|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تأملات وتدبر في أحكام الطلاق في القرآن الكريم والسنة د. منى داود باوزير نسأل الله أن يكون اجتهادًا مضاعف الأجر لمن أصاب فيه، ومأجورًا من لم يصِب، وأن يبصرنا ويهدينا جميعًا للحق، وينفعنا بالقرآن الكريم. إباحة الطلاق:قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، في هذه الآية نجد تقريرًا لحقيقة الربوبية ووحدانيتها، ولحقيقة الإنسانية ووحدة أصلها الذي أنشأها منه ربها، ولحقيقة الروابط الأسرية[1]، ويأمر الله خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له[2]، سنُسأل عن الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وسنُسأل عن واجب صلة الأرحام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الله، وصِلُوا الأرحام؛ فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة))[3]. قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ [النحل: 72]. من هذه الآية نعلم أن الله أنعم على خلقه بنعمة الزواج ونعمة البنين والأحفاد، وأمر أن نشكر نعمته ونصونها، حثَّنا الله ورسوله على المحافظة على القيم والروابط الاجتماعية الأسرية، فهل أباح الله الطلاق؟ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: 19، 20]. في هذه الآية حرَّم الله على الأزواج أن يأخذوا نساءهم كرهًا، وفرض رضا وموافقة الزوجة، ونهى أن يعضلوهن ليفتدين ويخلعن أزواجهن، وأمر بالعِشرة الزوجية بالمعروف، فإن كرهها فعليه أن يعمل لأن يجِدَ في ذلك خيرًا، فإن أراد بعد ذلك أن يُطلِّق فليطلق[4]، فقد أباح الله الطلاق للمحافظة على الأواصر الإنسانية عندما تتعسر استمرارية الحياة الزوجية، فحكم الطلاق حكم إباحة بشرط الإحسان. قال الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]. أباح الله للزوج أن يطلق مرتين رجعيتين في العِدة، فإن بانت زوجته من العدة فتسريح بإحسان، ويستطيعان أن يتراجعا بعقد نكاح جديد، وتحرم عليه بعد التطليقة الثالثة حتى تنكح زوجًا آخر[5]، ونجد أن في هذه الآية إباحةً لأن تفتدي الزوجة نفسها إن خافا ألَّا يقيما حدود الله في الزواج، وتتطلق خلعًا طلقة بائنة إن أرادت ذلك، وتؤدي للزوج مهرَه كما جاء في الهدي النبوي؛ قال البخاري[6]: عن ابن عباس: ((أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أعتِب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترُدين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقة)). العِدة: قال الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 228]، وقال تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: 49]. في الطلقة الرجعية يستطيع الزوج إن أراد إصلاحًا أن يرد إليه زوجته في العدة، ومدتها ثلاثة قروء؛ يعني: طهر من ثلاث حيضات، أما الزوجات في سن اليأس واللواتي يعانين من اضطرابات الدورة (استحاضة)، فيَرْتَبْنَ في مدة الدورة، فيُحصين العدة ثلاثة أشهر[7]، واللاتي لم يحِضْن؛ يعني: لم يعلمن حملهن عند طلاقهن، ولا يحل لهن أن يكتمن حملهن، وأولات الأحمال اللاتي يعلمن حملهن عند طلاقهن، فعدتهن حتى يضعن حملهن، واللاتي تطلَّقن ولم يمسسهن أزواجهن، فليس لهن عدة ولا لأزواجهن عدة. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: 1]، وقال تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 241]، أمر الله الأزواج في الطلاق أن يحصوا العدة ويعتدَّ كلاهما في بيت الزوجية، ويعملوا بالمعروف عسى أن يحدث الله أمرًا فيرد الزوج زوجته إليه، إلا إذا كان سبب الطلاق فاحشة مبينة (الزنا، السِّحاق)، فحينئذٍ يوجب طلقة بائنة لا رجعة في عدتها، فإن أتمت مدة العدة ففراقٌ بمعروف، ويجب إشهاد ذوي عدل، وإعلان الطلاق بالمعروف، تلك حدود الله[8]، بالإضافة إلى نفقة العدة وسكنها، فقد فرض الله للمطلقات حق نفقة طلاق بالمعروف. حضانة الأطفال: قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 233]، وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالْدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: 15]. في هذه الآية تشريع بأن حضانة الرضيع للوالدة، ولها ولرضيعها حق نفقة الحضانة، ونعلم بأن أمر رضاعة وحضانة الأطفال بمشاورة وتراضي الزوج وزوجته، وفي الآية التي تليها نعلم أن حضانة الطفل لأمه التي حملته ووضعته بمشقة، وأرضعته وحضنته حتى يبلغ أشده، بمعنى: حتى يبلغ سن النكاح، ونلمس منه رشدًا، بمعنى: حتى سن الرشد الذي يستطيع فيها أن يشكر نعمة الله عليه وعلى والديه بالإنفاق، ويعمل صالحًا من نوافل الأعمال، ويصلح في رعايته لأبنائه، ويتوب إلى الله عند المعصية، وحاله من بلوغه الحلم حال المسلمين؛ يؤدي الفرائض من صلاة وصوم وزكاة، هذا هو المنهج الذي أمرنا الله أن ننهجه، ونوجِّه أبناءنا إليه تربويًّا واجتماعيًّا. من هاتين الآيتين نتيقن أن حضانة الأطفال حقًّا وشرعًا وواجبًا للأم التي أنجبت، وأن منع أمٍّ من أداء واجبها الذي فرضه الله، وحرمانها من حقها الشرعي والإنساني برعاية أبنائها، وحضانتهم وصحبتهم نقضٌ لعهد الله ومخالفة لأوامره؛ قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [البقرة: 27]. النشوز في الزواج: قال الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34]. في هذه الآية ذكَر الله أعمال نشوز الزوجات: نشوز عن صالح الأعمال الزوجية، وما فرضه عليهن عقدُ نكاحهن الزوجي. نشوز عن القنوت لله، وما فرضه عليهن عهدهن الإسلامي، من طاعة لله وحده لا شريك له. نشوز عن حفظ الغيب الذي أمر به الله ورسوله والقوانين السارية، بأن على الزوجة أن تحفظ زوجها في شرفه وماله. كرَّم الله الزوجة الصالحة في عملها، القانتة لله، الحافظة لزوجها في غيابه، فإن لم تكن كذلك فهي زوجة ناشز نشوزًا يؤدي إلى الطلاق، وقد فرض الله على الرجال مسؤولية القِوامة على زوجاتهم، بما فرضه عليهم من واجب الإنفاق على المسؤوليات العائلية، ووجَّه الزوج بأن يعمل إصلاحًا وحفاظًا على الاستقرار الأسري بالوعظ، ثم الهجر المرخَّص الذي لا يزيد على أربعة أشهر[9]؛ قال الله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 226]. فهل ينشز الزوج؟ قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 128]، في هذه الآية ذكر الله نشوز الزوج الذي قد يؤدي إلى الطلاق، وجعل للمرأة حقَّ العمل للإصلاح الزوجي بالوعظ والتحكيم؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 228]، فنشوز الزوج عن واجباته الزوجية، وعن قنوته لله وما يفرضه من طاعات، وعن حفظه لزوجته في الشرف والمال، نشوزًا يُوجب الإصلاح أو الطلاق. أسباب النشوز: نشوز يُوجب الطلاق: 1- الشرك: قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221]. في هذه الآية نعلم وجوب تطليق الزوجة أو الزوج إن أشرك بالله؛ حيث حرم الله نكاح المشركات والمشركين حتى يؤمنوا، فإن آمنَا بالله وحده لا شريك له وبتعاليم القرآن في مدة العِدة، فيحل النكاح[10]. 2- الزنا: قال الله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 3]؛ نعلم من هذه الآية أن الزاني نكاحه بزانية زنًا، ونكاحه بزوجته شرك يُوجب التطليق، وكذلك حال الزانية، حتى يتوبا ويؤمنا ويعملا صالحًا، فيتوبا توبة نصوحًا؛ قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَـقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 68 - 70]، وحسب الفقهاء[11]، فإن طلاق المشرك طلقة يستطيع فيها أن يرد زوجته إن أسلم، وبهذا نعلم أن من أشرك بالله، ومن زنى، فإنه نشوز يوجب التطليق طلقة بائنة، إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا في فترة العِدة، فإنه يستطيع أن يرد إليه زوجته إن أرادا إصلاحًا، ولا جناح عليهما، ولم يوجبوا عقدَ نكاحٍ جديدًا. نشوز يبيح الطلاق: 1- الفسوق: شرب الخمر، وترك الحجاب. 2- امتناع الزوج عن الإنفاق: قال الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34]؛ فرض الله على الرجال واجب نفقة زوجاتهم وأطفالهم[12]، فإن امتنع الزوج عن تأدية واجبه، فهو ناشز. 3- الضرر الجسدي: الزواج ميثاق غليظ، بنيانه العشرة بالمعروف، وقد نهى الفقهاء والقوانين عن الضرب وما يسببه من آثار نفسية وجسدية[13]. المراجع: 1- تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999. 2- تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، 224-310، تحقيق الدكتور: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مركز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية، دار هجر، 2001. 3- صحيح البخاري، للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (194-256)، دار ابن كثير، 2002. 4- التحرير والتنوير من التفسير لابن عاشور (1393هـ)، ابن عاشور، محمد الطاهر، الدار التونسية للنشر، 1984. 5- الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [1] تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999. [2] تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999. [3] تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، 224-310، تحقيق الدكتور: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مركز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية، دار هجر، 2001. [4] تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999. [5] تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999، تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، 224-310، تحقيق الدكتور: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مركز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية، دار هجر، 2001. [6] صحيح البخاري، للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (194-256)، دار ابن كثير، 2002. [7] تفسير القرآن العظيم، تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة، 1999، تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، 224-310، تحقيق الدكتور: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مركز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية، دار هجر، 2001. [8] التحرير والتنوير من التفسير لابن عاشور (1393هـ)، ابن عاشور، محمد الطاهر، الدار التونسية للنشر، 1984، الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [9] الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [10] الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [11] الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [12] تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، 224-310، تحقيق الدكتور: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مركز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية، دار هجر، 2001، الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961. [13] الأم، للإمام أبي عبدالله، محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، 1961.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |