|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مكارم الأخلاق (1) - حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (السلسلة الصحيحة)، كأنما يحصر النبي -صلى الله عليه وسلم - بعثته في إكمال أفضل الأخلاق، وهذا المنطق يستغله بعض من لا يريد الالتزام بالعبادات، الصلاة والصيام والحج، يحتج بأن (الدين الأخلاق)! كنت وصاحبي بانتظار الطائرة في رحلة قصيرة إلى لبنان بعد انقطاع استمر أكثر من خمس سنوات. - هذا لا يريد أن يرى الحق، إنما يتبع هواه، ولا أضل ممن اتبع هواه، لا تنفع معه الحجة ولا المنطق ولا الواقع، وأظن أن الإعراض عن نقاشه خير. - ولكن لنفرض أن أحدهم قالها عن جهل، ويريد معرفة الحق. - نعم لقد بعث الله النبي - صلى الله عليه وسلم - لإتمام مكارم الأخلاق وفي رواية (صالح الأخلاق)، وذلك أن الأخلاق أساس عظيم من أسس الشريعة، وإذا أردنا التوسع في المعنى، يمكن أن نقول: إن الأخلاق هي الدين، بمعنى التخلق مع الله، ومع الأنبياء ومع أوامر الله، وهذا هو الدين، ولكن لنتحدث عن الأخلاق بمعناها المعروف. (الخلق)، بضم (الخاء) و(اللام)، الطبع والسجية، (ابن منظور)، وقيل (السلوك السائد) للإنسان، وقيل (حال للنفس راسخة، تصدر منها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية)، ويقال في مدح الشخص: إنه (ذو خلق)، مما يدل على أن الغالب فيها هو (السلوك الحسن)! وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لأتمم»، إما أن يتمم ما جاء به من سبقه من الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-، أو ليتم ما كان عليه العرب فيثبت ما كان من أخلاق حسنة، ويزيل ما كان من سيئ الأخلاق. انضم إلينا (أبو مساعد) ثالثنا في هذه الرحلة، تأخر لاضطراره أن يتأكد من حالة أحد مرضاه في المستشفى قبل السفر، أخذ حاجته من القهوة، واسترخى في مقعده. - تابِعا الحديث: - كنا نتحدث عن (مكارم الأخلاق). - موضوع جميل يهمله كثير من الناس، حتى من يلتزم بالعبادات! هكذا كان تعليق صاحبنا لمجرد أن عرف موضوع حديثنا. - نعم، يغفل كثير من الناس أهمية الأخلاق في دين الله، فكما أن العبد يدرك المنازل العليا في الجنة بحفظ كتاب الله، والجهاد في سبيل الله، والدعوة إلى الله، فإنه يستطيع أن يدرك الفردوس بحسن خلقه. لم يخف صاحبي إعجابه بهذه العبارة. - زدنا توضيحا: - في الحديث عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (صحيح أبي داود) وحديث أبي أمامة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» (صحيح أبي داود)، وماذا في أعلى الجنة؟ الفردوس، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم - عن درجات الجنة (والفردوس أعلى الجنة وأوسطها) (صحيح الترمذي). علق (أبومساعد)، مستحسنا ما سمع: - مع أني أعرف هذه الأحاديث إلا إنها المرة الأولى التي أنتبه إلى هذا المعنى، حسن الخلق، سبيل لنيل الفردوس! - نعم هي كذلك، والحديث الآخر عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون! قال: المتكبرون» (صحيح الترمذي). - أحاديث جميلة. - أشار صاحبي إلى الشاشة التي تظهر مواعيد الإقلاع مع البوابات. - أمامنا ربع ساعة لبدء دخول البوابة. - هذه الأحاديث وغيرها تبين أن العبد المؤمن ينبغي أن يبذل الجهد؛ ليحسن خلقه، مع الناس جميعا، فلئن كان حسن الخلق لا ينفع المشرك، وتارك الصلاة، كذلك سوء الخلق يحبط أجر الأعمال الصالحة، وإن عظمت، وتعرفون حديث المفلس. - هلا بحثت لنا عن نصه وتخريجه؟ - لك ذلك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابته: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» (مسلم). - أعوذ بالله من محبطات الأعمال. - نعم، هذا رجل سيئ الخلق، ولكنه يصلي ويصوم ويزكي، كثير العبادات، تفنى حسناته بسبب سوء خلقه. - لقد كان لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة في كل جانب من جوانب حياته - صلى الله عليه وسلم -، ومن أهمها أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو كما قال عنه رب العزة: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، وكان - صلى الله عليه وسلم - (خلقه القرآن)، كما وصفته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها- (المسند)، حتى قبل بعثته، كان (الصادق الأمين)، وبعد بعثته، (أتم مكارم الأخلاق) - صلى الله عليه وسلم -. اعداد: د. أمير الحداد
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() مكارم الأخلاق (2) في مطار بيروت، كانت الأمور طبيعية، أنهينا إجراءات الدخول، وأخذنا حقائبنا، أنهى صاحبنا إجراءات تأجير المركبة في طريقنا إلى المنزل في (عجلتون)، كنا نتابع مناظر البلد، بيوتها، إعلاناتها، شرفات المنازل، لم يتغير شيء، كأنما توقف الزمن عندهم، منذ عشر سنين، مع انتشار غطاء من الاكتئاب والحزن في سماء المدينة، رغم أن الطقس كان جميلا، مع زخات خفيفة من الأمطار. في المساء اجتمعنا على عشاء خفيف في (زيت وزعتر). تابعنا حديثنا عن (مكارم الأخلاق).
سأل أبو مساعد:
أكملنا الحديث ونحن نستمتع بأول وجبة لنا في لبنان!
اعداد: د. أمير الحداد
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() مكارم الأخلاق (3) - لا شك أن مكارم الأخلاق تُبلِّغ صاحبها المنازل العلا من الجنة، فما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق، وأقرب المؤمنين منزلة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسنهم أخلاقا؛ ولذلك وجب على العاقل أن يتعب نفسه لاكتساب مكارم الأخلاق ويتخلص من سيئها. - وهل الأخلاق تكتسب؟ - دون شك؛ لذلك كانت سببا في الفوز بالحسنات أو خسارتها، ودخول الجنة أو الحرمان منها. كنت وصاحبي في عيادة أخ لنا اضطُّر لدخول المستشفى ليلا لألم مفاجئ في بطنه، علمنا فيما بعد أنه التهاب (الزائدة)، وقد خضع لعملية لاستئصالها فورا. - وهل يمكن أن نصنف الأخلاق كالعبادات، واجبات ونوافل؟ - ربما نستطيع أن نصنفها وفق الأحاديث، الأهم فما دونه، مثلا: أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم - التي تصف أخلاق المنافقين: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصله فيهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر» (متفق عليه)، وفي الرواية الأخرى: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (متفق عليه). فهذه أخلاق ينبغي على المسلم أن يتخلق بها، الصدق والوفاء وحفظ العهد وأداء الأمانة والعدل. - قبل أن نخوض في الأمور الشرعية، دعنا نمهد لذلك بمفاهيم لغوية، كيف عرف أهل اللغة (الأخلاق)؟ - (الخلق) بضم الخاء، واللام أو سكونها، هو الطبع والسجية، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة! وذلك أن الخَلْق (بالفتح) صورته الظاهرة و(الخُلق) بالضم، صورته الباطنة، وهي الأهم، قال الراغب الاصبهاني: «والخَلق والخُلق في الأصل واحد، كالشُّرب(تجرع الماء) والشِّرْب(النَّصِيبُ مِنَ المَاءِ)، ولكن خص الخلق (بالفتح) بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخلق (بالضم) بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. (مفردات ألفاظ القرآن). وحيث إن الصورة الظاهرة لا يملك المرء تغييرها؛ فهي ما خلقه الله عليها، لن يحاسب عليها، أما الباطنة، يستطيع المرء تغييرها إن كانت سيئة ويزيدها إن كانت حسنة، فكانت مناط الثواب والعقاب؛ فالعبد مأمور بأن يتخلق بالأخلاق الحسنة؛ فيثاب عليها، ومأمور أن يترك سيئ الأخلاق فلا يعاقب عليها، فأصبحت من التكاليف الشرعية التي بينها الله -عز وجل- في الكتاب والسنة. في الحديث: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (السلسلة الصحيحة)؛ فأصبحت الأخلاق الحسنة هي التي حسنها الشرع، والأخلاق السيئة هي التي قبحها الشرع؛ فلا ينبغي لعبد أن يجتهد في تحسين شيء أو تقبيحه. وصلنا المكان الذي نريد، سألنا عن الجناح والغرفة، لم يكن صاحبنا قد تعافى من آلام العملية، كان نائما، وحمَّلنا ابنه سلامنا ودعاءنا له، وعدنا إلى مركبتنا. - هل تذكر عدد الملائكة الذين يصحبون من يعود مريضا؟ - كلا، ولن أضمن، ذكرني به. - الحديث عن علي - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا عاد الرجل أخاه المسلم، مشى في خرفة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة، فإذا كان غدوه صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإذا كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح» (السلسلة الصحيحة) (خرفة الجنة - جناها وثمرها). - أسأل الله أن ننال هذا الأجر العظيم! لنرجع إلى موضوعنا. - نعم كنا نتكلم عن تعريف (الأخلاق) لغة، قال الطاهر بن عاشور: «خلق بضمتين، السجية المتمكنة في النفس باعثة على عمل يناسبها من خير أو شر، فيقال: خلق حسن، ويقال في ضده خلق ذميم، فإذا أطلق عن التقييد انصرف إلى الخلق الحسن والخلق في الاصطلاح: ملكة (بالفتح)، أي كيفية راسخة في النفس متمكنة في الفكر تصدر بها عن النفس أفعال صاحبها دون تأمل». - أعتقد أن المهم في الموضوع: أن يعلم العبد أن الأخلاق تؤخذ من القرآن والسنة، ومن أسس شريعة الله، أن يحاسب العبد على تلك الأخلاق، فيثاب بالحسنات، أو يعاقب بالسيئات. - نعم هي كذلك، وثوابها عظيم عند الله -عز وجل- كما أن سيفها عقابه شديد. - وكيف نرتبها من حيث الواجب منها والنافلة؟ - كما قلنا سابقا، الواجب ترك الأسوأ منها، وهي أخلاق المنافقين، الكذب والغدر والخيانة وفي كتب الأخلاق يذكر العلماء مجموعها منها: دون ترتيب: «مكارم الأخلاق عشرة: صدق الحديث، وصدق البأس، وحفظ اللسان، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والإحسان إلى الجار، وحسن الصحبة، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء». وأظن أن تتبع الأحاديث يغني كل ترتيب، فكما قلنا: إن أسوأها هي أخلاق المنافقين، وأفضلها ما ورد في حديث أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» (صحيح أبي داود) و(حسّن) خلقه أي أتعب نفسه في نيل الأخلاق الحسنة، كأنه هو الذي (حسّن) خلقه. اعداد: د. أمير الحداد
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |