده الحافظ ابن حجر في «التقريب» (2/ 515) باب: من نسب إلى أبيه أو جده أو أمه، ونحو ذلك. قال: «ابن عائشة هو: عبيد الله بن محمد بن حفص». قلت: لقد حدث تصحيف في اسم ابن عائشة عند الشيخ الألباني رحمه الله في «الضعيفة» (2/ 63) (ح598) ، حيث أورد الاسم: عبد الله بن محمد ابن عائشة، والصواب هو: عبيد الله بن محمد ابن عائشة، يؤكد ذلك أيضا الإمام المزي في «تهذيب الكمال» (12/ 261) ترجمة (4262) ، حيث قال: «عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي. أبو عبد الرحمن البصري المعروف بالعيشي وبالعائشي وبابن عائشة؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، قدم بغداد». ثم نقل عن محمد بن عبد الله الحضرمي، وأبي القاسم البغوي، وزكريا بن يحيى الساجي: أنه مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. قلت: لذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (1/ 538) إنه من كبار العاشرة. قلت: وهذه الطبقة بينها الحافظ في «مقدمة التقريب» حيث قال: «العاشرة كبار الآخذين عن تبع الأتباع، ممن لم يلق التابعين». قلت: قد تبين من بحثنا أن السند سقطت منه ثلاث طبقات رئيسة وهي: طبقة الصحابة، وطبقة التابعين، وطبقة أتباع التابعين، فأقل السقط من السند ثلاثة رواة على التوالي، وهذا النوع في «علم المصطلح» يسمى «المعضل». حيث قال السخاوي في «فتح المغيث» (1/ 185) : «المعضل في الاصطلاح: هو الساقط من إسناده اثنان فصاعدا مع التوالي». قلت: بهذا التحقيق يتبين أن القصة واهية، فلا يغتر الداعية بإيرادها في هذه الكتب المشهورة، بعد أن تبين سقوطها بالسقط المتوالي في إسنادها. ويتخذ طالب هذا الفن من هذه القصة مثالا لعلم الحديث التطبيقي للمعضل. بطلان احتجاج أبي حامد الغزالي لقد احتج أبو حامد الغزالي بهذه القصة على إباحة الغناء، حيث قال في «الإحياء» (2/ 275) : «ووجه جوازه: أن من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب، فكل ما جاز السرور به، جاز إثارة السرور فيه، ويدل على هذا من النقل إنشاد النساء على السطوح بالدف والألحان عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم. طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع قلت: لقد بينا في تحقيقنا أن القصة واهية بالسقط في الإسناد، وفوق ذلك أن أبا حامد الغزالي أورد هذه القصة بزيادة لا أصل لها، حيث قال: «إنشاد النساء على السطوح بالدف والألحان». قلت: ولقد بين ذلك الإمام الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (2/ 275) حيث قال: «حديث إنشاد النساء عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» معضلا وليس فيه ذكر للدف والألحان». قلت: وقد نقل الشيخ الألباني رحمه الله تحقيق العراقي مقرا له، حيث قال في «الضعيفة» (2/ 63) : تنبيه: أورد الغزالي هذه القصة بزيادة: «بالدف والألحان» , ولا أصل لها كما أشار لذلك الحافظ العراقي بقوله: «وليس فيه ذكر للدف والألحان». وقد اغتر بهذه الزيادة بعضهم فأورد القصة بها، مستدلا على جواز الأناشيد النبوية المعروفة اليوم. فيقال له: «أثبت العرش ثم أنقش» على أنه لو صحت القصة لما كان فيها حجة على ما ذهبوا إليه. شاهد للقصة غير صحيح روي عن أنس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها فقالوا: إلينا يا رسول الله، فقال: «دعوا الناقة فإنها مأمورة»، فبركت على باب أبي أيوب. قال: فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدف وهن يقلن: نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتحبوني». فقالوا: إي والله يا رسول الله. قال: «وأنا والله أحبكم، وأنا والله أحبكم، وأنا والله أحبكم». التخريج أخرجه البيهقي في «الدلائل» (2/ 508) وقال أبو عبد الله الحافظ: أخبرني أبو الحسن: علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن إسماعيل بن أبي الورد. قال: حدثنا إبراهيم بن صرمة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، قال ... فذكره. قلت: وهذه القصة نقلها الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 240) عن البيهقي بهذا الإسناد، ثم قال: «هذا حديث غريب من هذا الوجه لم يروه أحد من أصحاب السنن». التحقيق قلت: هذه قصة واهية أيضا، موضوعة في غناء بنات بني النجار عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. حيث إن علة هذه القصة: إبراهيم بن صرمة. فقد أورده الإمام الذهبي في «الميزان» (1/ 38/115) . حيث قال: «إبراهيم بن صرمة الأنصاري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري: ضعفه الدارقطني وغيره، وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر المتن والسند، وقال ابن معين: كذاب خبيث». قلت: فهذه قصة باطلة واهية تزيد الأولى وهنا على وهن. حديث لا أصل له حول هذه القصة الواهية قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (18/ 124) : «وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما قدم إلى المدينة خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع إلى آخر الشعر، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هزوا غرابيلكم بارك الله فيكم» ... هذا لا يعرف عنه». تنبيه 1 - لا يصح أن تتخذ هذه القصة دليلا على إنشاد الغناء بالدف والألحان للرجال. 2 - لقد بينا في «مجلة التوحيد» في سلسلة «تحذير الداعية من القصص الواهية» الحلقة (15) عدم صحة حديث: «أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف» مع بيان صحة الجزء الأول منه، وهو جملة «أعلنوا النكاح». 3 - قال الحافظ في «الفتح» (9/ 67) : «واضربوا عليه بالدف» , وسنده ضعيف. واستدل بقوله: «واضربوا» على أن ذلك لا يختص بالنساء، لكنه ضعيف. والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك النساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن». قلت: لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (11/ 565) : رخص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح, وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: «التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال»، و «لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء». ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا، ويسمون الرجال المغنين مخانيث، وهذا مشهور في كلامهم. اهـ. 4 - بدائل صحيحة: حول قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة. بعد أن حذرنا الداعية من هذه القصة الواهية نذكر البدائل الصحيحة حول قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في «صحيحه» كتاب: مناقب الأنصار، بابا رقم (46) : مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، ثم بيان حال أهل المدينة وكيفية استقبالهم للنبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث (3925) ، وكذلك الحديث (3906) ، وفيه بيان أول من شهد مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف تلقى المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بيان شهر دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة ويوم الدخول، وكذلك المكان، وهذا الحديث الصحيح يصل إلى أربعين سطرا مما لا تتحمله المساحة المخصصة بالمجلة، ونكتفي ببيان موضعه للرجوع إليه. ومن البدائل الصحيحة حول مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تبين كيفية استقبال المدينة للنبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (ح3014) باب حديث الهجرة، فليتمسك الداعية بهذه البدائل الصحيحة. 5 - ذكر الإمام ابن القيم في «زاد المعاد» (3/ 10) أن إنشاد «طلع البدر علينا» كان عند مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك، ثم قال: «وبعض الرواة يهم في هذا ويقول: إنما كان ذلك عند مقدمه المدينة من مكة وهو وهم ظاهر؛ لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام». 6 - وأورد القصة الحافظ ابن حجر في «الفتح» (7/ 307) شرح باب «مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة»، وخرج حديثها قائلا: أخرج أبو سعيد في «شرف المصطفى»، ورويناه في «فوائد الخلعي» من طريق عبيد الله ابن عائشة منقطعا .. فذكر القصة، ثم قال: وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك. 7 - قلت: فالقصة واهية بالنسبة لقدومه صلى الله عليه وسلم من مكة، ونلاحظ أن الحافظ ابن حجر لم يجزم بقدومه من تبوك، فالقصة أيضا بالنسبة لتبوك في حاجة إلى تحقيق، إن شاء الله.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |