|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() الخسوف والكسوف .. آية ربانية .. ومسائل فقهية
حدث في الأسبوع الماضي (ليلة الاثنين) 14من ربيع الأول 1447 هـ الموافق 7 سبتمبر 2025م أمر عظيم، ألا وهو خسوف القمر الذي استمر مدة 5 ساعات تقريبا؛ حيث تحول فيها القمر إلى اللون الأحمر، وهو ما يسمى بـ(القمر الوردي أو الدموي)، ولا شك أن هذا الحدث في ميزان الشرعية الإسلامية نذير للاعتبار والخوف؛ وقد أشار القرآن الكريم لمثل هذا الحدث الجلل في قوله -تعالى-: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ}(القيامة:8)، وقد ورد بألفاظ في الصحيحين وغيرهما كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ يُخوِّفُ اللهُ بهما عبادَه، وإنَّهُما لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه فإذا رأيتم كسوفَ أحدِهما فصلُّوا حتى ينجلي»، وبناء على ذلك فقد شرع الإسلام جملة من العبادات المخصوصة، يقوم بها المسلم عند وقوع هذه الآية الكونية المخُوّفة. الكسوف والخسوف الكسوف والخسوف هما بمعنى واحد، وقد يُعبر بعضهم عن الشمس بالكسوف، وعن القمر بالخسوف، وبكليهما ورد النص «لا ينكسفان ولا ينخسفان لموت أحد»، وللكسوف والخسوف سببان: سبب كوني قدري محسوس، وسبب شرعي معنوي. ![]() السبب الكوني المحسوس فأما الأول وهو السبب الكوني المحسوس فهو أن حيلولة القمر بين الشمس والأرض يؤدي لكسوف الشمس إما كليًّا أو جزئيًّا، وحيلولة الأرض بين الشمس والقمر يؤدي لخسوف القمر إما كليًّا أو جزئيّا، لأنه يستمد نوره من الشمس. السبب الشرعي المعنوي وأما الثاني وهو السبب الشرعي المعنوي فهو تخويف الله -تعالى- للعباد بهاتين الآيتين الكونيتين، ودفعهم للتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب وترك المظالم بينهم، وهو إنذار بعقوبة؛ ولذا جاءت التعليمات النبوية بالمسارعة إلى الصلاة والصدقة لدفع غضب الله -تعالى-، واتقاء نزول عقابه، واستجلاب عفوه ومغفرته؛ لقوله -تعالى-: {وَما نُرسِلُ بِالآياتِ إِلّا تَخويفًا} (الإسراء:٥٩)، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولكن يخوف اللهُ بهما عباده». الفرق بين نظرة الإسلام وغيره للكسوف والخسوف نحن -المسلمين- حياتنا كلها مرتبطة بالشريعة الربانية؛ بحيث لا يمكن أن يوجد شيء في هذه الدنيا إلا وللشريعة فيه حكم، إما تحليلا أو تحريماً أو استحباباً أو كراهةً أو جوازاً؛ فنظرتنا لهذا الكون بما فيه من سماء وأرض وكواكب وجبال وبحار، تؤكد بأن الله -جل وعلا- هو الذي خلقها، وهو المصرف لها والمدبر لشؤونها، ولا يقع شيء في الكون إلا بإذنه، بينما غير المسلمين (الماديين) فإنهم يتعاملون مع هذا الكون بما فيه من الآيات العظيمة، على أنه ظواهر طبيعية! فكل حدث له سبب مادي وتفسير علمي عندهم، كما هو حال مشركي قريش في قوله -تعالى-: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} (الطور:44)؛ وذلك لاقتصار علمهم على المحسوسات، وعدم إيمانهم بالغيبيات، وقد صدق فيهم قول ربنا -تبارك وتعالى-: {يَعلَمونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُّنيا وَهُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غافِلونَ} (الروم:٧)، ولا شك أن الإسلام لا ينافي العلم أبدا؛ لكن الفرق بيننا وبينهم، أننا نعتقد جازمين بأن الله -تعالى- هو الذي قدّر وقوع هذه الآيات في تلك الأزمنة بحكمته وعلمه -جل وعلا-؛ ليخوف الناس ويعيدهم إلى الجادة والصواب. قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «وكونها آية تُعرف بالحساب ، لا يمنع كونها تخويفاً من الله -جل وعلا- ، وأنها تحذير منه -سبحانه وتعالى-؛ فإنه هو الذي أجرى الآيات ، وهو الذي رتب أسبابها، كما تطلع الشمس وتغرب في أوقات معينة ، وهكذا القمر ، وهكذا النجوم ، وكلها آيات من آيات الله -سبحانه وتعالى- ، فكون الله جعل لها أسباباً كما ذكر الفلكيون ، يعرفون الخسوف بها ، لا يمنع من كونها تخويفاً وتحذيراً من الله -عز وجل-». ![]() حكم صلاة الكسوف والخسوف صلاة الخسوف أو الكسوف سنة مؤكدة، باتفاق مذاهب أهل العلم؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله، وكبِّروا وصلوا وتصدقوا». (متفق عليه). والصارف لهذا الأمر مِن الوجوبِ إلى الاستحباب هو حديث طَلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ - رضي الله عنه - قال: «جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يَسألُه عن الإسلامِ، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ. فقال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: لا، إلَّا أنْ تَطوَّعَ». ![]() صفة صلاة الكسوف والخسوف ركعتان جهريتان فيهما قيامان طويلان، وقراءتان طويلتان، وفيهما ركوعان طويلان، وسجدتان طويلتان كذلك في كل ركعة، وصفة ذلك: أن يكبر الإمام ويستفتح الصلاة، ثم يقرأ جهرًا سورة الفاتحة، ثم يقرأ قراءة طويلة، بما يقدر عليه دون تكلف، من حفظه أو من مصحفه، ثم يركع ويطيل الركوع طويلًا، ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقرأ كما فعل في الركعة الأولى، قراءة طويلة، وتكون القراءة أقل من قراءته الأولى، ثم يركع ركوعًا طويلًا ولكنه دون الركوع الأول، ثم يرفع ويطيل الوقوف، ثم يسجد سجودًا طويًلا، ثم يرفع من سجوده ويقعد قعودًا لا بأس به، ثم يسجد قريباً من سجوده الأول، ثم يقوم للركعة الثانية ويفعل كما فعل في الركعة الأولى ولكنها دونها من حيث الطول، ثم التشهد ثم التسليم. ودليل ذلك هو حديث عائشة في الصحيحين، قالت -رضي الله عنها-: «خسفت الشمس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس، فقام، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله، وكبِّروا وصلوا وتصدقوا، ثم قال: يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أَمَتُه، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحِكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا». بعض المسائل المتعلقة بصلاة الكسوف والخسوف
الإجماع على مشروعية صلاة الكسوف والخسوف وأما الإجماع على مشروعية صلاة الكسوف والخسوف نقله غير واحد من أهل العلم: قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-: «صلاة الكسوف ثابتة بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ولا نعلم بين أهل العلم في مشروعيتها لكسوف الشمس خلافًا». (المغني، (2/ 312)، وقال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: «فإن الصلاة عند الكسوف متفَقٌ عليها بين المسلمين». (مجموع الفتاوى، (24/ 258)، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «قوله: باب الصلاة في كسوف الشمس؛ أي: مشروعيتها، وهو أمر متفق عليه». (فتح الباري، (2/ 527). اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |