|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() العشر من ذي الحجة وبناء الإنسان
جعل اللهُ مِن المحطَّاتِ الإيمانية، ومن الأعمال والطاعات والقربات ما يرفع به درجات العباد، ويغفر ذنوبهم، ويزكي نفوسهم؛ فالإنسان مطالَبٌ بتربية نفسه وتزكيتها لتستقيم على الحقِّ؛ حتى تلقى ربها الذي خلقها، ومن هذه المحطات الإيمانية والنفحات الربانية العشر من ذي الحجة؛ لما لها وللأعمال الصالحة فيها من بركة وأجر ومثوبة عند الله، وينبغي للمسلم أن يستثمرها في بناء نفسه، قال -تعالى-: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس)، والنفس تحتاج إلى تزكية في جانب الإيمان والعقيدة، وفي جانب العبادات والطاعات، وفي جانب الأخلاق ومعاملة الخلق. فالعقيدة السليمة، والعبادة الصحيحة، والمعاملة الحسنة، من أعظم ركائز بناء النفس المسلمة السوية، وفي العشر من ذي الحجة، بما فيها من فضائل وعبادات وأحداث وتوجيهات ربانية، يجد المسلم بغيته من الزاد الإيماني والروحي الذي يؤهله للقيام بذلك.بناء الإنسان عقيدة وسلوكاً لقد حرص الإسلام -في جميع أحكامه وتشريعاته- على بناء الإنسان عقيدة وسلوكاً وجسداً وروحاً، وإعداده للحياة ليعمرها بالخير والصلاح، والمحطات الإيمانية وسيلة من وسائل تربية الإنسان، وصقل شخصيته، ففي العشر من ذي الحجة- ولا سيما يوم عرفة- أخذ الله الميثاق من بني آدم على توحيده، وتعظيمه، وطاعته؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان(يعني عرفة)، وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّرّ، ثم كلمهم قِبَلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (الأعراف)» رواه أحمد.ما أعظمه من ميثاق! فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق! ومن هنا ينبغي للمسلم أن يجدد إيمانه، وأن يحافظ على عهد الله وميثاقه، فلا يعبد إلا الله، ولا يدعو إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، وأن يعمل على رضا ربه بأقواله وأعماله، بل حتى بنيّته ومقصده، قال -تعالى-: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (المائدة:72)؛ ولذلك وقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيام الحج أمام الحجر الأسود قائلاً: «والله إني لَأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع! ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك».ثمرات الإيمان والإيمان يغرس في النفوس الراحة والطمأنينة، والشجاعة وقول كلمة الحق، وبذل المعروف والأمر به والنهي عن المنكر؛ ابتغاء رضوان الله، والطمع في جنته، والخوف من ناره، واليوم عندما ضعف الإيمان فسدت القلوب، وكثرت الذنوب، وظهر الشرك بالله، والظلم، والجشع، وتعدَّى الإنسانُ على أخيه الإنسان، وأصبح المرء لا ينظر إلا إلى مصلحته دون غيره، وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، والتعامل المادي بين البشر شعار الوقت ودستور الزمان، وأصبح الناس في غفلةٍ ربما حتى الموت، وعندها لا ينفع الندم؛ قال -تعالى-: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } (الأنبياء).أنواع من العبادات والطاعات وفي العشر من ذي الحجة يجد المسلم أنواعاً من العبادات والطاعات والقربات لها فضل وأجرٍ كبير عند الله -تعالى-، فيؤدي ما فرضه الله عليه، ويتزود من النوافل بما يرفع درجته، ويهذب نفسه، فالأعمال الصالحة في هذه الأيام لا يعدلها في الأجر والمثوبة عند الله أعمالٌ في أيام أُخَرَ على الإطلاق، ففي الحديث: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلَّا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» رواه أبو داود وغيره.تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: «وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد، وتفاوت درجاته، وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله، وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض، كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة»، وعن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل فيهن أفضل من عشر ذي الحجة». قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا من عقر جواده وأهريق دمه» صححه الألباني.أين المشمرون لطاعة ربهم وجنته؟ فأين المشمرون لطاعة ربهم وجنته؟ وأين المتنافسون على الأعمال الصالحة في زمن تنافس فيه كثير من الناس على المعاصي والسيئات وغرتهم الحياة الدنيا؛ فساءت أحوالهم، وتكدر عيشهم، وكثرت مشكلاتهم، وذهبت البركة من حياتهم؟ قال -تعالى-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِين وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} (نوح).وفي هذه العشر من ذي الحجة الكثير من العبادات، كالمحافظة على الصلاة جماعة، والصيام، والذكر، وقراءة القرآن، والصدقة، والدعاء، والحج إلى بيت الله العتيق، ففي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟». وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله -تعالى- يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة؛ فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شُعْثَاً غُبْرَاً!» رواه أحمد وصححه الألباني، وعند مسلم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «صيام عرفة يكفر سنتين»، وفي رواية عند ابن أبي شيبة في مصنفه: «سنة ماضية وسنة مقبلة». إن النفوس التي تتربى على الطاعة، وتجتهد في العبادة، لا تضرها فتنة، ولا تستهويها شهوة، ولا تفزعها مصيبة؛ لأنها نفوس متصلة بالله الذي بيده الأمر كله. فريضة الحج وإذا نظر المسلم إلى فريضة الحج استشعر نعمة الإسلام وعظمة الدين، وإذا نظر إلى حجاج بيت الله في صعيد واحد ولباس واحد، تذكر أن هذا الدين دين العدل والمساواة، فلا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لغني على فقير، إلا بالتقوى.فعلينا أن نستغل هذه العشر من ذي الحجة في طاعة الله بما شرع من الأعمال الصالحة، لعل الله أن يغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا، ويرفع درجتنا، ويدفع عنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويصلح ما فسد من أحوالنا، إنه على كل شيء قدير، وبعباده رؤوفٌ رحيم. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |