|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لأنه من أهل بدر عبدالله بن محمد بن مسعد كان حاطب بن أبي بلتعة حليفًا لبني أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو من مشاهير المهاجرين، شهد بدرًا وغيرها من الغزوات. ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة قام حاطب بإرسال كتابٍ إلى أهل مكة يخبرهم فيه بما أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم يكن دافعه لهذا العمل المشين إيقاع ضررٍ بالمسلمين أو رغبة في نفع المشركين. ويأتي الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب وأنه أرسل الكتاب مع امرأة، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يلحق بالمرأة ويأخذ منها الكتاب وهذا ما حصل إذ أدركوها في الطريق وأخذوا منها الكتاب وجاءوا به إلى رسول الله الذي استدعى حاطبًا. وهنا يتجلى موقف الحكمة والرحمة، ذلك أن ما فعله حاطب يعتبر في عرف الدول خيانة عظمى ونتيجة هذه الخيانة هي القضاء على فاعلها، وهذا ما طلبه عمر بن الخطاب، إذ قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: [ دعني أضرب عنقه ] وبأسلوب الحكيم الرحيم سأله صلى الله عليه وسلم: « يا حاطب ما حملك على هذا؟ »، لم يعنفه صلى الله عليه وسلم ولم يشتمه، فليس ذلك من خلقه صلى الله عليه وسلم، مع أن الموقف يستوجب ذلك، وفي هذا الفضاء الرحب من حرية القول الذي منحه صلى الله عليه وسلم لحاطب، وجد حاطب الفرصة المتاحة ليقول ما لديه بصدق موضحًا إيمانه بالله ورسوله وأنه لم يغير ولم يبدل وأنه أراد بهذا الفعل أن تكون له عند أهل مكة يدٌ يدفع بها عن أهله وماله كغيره من الصحابة. ولكي نعرف جلال وسمو النبوة عما يحمله الناس من دوافع ومشاعر لا يلامون عليها في مثل هذه المواقف لأن عمر بن الخطاب عندما قال مقولته تلك كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم يختلف اختلافًا جذريًّا عما توصل إليه عمر من نتيجة تعتبر النتيجة الطبيعية لما يفترض التوصل إليه بعد سماع مقولة حاطب، ذلك أن ما فعله يتوجب أن تكون له نتيجة حتمية وهي ما قاله عمر، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يا عمر، وما يدريك لعل الله قد أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ». هذه المقولة من النبي صلى الله عليه وسلم لئن كانت حسمت موقف حاطب وأراحت نفسه، فإنها في نفس الوقت أيقظت الحس الإيماني العميق في نفس عمر وذلك عندما دمعت عيناه وقال: الله ورسوله أعلم. إن هذه القصة مع ما فيها من موعظة بليغة فإنها توحي لنا بأن هناك تفاوتًا في الأعمال والإنجازات التي يقوم بها الإنسان فقد، يكون عملًا واحدًا يرضاه الله ورسوله أثمن عند الله من أعمال كثيرة تفوق هذا العمل في الميزان البشري المعتاد، ولا شك أن غزوة بدر كانت الحد الفاصل بين الإيمان والشرك بظهور أهل الإيمان والحق وكسر شوكة أهل الشرك والباطل، ولذا كان لمن شارك فيها من الأجر والفضل ما لم يكن لغيرهم من المسلمين حتى أُطلق عليهم لقب ( البدريين )، ويكفي حامل هذا اللقب شرفًا أن حمله يستمر معه إلى قيام الساعة، وهذا ما حظي به حاطب، وشفع له بأن يخرج من هذه الأزمة منتصرًا مع فداحة ما قام به من عمل، ولكن العذر الذي بسطه وصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل ذلك كونه من أهل بدر كان كافيًا لتبرئة ساحته، وهذا من ميزات هذا الدين، وما حبا الله نبيه من رحمة وحكمة صلى الله عليه وسلم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |