|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() موقع العقل وأهمية عمل القلب محمد أمحزون تطور الفهم العلمي للإدراك: من المادة إلى العقل اكتشافات حديثة: الدماغ القلبي (Heart Brain) طرق اتصال القلب بالدماغ القلب مركز العقل والإدراك في القرآن الكريم آيات قرآنية تدل على مركزية القلب في الفهم القلب في السنة النبوية صورة لدماغ ثلاثي الأبعاد بتفاصيل دقيقة، متصل بأسلاك كهربائية صفراء. الخلفية مظلمة مع إضاءة زرقاء خفيفة، مما يبرز الشكل والتفاصيل المعقدة للدماغ. إن أهم عضو في الجسد على الإطلاق هو القلب، لكن هل موقع العقل هو القلب؟ لقد ظل الاعتقاد السائد عند علماء البيولوجيا وفيسيولوجيا الأعصاب إلى وقت قريب أن القلب عبارة عن مضخة فقط لضخ الدم لا أكثر ولا أقل، في الوقت الذي تحدث فيه القرآن الكريم عن القلب بأنه المنظم لكل السلوك البشري، والمتحكم في كل تصرفات الإنسان. تطور الفهم العلمي للإدراك: من المادة إلى العقل إن النظرة العلمية القديمة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين لم تستطع أن تفسر الإدراك الحسي، فعبرت عنه بأنه عبارة عن موجات ضوئية، وتغيرات كيميائية ونبضات كهربائية في الأعصاب ونشاط خلايا المخ. وفي القرن العشرين خطا علم الفيسيولوجيا خطوات إلى الأمام، وتوصل العلماء إلى أن الإدراك الحسي حقيقة، ولكنه ليس المادة، ولا هو من خواص المادة، وليس في مقدور المادة أن تفسره. ولذلك كشفت هذه النظرة الجديدة وجود عنصرين جوهريين في الإنسان: الجسم والعقل. وبدأت هذه النظرة الجديدة بتشارلز شرنغتون الذي يعتبر مؤسس فسيولوجيا الأعصاب الحديثة. ونتيجة بحوثه الرائدة في الجهاز العصبي والدماغ خلص إلى ما يلي: “فحياة البدن هي مسألة كيمياء وفيزياء، أما العقل فهو يستعصي على الكيمياء والفيزياء[1]”. ولكن فيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين العقل والإرادة، فإن إلقاء الضوء على هذا الجانب يعود الفضل فيه إلى الطبيب الجراح ويلدر بنفيلد الذي أجرى عمليات جراحية على أدمغة ما يربو على ألف مريض في حالة الوعي. ولكن الآثار المترتبة على اكتشافات لم تتضح إلا في عام 1975م حين نشر كتابه المسمى “لغز العقل” The Mystery of the Mind[2]. وباستخدامه أساليب المراقبة والتجربة استطاع بنفيلد أن يرسم خريطة كاملة تبين مناطق الدماغ المسؤولة عن النطق والحركة وجميع الحواس الداخلية والخارجية. غير أنه لم يكن في المستطاع تحديد موقع العقل أو الإرادة في أي جزء من الدماغ. فالدماغ هو مقر الإحساس والذاكرة والعواطف والقدرة على الحركة، ولكنه ليس مقر العقل أو الإرادة[3]. وقد توصل إلى حقيقة مفادها أنه لا يتوقع أن يقوم علم وظائف الأعضاء في المستقبل بإظهار انبثاق العقل من المادة، قال: يبدو من المؤكد أن تفسير العقل على أساس النشاط العصبي داخل الدماغ سيظل أمرا مستحيلا كل الاستحالة … وإنه أقرب إلى المنطق أن نقول: إن العقل ربما كان جوهراً متميزاً ومختلفاً عن الجسم[4]. اكتشافات حديثة: الدماغ القلبي (Heart Brain) وقد أثبتت أحدث الدراسات العلمية بأن القلب يتصل بالدماغ وبقية الجسم بثلاث طرق تم توثيقها بالأدلة العلمية القوية والصلبة، وهذه الطرق هي الطريق العصبي من خلال إرسال النبضات العصبية، والطريق البيوكميائي من خلال الهورمونات والإنزيمات والناقلات العصبية، والطريق الفيزيائي بواسطة موجات الضغط والطريق الرابع عبر الطاقة من خلال تفاعلات الحقول الكهرومغناطيسية للقلب[5]. ومن المدهش أن الشبكة العصبية داخل القلب بلغت من التعقيد بحيث أن كثيراً من العلماء قالوا إنها قادرة على التفكير والإحساس والتذكر، لدرجة أن العالم أرمور (Armour) أول من أطلق عليها مصطلح من القلب (Heart Brain) في عام 1411هـ (1991م). وقد ذاع صيت هذا المفهوم كثيرا بعد أصدر كتاباً بهذا الاسم[6]. طرق اتصال القلب بالدماغ وفي العقدين الأخيرين أظهرت الأبحاث مفهوماً جديداً، وهو أن من القلب يرسل إلى من الدماغ إشارات كهربائية حوالي 80%، أكثر مما يرسل المخ إلى القلب حوالي %20، وذلك من خلال العصب العاشر المخي. وفي محاولة لفهم طبيعة الحوار بين القلب والمخ، أجريت دراسات لتتبع كيف تصل نهايات العصب العاشر بالمخ فكشف العلماء أهم هذه المناطق وهي: منطقة الفص الصدغي بالمخ، وهي جزء من القشرة المخية المنوطة بعملية التعلم والتذكر والوعي. منطقة اللوزة، وهي جزء مهم من الجهاز الحافي للمخ (Limbic System) الذي تناط به المشاعر والأحاسيس. نواة رافي وهي مركز عصبي يقع في أسفل جزء المخ، وهو يعمل على إفراز مادة السيروتونين، وهي المسؤولة عن إكساب الإنسان حالة السكينة والطأنينة. الناصية، وهي الجزء الأمامي من القشرة المخية المسؤول عن تجميع المعلومات واتخاذ القرار الأخذ بناصية الأمور[7]. علما بأن تنشيط القلب لتلك المناطق في المخ هو الذي يحرك ويوجه هذه الوظائف من خلال العصب العاشر. ومن كل ما سبق ذكره من معلومات طبية وفيسيولوجية حديثة يمكن القول بأن القلب هو رأس الأمر في النواحي العصبية والمعرفية، والغدة الأساسية في النواحي الهرمونية، والمضخة الرئيسة في الدورة الدموية، والمولد الأقوى في المجالات الكاهر ومغناطيسية، حيث أثبت ذلك علماء غربيون على اختلاف تخصصاتهم. القلب مركز العقل والإدراك في القرآن الكريم وهذه الوظائف المتنوعة للقلب وعلى رأسها الإدراك والمعرفة، والتي بدأت تتكشف للعلماء في العقدين الأخيرين، عبر عنها القرآن العظيم منذ خمسة عشر قرنا بالإشارة إلى أن العقل موقعه القلب، في قوله تعالى أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) [الحج: 46]. وقال عز من قائل: ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) [الأعراف: 179]. فالعيون والأذان وسيلة لإيصال المعلومات، لكن إدراك ماهية الأشياء ومعرفتها والوعي بحقائقها ومقاصدها ومآلاتها هو عمل العقل، وهو ما لا تستطيع الحواس القيام به. وهاهنا جعل الله تبارك وتعالى العقل هو مناط الفهم والفقه والإدراك، ومحله القلب. فالعمى الضار إذا هو عمى القلب حين تنطمس بصيرة العقل، ولا يشاهد الإنسان مواقع العبر. فالقلب المبصر يجنح إلى الإيمان، ويخشى سوء العاقبة الماثلة في مصارع الغابرين وأخبار الأمم الماضين، وإلا فمجرد نظر العين وسماع الأذن وسير البدن الخالي من التفكر والاعتبار غير مفيد، ولا يوصل إلى المطلوب. آيات قرآنية تدل على مركزية القلب في الفهم ولأجل ذلك، جاء ذكر القلب في الكتاب العزيز في 133 موضعاً لأهميته وخطورته، ولأنه مركز الإرادة والعقل والتوجيه، ولأنه موضع الإيمان الأصلي، وإيمانه أهم أجزاء الإيمان، ومن هاهنا علمه وعمله هو أصل الإيمان الذي لا يوجد بدونه، مهما عملت الجوارح. ولا خلاف بين العقلاء في أن كل حركة للحواس لا تكون إلا بإرادة قلبية. فالقلب ليس ملك الأعضاء فحسب بل هو أعظم من ذلك، إذ هو مصدر توجيهها ومنبع عملها وأساس خيرها وشرها، فإذا كانت إرادته إيمانية كانت أفعال الجوارح إيمانا وإذ كانت إرادته إرادة كفر أو نفاق أو عصيان كانت أفعال الأعضاء مثلها[8]. والنصوص في ذلك كثيرة منها على سبيل المثال قوله تعالى في حق المؤمنين (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) [المجادلة: (22] ، وقوله جل ذكره: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) [الأنفال: 2] وقوله جل شأنه: (من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب) [ق: 33]. وقال تقدست أسماؤه في حق الكافرين (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) [النحل: 22]، وقال جلت عظمته (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة) [الزمر: 45] وقال عز ذكره في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) [البقرة: 10]. القلب في السنة النبوية في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قوله: “ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب[9]. وقوله ﷺ “التقوى هاهنا” ثم أشار إلى صدره ثلاث مرات[10]. وقوله عليه الصلاة والسلام “الإسلام علانية والإيمان في القلب[11]. وكان عليه الصلاة والسلام يقول في الدعاء: “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك[12]. ولأجل ذلك كان علم القلب وعمله هو أصل الإيمان، مهما أقر اللسان وعملت الجوارح. ولذا لم يسم المنافق مؤمناً وإن نطق بكلمة التوحيد وكثر عمل جوارحه بالصلاة والجهاد. بل حتى المؤمن إذا نوى بعمله وجهاده وصدقته طلب الدنيا أو الرياء حبط عمله، وتبدلت المثوبة في حقه عقوبة وعذاباً[13]. ومما يدل على خطورة علم القلب وعمله وأهميتهما القصوى، إذ هما مصدر توجيه اللسان والجوارح ومنبع عملها وأساس خيرها وشرها قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) [البقرة: 225]، وقوله جل ثناؤه: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) [الأحزاب: 5]. وللأسف الشديد، لقد ترتب على إهمال أعمال القلوب وإغفالها من الآثار المدمرة والفتن المهلكة في حياة الأمة الإسلامية شيء كثير. ومن أخطر ذلك انحصار مفهوم العبادة الذي أصبح قاصراً على شعائر الصلاة والزكاة والصيام والحج، ووقوع الناس في الشرك قادة وشعوباً بتحكيم القوانين الوضعية، والتحاكم إليها وإحلالها محل الشريعة، رغم أنهم يقرأون قوله تعالى: (ولا يشرك في حكمه أحدا) [الكهف: 26]، وفي قراءة ابن عامر: (ولا تشرك في حكمه أحدا)[14] [الكهف: [26]، بل هناك من دعاة العلمانية والليبرالية والديمقراطية في الدوائر الرسمية والثقافية من يرفع عقيرته معترضاً على كثير مما أنزل الله لا، خاصة في مجال السياسة الشرعية والولاء والبراء، والجهاد، والحجاب، والمعاملات المالية، وغير ذلك من أحكام الشريعة، والله تعالى المستعان. [1] روبرت أغروس وجورج ستانسيو العلم في منظوره الجديد 26 2 [2] المرجع السابق نفسه، ص 35 [3] المرجع السابق نفسه، ص 39 [4] المرجع السابق نفسه، ص 43. [5] أحمد البشير إدريس القلب المدخل الوحيد إلى مراكز الإدراك في العقل البشري مجلة الإعجاز العلمي، العدد 45 ص 45 [6] فؤاد يحيى أحمد القلب بين القرآن والطلب مجلة الإعجاز العلمي، العدد 41 ص 9 [7] المرجع السابق نفسه، ص 10 [8] سفر الحوالي ظاهر الإرجاء 541/2 [9] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان 19/1 [10] أخرجه أحمد في مسنده (بترتيب الساعاني) 66/1 [11] المصدر السابق نفسه 66/1 [12] أخرجه الترمذي في سننه. انظر: جامع الأصول لابن الأثير : كتاب الدعاء 342/4 [13] سفر الحوالي ظاهرة الإرجاء 543/2 [14] الشنقيطي أضواء البيان 82/4 محمد أمحزون
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |