|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرجوع إلى العلماء في النوازل (1) كتبه/ نصر رمضان فلا يخفى على كلِّ مسلم مكانة أهل العلم وأئمة الدِّين، ورفعة شأنهم، وعلو منزلتهم، وسمو قدرهم؛ فهم في الخير قادة وأئمة تقتصُّ آثارهم، ويُقتدى بأفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم، فهم مصابيح الدجى، ومنارات خير، وأئمة هدى، بلغ بهم علمهم منازل الأخيار، ودرجات المتقين الأبرار؛ قد سمت بالعلم منزلتهم، وعلت مكانتهم، وعظم شأنهم وقدرهم، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: 11). فأهل العلم: هم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، ورثةُ الأنبياء، وقُرَّةُ عين الأولياء، بهم تحيا قلوب أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ والزيف، مجالسهم تفيد الحكمة، وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة؛ مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء، يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيَّروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا. حياتهم غنيمة، وموتهم مصيبة، فهم كسفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها -لا سيما في زمن الفتن- كان من المُغْرَقين. أهل العلم: شابت لحاهم في تعلُّم العلم وتعليمه، يُذكِّرون الغافل، ويعلِّمون الجاهل، وقد جعل الله سياسة هذه الأمة في العلماء، فقد ثبت بالتجربة وما مرَّ بالأمة من أحداث في القديم والحديث أن أهل العلم الراسخين هم ساسة الأمة؛ فعن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-؛ منهم: علي بن أبي طالب، ومعاذ، وابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ) (رواه البيهقي، وصححه الألباني). ولما قيل لابن المبارك -رحمه الله-: "أما تخشى على العلم أن يجيء المبتدع فيزيد في الحديث ما ليس منه؟ قال: لا أخشى هذا، يعيش الجهابذة النقاد"، وبلفظ: "يعيش لها الجهابذة" (ينظر: التمهيد). وقال ابن الجوزي -رحمه الله-: "ولما لم يمكن أحد أن يدخل في القرآن شيئًا ليس منه، أخذ أقوام يزيدون في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينقصون، ويبدلون، ويضعون عليه ما لم يقل؛ فأنشأ الله -عز وجل- علماء يذبون عن النقل، ويوضحون الصحيح، ويفضحون القبيح، وما يخلي الله -عز وجل- منهم عصرًا من العصور" (الموضوعات). ومن المعلوم لدى كل الناس: أن التعويل في كلِّ فنٍّ لا يكون إلا على أهل الاختصاص فيه؛ فكيف الشأن بعلم الشريعة، ومعرفة الأحكام والفقه في النوازل؟! كيف يرجع فيها إلى مَن ليس معروفًا في هذا بالرسوخ في العلم؟! قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "المنصب والولاية لا يجعل مَن ليس عالمًا مجتهدًا، عالمًا مجتهدًا، ولو كان الكلام في العلم والدِّين بالولايات والمنصب؛ لكان الخليفة والسلطان أحق بالكلام في العلم والدين، وبأن يُستفتى الناس، ويرجعوا إليه فيما أشكل عليهم في العلم والدِّين؛ فإذا كان الخليفة والسلطان لا يدَّعي ذلك لنفسه، ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقول دون قول إلا بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فمَن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدَّى طوره" (مجموع الفتاوى). ثم إن الدليل من الكتاب والسُّنة قد دلا على وجوب الرجوع إلى أهل العلم، والصدور عن قولهم، وأن من حق العلماء ألا يُفتات عليهم فيما هم أهله والجديرون به؛ ألا وهو بيان دين الله للناس، وتقرير الأحكام؛ بالتقدم عليهم، أو التقليل من شأنهم، أو صرف الناس عنهم، أو التعسف في تغليطهم، أو غير ذلك مما هو سبيل الجاهلين؛ ممَّن لا يعرفون قدر العلماء ومكانتهم. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الرجوع إلى العلماء في النوازل (2) كتبه/ نصر رمضان فقد قال الله -عزَّ وجلَّ-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: 83). والمراد بأولي الأمر في الآية: أي: العلماء الراسخون، الذين يُحسنون استنباط الأحكام الشرعية من أدلة الكتاب والسنة. قال أبو العالية في معنى: (أُولِي الْأَمْرِ) في الآية: "هم أهل العلم؛ ألا ترى أنه يقول: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ). وعن قتادة: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) يقول: إلى علمائهم، (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ): لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك. وعن ابن جريج: (أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ): أولي الفقه في الدين والعقل" (تفسير الطبري). وقال العلامة ابن سعدي -رحمه الله-: "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة، والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة؛ عليهم أن يتثبتوا، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول، وإلى أولي الأمر منهم، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور، ويعرفون المصالح وضدها؛ فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطًا للمؤمنين وسرورًا لهم، وتحرزًا من أعدائهم فعلوا ذلك، وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة، أو فيه مصلحة، ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه؛ ولهذا قال: (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أي: يستخرجونه بفكرهم، وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبية؛ وهي: أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور، ينبغي أن يولّى مَن هو أهل لذلك، ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب، وأحرى للسلامة من الخطأ، وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه؛ هل هو مصلحة فيُقْدِم عليه الإنسان، أم لا فيحجم عنه" (تفسير السعدي). إن توقير العلماء، والرجوع إليهم من أعظم أسباب صيانة الدِّين، والمحافظة على مظاهره، وعلو أتباعه على المخالفين من أصحاب الفكر المنحرف والأفكار الهدامة؛ فضلًا عن قمع أصحاب الشهوات والشبهات، وأهل الشقاق والنفاق. فالعلماء هم حفظة الدِّين، ونقلته، والداعون إليه، والمنافحون عنه، والذائدون عن حياضه ضد كلِّ مفترٍ، ومغرضٍ وجاهل، وهم ممثلو الدين، وورثة سيد المرسلين، فإسقاطهم إسقاط لهيبة الدين، وطمس لمعالمه ومناراته، فيعم الجهل والفوضى والبدع، فهدم رؤوس الديانة أقصر الطرق لهدمها، والطاعن في العلماء معين على هدم الدين. وقد تنبه أعداء الإسلام في خارج بلاد المسلمين وداخلها إلى عظيم أثر العلماء في حفظ دين الأمة، وخاصة عند النوازل والفتن وعند تغير الأحوال وكثرة المستجدات، وتنبهوا إلى دورهم في كشف مخططات الأعداء والمغرضين وأهل الفتن؛ فعمدوا إلى تنظيم حملات لتهوين مقام العلماء، وإضعاف تأثيرهم، وإسقاط هيبتهم عند الناس، وإبعادهم عن مسار الحياة بشتى الطرق، ومختلف السبل. والله متم نوره ولو كره الكارهون.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |