(ظاهرة التبديع‏)‏‏)‏ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الثامن من ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم واحد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله، ولا يستقبلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، الجبار، المتكبر) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز: (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          على علم عندي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-12-2007, 04:32 AM
الصورة الرمزية طالبة العفو من الله
طالبة العفو من الله طالبة العفو من الله غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
مكان الإقامة: الإسكندرية
الجنس :
المشاركات: 5,524
الدولة : Egypt
افتراضي (ظاهرة التبديع‏)‏‏)‏

(ظاهرة التبديع‏)‏‏)‏

* البدعة عرفها أهل السنة والجماعة بأنها‏:‏ ما أحدث في الدين ما ليس منه، فمن جاء بعبادة يتقرب بها إلى الله، وهي لم تكن في دين الله، وليس لها دليل من الكتاب أو من السنة فهذه هي البدعة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد‏)‏ لأن الواجب على المسلمين أن يقتصروا على ما شرعه الله ورسوله من العبادات، فلا يزيدون شيئًا لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال -تعالى -‏:‏ ‏{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة /112‏]‏‏.‏

فأسلم وجهه لله يعني ‏:‏جاء بالتوحيد الخالص وهو محسن، أي متبع للرسول صلى الله عليه وسلم، عاملًا بما جاء به ،ولم يزد على ذلك، أما الذي زاد في العبادة شيئًا لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا مبتدع وليس محسنًا، لأن تفسير شهادة أن محمدًا رسول الله أي طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهي عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا يما شرع، فهذا مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏

* كما قال الله -سبحانه وتعالى -‏:‏ ‏{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}‏ ‏[‏الحشر /7‏]‏‏.‏

‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}‏ ‏[‏الحجرات /1‏]‏‏.‏

* اذن المبتدع هو الذي أحدث في دين الله ما ليس منه بحيث لم يدل عليه دليل من القرآن أو من السنة، وليس المبتدع كل من خالف أو أخطأ في الاجتهاد، لأن المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد على اجتهاده‏.‏

والمقصود بالمجتهدين هم من تأهلوا للاجتهاد وتوفرت فيهم شروطه المعروفة، وكذلك إذا أخطاء عن تأويل، لأن التأويل شبهة تدرأ عنه الحكم بأنه مبتدع، ولأنه ظن أن تأوله سائغًا، أو قلد من ظن أنه على حق فهذا يقال في حقه أنه أخطأ أو مخالف، ولا يقال‏:‏ أنه مبتدع‏.‏

دليل ذلك أن الصحابة -رضي الله عنهم - كانوا يجتهدون ويختلفون فيما بينهم في بعض المسائل، لم يبدع بعضهم بعضًا، ولم يهجر بعضهم بعضًا، بل كانوا إخوة متحابين متناصرين، لأنهم أمة واحدة، مع أنهم يختلفون في بعض الأمور والاجتهادات التي سمح بها الشرع بالاجتهاد فيها، والاستنباط منها‏.‏

‏ (‏(معرفة قدر العلماء ومكانتهم‏)‏‏)‏

* فالعلماء لهم مكانتهم وقدرهم، ولذلك فإن ظاهرة التبديع إنما جاءت على لسان بعض الجهال أو المبتدئين في طلب العلم، لأنهم يعتبرون المتأول والمقلد مبتدعًا، بل أظهروا هذه المقالة، وصار بعضهم يبدع بعضًا فتعادوا وتقاطعوا وتدابروا، ولم يقتصر الأمر على ذلك فيما بينهم، بل تناول العلماء السابقين، فنجد هؤلاء الجهال يقولون‏:‏ ابن حجر مبتدع، النووي مبتدع، أبو حنيفة مبتدع، وغيرهم من كبار الأئمة، وذلك من أجل أخطاء في الاجتهاد لا تقضي أن نبدعهم، لأنها أخطاء جزئية، وهؤلاء العلماء لهم فضل في الإسلام وأمانة ومكانة - وقد قدموا للإسلام والمسلمين الكثير من الأشياء النافعة، فمؤلفاتهم وكتبهم ينتفع بها المسلمون في فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو قدر أن في كلام بعضهم شيئًا من الخطأ، فما لهم من مكانة وفضل وعلم في الإسلام وخدمة السنة النبوية تغطي هذه الجزئية الصغيرة، فيجب أن نعرف قدر علمائنا -سلفًا وخلفًا - وأن نترحم عليهم، وأن ندعو الله لهم كما قال -تعالى -‏:‏ ‏{وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ‏}‏ ‏[‏احشر /10‏]‏‏.‏

وهذه صفة أهل الإيمان، لأنهم لا يتلمسون العيوب والعثرات، أما غيرهم فيتبعون العيوب والعثرات وينشرونها، وهذه هي البدعة‏.‏

‏ (‏(أنواع البدعة‏)‏‏)‏

* والبدعة ليست على حد سواء، فهناك بدعة مكفرة، وهناك بدعة دون ذلك، ومن هنا يجب أن نزن الأمور بموازينها، ونراجع أهل العلم في ذلك، لأنهم قسموا البدعة إلى قسمين‏:‏ بدعة مكفرة كمقالات الجهمية والغلاة من الفرق، وكذا المقالات التي تخرج من الإسلام، وبدعة دون ذلك يعد صاحبها من المسلمين لكن عنده شي من البدعة، فلا نجحف في حق الناس‏:‏ ‏{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ‏}‏ ‏[‏الأنعام /152‏]‏‏.‏

‏(‏(التكفير‏)‏‏)‏

من الظواهر -أيضًا - التي ظهرت ظاهرة التكفير، والتكفير على نوعين‏:‏ أحدهما كفر أصلي‏.‏ وهو الكافر الذي لم يدخل في الإسلام أصلًا، كالمشركين والمعطلة‏,‏ وأنواع الكفرة من وثنيين وملحدين‏,‏ فهؤلاء الكفار أصليون‏,‏ والنوع الثاني‏:‏ كافر مرتد عن دين الإسلام‏,‏ كأن يكون مسلمًا ثم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام‏,‏ فيخرج من الدين ويصير مرتدا‏,‏ فهذا كافر مرتد‏.‏

* ونواقض الإسلام معروفة ومحددة عند أهل العلم‏,‏ فمن أشرك بالله أو دعا غير الله أو استغاث بغير الله‏,‏ أو ذبح لغير الله يعد كافرًا مرتدا عن الإسلام‏,‏ لأنه فعل الشرك وإن كان ينطق بالشهادتين‏,‏ وكذلك من نواقض الإسلام ‏"‏سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‏,‏ أو الاستهزاء بشيء من كتاب الله أو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم‏,‏ فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بسنته فإنه يكفر بذلك‏,‏ جادًا أو هازلًا لقوله - تعالى -‏:‏ ‏{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ‏.‏ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}‏ ‏[‏التوبة/ 65 ‏,‏66‏]‏‏.‏

فما المقالة التي قالوها‏؟‏قالوا‏:‏ ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أكذب ألسنة‏,‏ وأرغب بطونًا‏,‏ وأجبن عند اللقاء‏"‏‏,‏ يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏,‏ فأنزل الله تكفيرهم في كتابه في آية تتلى إلى يوم القيامة من أجل تحذير المسلمين من الوقوع في مثل هذا‏,‏ وكذلك السحر تعلمه وتعليمه‏,‏ كفر بالله - عز وجل -‏,‏ وادعاء علم الغيب عن طريق الكهانة‏,‏ أو عن طريق السحر والتنجيم‏,‏ أو العرافة فهذا كفر يخرج من الملة‏,‏ وهذا هو الذي يحكم عليه بالكفر‏.‏

* وكذلك إذا حرم حلالًا مجمعًا على حله‏,‏ أو أحل حرامًا مجمعًا على تحريمه فإنه يكفر بذلك‏,‏ أو أنكر شيئًا من الدين قد علم بالضرورة‏,‏ كما لو جحد وجوب الصلاة‏,‏ أو وجوب الزكاة‏,‏ أو وجوب الصوم‏,‏ أو الحج‏,‏ فإنه يحكم عليه بالكفر‏,‏ أما من لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام فإنه لا يحكم عليه بالتفكير‏,‏ حتى وإن كان الذي ارتكبه كبيرة من الكبائر فإنه يحكم عليه بالفسق‏,‏ وإن كان ارتكب خطأ أو معصية ومخالفة‏,‏ يحكم عليه بأنه مخطئ أو مخالف أو ما أشبه ذلك من الصفات التي تليق بما ارتكبه‏,‏ فالإنصاف يقتضي أن نزن الأمور بموازينها الشرعية ولا نطلق الكفر على كل من ارتكب مخالفة أو فعل ذنبًا‏.‏

* فمن أكل الربا مثلا نحكم عليه بأنه فاسق مرتكب لكبيرة إلا إذا استحله أي قال‏:‏ إن الربا حلال حينئذ نقول‏:‏ إنه كافر‏,‏ لأنه استحل حرامًا مجمع على تحريمه‏,‏ أما إذا أكله غير مستحل له فإنه يعد فاسقًا‏,‏ ولا يخرج بذلك من الدين بل يعامل معاملة الفاسقين من المؤمنين‏.‏

* إنما يطلق التكفير جزافا الجهلة الذين يظنون أنهم علماءهم وهم لم يتفقهوا في دين الله - عز وجل -‏,‏ وإنما يقرؤون الكتب ويتتبعون العثرات‏,‏ ويأخذون مسميات التفسق ويطلقونها بغير علم على غير أصحابنا أو من يستحقها‏,‏ لأنهم لا يعرفون وضع هذه الأمور في موضعها لعدم فقهم في دين الله - عز وجل -‏,‏ ومثلهم في ذلك كمثل إنسان جاهل أخذ سلاحًا وهو لا يعرف كيف يستخدمه‏,‏ فهذا يوشك أن يقتل نفسه وأهله وأقاربه‏,‏ لأنه لا يحسن استعمال هذه الآلة‏.‏

* ومن هنا يجب على هؤلاء الذين يأخذون مسميات التبديع والتفسيق والتكفير وهم لا يفقهونها أن يتعلموا قبل أن يتكلموا‏,‏ وأن يتقوا الله - عز وجل - لأن الكلام بغير علم في هذه الأمور شر عظيم‏,‏ ولأنه - أيضًا - من الكلام على الله بغير علم وهذا أعظم من الشرك لقوله - تعالى -‏:‏ ‏{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ‏}‏ - إلى قوله‏:‏ ‏{وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}‏ ‏[‏الأعراف/ 33‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}‏ ‏[‏النحل/ 116‏]‏

وقال - تعالى -‏:‏ ‏{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏النحل/ 105‏]‏‏.‏

‏{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}‏ ‏[‏الصف/7‏]‏‏.‏

* ولهذه الأمور يجب على شباب المسلمين وطلاب العلم أن يتعلموا العلم النافع من مصادره وعلى أهله المعروفين به‏,‏ ثم بعد ذلك يتعلمون كيف يتكلمون‏,‏ وكيف ينزلون الأمور منازلها‏,‏ لأن أهل السنة والجماعة قديما وحديثا قد حفظوا ألسنتهم فلم يتكلموا إلا بعلم‏.‏

‏ "‏الخلاصة‏"‏

* إن كلمة التفسيق والتبديع والتكفير كلمة خطيرة‏,‏ لا تذهب سدى‏,‏ إذا نطق بها الإنسان‏,‏ فهي كلمة لها أثرها‏,‏ فقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يقول الرجال للرجل‏:‏ يا كافر إلا باء بها أحدهما‏)‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏تكفير المؤمن كقتله ولعن المؤمن كقتله‏)‏‏.‏

* فإذا قال الرجل لأخيه‏:‏ يا فاسق‏,‏ يا كافر‏,‏ يا عدو الله‏,‏ وهو ليس كذلك‏,‏ حار عليه - أي رجع عليه - وبال هذه الكلمة‏,‏ لأنه لما قال رجل‏:‏ والله لا يغفر الله لفلان‏,‏ قال الله - سبحانه وتعالى -‏:‏ ‏(‏من ذا الذي يتألى على ألا أغفر لفلان - إني قد غفرت له وأحبطت عملك‏)‏‏,‏ وهذه كلمة واحدة‏.‏

* وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض‏)‏‏,‏ إذن فالكلمة وإن كانت واحدة فهي خطيرة جدًا‏.‏

فهؤلاء الذين يتكلمون في أعراض العلماء من السلف وغيرهم بالتكفير والتفسيق والتبديع لا يضرون العلماء وإنما يضرون أنفسهم‏,‏ لأن العلماء لهم قدرهم وعلمهم ومكانتهم والله لا يضيع أعمالهم وما قدموه للإسلام و المسلمين من الأعمال الجليلة‏.‏ والخوض فيهم يرجع وباله على المتكلمين‏.‏

* فيجب أن يتقوا الله من يتكلمون في إعراض العلماء الميتين والأحياء‏:‏ لأن الله - عز وجل - قد حذر الأمة من اتباع هؤلاء لقوله - تعالى - ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}‏ ‏[‏الحجرات / 6‏]‏‏.‏

ومعنى فتبينوا أي‏:‏ تثبتوا من كلامهم ولا تتأثروا به لأول مرة‏,‏ وقال - تعالى -‏:‏ ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خيرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خيرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ ‏[‏الحجرات / 11‏]‏‏.‏

* وقال - تعالى -‏:‏ ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا‏}‏ ‏[‏الحجرات/ 12‏]‏‏.‏

فالله - سبحانه وتعالى - نهى عن سوء الظن بالمسلمين عامة‏,‏ فكيف إذا كانوا من العلماء‏,‏ لذلك فسوء الظن بالعلماء جريمة‏,‏ لأنهم ورثة الأنبياء‏,‏ وإذا لم تثق الأمة في علمائها فبمن تثق‏؟‏ ‏{وَلا تَجَسَّسُوا}‏ ‏[‏الحجرات/12‏]‏‏,‏ أي‏:‏ لا تتبعوا عورات المسلمين المستورين‏.‏ ‏{وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ‏}‏ ‏[‏الحجرات/ 12‏]‏‏,‏ أي‏:‏ أن أكل لحم الميتة أهون من الكلام في أعراض العلماء‏,‏ لأنهم خير الأمة‏,‏ وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الغيبة ذكرك أخاك بما يكره‏)‏‏,‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول‏؟‏‏:‏ قال‏:‏ ‏(‏إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته‏,‏ وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته‏)‏‏.‏ فهذا المتكلم لا يخرج عن حالتين أولهما أن يكون مغتابًا يأكل لحم الميتة‏,‏ أو باهتا كذابا‏.‏

‏"‏وجوب النصيحة‏"‏

* ومن هنا يجب على المسلمين مناصحة هؤلاء الذين استطالت ألسنتهم‏,‏ وأن ينكروا عليهم أشد الإنكار‏,‏ وأن يأخذوا على أيديهم لعلهم يرجعون إلى الصواب فتسلم جماعة المسلمين من الإثم والعقاب‏,‏ فانصحوهم‏,‏ لأن الدين النصيحة‏,‏ لأن كلامهم أخطر شيء على المسلمين‏,‏ لأنه يفرق شملهم‏,‏ ويضعف جماعتهم‏,‏ ويزيد العداوة بينهم‏,‏ ويذهب الثقة من علماء المسلمين‏,‏ وضياع الثقة بين الأمة وعلمائها هو هدف الأعداء حتى تضيع هذه الثروة العظيمة من العلم‏.‏

* ولذلك يجب على الذين يتتبعون عثرات العلماء أن يتوبوا إلى الله‏,‏ ويكفوا عن هذه الخطوات‏,‏ لأنها من خطوات الشيطان‏,‏ قال - تعال -‏:‏ ‏{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ‏}‏ ‏[‏النور/ 21‏]‏‏.‏

فعلينا وعلى جميع المسلمين التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى -‏,‏ وبث المحبة بين المسلمين‏,‏ وإزالة ما يسبب الأحقاد والفرقة والبغضاء بينهم‏.‏

وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين‏,‏ وأسأله أن يوفقنا وإياكم لصالح العمل‏,‏ وأن يجعل عملنا صالحا خالصا لوجهه الكريم‏,‏ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‏.
__________________




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-12-2007, 08:31 PM
الصورة الرمزية زهرة الياسمينا
زهرة الياسمينا زهرة الياسمينا غير متصل
مشرفة ملتقى القصة والعبرة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: alex
الجنس :
المشاركات: 4,147
الدولة : Egypt
افتراضي

جزاكِ الله خيرا اختى الغاليه ....... موضوعاتك اكثر من رائعة بارك الله فيكِ دوما...
__________________








رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-12-2007, 04:12 PM
الصورة الرمزية طالبة العفو من الله
طالبة العفو من الله طالبة العفو من الله غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
مكان الإقامة: الإسكندرية
الجنس :
المشاركات: 5,524
الدولة : Egypt
افتراضي

الله يعزك ويكرمك حبيبتي انتِ الأحسن بارك الله فيكِ اسعدني مرورك
__________________




رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.01 كيلو بايت... تم توفير 2.60 كيلو بايت...بمعدل (4.09%)]