|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة المسجد الحرام .. تأملات في الحياة والموت
كانت خطبة الحرم المكي بعنوان (تأملات في الحياة والموت)، وألقاها إمام وخطيب الحرم المكي فضيلة الشيخ د.عبدالله بن عواد الجهني -حفظه الله-، وقد تناول في بداية خطبته الوصية الربانية بتقوى الله والتزود منها؛ حيث إن التقوى هي خير الزاد، وكذلك حث على الاعتبار والتدبر والمبادرة بالتوبة لله -عز وجل- فقال فضيلته: أوصيكم وإيايَ بتقوى الله -تعالى-، فإن التقوى تسمو بالإنسان إلى شرف العلا، وإلى صفاء الضمير وطهارة السلوك، وكثيرًا ما تختم آيات التشريع والتوجيه بالتقوى، لأنَّها الرباط الوثيق الذي يشد الحواسّ إلى طاعة الله، وهي الزاجر القوي الذي ينهى عن مخالفة أوامر الله، وهي السبب المتين الذي يصل العبد بخالقه -تبارك وتعالى-.حقيقة الدنيا هذه الدنيا دارُ ابتلاءٍ وامتحانٍ يُبتلى فيها المؤمنُ بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والشبهات والشهوات، وبالموت الذي هو نهاية كل حي، وقد بشر الله -سبحانه وتعالى- بالأجر العظيم لمن صبر على بلاء الدنيا وشدتها، قال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(الْبَقَرَةِ: 155-157).الموت حق ثم أكد إمام الحرم بقوله: وإنكم -يا عباد الله- ستنتقلون من هذه الدار إلى دار لا زوال لها، فنحن نشاهد كلَّ يومٍ عددًا من الراحلينَ إلى الدار الآخرة، من الآباء والأبناء والإخوة والأحبة والجيران، فالموتُ حقٌّ لا بد من ملاقاته، كتبه الله على الصغير والكبير، والغني والفقير، لا يدفعه جاه أو سلطان، ولا يرده مال ولا أعوان، ولا يحول دونه الحُجَّاب ولا الحصون، ولو جعل الله البقاء لأحد من الخلق لكان ذلك لأنبيائه المطهرين ورسله الكرام، وكان أولاهم بذلك صفوة أصفيائه، سيد الأولين والآخرين، نبينا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا كثيرًا- الذي هدى الناس إلى صراط الله المستقيم.![]() الدنيا دار ممر ثم ذكر الشيخ الجهني الناس قائلا: فالموت حتم لا محيص عنه ولا مفر، وإن تطاولت الآجال، يصل إلينا في الحصون المنيعة، والقلاع المتينة، وفي بطون كهوف الجبال، قاله الكبير المتعال، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}(النِّسَاءِ: 78)، وقال -جل جلاله-: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(الْجُمُعَةِ: 8)، لذا كان على العاقل أن يفكر في مآله بعد هذه الحياة، وليفكر على أي جنب سيكون مصرعه، وعلى أية هيئة تقبض روحه، ومن هو الوفد الذي سيستقبله، وكيف نزله ومدخله، هل يجد القبر روضة من رياض الجنة؟! وفيه جليس أنيس، أو يجده حفرة من حفر النار، وفيه جليس مخيف، عليه أن يتصور تلك الحال التي لا بد من المرور عليها، عليه أن يستحضر سكرات الموت، ونزعات الروح إذا تشجنت أعضاؤه، وانعقد لسانه، وشخص بصره، والأهل حوله يبكون، والأولاد بعده يتيتمون، والمال في الخزائن مكنوز، فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}(الشُّعَرَاءِ: 88-89).الاستعداد للمستقبل ثم توجه فضيلته بالنصيحة فقال: فانتقِلُوا بخير ما بحضرتكم من عمل صالح، وقول صدق، وحُسْن خُلُق، واستعِدُّوا لهذا المستقبل الرهيب، وتهيؤوا لهذا الطريق الذي لابُدَّ من سلوكه، واستيقِظُوا من الرقدة، وانتبهوا من الغفلة، وسارعوا إلى معالم الرضوان قبل أن يعز الوصول، وأعطوا آخرتكم حقها كدار خلود ومقر، وأعطوا ديناكم حقها كدار متاع إلى الآخرة وممر، وتذكروا بيت الغربة والوحدة، وتذكروا بيت التراب والدود، تذكَّرُوا بيت الوحشة والضيق، ولا تغفلوا عن هذه اللذات، ومفرق الجماعات، والجؤوا إلى مقلب القلوب، واسألوه الثبات، وليحرص كل منا على أن توافيه منيته وهو على طاعة الله -عز وجل-، واعلموا أن الخاتمة الحسنة لا تقع إلا لمن كانت سريرته حسنة، فلحظة الموت لا يمكن تصنُّعُها.المبادرة بمحاسن الأعمال لا تجعلوا الدنيا أكبر همكم، ولا مبلغ علمكم، وخذوا حذركم، واحتسِبُوا مَنْ مات لكم من الأولاد والأقارب والأخلَّاء، واعلموا أنهم أَفْضَوْا إلى ما قدَّموا، وصاروا إلى رحمة أرحم الراحمين، وهم ذخائر عند الله لمن احتسبهم وصبر على مر القضاء، وتعزوا -رحمكم الله- بعزاء الإسلام، ولا تعزوا بعزاء الجاهليَّة، وبادروا بمحاسن الأعمال تمنحوا الإحسان والقَبول، وخذوا من صحتكم لمرضكم، ومن شبابكم لهرمكم، ومن فراغكم لشغلكم، ومن حياتكم لموتكم، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكره وشكره، وبكثرة الصدقة، تُرزَقوا وتُنصَروا وتُجبَروا، والكيِّسُ مَنْ حاسَب نفسَه، وأتبَع السيئةَ الحسنةَ، وعَمِلَ لِمَا بعدَ الموت، والعاجزُ مَنْ أتبَع نفسَه هواها، وتمنَّى على الله الأمانيَّ.اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |