|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الأول) فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين المبحث الأول التعريف بمفردات عنوان البحث، وعناية القضاء الإسلامي بالأوقاف وإثباتها وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: التعريف بمفردات عنوان البحث. المطلب الثاني: مشروعية إثبات الأوقاف والأصول الإجرائية لإثباتها. المطلب الثالث: عناية القضاء الإسلامي بإجراءات إثبات الأوقاف. المطلب الرابع: أنواع توثيق الأوقاف وإثباتها. المطلب الأول التعريف بمفردات عنوان البحث المراد بالأصول: الأصول في اللغة: جمع، مفرده (أصل)، والأصل في اللغة: أساس الشيء[1]، وما يستند وجود الشيء إليه، كالأب فإنه أصل للولد، والنهر فإنه أصل للجدول[2]. والمراد بالأصول هنا: القواعد والأحكام الكلية الإجرائية المتعلقة لإثبات الأوقاف. المراد بالإجراءات: الإجراءات في اللغة: جمعٌ، مفرده (إجراء)، مصدر من الفعل (أجرى)، وأصله من الفعل (جري)- الجيم، والراء، والياء-، وهو انسياح الشيء، ومنه: جرى الماء، أي: سال[3]. والمراد بالإجراء هنا: التصرف الإرادي الشكلي الذي يتخذه القاضي ومن في حكمه لتسيير النظر في إثبات الأوقاف وتوثيقها. ويدخل في ذلك: الاختصاص في إثبات الوقف، وطلباته، وعُمَد (عناصر) إثباته، وشروط إثباته، وإصدار الإثبات للوقف، ومحضر إثبات الوقف، وتصحيحه، وتفسير الإثبات المتعلق به ونحو ذلك مما تناوله هذا البحث. المراد بالإثبات: الإثبات في اللغة: مأخوذ من الفعل (ثبت)، وهو يعني دوام الشيء واستقراره، يقال: أثبت الشيء: أقره، وأثبت الكاتب الاسم: كتبه أو سجله عنده[4]. والمراد به هنا: إصدار ثبوت الوقف، وتوثيقه بكتابته لدى الجهة الولائية المختصة. المراد بالأوقاف: الأوقاف في اللغة: جمعٌ، مفرده (وقف)، والوقف: الحبس، مصدر قولك: وقفت الشيء إذا حبسته، ومنه: وقف الأرض على المساكين. وللمساكين وقفًا: حبَّسها، لأنه يحبس الملك عليه[5]. والوقف في الشرع: تحبيس جائز التصرف أصل ما يملكه مما ينتفع به مع بقاء عينه، وتسبيل منفعته[6]. المراد بعنوان البحث مركبًا: الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف هي: القواعد والأحكام الكلية الإجرائية التي يسير عليها القاضي ومن في حكمه عند النظر في إثبات الوقف وتوثيقه. التوثيق وعلاقته بالإثبات: من الألفاظ ذات العلاقة بالإثبات: التوثيق. المراد بالتوثيق: التوثيق في اللغة: يطلق على معان، منها: الإحكام، فيقال: وثقت الشيء، أي: أحكمته، ومنه: قولهم: أخذ الأمر بالأوثق، أي: بالأسد الأحكم. ومنه: الشد في الرباط، فيقال: أوثقه في الوثاق، أي: شده في الرباط، ومنه: قول الله- تعالى-: ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ [محمد: 4] ، ويقال: وثقت الشيء توثيقًا فهو موثق[7]. وفي المعجم الوسيط: وثق العقد ونحوه: سجله بالطريق الرسمي، والوثيقة: الصك بالدين أو البراءة منه[8]. وفي الاصطلاح: تدوين ثبوت الوقف أو تسجيل إنشائه وفقا للإجراءات المقررة على وجه يحتج به[9]. العلاقة بين الإثبات والتوثيق: يظهر من المعنى اللغوي لكل من الإثبات والتوثيق أنهما يستعملان في كتابة الحق وتدوينه عقدًا كان أو دينًا أو غيرهما، ومنه: توثيق الأوقاف. ويظهر من معنى الإثبات استعماله في إقرار الشيء. كما يظهر من معنى التوثيق استعماله في إحكام الشيء وشده في الرباط، ويتحقق كل واحد من هذه المعاني (إقرار الشيء وإحكامه، وشده في الرباط) في الوقف بإقراره من قبل الحاكم وتوثيقه بالكتابة؛ ليدوم استقراره. ولكن يغلب عرفًا استعمال الإثبات لإقرار ثبوت الحق أو صحته ولائيًا ومن لوازم ذلك كتابته. كما يغلب استعمال التوثيق في تدوين الحق على وجه يصح الاحتجاج به، وذلك يقضي استيفاء ما يلزم لإثباته ولائيًا. وقد يستعمل أحدهما بمعنى الآخر. المطلب الثاني مشروعية إثبات الأوقاف والأصول الإجرائية لإثباتها الوقف مشروع في الشريعة الإسلامية، ويدل لذلك الكتاب والسنة والإجماع، وبيان ذلك كما يلي: 1- قول الله - تعالى-: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92]. ومن المحبوب الذي ينال البر بإنفاقه: المال بإيقافه في سبيل الله. 2- ما رواه عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: "إن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم -يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول، قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: غير متأثل مالًا"[10]. 3- ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"[11]. ففي هذا الحديث والذي قبله مشروعية الوقف وبيان عظيم ثوابه عند الله- تعالى. وقد حكى ابن قدامة (ت: 620هـ)[12] والنووي (ت: 676هـ)[13] الإجماع على مشروعية الوقف. وإثبات الوقف بتقرير الحاكم له وتسجيله ورسم الإجراءات اللازمة لذلك أمر مقرر شرعًا، ويدل عليه الكتاب والسنة. أما الكتاب: فقول الله- تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]. فالآية نصت على توثيق الدين بالكتابة، فدلت على مشروعيتها في كل حق وشأن له خطر، ومن ذلك الوقف بإثباته وتوثيقه ورسم الإجراءات اللازمة لذلك. وأما السنة: فما رواه ابن عمر- رضي الله عنهما-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة"[14]. ففي الحديث مشروعية كتابة الإنسان ما يوصي به مما له وعليه وما يريد فعله في ماله من وجوه البر والصدقة، والوقف مثله. والتوثيق معروف عند الفقهاء، فقد دون الفقهاء أحكامه وبينوا أهميته ورسموا الإجراءات اللازمة لإثبات الأوقاف وتوثيقها. وعليه عمل الناس من زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن بعده من الأجيال المتعاقبة حتى يومنا هذا. يقول السرخسي (ت: 490هـ): "اعلم بأن علم الشروط من آكد العلوم وأعظمها صنعة؛ فإن الله- تعالى- أمر بالكتاب في المعاملات فقال- عز وجل-: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم -أمر بالكتبة في المعاملة بينه وبين عامله، وأمر بالكتاب فيما قلد فيه عماله من الأمانة، وأمر بالكتاب في الصلح فيما بينه وبين المشركين، والناس تعاملوه من لدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إلى يومنا هذا، ولا يتوصل إلى ذلك إلا بعلم الشروط، فكان من آكد العلوم"[15]. كما أن في إثبات الأوقاف وضبط إجراءاتها حفظًا لها من الاندراس والنسيان أو الاعتداء عليها بالظلم والعدوان وضبط جميع الحقوق المتعلقة بها، وهو مقصد معتد به في الشرع. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |