|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() رؤية شرعية وحلول تربوية .. ظاهرة عدم تحمل المسؤولية عند بعض الشباب
لقد أولى الإسلامُ فئة الشَّباب عنايةً بالغةً، ورفع مِن شأنهم، وطهَّر نفوسَهم، ووجَّه قلوبَهم وأفكارَهم ومشاعرهم، وراعى طاقتهم الفوّارة؛ فوضع السُّبل الكفيلة بتسخيرها في الخير والبر والمعروف، بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع في الدّنيا والآخرة، وكيف لا؟ وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتني بالشباب، ويثق في قدراتهم، وجعلهم لبِناتٍ أساسية في بناء الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة النبوية، فأقام أركانها على سواعدهم وعزائمهم؛ علماءَ ودعاةً وأمراءَ وقادةً، تركوا بصمات خالدة في سِفر التاريخ، فكانوا بحقٍّ طليعة الأمة ورجال نهضتها، وفي المقابل، تشهد مجتمعاتنا المعاصرة ظاهرةً مقلقة عند بعض الشباب، وهي ظاهرة اللامبالاة؛ حيث ضعفَ استشعارهم بالمسؤولية، وظهرت على كثيرٍ منهم سلوكيّات سلبية؛ من إهمال للدراسة والعمل، وانشغال بالترف واللهو، وفتورٍ في الارتباط بالقيم الأسرية والاجتماعية، حتى غدت هذه الظاهرة أزمةً حقيقية تهدِّد كيان المجتمع وتعيق تقدّمه. إن الشباب هم عماد الأمة وعدّة المستقبل، فإذا غاب عنهم الحس بالمسؤولية، تعطلت مسيرة الأمة، وقد علَّمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشباب الصالح هو كنزٌ عظيم عند الله، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وفي حديثٍ آخر يبرز مكانتهم عند الله قال - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظلُّه: الإمامُ العادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله»، وهذا يوضح أن الإسلام قد حمَّل الشباب مسؤولية، وجعل في التزامهم بالعبادة والجدّ والاجتهاد طريقًا للفوز برضا الله في الآخرة، كما جعل في تفريطهم خسارةً وندامة. مظاهر عدم تحمل المسؤولية عند بعض الشباب تتجلى مظاهر عدم تحمل المسؤولية عند بعض الشباب في سلوكيات وأفعال عدة ، تعكس عدم القدرة على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات المناسبة، وقد تؤثر سلبًا على الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية للشباب ومن هذه المظاهر ما يلي: (1) التهرب من الالتزامات: الشاب الذي لا يتحمل المسؤولية يميل إلى التهرب من الالتزامات الملقاة على عاتقه، سواء كانت في الدراسة أو العمل، أو حتى في العلاقات الاجتماعية؛ فيتأخر عن المواعيد، ويتجنب إنجاز المهام المطلوبة، أو يختلق الأعذار لتسويغ تقصيره. (2) إلقاء اللوم على الآخرين: بدلاً من تحمل مسؤولية أفعاله، يميل الشاب الذي يعاني من عدم تحمل المسؤولية إلى إلقاء اللوم على الآخرين، سواء كانوا أفراداً آخرين، أو الظروف، أو حتى الحظ. هذا السلوك يعكس عدم قدرته على مواجهة أخطائه والتعلم منها. (3) عدم الالتزام بالمواعيد: التأخر في المواعيد وعدم الالتزام بها هو مؤشر واضح على عدم تحمل المسؤولية؛ فالشاب غير المسؤول قد يرى أن المواعيد مجرد اقتراحات وليست أمورا ملزمة. (4) عدم الاهتمام بالتفاصيل: الشاب الذي لا يتحمل المسؤولية قد يكون غير مهتم بالتفاصيل؛ مما يؤدي إلى أخطاء وإهمال في العمل أو الدراسة أو أي مهمة أخرى. (5) وضع الأعذار: عندما يواجه الشاب غير المسؤول مشكلة أو خطأ، فإنه غالباً يلجأ إلى وضع الأعذار لتسويغ ما حدث بدلاً من تحمل المسؤولية والبحث عن حلول. (6) التقاعس عن أداء المهام: الشاب غير المسؤول قد يتقاعس عن أداء المهام الموكلة إليه، سواء كانت مهاما دراسية، أوظيفية، أو حتى مهاما بسيطة في الحياة اليومية. هذا التقاعس يعكس عدم وجود الدافع أو الرغبة في إنجاز الأمور. الأسباب والدوافع هناك العديد من الأمور التي تسببت في تنامي هذه الظاهرة بين الشباب من أهمها ما يلي: (1) ضعف الوازع الديني: تتجلى أولى أسباب حال اللامبالاة في بُعد بعض الشباب عن كتاب الله، هذا الكتاب المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ فالمسؤولية في الإسلام عبادة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». (2) ضعف التربية الأسرية: إن ضعف التربية التي يتلقاها الفرد من أعظم الأسباب التي تؤثر سلباً عليه، والعلاج يأتي من الأسرة في تدريب أولادهم على تحمل المسؤولية في كل مرحلة عمرية بما يناسبها، وتنمية حس المسؤولية؛ لذلك يجب علينا أن نراجع مناهجنا التربوية، وأساليبنا في تربية الأفراد وتوجيههم التوجيه السليم؛ حيث لابد أن يُعوَّد الأبناء -منذ الصغر- على تحمل المسؤولية. (3) غياب القدوة: مما لا شك فيه أن القدوة تعطي الإنسان دفعة قوية للعمل، فوجود نموذج حي أمام الشخص يجسد النماذج النظرية التي نسمع بها، ويحولها إلى واقع معاش، ويعد أمرا مساندا ودافعا لمن حوله حتى ينتهجوا طريقه ويحتذون بسيره؛ فمع الأسف يرى الشباب اليوم بعض الكبار في محيط أسرهم وأقاربهم يتنصلون من المسؤولية؛ فيقلدونهم.. (4) الإحباط وقلة الفرص: دفعت البطالة والظروف الاقتصادية بعض الشباب إلى العزوف عن الجد والاجتهاد، والتهرب من المسؤولية، وحقيقة الأمر أنه لا يوجد إنسان خلقه الله لا يحسن شيئاً، بل كل إنسان قد خلقه الله في أحسن تقويم، وهيأ له من الأسباب ما يجعله يحسن شيئاً من الأشياء، بل نحن مأمورون بالسعي قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له». (5) إغراءات التكنولوجيا: سلبت الهواتف والألعاب الإلكترونية والانشغال بمواقع التواصل الشباب أوقاتهم، بل أصبحت هذه الوسائل في الوقت الحالي جزءا أساسا من حياة الشباب والأطفال، حتى وصل ببعضهم إلى الإدمان. الآثار المترتبة مع الأسف فإن ظاهرة عدم تحمل المسؤولية لا تتوقف عند حدود الفرد، بل تمتد لتطال المجتمع بأسره فمن أهم آثار هذه الظاهرة: تفكك الأسرة، وضعف الروابط والقيم الاجتماعية، وضعف الانتماء للأمة والوطن، وانتشار البطالة والتواكل، والاعتماد الدائم على الآخر، وتفشي سلوكيات منحرفة كالفراغ والإدمان، وانجراف الشباب وراء السلوكيات المنحرفة كالإدمان والعنف. سبل الوقاية والعلاج علاج السلبية وعدم تحمّل المسؤولية عند الشباب لابد أن ينطلق من رؤية قرآنية ونبوية؛ حيث يقدم الإسلام، بمنهجه الرباني، علاجًا متكاملًا يعيد للشباب وعيهم بذواتهم، ويوقظ فيهم روح المبادرة والنهضة.
وسائل عملية للعلاج
دور الأسرة الأسرة هي المدرسة الأولى التي تُغرس فيها القيم، فيجب أن يربي الوالدان أبناءهم على تحمل المسؤولية، وأن يذكّروهم بأن الله سيسألهم عن أعمالهم، قال -تعالى-: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (الصافات:24)، فالتنشئة المبكرة على المسؤولية، وبناء الشخصية القوية المحاطة بالآداب الشرعية والأخلاق الإسلامية، وتشجيع الطفل على القيام بشؤون نفسه بذاته منذ نعومة أظفاره، وإيكال بعض الأعمال إليه بالتدريج، وتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب واحد من أهم الحلول للمشكلة. دور المسجد المسجد أحد أهم المؤسسات التربوية، وله دور مباشر في التأثير على حياة الفرد المسلم وسلوكياته عموما، وفي حياة الشباب خصوصا؛ حيث يعد المسجد مصدرًا خصبًا للمعرفة الدينية وغرس القيم، كما أن المسجد ذو تأثير بالغ وشامل، فهو منبر التوجيه والإصلاح؛ فعلى أئمة المساجد والمهتمين برعاية الشباب علاج قضية اللامبالاة عند الشباب بخطاب شرعي مؤثر، من خلال الكتاب والسنة. دور المدرسة تؤدي المدرسة دورًا حيويا في تعزيز تحمل المسؤولية لدى الشباب من خلال توفير بيئة تعليمية وتربوية تشجع على تطوير المهارات الاجتماعية، فضلا عن الأداء الأكاديمي، وتساهم المدرسة في غرس قيم المواطنة الصالحة والالتزام بالواجبات، وتنمية القدرة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات، وتشجيع المشاركة الفعالة في المجتمع. اعداد: عمرو علي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |