|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حقوق المرأة (1) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله سيد البشر، قدوة الصالحين وأسوة المؤمنين، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: حديثنا معكم عن حقوق المرأة في الإسلام، فالإسلام رفع من شأن المرأة وأعزّها بنتًا وأمًا وأختاً وزوجة يوم أن ظُلمت في الجاهلية في حياتها، و بعد موتها، وظُلمت على مستوى الأُمم والأديان. وكان أكثر الناس في العالم ينظر إلى المرأة كأنها متاع، إن اشتهاه استمتع به، وإن استغنى منه رفَسَه ورَكَله واحتقره وأبعده وهجره. لم تكن المرأة تورث بل كانت أحياناً مثل المتاع يرثها الرجال. المرأة على مستوى الأمم قبل الإسلام في أوربا: في عصورها المظلمة، - وأوروبا في كل عصورها مظلمة - في العصور الأولى كانت مجالس الفلاسفة تُعقد ليناقشوا أمرا مهما، هل للمرأة روح كروح الرجل؟ هل لها روح إنسانية أم حيوانية؟ وينتهون في نقاشهم أن للمرأة روح ولكنها أدنى بدرجات كثيرة من روح الرجل. و عند الرومان: كان للرجل السُّلطة في أن يبيع زوجته وأن يُطلقها، أن يعترف بولده أو لا يعترف به، والمرأة في اليونان لا ترث أبدا. و عند الهنود: وإلى وقتٍ قريب من عاداتهم أن الرجل إذا توفى فإنه يُحرق، وكانت توضع الزوجة الحية إلى جوار زوجها لتُحرق معه، فلا معنى لوجودها بدونه. و عند العرب قبل الإسلام: كان مجيء ولادة المرأة هم وغم وحزن، وصدق الله العظيم القائل: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59]. المرأة عند العرب كانت مجلبة للعار مجلبة للفقر، وردّ الله عليهم فقال ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]. ما الذي فعلته هذه البنت البريئة حتى تستحق القتل. قيس بن عاصم يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقول يا رسول الله: إني وأدت اثنتي عشرة بنتا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أعتق عن كل واحدة نسمة» [البزار عن عمر وأخرجه عبد الرزاق]. وكان كثير من العرب يئد البنت وهي حية، فإذا جاء المرأة المخاض وأحست بآلام الولادة خرجت إلى الخلاء وحفر لها حفرة ثم إذا وضعت إن كان المولود ولداً فرحت واستبشرت ورجعت إلى أهلها، وأقيمت الزينات والأفراح. وإن كان المولود بنتاً اسود وجهها من الغم، وألقيت ابنتها في الحفرة وأهيل التراب عليها حية، والأم يمزق قلبها ولا أحد يرق لها. ماذا يريدون من المرأة نتكلم عن حقوق المرأة في الإسلام يوم صاح أعداء الإسلام في الداخل والخارج يرفعون شعار حرية المرأة أرادوها أن تزاحم الرجل في كل ميادين الحياة ولا بد, فلا بد أن تزاحم الرجل في تجارته وفي عمله وفي صناعته وفي وظيفته، بل حتى في سيارته وتنقله. وفي كل ميادين الحياة. ولذلك يكثرون الطنطنة في وسائل كثيرة ومختلفة على هذا الوتر, بأن المرأة في مجتمعاتنا تعاني ما تعاني، وأنها مظلومة، وشقٌّ معطل، ورئة مهملة، ولا تنال حقوقها كاملة، وأن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء.. وعقدوا مؤتمرات وأُقيمت اجتماعات وأسسوا جمعيات كلها تدافع عن حقوق المرأة كما يقولون. يا تُرى ماذا يريدون، إنهم يريدون أن يجعلوا المرأة العربية المسلمة مثل المرأة الغربية متحررة كما يقولون. وقد انتهى وأد البنات -والحمد لله- في الإسلام، لكن وأد المرأة اليوم غير وأد الجاهلية، ففي الجاهلية كانوا يذبحونها بالسكين، لكن وأد الجاهلية العصرية هو قتل لإرادة المرأة وحريتها وكرامتها وحقها، وهم يزعمون أنهم يُنادون بحرية المرأة، وأنهم يحافظون على حقوق الإنسان. ومن وأد المرأة: أن تجعل المرأة في غير المكان المناسب الذي خُلقت له، فقد خلقها الله أمينة على الجيل ومربية له. الأم مدرسة إذا أعددتها ![]() أعددت شعباً طيّب الأعراق ![]() الأم نبتٌ إن تعاهده الحيا ![]() بالري أورق أيما إيراق ![]() فالأم رسالة، فقد أخرجت العظماء، فهذا خالد أُمه امرأة، و سعد و طارق و حسان و ابن تيمية و صلاح الدين والعظماء على مر التاريخ، فالمرأة أرادها صلى الله عليه وسلم والإسلام أن تكون جوهرة في صدر، أما أن تكون مبتذلة فلا. ومن وأد المرأة: أن هاجموها وسحقوا كرامتها أمام العالمين، مرة بمقالةٍ يستهزئون بالنقاب والحجاب ويسمونه خيمة، ومرة يقولون: تأخر المرأة وتخلف عقل المرأة، ومرة يقولون: متى يُسمع صوت المرأة؟! ومرة يكتب كاتب في بعض البلاد، ويقول: المرأة إلى أين؟ نقول: المرأة إن صلحت إلى جنة النعيم، وإن فسدت فإلى نارٍ تلظى، ومن وأد المرأة: أن تُحرم العلم الشرعي، فتُربّى على الجهل؛ لأن بعض الناس الآن يقولون: المرأة إذا أصبحت جاهلة فإنها تصبح جيدة وعاقلة، ولا تعرف السوء، وتصبح خاماً قابلاً للتوجيه، وهذا خطأ، لأن المرأة الجاهلة جاهلة، فلابد أن تتعلم المرأة، تتعلم أمور دينها ودنياها. كيف تعيش المرأة الغربية؟ لقد كُتبت تقارير وإحصاءات مذهلة عما تعانيه المرأة في الغرب، إليكم طرفًا من ذلك: • لقد شاعت الفاحشة شيوعًا لم يسبق له مثيل، فلم تعد مزاولة الفاحشة ـ أجارنا الله ـ مقصورة على دُور البغاء، بل تجاوزت ذلك إلى الفنادق والمقاهي الراقصة والمنتزهات وعلى قارعة الطريق. • وأصبحت الخيانة الزوجية ظاهرة عامة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية امرأة واحدة من كل أربع نساء أمريكيات تخون زوجها. • أما التفكير في الانتحار في ظل الرفاهية المزعومة والحرية وحقوق المرأة التي يُنادون بها في الغرب فإن أربعًا وثلاثين بالمائة من النساء يفكرن في الانتحار. • ومن الإحصاءات النسوية ـ إن صح التعبير ـ أن ثلثي حوادث الاعتداء في أمريكا بالضرب ضد النساء تصدر من أقاربهن، والباقي من غير الأقارب. • وفي فرنسا تتعرض حوالي مليون امرأة للضرب، وأمام هذه الظاهرة التي تقول الشرطة: إنها تمثل حوالي (10 )بالمائة من العائلات الفرنسية أعلنت الحكومة أنها ستبدأ حملة توعوية لمنع أعمال العنف. وهذه كأنها ظاهرة طبيعية. وقالت أمينة سر الدولة لحقوق المرأة: "إن الحيوانات تعامَل أحيانًا أحسن منهنّ، فلو أن رجلاً ضرب كلبًا في الشارع فسيتقدم شخص ما بالشكوى إلى جمعية الرفق بالحيوان، ولكن إذا ضرب رجلٌ زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد". ونشرت مجلة التايمز الأمريكية أن حوالي أربعة آلاف زوجة من حوالي ستة ملايين زوجة مضروبة تنتهي حياتهنّ نتيجة ذلك الضرب. • وأشار خبر نشره مكتب التحقيقات الفيدرالية جاء فيه أن أربعين في المائة من حوادث قتل السيدات ارتكبها أزواجهنّ. • أما صورة أخرى فهي صور الاغتصاب التي تتعرض لها المرأة، ففي الولايات المتحدة تقول التقارير الخاصة بالاغتصاب: إن حادثة الاغتصاب تسجل كل ستِ دقائق. • أربعة عشر مليون امرأة في إيطاليا يخشون السير بغير رفقة في الشوارع المظلمة أو الأماكن المهجورة. هذه هي الحرية التي يريدونها للمرأة هذه هي الحقوق التي يُنادون بها. والعجيب لماذا لم نسمع الغرب يتحدث عن المرأة المقهورة المعذّبة، المرأة المشرّدة، المرأة المغتصبة من إفرازات حروب أنشأوها وكوارث أثاروها، من الظلم العالمي والفقر المتدني في شعوب تنتسب إلى الأمم المتحدة؟! ما حال أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في فلسطين وكشمير والبوسنة والشيشان وأفغانستان وإرتيريا والصومال والعراق؟! إن وثائقهم لا تكاد تعير هذا اهتمامًا في مقابل احتفائها واحتضانها للشاذات والبغايا والمومسات والمصابين والمصابات بكل ألوان أمراض الجنس الفتاكة. إنهم لا يعرفون الرحم ولا التراحم، ولا يعرفون البر ولا الفطرة، أي خيانة أكبر من خيانة إهمال. المرأة في ظل الإسلام: المرأة في الإسلام أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وصية خاصة في حجة الوداع فقال: «واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان» ووصى بها عند موته صلى الله عليه وسلم فأخذ يردد. «اتقوا الله في النساء ثلاث مرات إنهن عوان عندكم» بمعنى أسيرات عندكم. لقد أنجب لنا التاريخ في ظل الإسلام ورحمة الإسلام نساءً صالحات وسيداتٍ مباركات، شيّدن مناراتٍ للعز والشرف، وبنَينَ مساكن للبطولة، عزّ فعلها على كثير من الرجال والأبطال. آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، عاشت ونشأت في قصر أكبر طاغية عُرف في التاريخ، فلم تخضع لجبروته، ولم تدخل في ألوهيته، ولم تستسلم لدنياه، بل صبرت على دينها وعزت بإيمانها، ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11]. وفي الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» [أخرجه البخاري (7/ 106: 3769)، في الفضائل. ومسلم (4/ 1886: 2431]. وها هي ماشطة بنت فرعون تسجّل لأهل الإيمان موقفًا في الصبر والتضحية والشمَم بإيمانها واستسلامها لله، عندما يراودها فرعون على إيمانها بالله، فيُقتل أبناءها أمامها واحدًا تلو الآخر وهي الأم الحنون، فتأبى أن تكفر بالله، بل تصبر وتحتسب. وتلكم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان لها مقام النصرة والتثبيت لرسول الله عندما نزل عليه الوحي، فقد قالت له كما في الصحيح: «كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتعين على نوائب الحق». وروى أحمد والنسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلمقال فيها: «آمنتْ بي إذ كذّبني الناس، وآوتْني إذ رفضني الناس». وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ ![]() ولا التذكير فخرٌ للهلالِ ![]() ولو أن النساء كمن ذُكرنا ![]() لفُضِّلت النساء على الرجالِ ![]() أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() حقوق المرأة (2) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله الذي خشعت له القلوب وخضعت، ودانت له النفوس ورقت، وعنت له الوجوه وذلت، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا. و بعد... ما زال الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام. إن الإسلام يذكر للنساء في صدر الإسلام مواقف رائعة ومواقف مدهشة، فكما صبر الأخوة على العذاب من الرجال، صبرت المسلمات من النساء، ففاطمة بنت الخطابتُسلم قبل أخيها عمر، ولما عرف عمر بذلك ضربها فتقول في وجهه حين رأت الدم يسيل منها: نعم، يا ابن الخطاب أسلمت، فافعل ما بدا لك. فيُصعق عمر من إجابتها، ويقول لها: جيئيني بالكتاب الذي تقرؤون منه، فتأتيه به، فلما قرأه، قال: "دلوني على محمد كي أسلم". وإن أُم شريك آمنت وعُذّبت وجُوّعت وعُطّشت وألقيت في الحرَّ، وهي في شبه إغماء من الجوع والعطش، ولما حاولوا ردها إلى الكفر، قالت: «اقتلوني، ولن أعود للكفر أبداً». وبينما هي في حالة إغماء أحست بشيء رطب على فمها وهي مقيدة ومربوطة في الشمس، فنظرت فإذا دلو من السماء نازل لكي تشرب منه، الله سقاها كرامة لها. ولما عرف قومها الحقيقة عرفوا أنها على الحق وأنهم على الباطل، فكوا وثاقها وحبالها وقالوا لها: فلننطلق إلى رسول الله لنعلن إسلامنا. وكذلك أم أيمن الحبشية: امرأة هاجرت وحدها في شدة الحر والعطش، وكانت صائمة ولكن الله تعالى حين جاء وقت الغروب أنزل إليها دلواً من السماء فشربت منه، وكانت لا تحمل ماءً معها ولا تجده من حولها، تقول أم أيمن وهي مربية الحبيب محمد تقول بعد أن شربت من هذا الدلو كنت أصوم في اليوم الشديد الحر فلا أشعر بعطش أبداً. ولا ننسى نُسيبة الأنصارية والتي كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- تدافع عنه في أحد حين انهزم كثير من الرجال وابتعدوا عنه حتى قال عنها: «ما التفت يميناً وشمالاً إلا وأنا أراها تقاتل عني». هكذا كانت المرأة المسلمة وهكذا كان تكريم الإسلام لها. يمشي أمير المؤمنين عمر فتستوقفه المرأة فيقف لها، وتقول له: «يا عمر كنت تُدعى عُميرًا، ثم قيل لك: عُمر، ثم قيل لك: أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب». وهو واقفٌ يسمع لكلامها فقيل له: يا أمير المؤمنين.. رجال. ونقف نستمع. لهذه العجوز فقال: (والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما تحركت من مكاني، أتدرون من هذه العجوز؟، هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات. أيسمع رب العالمين قولها، ولا يسمعه عمر)، وهذه والدة سفيان الثوري رحمه الله، توجهه لطلب العلم، وتعوله بمغزلها، وتقول له: اذهب فاطلب العلم وأنا أعولك بمِغزلي. الله أكبر هذا كله دليل على صدق هؤلاء النساء، وعلى عظم مكانة المرأة في الإسلام، فالله لم يُعط الفضل للرجال فقط، ولم يُعط الشرف للرجال فقط، ولم يُعط العزة والكرامة للرجال فقط، إنما أعطاها لكل من آمن وصدق إيمانه وثبت على الحق ثبوتاً صادقًا رجلا أو امرأة. مفهوم عن النساء: فإن قال قائل: إن النساء ناقصات عقل ودين فنقول لك: إن الحديث فسّر نقص الدين، بأن المرأة تحيض فإذا حاضت فإنها لا تصوم ولا تصلي، وليس أكثر من ذلك. أما عقلها فإن الله تعالى جعل عاطفتها أقوى، إن عاطفة المرأة هي التي تحنو بها على الابن في صغره، وتحنو على البنت، وتحنو على الزوج، وتحنو على الأخ، إن عاطفة المرأة تعرفها حين تجد الأب قد مات، والذكور يُقسّمون مال أبيهم، والبنات يندبن أباهن ويبكين عليه، فعاطفة المرأة هي جمالها. بل العاطفة هي التي تجعل بيوتنا جميلة وتجعل حياتنا جميلة، وجمال المرأة في رقتها، في عذوبتها، وفي كلمتها الحلوة، ولذلك إذا خرجت المرأة عن طبعها لعنها الله، فقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المترجلة من النساء كما لعن المخنثين من الرجال. هذه حقائق يجب علينا جميعاً أن ندركها لكي نعرف قيمة المرأة في الإسلام. أيها الأحباب: لما جاء الإسلام رفع الظلم عن البشر، وأعطى كل إنسان حقه، ووضع المرأة في مكانها الطبيعي، وبين للرجل وللمرأة أن كلاً منهما في حاجة للآخر فقال للرجل: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21] أي أن المرأة خُلقت منك فقد خُلقت حواء من آدم فهي جزء منك، وهي بعضك، ولا يستغني الكل عن البعض، ولا يستغنى الإنسان عن جزءٍ منه، فلا يستغنى الرجل عن المرأة. كما بيّن للمرأة أنها جزء من الرجل، وأن الرجل أصلها، وأن المرأة لا تستطيع الحياة الجميلة، بدون الرجل، فهي أحوج ما تكون إليه كما يحتاج الفرع إلى الأصل: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189]. وبيّن تعالى في كتابه أن جميع الأوامر وجميع النواهي هي للرجال وللنساء على السواء، فالرسول أرسل إلى الرجال والنساء، والقرآن أنزل للرجال والنساء، فالله ذكر كل ذلك في القرآن. بل جعل للنساء سورة بكاملها خاصة لهن وحقوقهن وما هذا لعظم شأن المرأة في الإسلام. ففي الحديث عن المساواة في الحقوق المادية الخاصة قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ ﴾ [النساء: 32]. وعند الميراث قال: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ [النساء: 7]. وعند الكلام عن جزاء أهل الإيمان فإنه سبحانه ذكر الجميع: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72]. إن الجزاء الحسن والحياة الكريمة ورضاء الله تعالى، وسعادة الدنيا والآخرة، كما يكون للرجل الصالح يكون للمرأة الصالحة، والله ربُّ الرجال ورب النساء، ولا يميز أحداً على أحدٍ إلاَّ بالتقوى فرُبَّ امرأة تقية كانت أفضل من ألف رجل لأنهم ليسوا أتقياء: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]. ولما ذكر الله تعالى الإيمان والإسلام والصدق والذكر، فإنه ذكر المؤمنين والمؤمنات مع بعضهم، في آية واحدة فقال: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]. وذكر الله سبحانه مريم أم عيسى عليه السلام، وذكر أنها صدّيقة، ولم يذكر الله اسم صدّيق واحد في القرآن. سوى الأنبياء أما بالنسبة إلى غير الأنبياء فلم تذكر الصدّيقة في القرآن إلا مريم فقال: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ﴾ [المائدة: 75]. إذن كرّم الله النساء تكريماً ما بعده تكريم، وأعطى الله المرأة حقها، بل إنه لما ذكر قصص الرجال في القرآن وخاصة قصص الملوك، كان أكثر الملوك المذكورين من الرجال في القرآن ممن ضل وكفر وخاب سعيه، ولكنه ذكر ملكة واحدة كانت أفضل من ألوف الملوك والرجال الذين كفروا بالله، تلكم هي بلقيس ملكة سبأ التي أسلمت مع سليمان لله رب العالمين. المرأةُ في ظل تعاليم الإسلام المرأةُ في ظل تعاليم الإسلام القويمة وتوجيهاتِه الحكيمة تعيش حياةً كريمة في مجتمعها المسلم، حياةً مِلؤها الحفاوةُ والتكريم من أوَّل يوم تقدُم فيه إلى هذه الحياة، ومُرورًا بكل حال من أحوال حياتها. رعى حقَّها طفلةً، وحثَّ على الإحسان إليها، ففي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: «من عال جاريتين حتى تبلُغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين» وضمّ أصابعه، وفي مسلم أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن وكساهن من جِدته كُنّ له حجابًا من النار»»[سبق تخريجه]. رعى الإسلام حقَّ المرأة أُمًّا، فدعا إلى إكرامها إكرامًا خاصًّا، وحثَّ على العناية بها، ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، بل جعل حقَّ الأمّ في البرّ آكد من حقِّ الوالد، جاء رجل إلى نبينا فقال: يا رسول الله، من أبرّ؟ قال: «أمّك»، قال: ثم من؟ قال: «أمّك»، قال: ثم من؟ قال: «أمّك»، قال: ثم من؟ قال: «أبوك» [متفق عليه]. رعى الإسلامُ حقَّ المرأة زوجةً، وجعل لها حقوقًا عظيمة على زوجها، من المعاشرة بالمعروف والإحسان والرفق بها والإكرام، قال: «ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عوان عندكم» [متفق عليه]، وفي حديث آخر أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خياركم لنسائه». رعى الإسلامُ حقَّ المرأة أختًا وعمَّةً وخالةً، فعند الترمذي وأبي داود: «ولا يكون لأحد ثلاثُ بنات أو أخوات فيُحسن إليهنّ إلا دخل الجنة» [ رواه الخرائطي واللفظ له والحاكم ولم يقل أو أخوات وقال صحيح الإسناد]. وفي حال كونِها أجنبيةً فقد حثَّ على عونها ومساعدتها ورعايتها، ففي الصحيحين: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم الذي لا يفتُر، أو كالصائم الذي لا يفطِر». بل إن الإسلامَ يفرض للمرأة من حيث هي ما يسمَّى بمبدأ الأمن الاقتصادي مما لم يسبق له مثيلٌ ولا يجاريه بديل، حينما كفل للمرأة النفقةَ أمًّا أو بنتًا أو أختًا أو زوجةً وحتى أجنبية؛ لتتفرّغ لرسالتها الأسمى وهي فارغةُ البال من هموم العيش ونصب الكدح والتكسُّب. إننا بعد هذا كله ندرك أن الله الذي يأمر بالعدل أعطى كل ذي حقٍّ حقه، سواءً كان رجلاً أم امرأة، وإن الواجب علينا أن نعطي الحقوق لأهلها، وأن ندرك أن الله محاسبنا يوم القيامة رجالاً ونساءً، وأنه لا يرضى أن يعتدي أحد على أحد، بل لا يرضى أن يعتدي إنسان على حيوان، بل لا يرضى أن يعتدي حيوان على حيوان. كذلكم الرجل الذي له عضلات ويظلم زوجته في كلماته، أو نظراته، أو عدم النفقة عليها، أو في حرمانها من أهلها، أو في ظلمها أو في جسمها أو في ضربها أو في احتقارها وازدرائها، هذا إنسان ضحل الفكر، بعيد عن الحق، يأخذه الشيطان إلى طريق الجاهلية، ومفاهيم الجاهلية، وعليه أن يعلم أنه بظلمه لزوجته أو أخته، أو ابنته عليه أن يعلم أنه ربما قد يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيجعلها الله هباء منثوراً بسبب ظلمه وطغيانه، والله يقول: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وسبحان الله أين أمثال هؤلاء عن وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل موته حين أخذ يردد. «اتقوا الله في النساء ثلاث مرات إنهن عوان عندكم» بمعنى أسيرات عندكم. إن الإساءة إلى المرأة إساءة عظيمة لماذا؟ لأنها ضعيفة، ولأنها لا تستطيع أن ترد كيد الرجل أو تتظلم، أو تجهر بالشكوى، ولا أن تخرج فتسيح في الأرض، لأنها عرض، إنها امرأة لذلكم كان ظلمها أشد الظلم، وكان إلحاق الضرر بها مصيبة أكبر من كل المصائب، فليتق الله إنسان عنده امرأة، فإن كانت أُماً فالجنة تحت قدميها وإن كانت أختاً فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها، وإن كانت بنتاً فمن حقها تربيتها وتزويجها باختيارها، لا يرغمها على زوج لا تريده، وإلا فقد ظلمها وأساء إليها، والويل له من ربه. لو فُتحت لنا الحجُب لنرى ما الذي يقع في بعض البيوت لرأينا: امرأة مضروبة مُهانة أمام أولادها. لرأينا امرأة لا تسمع إلا السب والشتم ليل نهار من زوجها وأولادها. المرأة إذا أُهينت وذُلّت أنجبت لنا أبناء مهانين ذليلين، ولو أُكرمت وعزّت ورُفعت مكانتها أنجبت لنا أبناء كرماء أعزاء شرفاء. لو فُتحت لنا الحجب لنرى ما الذي يقع في بعض البيوت.. لرأينا امرأةً حُرمت من ميراثها. لرأينا امرأة مظلومة سُلبت حقوقها وهي مع ذلك باقية فلو سألتها تقول لك وأبنائي وبناتي وماذا يقول الناس اصبر. لرأيت امرأة تصرخ من ظلم ابنها فلذة كبدها. لرأينا امرأة حُرمت من أهلها شهور بل سنين وتتمنى زيارة لأهلها لكنها تُمنع. فلنتق الله خاصة في الزوجات، فإن الشكاوى كثيرة، وإننا مطالبون بالصبر على المرأة، وبالحلم، ومن أراد أن تكون امرأته على الصراط المستقيم فقد أخطأ خطأً مبيناً لأن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «إن المرأة خلقت من ضلع أعوج لن تسقيم لك على طريقة، فإن أردت أن تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقُها» [مسلم - النكاح باب الوصية بالنساء].. ثم قل لي أيها الرجل إذا أردت المرأة كاملة لا عيب فيها، فالمرأة تريد رجلاً كاملاً لا عيب فيه، فهل يوجد رجل كامل لا عيب فيه؟ ثم لماذا لا ننظر في عيوبنا قبل أن ننظر في عيوب غيرنا، لماذا لا نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب غيرنا. أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته،، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |