أنت لست وحدك, م ن ق و ل

[المشتاقة للجنة]

:salam:

:001:
عندما تنظر للسماء أيها القلب، وتقلب نظرك في النجوم، تذكر أيها القلب بأنك لست وحدك .. دائما تذكر أنك لست وحدك فقط .. استمع لصوت الله داخلك، وستعرف بأنك لست وحدك، ومهما طال بك الزمن وانتظرت طويلا وجه إنسان يمنحك الأمان، فأنت لا تنتظر سوى وهم أيها القلب، فلا تشد رحالك صوب البشر، واتخذ العزلة رفيقا وصاحبا وخليا، لأن البشر قد يؤذوك بجحودهم ونكرانهم مهما كانت شمعة روحك عامرة بالمحبة والخير لهم.

البشر قد يهدونك الألم، ولكن الله وحده لا يمكن أن يخذلك أو يؤلمك، طالما اتخذته رفيقا وخليا!

تأكد بأنك لست وحدك، ولم تكن يوما وحدك، لأن عيون الله معك. عيون الله ترعاك، وتحرسك وتحفظك. عيون الله تعرف كم أنت نقي رغم كل التلوث، تعرف بأنك جميل رغم كل إخطبوط الفساد المستشري في العقول والقلوب.

عيون الله تعرف بأنك قوي به، وإذا ابتعدت عنه، فسيستوطنك الضعف والخور، فرافقه دائما. هو العارف ببواطن الأمور، وهو الذي لن ترى ذاتك وتعرفها إلا بقربك منه، وكلما ابتعدت عنه جهلت ذاتك، وتخبطت في جهلك كما يقول النفري:

"أعرف من أنت، فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم، وهي سكينتك التي لا تزل"

لا تبحث عن بشرى تحلله محل محبتك له، فإنك إن فعلت، لن تفوز سوى بالخسران.

رافق الله دائما، ورافق من يحبه ومن يفهمه، كما يقول النفري:

"قال لي : من لم يفهم عني ولا عن حقي ولا عن نعمتي فاتخذه عدوا"

إياك أن تهب الأمان لمن لايعرفه .. إياك أن تتخذه صديقا أو ناصحا أو قريبا .. لا تتخذه سوى عدوا .. فلا تثق بمن لا يعرفه، لأنك تكون كالمستند على رمال متحركة. ستميد بك وترميك أرضا، لتلتهمك باطن الأرض بلا شفقة ولا رحمة.

أحبه هو فقط، وأمنحه عشقك وكل ما خلقه في داخلك من محبة وطاعة لا تمنحها لسواه، لأنه الوحيد .. الله المتعالي القادر على كل شيء .. مهما نفض البشر أيديهم منه، وأداروا ظهورهم له، معتقدين بصلافة وغرور إنساني، بأنهم قادرون على أن يكونوا ذاتهم دون أن يرجعوا إليه.

أنت لست وحدك، ولن تكون يوما لوحدك أيها القلب، طالما هو معك يراقبك من بعيد. يبعث إليك بالإشارات والعلامات حين تفتقد من يساندك في الحياة. هو من بعيد يراقبك .. يراك .. يبعث إليك برسائل تخترق حجب الغيب، لينير طريقك ويمنحك الأمن والطمأنينة. لأنه قدر عليك بأن تكون في الحياة وحيدا، ولكنه كان بك رحيما شفيقا. فهو لن يتركك لوحدتك، فعمر زواياك وأركانك بذكره ومحبته أيها القلب، واتخذه معشوقا وحبيبا وأنيسا ومشكاة نور في عتمة طريقك الطويل!

وإياك إياك أن تغتر بصورة بشري، وترسم لها إطارا أكبر من حجمها الحقيقي، فالصورة والإطار الخارجي تحجب الحقيقة الداخلية، وكن كما يقول جلال الدين الرومي:

"فأنظر إلى وجه كل إنسان، وكن منتبها، فلعلك تغدو من التأمل عارفا بالوجوه، ولما كان كثير من الأبالسة يظهرون في صورة الإنسان، فليس يليق بالمرء أن يمد يده لكل يد".

إياك أيها القلب أن تغتر بالإطار الخارجي، وملامح الوداعة والطيبة في وجوه تخفي خلفها ألف وجه ووجه.

إياك أن تغتر بصورة الوجوه الوادعة، فكم من أرواح خبيثة تسكن أرق وأجمل الوجوه والأجساد.

أنت لست وحدك أيها القلب، ولن تكون يوما وحدك، طالما حب الله وعشقه كان ومازال مزروعا في أعماقك، فأنت أبدا لست وحدك.