|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل الإجماع أنموذجًا) عمرو عبدالله ناصر قامت شريعة الله على الدلائل البيِّنة الواضحة من القرآن الكريم والسنة المباركة، فهما النور والبرهان، والحُجة والبيان. فاستمسك بها الأئمة على مر العصور من لدن عصر الرسالة حتى الزمن المعاصر، اعتصامًا وتحكيمًا، واستدلالًا وتقويمًا. وكان من الأدلة التي تفرعت عن تلكم الأدلة الأصلية دليلُ الإجماع، الذي أضحى منارًا منيفًا، وبرجًا مشيدًا لحفظ الشريعة وحراستها عن تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويل الجاهلين. وأوجه تحقيق دليل الإجماع لمقصد حفظ الدين يتجلَّى في أمور: • ما ذُكر في تعريف الإجماع من أنه اتفاق جميع العلماء في عصر من العصور بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على شأن من شؤون الدين. وهذا فيه لزوم انعقاد الإجماع وتحققه بكافة المجتهدين، لا بعضهم، فيكون ذلك أدعى في قيام الحجة واستكمال المحجَّة، وألَّا يصدر الأمر المقول في دين الله تعالى إلا عن الكافة من العلماء والمجتهدين. • امتناع مخالفة الإجماع وبطلان الاجتهاد المُتقحَّم عليه. وبهذا يكون الإجماع حجة لازمة يمتنع تنكُّبها واستدبارها، وما زال العلماء يردون الأباطيل بالإجماعات المتحققة. يقول المعلمي: "فلهذا عظَّم العلماء شأنَ الإجماع، حتى إذا نبغ نابغ من أولئك المتخوِّضين، كفى أن يُقال له وللناس: هذا خرق للإجماع"؛ [مجموع رسائل أصول الفقه للمعلمي (39)، ضمن آثار الشيخ العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي (19)]. • عدم انعقاد الإجماع بالعامي، وهذا ترسيخ لأصل العلم في الشرع، وقد تضافرت دلائله في الشرع؛ فإن اعتبار العامي في مسائل الإجماع مفضٍ إلى العبث في أحكام الشرع، والاضطراب في تقريرها جهلًا وعمًى، وهذا من أفسد الفساد شرعًا. • اشتراط العدالة في أهل الإجماع؛ ولهذا لم يُعتبر الفاسق أو المبتدع في أهل الإجماع. وهذا فيه حفظ لجناب الدين، وألَّا يلي أمر الشرع والقول فيه إلا من كان مستقيمًا مرضيَّ الدين والخلق. • اشتراط المستند من النصوص في دليل الإجماع. وذلك لأن المتقرِّر أن العصمة لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما كان من الأدلة الشرعية نظمها الأصوليون واستنبطوها وأخذوها من النصوص، فيلزم أن تعود إليهما، وأن تكون النصوص حاكمةً عليها. وهذا ما كان في الإجماع؛ فكان راجعًا إلى الكتاب والسنة، ومستندًا إليهما نوعَ استناد، ولهذا لا يمكن أن ينعقد إجماع متحقق، إلا وهو متفق مع نصوص الشريعة، جارٍ على مقاصدها وغاياتها، ولا يتصور أن يأتي إجماع يخالف مدلول النصوص الشرعية ألبتةَ. ولهذا تقرر عند العلماء أن الإجماع لا ينسخ النصوص الشرعية بذاته، وإنما يكون كاشفًا ومتضمنًا لنصٍّ ناسخ. • التفريق بين رُتَب ودرجات دليل الإجماع، ومن ذلك: تقرَّر أن الإجماع السكوتي حجة ظنية. وهذا من الاحتياط للأحكام الشرعية، فإن تقرير القطعيات الشرعية يلزم فيه الدلائل البيِّنة الفصيحة؛ ولهذا ما من إجماع ضروري أو قطعي إلا وقد تجلَّت منازعه، وتظاهرت مآخذه، وتضافر نقله وأخذه والعملُ به. • ما تقرر في الاستدلال للإجماع من امتناع اجتماع الأمة على ضلالة، وأنها معصومة فيما تتفق عليه. وهذا فيه تأكيد لخيرية الأمة، والقول بتجويز ذلك فيه تجهيلٌ للأمة، ونقض لأصل خيريتها، وقيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن المحال أن يطَّرد تتابُعُ علماء خير أمة أُخرجت للناس، مجمعين على حكم من الأحكام، متفقين على قضية في تفاصيل الحلال والحرام، على جزم وتصميم، وهم الجمُّ الغفير، ويكونون قد تواطؤوا على البهتان والكذب عمدًا، أو تتابعوا على الزلل والخطأ جهلًا؛ [ينظر: غياث الأمم، للجويني، (233، 234)].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |