هنيئا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم !

[طالبة العفو من الله]

هنيئا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم !

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا؛ فأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). [رواه البخاري ومسلم وغيرهما].
ويا له من تشريف لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم -!
فقوله (مسيرة شهر) لم يبين لنا مسيرة من؟..فهو ما ذكر السائر ولكن ذكر الشهر، ولا يعين الشهر عند أصحاب هذا اللسان العربي إلا سير القمر؛ ومعنى ذلك أن نصره- صلى الله عليه وسلم - وأمته المتبعة لهديه بالرعب قد عم ما يقطعه القمر من المسافة في شهر؛ أي الأرض كلها.
ثم صيّر الله - تعالى - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولأمته هذه الأرض - التي عم نصرهم فيها بالرعب - مسجدًا وطهورًا، وقد أخبرنا رسوله- صلى الله عليه وسلم - ما لمن يلازم المساجد من الفضل عند الله؛ فملازم المسجد جليس الله في بيته؛ فهذه الأمة جلساء الله حياة وموتًا؛ لأنها لا تبرح في مسجد أبدًا؛ لأنها لا تبرح من الأرض لا في الحياة ولا في الموت؛ وإنما هو انتقال من ظهر إلى بطن؛ ثم إن ذلك لدليل على يسر هذا الدين ومناسبة شريعته لكل زمان ومكان؛ فالشدة وإن ناسبت مكانًا ما وزمانًا ما فلا يمكن أن تناسب كل زمان وكل مكان؛ فالشدة مثل الدواء لا يحتاجها إلا صاحب الداء ويتضرر منها السليم من الأدواء.
وتحليل الغنائم له - صلى الله عليه وسلم - ولأمته، دليل على شمول دعوة الإسلام واهتمامها بالجسد ومتطلباته؛ بجانب اهتمامها بالروح أيضًا، وعدم ميلها إلى جانب على حساب آخر؛ علاجًا لمرض معين في مكان معين وفي زمان معين.
ونتيجة كل ما سبق صلح إرساله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس عامة؛ كما يبين الحديث الشريف.
ثم يأتي التشريف الكبير له - صلى الله عليه وسلم - ولأمته بإعطائه - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة الكبرى.
فهنيئًا لأمة محمد تلك! جعلنا الله منها ومن المتصفين بصفاتها! وباعد بيننا وبين الخنوع والخضوع والذلة وفعل المنكرات!